الطعن بـ الاستئناف في أحكام محكمة الطفل في الجنايات والجنح

 في التقرير التالي تلقي ” الناس و القانون ” الضؤ علي أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ ، الذي كفل به المشرع في الباب الثامن منه الرعاية الجنائية للطفل ووضع ضوابطها الموضوعية والإجرائية تغيَّا منها في جميع الأحوال – على ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية.

وقاية الطفل من خطر الانحراف والجناح وإصلاح سلوكه وتقويمه والبعد به عن شبهات الإجرام ومظانه وإدراكاً لحقيقة ثابتة هى أن الطفل لا يطرق باب الإجرام لشر متأصل في نفسه وإنما الغالب أن يكون ضحية الظروف الاجتماعية والبيئية التى تحيط به.

جواز الطعن بـ الاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام

مما يتعين أن يعامل الطفل بأساليب الإصلاح والوقاية أكثر مما يعامل بالأساليب الجنائية التى تتضمن معنى الإيلام والعقاب أخذاً بنظرية الخطورة الاجتماعية وتمشياً مع ما استهدفه المشرع من الضوابط الإجرائية التى وضعها لمعاملة الطفل جنائياً، فقد أفرد له – كقاعدة عامة – محكمة الأحداث دون غيرها للنظر في أمره عند تعرضه للانحراف وعند اتهامه في الجرائم .

جواز الطعن بـ الاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام

وقد أخذ المشرع – وعلى نهج ما أخذت به كثير من الدول المتحضرة وما كان عليه الحال في التشريعات السابقة بشأن الأحداث بمبدأ تخصص القضاة عند محاكمة الطفل لتحقيق كل صور الرعاية له وراعى في تشكيل محكمة الأحداث في القانون الحالى زيادة الضمانات المقررة للأحداث.

بأن جعل تشكيل هذه المحكمة من ثلاثة قضاة بدلاً من قاضى واحد في القانون السابق ، كما ضم إلى تشكيل محكمة الأحداث اثنين من الخبراء أحدهما على الأقل من النساء وهما جزء من تشكيلها تَبطُل الإجراءات بعدم حضورهما ، كما أجاز القانون الطعن بالاستئناف فيما تصدره محكمة الأحداث من أحكام سواء في الجنايات أو الجنح ، كما فرض القانون السرية في محاكمة الأحداث – خلافاً للأصل العام في المحاكمات الجنائية من وجوب العلانية.

جواز الطعن بـ الاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام

وقصد القانون من ذلك حماية نفسية الحدث وحماية حياته الخاصة وسمعته وسمعة أسرته وبعث الاطمئنان إلى نفس الحدث ، كما نظم القانون إعادة النظر في أحكام محكمة الأحداث لمواجهة الخطأ في تقدير السن ، كما خص رئيس محكمة الأحداث– التى يجرى التنفيذ في دائرتها– بالفصل في جميع منازعات التنفيذ ، كما أعطى القانون للمحكمة صلاحية إنهاء التدبير المحكوم به على الحدث أو تعديل نظامه أو إبداله… بقلم الخبير القانوني “ أشرف فؤاد ” المحامي بالنقض.

اختصاص، الاختصاص القيمى والنوعى، الاختصاص النوعى، الدفع بعدم الاختصاص المحلى، الدفع بعدم الاختصاص النوعى، الدفع بعدم الاختصاص النوعى أو القيمى أو الولائى، الدفوع الشكلية التى تتعلق بالنظام العام، المسائل المتعلقة بالنظام العام، حالات الطعن بالنقض، سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الاختصاص بنظر الدعوى، مخالفة قواعد الاختصاص، نظام عام، نقض
جواز الطعن بالاستئناف في احكام محكمة الطفل في الجنايات والجنح

الاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام في الجنايات والجنح في ضوء أحكام محكمة النقض المصرية الطعن رقم ١٠٨١٢ لسنة ٦٧ قضائية

 

حكم النقض

بإسم الشعب

محكمة النقض المصرية

الدوائر الجنائية 

الطعن رقم ١٠٨١٢ لسنة ٦٧ قضائية

الطعن رقم 10812 لسنة 67 قضائية

جلسة ٢٠٠٥/١١/٠١

مكتب فنى ( سنة ٥٦ – قاعدة ٨٣ – صفحة ٥٣٨ )

العنوان  : جواز الطعن بـ الاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام

استئناف ” ما يجوز استئنافه من الأحكام ” . طفل . قضاة . محكمة الطفل ” تشكيلها ” .

