ما هية سبق الاصرار و الترصد ودورهما في تشديد العقوبة في جريمة القتل العمد!!؟

في التقرير التالي تلقي “الناس و القانون” الضوء علي ما هية  «سبق الإصرار والترصد» ودورهما في تشديد العقوبة في جريمة القتل العمد!!؟ ، ولقد عرفت جريمة “القتل العمد” مع سبق الإصرار والترصد  لأول مرة عام 1963 في محاكمة مارك ريتشاردسون, الذي أدين بقتل زوجته سيندي كليف. ريتشاردسون خطط لقتل زوجته لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من الوقت الذي تزوجا فيه. وقد أدين بالقتل العمد وحكم عليه بالسجن مدى الحياة. ، بقلم “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض.

أولاً : سبق الاصرار

سبق الاصرار : هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية ويكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين وجده أو صادفه، سواء كان ذلك القصد معلقا علي حدوث أمر أو موقوفا علي شرط.

ومن ثم فإن سبق الاصرار هو ظرف يتطلب عنصر نفسى وأخر زمني.

كما أنه ظرف ذو طبيعة شخصية لا يمتد إلى الشركاء، بمعني أن الطبيعة القانونية لسبق الإصرار تعتبره من الظروف الشخصية التي ترتبط بالقصد الجنائي والتي يقتصر أثرها على شخص من توافرت لديه إذ إنها ترجع إلى نفسية الجاني، لذلك فإن المساهمين الأصليين أو التابعين لا يضارون بتوافر سبق الإصرار لدى الجاني وإن كان توافر سبق الإصرار لدى أحد المساهمين في الجريمة يعد قرينة قوية في الغالب على توافره لدى الباقين، ويخضع تقدير ذلك لقاضي الموضوع ولظروف وملابسات كل واقعة على حدة.

سبق الإصرار يعد أحد الظروف المشددة التي لو ارتبطت بسلوك إجرامي معين يكون الغرض منه قتل شخص ما أصبحنا أمام جريمة قتل  عمد مع سبق الاصرار.

سبق الإصرار يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة لتنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء و الروية قبل ارتكاب الجريمة فضلاً عن أنه يعد في حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة، إنما تستفاد من وقائع ومظاهر خارجية يستخلصها القاضي الجنائي من الوقائع والظروف المحيطة بملابسات الواقعة.

دور سبق الإصرار في جريمة القتل العمد

القتل العمد المشدد هو تلك الجريمة التي يقرر لها القانون عقوبة أشد من تلك التي قررها للقتل العمد البسيط نتيجة اقترانه بظروف مشددة، والظروف المشددة هي عناصر أو وقائع تلحق بالفعل الإجرامي وتكشف عن خطورة زائدة لفاعلها وتستتبع توقيع جزاء رادع يلائم تلك الظروف.

وقد نظم قانون العقوبات المصري  الظروف المشددة التي تلحق بجريمة القتل العمد ورتب على ارتكاب أي منها عقوبة الإعدام ، حيث أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة و هى عقوبة الإعدام لكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار على ذلك و الترصد فى حين قضت المادة 234 من قانون العقوبات فى فقرتها الثالثة على أنه ” … و أما إذا كان القصد منها – أى من جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار و الترصد – التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة ” .

و لما كان الحكم المطعون فيه – و على ما يبين من مدوناته – قد جمع فى قضائه بين الظرفين المشددين سبق الإصرار و الارتباط – و جعلهما معاً عماده فى إنزال عقوبة الإعدام بالطاعن ، فإنه و قد شاب استدلال الحكم على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن – و الحالة هذه – الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ، و لا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه تخلف الظرف المشار إليه فى وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر – و هو الارتباط – الذى يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام . مما يتعين معه نقض الحكم .
( الطعن رقم 85 لسنة 36 ق جلسة 1966/2/22 )

ويقوم سبق الإصرار على عنصرين أولهما نفسي والثاني زمني:

أ‌. العنصر النفسي.

