احكام محكمة النقض المصرية الطعن رقم ١٤٨ لسنة ٧٦ قضائية

في التقرير التالي تلقي “الناس و القانون” الضؤ علي احكم محكمة النقض المصرية في الطعن رقم ١٤٨ لسنة ٧٦ قضائية حيث  إن مجرد صدور القرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإدارى بالمعنى المتقدم وإنما يلزم حتى يتحقق هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه ، فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو يتعلق بإدارة شخص معنوى خاص خرج من عداد القرارات الإدارية أياً كان مصدره ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإدارى … حيث يبين الخبير القانوني “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض.

الحكم

باسم الشعب

محكمــة النقــض

دائرة الأحوال الشخصية

جلسة ٢٠١٦/٠٤/١٢

الطعن رقم ١٤٨ لسنة ٧٦ قضائية 

العنوان

اختصاص ” الاختصاص المتعلق بالولاية : اختصاص المحاكم العادية ” . قرار إدارى ” ماهيته : تكييفه ” . محكمة الموضوع ” سلطتها ” .

الموجز

 مجرد صدور قرار من جهة إدارية لا يخلع عليه وصف القرار الإدارى في جميع الأحوال . مؤداه . تعلق القرار بمسائل القانون الخاص . أثره . خروجه من القرارات الإدارية أياً كان مصدره .

القاعدة

 إن مجرد صدور القرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإدارى بالمعنى المتقدم وإنما يلزم حتى يتحقق هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه ، فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو يتعلق بإدارة شخص معنوى خاص خرج من عداد القرارات الإدارية أياً كان مصدره ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإدارى .

المحكمة 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضـــــــــــــى المقــــــــرر / عثمان مكرم توفيق ” نائب رئيس المحكمة ” ، والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

الوقائع

وحيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــــــ تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعـــــوى رقم ٥١٠٧ لسنة ٢٠٠٣ ” ملــــى كلــــــى” شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم بتمكينه من الزواج كنسياً مرة أخرى ، وقال بياناً لذلك إنه كان متزوجاً وطلقت عليه زوجته خلعاً بعد أن قامت بتغيير طائفتها بموجب الحكم النهائى الصادر فى الدعوى رقم ٨٩٥ لسنة ٢٠٠٢ ” أحوال شخصية ” جنوب القاهرة ،