الموجز :  جواز الطعن بـ الاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام

الحكمة التي تغياها المشرع من الرعاية الجنائية للطفل في مفهوم القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ ؟ الغرض من تشكيل محكمة الطفل من ثلاثة قضاة وخبيرين احدهما على الأقل من النساء . زيادة الضمانات المقررة للطفل . جواز الطعن بالاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام في الجنايات والجنح . الغرض من فرض السرية في محاكمة الطفل ؟

القاعدة 

لما كان البيّن من استقراء أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ ، أن المشرع كفل في الباب الثامن منه الرعاية الجنائية للطفل ووضع ضوابطها الموضوعية والإجرائية تغيَّا منها في جميع الأحوال – على ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية – وقاية الطفل من خطر الانحراف والجناح وإصلاح سلوكه وتقويمه والبعد به عن شبهات الإجرام ومظانه وإدراكاً لحقيقة ثابتة هى أن الطفل لا يطرق باب الإجرام لشر متأصل في نفسه وإنما الغالب أن يكون ضحية الظروف الاجتماعية والبيئية التى تحيط به، مما يتعين  .أن يعامل الطفل بأساليب الإصلاح والوقاية أكثر مما يعامل بالأساليب الجنائية التى تتضمن معنى الإيلام والعقاب أخذاً بنظرية الخطورة الاجتماعية وتمشياً مع ما استهدفه المشرع من الضوابط الإجرائية التى وضعها لمعاملة الطفل جنائياً، فقد أفرد له – كقاعدة عامة – محكمة الأحداث دون غيرها للنظر في أمره عند تعرضه للانحراف وعند اتهامه في الجرائم

وقد أخذ المشرع – وعلى نهج ما أخذت به كثير من الدول المتحضرة وما كان عليه الحال في التشريعات السابقة بشأن الأحداث بمبدأ تخصص القضاة عند محاكمة الطفل لتحقيق كل صور الرعاية له وراعى في تشكيل محكمة الأحداث في القانون الحالى زيادة الضمانات المقررة للأحداث ، بأن جعل تشكيل هذه المحكمة من ثلاثة قضاة بدلاً من قاضى واحد في القانون السابق ، كما ضم إلى تشكيل محكمة الأحداث اثنين من الخبراء أحدهما على الأقل من النساء وهما جزء من تشكيلها تَبطُل الإجراءات بعدم حضورهما ، كما أجاز القانون الطعن بالاستئناف فيما تصدره محكمة الأحداث من أحكام سواء في الجنايات أو الجنح ، كما فرض القانون السرية في محاكمة الأحداث – خلافاً للأصل العام في المحاكمات الجنائية من وجوب العلانية – وقصد القانون من ذلك حماية نفسية الحدث وحماية حياته الخاصة وسمعته وسمعة أسرته وبعث الاطمئنان إلى نفس الحدث ، كما نظم القانون إعادة النظر في أحكام محكمة الأحداث لمواجهة الخطأ في تقدير السن ، كما خص رئيس محكمة الأحداث– التى يجرى التنفيذ في دائرتها– بالفصل في جميع منازعات التنفيذ ، كما أعطى القانون للمحكمة صلاحية إنهاء التدبير المحكوم به على الحدث أو تعديل نظامه أو إبداله .

المحكمة

جلسة الأول من نوفمبر سنة ٢٠٠٥

برئاسة السيد المستشار/ فتحى خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، عمر بريك، فرحان بطران وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.


الطعن ١٠٨١٢ لسنة ٦٧ القضائية

(١) طفل. اختصاص “الاختصاص الولائى”. نظام عام. قانون “سريانه” “تطبيقه” “القانون الأصلح”.
نص المادة ١٢٢ من قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦. مفاده؟.