يعتبر العنصر النفسي هو جوهر سبق الإصرار ، ويعني أن الجاني قد فكر في الجريمة المقدم عليها تفكيرا هادئا متزنا ورتب وسائله وتدبر عواقبه أي أنه يقدم على الجريمة بعد دراسة هادئة رزينة وبعد أن تكون قد زالت ثورة الغضب من نفسه.

كما يشترط لسبق الإصرار أن يكون الجاني في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه، فلا وجود له إذا كان الجاني لا يزال تحت تأثير عامل الغضب الذي يمنعه من التفكير وهو هادئ البال.

كذلك ذهب إلى أن «سبق الإصرار يستلزم أن يكون الجاني قد أتم تفكيره وعزمه في هدوء يسمح بترديد الفكر بين الإقدام والإحجام وترجيح أحدهما على الآخر».

ولاشك أن العنصر النفسي يفصح عن نفس شريرة واهية تخرس فيها العاطفة صوت العقل ساعية إلى سلوك سبيل الجريمة.

ب.العنصر الزمني.

يرتبط العنصر النفسي المشار إلية آنفا بعنصر آخر لازما لإتمام سبق الإصرار ألا وهو العنصر الزمني وهو يعني مرور فترة زمنية -قد تطول أو تقصر بحسب الأحوال- بين التفكير في القتل وبين تنفيذه، وتقدير توافر العنصر الزمني وطول أو قصر مدته يعد من الأمور التقديرية التي تخضع لتقدير المحكمة.
ويتحقق سبق الإصرار حتى لو كان موقوفا على أمر أو معلق على شرط ومثال ذلك إصرار الجاني على قتل عدوه إذا عاد للتعرض إليه أو لذويه مرة أخرى أو أن يصمم أحد المرشحين في الانتخابات على قتل خصمه إذا انتصر عليه في الانتخابات.

ويتحقق سبق الإصرار ولو حصل خطأ في شخصية المجني عليه أو بسبب الحيدة عن الهدف، ويتحقق أيضا سواء كان القصد محدودا أو غير محدود.

وجدير بالذكر أن الطبيعة القانونية لسبق الإصرار تعتبره من الظروف الشخصية التي ترتبط بالقصد الجنائي والتي يقتصر أثرها على شخص من توافرت لديه إذ إنها ترجع إلى نفسية الجاني، لذلك فإن المساهمين الأصليين أو التابعين لا يضارون بتوافر سبق الإصرار لدى الجاني وإن كان توافر سبق الإصرار لدى أحد المساهمين في الجريمة يعد قرينة قوية في الغالب على توافره لدى الباقين، ويخضع تقدير ذلك لقاضي الموضوع ولظروف وملابسات كل واقعة على حدة.

وبتوافر سبق الإصرار بعنصرية ترفع العقوبة إلى الإعدام، ويخضع البحث في وجوده أو عدم وجوده أو استظهاره لقاضي الموضوع إذ إنه من الأمور النفسية التي لا يجدي فيها الاستناد إلى شهادة الشهود.

ثانيا : الترصد (التربص)

الترصد ان تترصد بالمجني عليه حتي تتم الجريمه ، وقد عرفت المادة ( 232 ) من قانون العقوبات المصري معنى الترصد: هو تربص الإنسان لشخص فى جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إلى إيذائه بالضرب ونحوه.

ويعرف الترصد هو تربص الجانى فى مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت او قصرت بهدف أرتكاب جريمتة وأيذا شخص معين.

ومن ثم يكون مفهوم الترصد هو تربص الانسان بالضحية في جهة أو جهات كثيرة خلال مدة من الزمن تسبق ارتكاب الجريمة، فالترصد يعني إعداد وتجهيز أداة الجريمة، وهو واقعة مادية وهو ظرف يتطلب عنصر مكاني. أثر سبق الترصد في العقوبة: هو ظرف ذو طبيعة موضوعية ويمتد إلى الشركاء.

