التمييز بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ

محتويات الصفحة

يرى بعضهم بأنهما تعبيران مترادفان لمسمى واحد، ومن ثمّ لا مجال للتمييز بينهما، وإن كانت القوة القاهرة تدل على استحالة دفع الحادث، في حين أن الحادث المفاجئ يدل على عدم إمكانية التوقع.
ويذهب آخرون إلى التفرقة بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ، وتقوم هذه التفرقة على صفة الحادث. فإذا كان الحادث خارجياً، ولا يمكن توقعه ولا دفعه؛ فهو قوة قاهرة ، أما إذا كان داخلياً بالنسبة للشيء، ويستحيل دفعه، كانفجار آلة في المصنع؛ فهو حادث مفاجئ.
وتبدو أهمية التمييز بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ في حالة المسؤولية القائمة على أساس الضرر، ففي مثل هذه الحالة تعفي القوة القاهرة وحدها من المسؤولية. أما الحادث المفاجئ فلا ينفي علاقة السببية بين الفعل والضرر، ومن ثم لا يعفي من المسؤولية.

شروط القوة القاهرة وآثارها

للقوة القاهرة ثلاثة شروط لا بد من توفرها لسقوط المسئولية وهي :

1ـ عدم إمكانية توقع الحادث:

معيار عدم التوقع معيار موضوعي يتطلب أن يكون عدم التوقع مطلقاً. فلا يكفي فيه أن يكون غير ممكن التوقع من جانب المدين، وإنما أيضاً يجب أن يكون غير ممكن التوقع من جانب أكثر الناس حيطة وحذراً.
يترتب على ذلك أنه إذا كان الحادث متوقعاً، فإنه لا يعفي من المسؤولية، ومثال ذلك سقوط الثلوج في فصل الشتاء في مدينة موسكو هو أمر متوقع ومن ثمّ لا يعد قوة قاهرة.
يختلف الوقت الذي يجب أن يتوافر فيه عدم إمكانية التوقع تبعاً لنوع المسؤولية، ففي المسؤولية العقدية يجب أن يكون الحادث غير ممكن التوقع لحظة انعقاد العقد. أما في المسؤولية التقصيرية فيجب توافر عدم إمكان التوقع لحظة وقوع الحادث.

2ـ استحالة دفع الحادث :

لا يكفي لقيام القوة القاهرة عدم إمكانية توقع الحادث، بل يجب إضافة لذلك أن يستحيل دفعه. ومعنى ذلك أن الحادث يجب أن يؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزام استحالة مطلقة ، فإذا استطاع المدين دفع الحادث ولم يفعل، فلا يعفي هذا الحادث المدين من المسؤولية حتى لو كان غير ممكن التوقع. ولا فرق هنا بين أن تكون استحالة تنفيذ الالتزام مادية، كالزلزال ، أو أن تكون الاستحالة معنوية، كما لو التزم شخص بالقيام بعمل معين في يوم محدد، وأخل بذلك نتيجة وفاة والده، ومن ثمّ تعفي من المسؤولية إذا كانت غير ممكنة التوقع أيضاً. وهذا الشرط هو تطبيق للقاعدة القائلة: ” لا التزام بمُحال “.

3ـ أن يكون الحادث خارجياً:

أي إلا يكون هناك خطأ من المدعى عليه ، فإذا تسبب المدعى عليه بوقوع الحادث أو ساعد على وقوعه، فلا يعدّ الحادث قوة قاهرة حتى لو توافر فيه الشرطان السابقان؛ ومن ثمّ لا يعفي من المسؤولية. وكذلك إذا كان الحادث داخلياً بالنسبة للشيء .

آثار القوة القاهرة