الأصل أن قوانين الإجراءات تسرى من يوم نفاذها ولو تعلقت بجرائم وقعت قبل نفاذها.
القوانين المعدِلة للاختصاص تنفذ بأثر فورى شأنها شأن قوانين الإجراءات.ما لم يُنص على أحكام انتقالية. مؤدى ذلك؟
قواعد الاختصاص فى المواد الجنائية من النظام العام. وجوب تطبيق القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بشأن الطفل على الواقعة. مادام قد صدر أثناء فترة المحاكمة.

مجال إعمال قاعدة القانون الأصلح. القواعد الموضوعية دون الإجرائية. مؤدى وأساس ذلك؟.

(٢) استئناف “ما يجوز استئنافه من الأحكام”. طفل. قضاة. محكمة الطفل “تشكيلها”.
الحكمة التى تغياها المشرع من الرعاية الجنائية للطفل فى مفهوم القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦؟
الغرض من إعمال مبدأ تخصص القضاة فى محاكمة الطفل؟.

الغرض من فرض السرية فى محاكمة الطفل؟.

الغرض من تشكيل محكمة الطفل من ثلاثة قضاة وخبيرين احدهما على الأقل من النساء. زيادة الضمانات المقررة للطفل.
جواز الطعن بالاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام فى الجنايات والجنح.

الخطأ فى تقدير سن الطفل. أثره: إعادة النظر فى أحكام محكمة الطفل. أساس ذلك؟

لمحكمة الطفل سلطة إنهاء التدبير المحكوم به عليه أو تعديل نظامه أو إبداله ولرئيسها الفصل فى منازعات التنفيذ التى يجرى التنفيذ فى دائرتها.

(٣) طفل. محكمة الطفل “تشكيلها”. محكمة الجنايات “اختصاصها”. أمر بألا وجه. دعوى جنائية “انقضاؤها بالحكم النهائى”.
محكمة الطفل وفق تشكيلها القانونى وإجراءاتها واختصاصها. هى القاضى الطبيعى لإجرام الطفل. الحكمة التى تغّياها المشرع من ذلك؟

الغرض من اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الطفل. استثناء من الأصل العام فى حالة المساهمة الجنائية فى الجريمة مع بالغين؟ الفقرة الثانية من المادة ١٢٢ من قانون الطفل.

الحكمة من أفراد الاختصاص الاستثنائى لمحكمة الجنايات فى محاكمة الطفل؟

اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الطفل. استثناء لا يجوز التوسع فيه. علة وشرط ذلك؟

صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم البالغ وانقضاؤها لأى سبب.أثره: انتفاء موجب اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الطفل الذى أسهم فى الجريمة معه. علة ذلك؟

(٤) طفل. محكمة الطفل “اختصاصها”. محكمة الجنايات “اختصاصها”. قوة الأمر المقضى.
الاختصاص الاستثنائى لمحكمة الجنايات بمحاكمة الطفل. شرطه وجود مقتضى لرفع الدعوى الجنائية مع بالغ.
انقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهمين البالغين بصدور حكم بات حائز لقوة الأمر المقضى. أثره: اختصاص محكمة الطفل وحدها بمحكمة الطفل. أساس ذلك؟.

(٥) اختصاص “تنازع الاختصاص” “الاختصاص الولائى”. نيابة عامة.
طلب تعيين المحكمة المختصة وفقًا لمفهوم نص المادتين ٢٢٦، ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية. منوط بالجهة التى يطعن أمامها فى أحكام المحكمتين المتنازعتين أو أحداهما.
قيام التنازع بموجب حكم واحد. للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى. شرط ذلك؟

١ – من المقرر أن القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل قد نص فى المادة ١٢٢ منه على” أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر فى أمر الطفل عند اتهامه فى إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من ١١٣ إلى ١١٦ والمادة ١١٩ من هذا القانون، واستثناء من حكم الفقرة السابقة يكون الإختصاص لمحكمة الجنايات بنظر قضايا الجنايات التى يتهم فيها طفل جاوزت سنة خمس عشرة سنة وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم فى الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل، وفى هذه الحالة يجب على المحكمة قبل أن تصدر حكمها أن تبحث ظروف الطفل من جميع الوجوه، ولها أن تستعين فى ذلك بمن تراه من الخبراء”.