وتحدثت المادة ( 234 ) على العقوبة لمن يقتل نفسا عمدا ولكن دون سبق إصرار ولا ترصد فنصت على: “من قتل نفسا عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد.

وبذلك من خلال الناس والقانون نكون قد أزلنا اللبس وما يختلط على الكثير من المهتمين والدارسين للقضايا القانونية مفهوم “سبق الإصرار والترصد” ولاسيما من ليس لديهم دراية قانونية كافية ، وحتي نبسيط الأمر أكثر نبين بعض النقاط الهامة في بحثنا الترصد و سبق إصرار هي :

1 ــ  سبق الإصرار والترصد ظرفين منفصلين عن بعضهما وليس ظرف واحد، حيث من الممكن أن يأتي ظرف سبق الإصرار دون ترصد لكن ظرف الترصد لا يأتي الإ ومعه سبق إصرار.

2 ــ  ان سبق الإصرار يعتبر من الظروف المشددة للعقوبة في كافة جرائم الاعتداء العمدي التي تقع على سلامة جسم الانسان بوجه عام.

3 ــ الإصرار هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معيّن وجده أو صادفه، سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط.

4 ــ سق الإصرار يقوم على عنصرين اثنين هما : العنصر الزمني : أي الزمن في التفكير والتروي في ارتكاب الجريمة يكون سابقا علي الإقدام عليها، إذ يجب أن يمر على التصميم على ارتكاب الفعل فترة من الزمن طالت أم قصرت قبل الإقدام عليه. وأخر عنصر نفسي : ويعني أن يكون الجاني قد أقدم على تنفيذ جريمة بعد أعمال الفكر الهادئ و التروي قبل التنفيذ بحيث يتاح له أن يقلب الأمر على وجوهه المختلفة.

5 ــ  أقدم الجاني على تنفيذ الجريمة مباشرة دون ثمة فاصل زمني بين اعتزامه علي ارتكاب الجريمة و قيامه باقترافها بالفعل هنا ينفي قيام سبق الإصرار .

6 ــ سبق الاصرار يعد وصف للقصد الجنائي يستمد منه عناصره و مكوناته ، حيث تقوم في جوهره بما يقوم به القصد و ينتفي بما ينتفي به ، ومن ثم فإن سبق الاصرار لا ينتقي بالغلط في شخصية المجني عليه، أو الخطأ توجيه الفعل إليه، كما لا ينتقي سبق الاصرار إذا كان قصد الجاني غير محدد، فمن يصمم قتل أي شخص تسوقه الظروف أمامه و ذلك اخلالا بحالة المن أو بغرض بث الرعب أو للإعلان عن منظمة إرهابية أو منيقوم باختطاف طائرة و يقوم بقتل أحد المحتجزين لاثبات جدية التهديد و لارغام السلطات على الادعان لمطالبة يتوافر به سبق الاصرار على ارتكاب الجريمة.

7 ــ سبق الاصرار ظرف ذو طبيعة شخصية  فإذا توافر لأحد الجناة فليس فلا يتعدي بقية المساهمين والمشاركين في الجريمة ممن لا يتوافر لديهم هذا الظرف، ولكن  إذا توافر الاتفاق بين المساهمين على ارتكاب الجريمة كان ذلك دليلا على توافر سبق الاصرار لديهم جميعا لأن الاتفاق ينتقي تغلب الأمر و مناقشة و الخروج إلى حيز تنفيذه مما يعني التصميم عليه. إثبات سبق الإصراريتضح سبق الإصرار لذات القواعد التي يخضع لها الجاني من حيث الإثبات فهو يعد تبعا لذلك من المسائل الموضوعية التي يرجع تقديرها إلى قاضي الموضوع.

8 ــ يعاقب الفاعل الأصلى بالإعدام أما الشريك فيعاقب بالإعدام أو الاشغال الشاقه المؤبده حسب نصوص المواد من 232-235 من قانون العقوبات المصرى