هل الحكم برفض الدعوى يمنع رفعها من جديد لسابقة الفصل فيها؟

في سياق التقرير التالي، تلقى “الناس والقانون” الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم الملايين من المتقاضيين بخصوص رفع الدعوى مرة أخرى بعد رفضها .. وهل في هذة الحالة يجيز القانون ذلك أم لا، خاصة أن المادة رقم 249 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه: “للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى أي حكم انتهائي – أياً كانت المحكمة التي أصدرته – فصل فى نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي”.

ولكن هناك حالات ترفض فها الدعوى بحالتها وذلك لعجز المدعى عن إحضار شهوده مثلاً أو غيرها من أسباب العجز عن إتيان الدليل فهل يمنع من رفعها مرة أخرى؟ وهل الحكم بعدم سماع الدعوى أو بعدم قبولها أو برفضها بحالتها تستنفد به محكمة أول درجة ولاينها؟ – بجيب علي ذلك الخبير القانونى و المحامى بالنقض اشرف فؤاد.

 

 هل الحكم برفض الدعوى يمنع رفعها من جديد لسابقة الفصل فيها؟.. المشرع فرق بين رفض الدعوى وعدم قبولها.. وأجاز رفعها عند تغير الحالة بتوافر الدليل أو العثور على مستندات.. ومحكمة النقض تتصدى للأزمة

الفرق بين الحكم برفض الدعوى والحكم بعدم قبولها

في حياتنا العملية اليومية بالمحاكم نجد أنه تصدر أحكام برفض الدعوى بحالتها، وذلك لعجز المدعى عن إثبات دعواه، أو لعدم تقديم مستنداته، أو لعدم سداد أمانة الخبراء أو ما إلى ذلك، فهذا يعتبر حكم وقتي، وله حجية مؤقتة ومرتبط بالحالة التى رفعت فيها الدعوى، فلا يجوز إعادة رفعها من جديد ما دامت هذا الحالة قائمة ولم تتغير.

ووفقاً لنص المادة رقم 101 من قانون الإثبات المصري أن: “الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي، تكون حُجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل يُنقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم، دون أن تتغير صفاتهم، وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.

يجب التفرقة بين رفض الدعوى وعدم قبول الدعوى:

1 ــ إذ رفض الدعوى يقصد به أن محكمة الموضوع بحثت في موضوع الدعوى وتبين عدم أحقية المدعى في ادعائه أي لم يثبت حقه في الدعوى و لم يستطيع المدعى أثبات دعواه، مثال: عدم اكتمال المستندات الدالة على الحق، في هذة الحالة الحكم برفض الدعوى بحالتها لا يمنع من رفعها مره أخرى حيث أن الحكم برفض الدعوى بحالتها، لعجز المدعي عن إثبات دعواه، أو لعدم تقديم مستنداته، أو لعدم سداد أمانة الخبراء أو ما إلى ذلك فهذا حكم وقتي، وله حجية مؤقتة ومرتبط بالحالة التي رفعت فيها الدعوى، فلا يجوز إعادة رفعها من جديد ما دامت هذا الحالة قائمة ولم تتغير، ولكن يجوز رفعها مرة أخرى عند تغير الحالة وذلك بتوافر الدليل أو العثور على المستندات المؤيدة لموضوع الدعوى. فالحكم برفض الدعوى بحالتها يكون له حجية مؤقتة.

ــ أما عدم قبول الدعوى: يعد دفع من الدفوع الشكلية ويجب أن يدفع به المدعى عليه قبل إبداؤه للدفوع الموضوعية وإلا سقط حق المدعى علية في طرحة أمام المحكمة والحكم بعدم قبول الدعوى يقصد به عدم نظر المحكمة لموضوع الدعوى من الأساس، مثال: المواعيد القانونية أو الإعلان – وفقا لـ”اشرف فؤاد”.