لما كان ذلك، وكان الأصل أن قوانين الإجراءات تسرى من يوم نفاذها على الإجراءات التى لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن القوانين المعدِلة للاختصاص تطبق بأثر فورى، شأنها فى ذلك شأن قوانين الإجراءات، فإذا عدّل القانون من اختصاص محكمة قائمة بنقل بعض ما كانت مختصة بنظره من القضايا طبقًا للقانون القديم إلى محكمة أو جهة قضاء أخرى، فإن هذه الجهة الأخيرة تصبح مختصة ولا يكون للمحكمة التى عُدّل اختصاصها عمل بعد نفاذ القانون الجديد، ولو كانت الدعوى قد رفعت إليها بالفعل طالما أنها لم تنته بحكم بات وذلك كله ما لم ينص المشرع على أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال.

ومؤدى ذلك أن أحكام المادة ١٢٢ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل هى الواجبة التطبيق باعتبارها تنظم قاعدة إجرائية متعلقة بقواعد الاختصاص، كما خلا قانون الطفل آنف البيان من النص على أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال لما هو مقرر من أن قواعد الاختصاص فى المواد الجنائية من النظام العام ولا وجه للقول بتطبيق القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث بحسبان أن القانون رقم ١٢ لسنــة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل قد صدر فى تاريخ لاحق على تاريخ ارتكاب الجريمة المسندة إلى المتهم الحدث وأثناء فترة محاكمته، كما لا وجه لإعمال قاعدة سريان القانون الأصلح المقررة بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فأن مجال إعمال تلك القاعدة – وفقًا لما سبق إيضاحه على السياق المتقدم – يمس فى الأصل القواعد الموضوعية. أما القواعد الإجرائية، فإنها تسرى من يوم نفاذها بأثر فورى على القضايا التى لم تكن قد تم الفصل فيها ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك – وهو الحال فى الدعوى الماثلة.

٢ – لما كان البيّن من استقراء أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦، أن المشرع كفل فى الباب الثامن منه الرعاية الجنائية للطفل ووضع ضوابطها الموضوعية والإجرائية تغيَّا منها فى جميع الأحوال – على ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية – وقاية الطفل من خطر الانحراف والجناح وإصلاح سلوكه وتقويمه والبعد به عن شبهات الإجرام ومظانه وإدراكا لحقيقة ثابتة هى أن الطفل لا يطرق باب الاجرام لشر متأصل فى نفسه وإنما الغالب أن يكون ضحية الظروف الاجتماعية والبيئية التى تحيط به، مما يتعين أن يعامل الطفل بأساليب الإصلاح والوقاية أكثر مما يعامل بالأساليب الجنائية التى تتضمن معنى الإيلام والعقاب أخذًا بنظرية الخطورة الاجتماعية وتمشيًا مع ما استهدفه المشرع من الضوابط الإجرائية التى وضعها لمعاملة الطفل جنائيًا، فقد أفرد له – كقاعدة عامة – محكمة الأحداث دون غيرها للنظر فى أمره عند تعرضه للانحراف وعند اتهامه فى الجرائم.

وقد أخذ المشرع – وعلى نهج ما أخذت به كثير من الدول المتحضرة وما كان عليه الحال فى التشريعات السابقة بشأن الأحداث بمبدأ تخصص القضاة عند محاكمة الطفل لتحقيق كل صور الرعاية له وراعى فى تشكيل محكمة الأحداث فى القانون الحالى زيادة الضمانات المقررة للأحداث، بأن جعل تشكيل هذه المحكمة من ثلاثة قضاة بدلاً من قاضـى واحـد فـى القانـون السابـق، كمـا ضـم إلـى تشكيـل محكمـة الأحداث اثنين مـن الخبـراء أحدهمـا علـى الأقـل مـن النسـاء وهمـا جـزء مـن تشكيلهـا تَبطُـل الإجـراءات بعـدم حضورهمـا، كمـا أجـاز القـانـون الطعـــن بالاستئناف فيما تصدره محكمة الأحداث من أحكام سواء فى الجنايات أو الجنح،