وإذ تقدم غلى المجلس الإكلريكى لطائفة الأقباط الأرثوذوكس التى ينتمى إليها للحصول إلى تصريح بالزواج رفض طلبه ، على الرغم من خلوه من موانع الزواج وفقاً لأحكام شريعة الأقباط الأرثوذكس ومن ثم فقد أقام الدعوى ، بتاريخ ١٥ من مايو سنة ٢٠٠٤ حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى .
استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ٩٧٥ لسنة ٨ ق ” أحوال شخصية ” القاهرة ، وبتاريخ ١٠ من مايو سنة ٢٠٠٦ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف .
طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه . وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة ــــــ فى غرفة المشورة ـــــ حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائى الذى قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى على سند من أن الكهنة موظفين عمومين وأن ما يصدر عنهم فى شأن الزواج قرارات إدارية ، فى حين أن الزواج فى شريعة القباط الأرثوذكس نظام دينى مقدس وأن التصريح به يندرج فى هذا النظام ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى أساسه سديد ، ذلك بأن القضاء العادى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو صاحب الولاية العامة فى نظر كافة المنازعات إلا ما استشنى بنص خاص وأى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناءً على أصلٍ عام ومن ثم يجب عدم التوسع فى تفسيره ، وكان القرار الإدارى هو إفصاح جهة الإدارة المختصة فى الشكل الذى يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى معين يكون ممكناً ابتغاء مصلحة عامة ، وأن مجرد صدور القرار من جهة إدارية لا يخلع عليه فى كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإدارى بالمعنى المتقدم وإنما يلزم حتى يتحقق هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه ، فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو يتعلق بإدارة شخص معنوى خاص خرج من عداد القرارات الإدارية أياً كان مصدره ومهما كان موقعه فى مدارج السلم الإدارى ،
كما أن من وظيفة المحاكم المدنية أن تعطى الإجراء وصفه القانونى على هدى حكمة التشريع توصلاً إلى تحديد اختصاصها للفصل فى النزاع المطروح عليها ، وكان النص فى المادة ١٥ من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصـــادرة فى سنة ١٩٣٨ علـــــى أن ” الزواج سر مقدس يثبت بعقد يرتبط به رجل وامرأة ارتباطاً علنياً طبقاً لطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقصد تكوين أسرة جديدة للتعاون على شئون الحياة ” يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن الزواج فى شريعة الأقباط الأرثوذكس نظام دينى لا يكفى لانعقاده توافر الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضا وانتفــاء الموانع دائمـــــــاً ،
وإنما يلزم أن يتم الزواج علناً وفقاً للطقوس الدينية المرسومة – ومن بينها ضرورة استصدار الكاهن الذى يجريه تصريحاً باتمامه من الرئيس الدينى – وبعد صلاة الإكليل اعتباراً بأن الصلاة هى التى تحل النساء للرجال والرجال للنساء وإلا كان الزواج باطلاً . ولما تقدم فإن تصريح الرئيس الدينى المختص – المجلس الإكلريكى لطائفة الأقباط الأرثوذكس – لإمرء بالزواج أو امتناعه يعد إجراءً من إجراءات اتمام عقد الزواج ويخرج من عداد القرارات الإدارية التى تختص بالطعن عليها جهة القضاء الادارى .
لما كان ذلك ، وكان النص فى المادة (٩) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ – المنطبق على الواقع فى الدعوى – على أن ” تختص المحكمة الجزئية بنظر المسائل الواردة بهذه المادة …. ” والنص فى المادة (١٠) منه على أن ” تختص المحكمة الابتدائية بنظر دعاوى الأحوال الشخصية التى لا تدخل فى اختصاص المحكمة الجزئية …. ” وكانت الأحوال الشخصية – وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – هى مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التى رتب القانون عليها أثراً قانونياً فى حياته الاجتماعية ككونه إنساناً ذكراً أو أنثى ، وكونه زوجاً أو أرملاً أو مطلقاً أو أباً أو ابناً شرعياً ، أو كونه تام الأهلية او ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون ، أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية ، مفاده اختصاص محكمة الأحوال الشخصية بالدعاوى المتعلقة بمسائل الزواج – باعتبار هذه المسائل من مسائل الأحوال الشخصية – فتختص المحكمة الجزئية بالمسائل الواردة حصراً فى المادة التاسعة المذكورة وتختص المحكمة الابتدائية بمسائل الزواج التى ليست من اختصاص المحكمة الجزئية .
لما كان ذلك ، وكانت دعوى التصريح للمطعون ضده بالزواج مسألة من مسائل الأحوال الشخصية – تصدر الأحكام فيها بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة طبقاً لشريعتهــــــــم – فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لمحاكم الأحوال الشخصية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
وحيث إن النص فى المادة ٢٦٩ / ١ من قانون المرافعات على أنه ” إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل فى مسألة الاختصاص ، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التى يجب التداعى إليها بإجـــراءات جديدة ” ، وإذ كان الاستئناف صالحاً للفصل فيه ، ولما سلف يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والحكم باختصاص محكمة الأحوال الشخصية بنظر الدعوى ، ولما كانت المادة (٣) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون ١٠ لسنة ٢٠٠٤ تنص على أن ” تختص محاكم الأسرة دون غيرها بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التى ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية ….. ” وإعمالاً لهذا النص تكون محكمة الأسرة هى المختصة بنظــــر الدعــــــوى .

الحكم

لـذلـــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت فى الاستئناف رقم ٩٩٨ لسنة ٨ ق ” أحـــــوال شخصية ” القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء باختصاص محكمة الأسرة بنظر الدعوى .

أمين السر نائب                                  رئيس المحكمة