هل يجوز استئناف الحكم الصادر برفض الدعوى بحالتها؟

يجوز استئناف الحكم برفض الدعوى بحالتها، ولكن من الافضل عندما تغيرت الحالة أن ترفع دعوي من جديد حتى لا نخسر درجه من درجات التقاضي إذا جاء الحكم مخالفا أو مجحفا لحقوق المدعى، وبذلك يكون رفض الدعوى بحالتها لعجز المدعى عن إحضاره شهوده لا يمنع من رفعها مرة أخرى، كما أن الحكم بعدم سماع الدعوى أو بعدم قبولها أو برفضها بحالتها تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها، فإذا ما ألغته محكمة الاستئناف وقبلت الدعوى فإنه لا يجوز لها أن تعيدها إلى محكمة أول درجة بل عليها أن تفصل في موضوعها.

 

رأى محكمة النقض فى هذة المسألة

ان القضاء برفض الدعوى بحالتها لا يحوز حجية ولا يمنع من رفع ذات الدعوى بعد تصحيح الحالة التي بسببها قضى برفضها بحالتها فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح.

حكم 

باسم الشعب

محكمة النقض المصرية

الطعن رقم ٧١٣٦ لسنة ٧٨ قضائية

دوائر  الايجارات

جلسة ٢٠١٤/٠٦/٠٤

العنوان 

حكم ” حجية الحكم : أحكام لها حجية مؤقتة ” .

الموجز 

الحكم برفض الدعوى لخلو الأوراق من سندها . حقيقته . قضاء في الدعوى بحالتها . حجيته موقوتة . جواز معاودة طرح النزاع متى تغيرت الحالة التى انتهت بالحكم السابق . جواز معاودة طرح ذات الطلبات بعد تصحيح هذه الحالة أو تغييرها . (مثال بشأن القضاء برفض الدعوى لخلوها من المستندات المثبتة لمقدار الضرر المطالب بالتعويض عنه لحرمان الطاعن من الانتفاع بمحلى التداعى) .

القاعدة 

المقرر _ في قضاء محكمة النقض _ أن الحكم برفض الدعوى استناداً إلى خلو الأوراق من سندها هو في حقيقته قضاء في الدعوى بالحالة التى هى عليها وقت صدوره له حجية موقوته تقتصر على الحالة التى كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة تحول دون معاودة نظر النزاع من جديد متى كانت الحالة التى انتهت بالحكم السابق هى بعينها لم تتغير وإنما يجوز رفع النزاع من جديد بعد تصحيح هذه الحالة أو تغييرها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم ….. لسنة ١٩٩٥ جنوب القاهرة واستئنافها رقم …. لسنة ١١٨ ق القاهرة أن طلب الطاعن بإلزام المطعون ضده بمبلغ التعويض المطالب به لحرمانه من الانتفاع بمحلى النزاع قُضى برفضه بحالته على سند من خلو الأوراق من المستندات المثبتة لمقدار الضرر المطالب بالتعويض عنه ، وكان الطاعن قد عاود طرح ذات طلباته من جديد واستدل عليها بما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من تقدير مقابل انتفاع المطعون ضده بعين النزاع دون سند خلال فترة المطالبة والذى لم يطرح على المحكمة في القضية الأولى بما يكشف عن تغير الحالة التى كانت عليها الدعوى السابقة حين رفعها أول مرة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الحكم في الدعوى السابقة مانعاً من إعادة النظر في الدعوى الماثلة ، وهو ما حجبه عن بحث موضوع الدعوى ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسمـــــــاع التقرير الذى تلاه الســـــيد المستشــــــــــار المقـرر / أشرف عبد الحى القبانى ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى هذا الطعن – تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعـــــــــــــــــــــــوى رقم ١٤٤٢٩ لسنة ٢٠٠٣ أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طلب فيها وفقاً لطلباته الختامية الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له المبلغ الذى قدره الخبير المنتدب فى الدعوى ، وقال بياناً لذلك إن المطعون ضده وضع يده دون سند على المحلين المبينين بالصحيفة خلال الفترة من ٢٠ / ٦ / ١٩٩٥ وحتى ٣٠ / ٦ / ٢٠٠٣ وصدر لصالحه الحكم رقم ١٠٢٨٦ لسنة ١٩٩٥ جنوب القاهرة بطرده منهما ، ورفض طلب إلزامه بمقابل انتفاعه بهما بحالته وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم ٢١٢٧ لسنة ١١٨ق القاهرة ، فأقام الدعوى .
ندبت المحكمة خبيراً – وبعد أن أودع تقريره – حكمت بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بمبلغ ١٩٢٥٠٠٠ جنيه قيمـــــــــــــــة ما يخصه فى مقابل الانتفاع بمحلى النزاع عن الفترة من عام ١٩٩٥ وحتى عام ٢٠٠٢ . استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ٢٦٤٨٥ لسنة ١٢٤ ق القاهرة ، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ٢٨٦١٨ لسنة ١٢٤ ق القاهرة ، ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط ، وبتاريخ ١٢ / ٣ / ٢٠٠٨ قضت فى الاستئناف رقم ٢٦٤٨٥ لســـــــــنة ١٢٤ ق بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم ١٠٢٨٦ لسنة ١٩٩٥ واستئنافها رقم ٢١٢٧ لسنة ١١٨ ق القاهرة ، وفى الاستئناف رقـــــــــــــــــــــــم ٢٨٦١٨ لسنة ١٢٤ ق برفضه . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم ، وإذ عُرض الطعن على هذا المحكمة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .

الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر فى الدعوى رقم ١٠٢٨٦ لسنة ١٩٩٥ جنوب القاهرة واستئنافها رقم ٢١٢٧ لسنة ١١٨ ق القاهرة أقام قضاءه برفض طلب إلزام المطعون ضده بالمبلغ المطالب به تأسيساً على خلو الأوراق من المستندات المثبتة لمقدار الضرر المطالب بالتعويض عنه وهو قضاء برفض الدعوى بحالتها حجيته مقصورة على الحالة التى كانت عليها الدعوى حين رفعها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها على سند من أن الحكم السابق يحوز حجية تحول دون إعادة طرح النزاع من جديد على الرغم من تغير الحالة عما كانت فى الدعوى السابقة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

النعى سديد وفي محله القانوني

وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الحكم برفض الدعوى استناداً إلى خلو الأوراق من سندها هو فى حقيقته قضاء فى الدعوى بالحالة التى هى عليها وقت صدوره له حجية موقوته تقتصر على الحالة التى كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة تحول دون معاودة نظر النزاع من جديد متى كانت الحالة التى انتهت بالحكم السابق هى بعينها لم تتغير وإنما يجوز رفع النزاع من جديد بعد تصحيح هذه الحالة أو تغييرها .
لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم الصادر فى الدعوى رقم ١٠٢٨٦ لسنة ١٩٩٥ جنوب القاهــــرة واستئنافهــــــــا رقم ٢١٢٧ لسنــــــــة ١١٨ ق القاهرة أن طلب الطاعن بإلزام المطعون ضده بمبلغ التعويض المطالب به لحرمانه من الانتفاع بمحلى النزاع قُضى برفضه بحالته على سند من خلو الأوراق من المستندات المثبتة لمقدار الضرر المطالب بالتعويض عنه ، وكان الطاعن قد عاود طرح ذات طلباته من جديد واستدل عليها بما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى من تقدير مقابل انتفاع المطعون ضده بعين النزاع دون سند خلال فترة المطالبة والذى لم يطرح على المحكمة فى القضية الأولى بما يكشف عن تغير الحالة التى كانت عليها الدعوى السابقة حين رفعها أول مرة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الحكم فى الدعوى السابقة مانعاً من إعادة النظر فى الدعوى الماثلة ، وهو ما حجبه عن بحث موضوع الدعوى ، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث الوجه الآخر من سببى الطعن .

الحكم

لـــذلــــــــــــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتى جنيه أتعاب محاماة .

أمين السر نائب                  رئيس المحكمة