كما فرض القانون السرية فى محاكمة الأحداث خلافًا للأصل العام فى المحاكمات الجنائية من وجوب العلانية. وقصد القانون من ذلك حماية نفسية الحدث وحماية حياته الخاصة وسمعته وسمعة أسرته وبعث الاطمئنان إلى نفس الحدث، كما نظم القانون إعادة النظر فى أحكام محكمة الأحداث لمواجهة الخطأ فى تقدير السن، كما خص رئيس محكمة الأحداث – التى يجرى التنفيذ فى دائرتها – بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ، كما أعطى القانون للمحكمة صلاحية إنهاء التدبير المحكوم به على الحدث أو تعديل نظامه أو إبداله.

٣ – من المقرر ان محكمة الأحداث – بتشكيلها المنصوص عليه فى القانون والإجراءات المتبعة أمامها واختصاصها بنظر جرائم الأحداث بما فيها الجنايات التى يتهم فيها الحدث أو عند تعرضه لانحراف – تعتبر القاضى الطبيعى وفقًا للرؤية الحضارية لإجرام الأحداث وجنوحهم وحكمة المشرع التى تغيّاها من إفراد هذا الاختصاص لهذه المحكمة تكمن فى بث الطمأنينة والثقة فى نفوس الأحداث مع إبعادهم عن المحاكمات التقليدية – بما تمثلها من قيود السجن والحراسة – ويكون فيها القاضى بمثابة الأب الذى يرعى بنيه يهمه الحدث قبل أن تهمه الجريمة ويهتم بتكوين النشىء وبناء المجتمع أكثر من الاهتمام بتوقيع العقاب.

بيد أنه استثناء من هذا الأصل العام فقد نص المشرع فى المادة ١٢٢/ ٢ من قانون الطفل على اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الحدث فى حالة المساهمة الجنائية فى الجريمة مع البالغين. والغرض من هذا الاستثناء هو وجود ارتباط غير قابل للتجزئة بين إجرام الحدث وإجرام البالغ فى الواقعة محل المحاكمة، فالمتهم الحدث إما فاعلاً أصليًا مع المتهم البالغ أو شريكًا له، والحكمة من إفراد هذا الاختصاص الاستثنائى لمحكمة الجنايات فى محاكمة الحدث أمامها تكمن فى منع التضارب بين الأحكام التى تصدر من محكمة الجنايات فى محاكمة البالغين وتلك التى تصدر من محكمة الأحداث فى محاكمة الأحداث فى جريمة واحدة ساهم فيها الطرفان، فمما يؤذى العدالة أن تقضى محكمة الأحداث بإدانة المتهم الحدث باعتباره شريكًا للمتهم البالغ بينما يُحكم من محكمة الجنايات ببراءة المتهم البالغ باعتباره فاعلا أصليا بالمخالفة لما استقر عليه الفقه الجنائى من أن الشريك يستمد إجرامه من الفاعل الأصلى، لذلك فإنه لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة خص المشرع محكمة الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث استثناء من أصل عام لا يجوز التوسع فيه وذلك بشروط حددها المشرع وهى:

١ – أن يكون عمر الحدث جاوز الخامسة عشر عامًا وقت ارتكاب الجريمة.

٢ – أن تكون الجريمة التى ارتكبها الحدث جناية.

٣ – أن يساهم البالغ مع الحدث فى الجريمة سواء باعتباره فاعلاً أصليًا معه أو شريكًا له.

٤ – أن يقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية على الحدث ومن أسهم فى الجريمة معه من غير الأحداث ومؤدى هذا الشرط أن تقدر النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية على كل من المتهمين البالغ والحدث إلى محكمة الجنايات، فإذا صدر أمرًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم البالغ أو انقضت الدعوى الجنائية لأى سبب من أسباب الانقضاء بالنسبة له، فلا ينطبق هذا الاستثناء لانتفاء حكمة المشرع من تقريره، إذ أن مثول المتهم الحدث بمفرده ومحاكمته أمام محكمة الجنايات يتنافى مع قصد المشرع ويعصف بمبادىء العدالة الجنائية وضوابط المعاملة الجنائية للطفل التى رسم المشرع أبعادها وحدد نطاقها.

٤ – لما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق والمفردات المنضمة أن المتهم الحدث وإن تجاوز الخامسة عشر من عمره وقت ارتكاب الجريمة وقد أسهم معه فى جناية القتل العمد المقترن بجناية الشروع فى القتل المتهمين البالغين “…….. ” و”…….. “، إلا أن الثابت – من الشهادة المرفقة الصادرة من النيابة المختصة – أن الدعوى الجنائية التى أقامتها النيابة العامة ضد المتهمين البالغين قد انتهت بصدور حكم جنائى من محكمة الجنايات المختصة بإدانة المتهم الأول وببراءة المتهم الثانى وأن هذا الحكم قد أصبح باتًا حائزًا لقوة الأمر المقضى بصدور حكم من هذه المحكمة – محكمة النقض – برفض الطعن موضوعًا.ومن ثم، يكون قد تخلف شرط من شروط تحقق الاختصاص الاستثنائى المقرر لمحكمة الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث وهو وجود مقتضى لرفع الدعوى الجنائية على المتهم الحدث مع بالغ وذلك لانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهمين البالغين بصدور حكم بات فى موضوعها حاز قوة الأمر المقضى، ومؤدى ذلك ورجوعًا الى الأصل العام، فإن محكمة الأحداث تكون هى المختصة وحدها بمحاكمة المتهم الحدث لعدم انطباق نص المادة ١٢٢/ ٢ من قانون الطفل.

٥ – من المقرر أن مؤدى نص المادتين ٢٢٦، ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية يجعل طلب تعيين المحكمة المختصة منوطًا بالجهة التى يُطعن أمامها فى أحكام المحكمتين المتنازعتين أو أحداهما، ذلك أن التنازع قد يقيمه حكم واحد فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى، دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى وذلك حرصًا على العدالة وتجنب تعطيلها. ولكن شرط ذلك أن تكون الأوراق قاطعة بذاتها ودون إعمال السلطة التقديرية للمحكمة بقيام هذا التنازع. ولما كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من محكمة جنح أحدث مستأنف “……..” قد تنكب تطبيق صحيح القانون بالقضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، حالة ثبوت هذا الاختصاص لهذه المحكمة وليس لمحكمة الجنايات، فإنه يكون من المتعين إعمالاً لنص المادة ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية قبول طلب النيابة العامة وبتعيين محكمة “……….” الكلية دائرة الأحداث للفصل فى الدعوى بالنسبة للمتهم الحدث “……….. “

الوقائـع

اتهمــت النيابة العامة كلاً من ١ – ……. ٢ – “………٣ – ……… بأنهم: حال كون أولهم حدث – قتلـــوا “… ” عمدًا بأن أحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية بواسطة ” عصى ” قاصدين من ذلك قتله مما أودى بحياته واقترنت هذه الجناية بأخرى وهى أنهما فى ذات الزمان والمكان شرعوا فى قتل “…” بأن صدموه بجرار زراعى قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى المرفق وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو فراره ومداركته بالعلاج وأحالتهم إلى محكمة جنح أحداث “….. ” التى قضت بإحالة الدعوى إلى محكمة “……” الكلية دائرة الأحداث.

ومحكمة “……. ” الابتدائية مأمورية استئناف “…….” – بهيئة استئنافية – قضت بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة جنايات “…… ” للاختصاص. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم أمام ذات المحكمة والتى قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإتخاذ شئونها.

فرفعت النيابة العامة إلى محكمة النقض طلب بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى مشفوعًا بمذكرة أسباب حاصلها أن الحكم المطروح سيقابل حتمًا من محكمة الجنايات بالقضاء بعدم الاختصاص.

المحكمة

من حيث أن مبنى الطلب المقدم من النيابة العامة هو أن محكمة جنح أحداث مستأنف “…….” قضت حضوريًا بجلسة ٢٢ ديسمبر سنة ١٩٩٦ بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لإتحاذ شئونها على سند من أن المتهم الحدث والذى جاوز سنه خمس عشرة سنة قد إرتكب جناية مع آخرين بالغين.

ومن ثم، فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة جنايات “……….” التى تنظر الدعوى الخاصة بالمتهمين البالغين طبقًا لنص المادة ١٢٢/ ٢ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بشأن الطفل.

وأنه لما كان قانون الطفل آنف البيان قد صدر بعد إرتكاب الواقعة وليس أصلح للمتهم.

ومن ثم، فإن القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث – وهو الذى ارتكبت الواقعة فى ظل سريان أحكامه – يكون هو الواجب التطبيق وبالتالى تكون محكمة الأحداث هى المختصة بمحاكمة المتهم الحدث طبقًا لأحكام هذا القانون.

ومن ثم، فإن محكمة الجنايات سوف تقضى حتمًا بعدم اختصاصها بنظر الدعوى قبل المتهم الحدث فيما لو أحيلت إليها الدعوى، مما يؤذن للنيابة العامة أن تطلب إلى محكمة النقض تعيين المحكمة المختصة بالفصل فى الدعوى تطبيقًا للمادة ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية.

وحيث أنه يبين من الإطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المتهم الحدث لارتكابه وآخرين بالغين – تمت إحالتهما إلى محكمة جنايات “……….” – جريمة القتل العمد المقترن بالشروع فى القتل، ومحكمة جنح أحداث “جرجا” قضت حضوريًا بجلسة الأول من يونيه بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة جنايات “……..” للاختصاص، فاستأنفت النيابة العامة وبجلسة ٢٢ ديسمبر سنة ١٩٩٦ قضت محكمة جنح أحداث مستأنف “……..” حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وأحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها على سند من أن المتهم الحدث والذى جاوز سنة خمس عشرة سنة قد ارتكب الجناية مع متهمين آخرين بالغين.

ومن ثم، ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات المختصة بمحاكمة المتهمين البالغين إعمالاً لنص المادة ١٢٢/ ٢ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بشأن الطفل.

لما كان ذلك، وكان القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل قد نص فى المادة ١٢٢ منه على” أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر فى أمر الطفل عند اتهامه فى إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من ١١٣ إلى ١١٦ والمادة ١١٩ من هذا القانون، واستثناء من حكم الفقرة السابقة يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات بنظر قضايا الجنايات التى يتهم فيها طفل جاوزت سنة خمس عشرة سنة وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم فى الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل، وفى هذه الحالة يجب على المحكمة قبل أن تصدر حكمها أن تبحث ظروف الطفل من جميع الوجوه، ولها أن تستعين فى ذلك بمن تراه من الخبراء”.

لما كان ذلك، وكان الأصل أن قوانين الإجراءات تسرى من يوم نفاذها على الإجراءات التى لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن القوانين المعدِلة للاختصاص تطبق بأثر فورى، شأنها فى ذلك شأن قوانين الإجراءات، فإذا عدّل القانون من اختصاص محكمة قائمة بنقل بعض ما كانت مختصة بنظره من القضايا طبقًا للقانون القديم إلى محكمة أو جهة قضاء أخرى، فإن هذه الجهة الأخيرة تصبح مختصة ولا يكون للمحكمة التى عُدّل اختصاصها عمل بعد نفاذ القانون الجديد، ولو كانت الدعوى قد رفعت إليها بالفعل طالما أنها لم تنته بحكم بات وذلك كله ما لم ينص الشارع على أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال.

ومؤدى ذلك أن أحكام المادة ١٢٢ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل هى الواجبة التطبيق باعتبارها تنظم قاعدة إجرائية متعلقة بقواعد الاختصاص، كما خلا قانون الطفل آنف البيان من النص على أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال لما هو مقرر من أن قواعد الاختصاص فى المواد الجنائية من النظام العام ولا وجه للقول بتطبيق القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث بحسبان أن القانون رقم ١٢ لسنــة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل قد صدر فى تاريخ لاحق على تاريخ ارتكاب الجريمة المسندة إلى المتهم الحدث وأثناء فترة محاكمته، كما لا وجه لإعمال قاعدة سريان القانون الأصلح المقررة بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فأن مجال إعمال تلك القاعدة – وفقًا لما سبق إيضاحه على السياق المتقدم – يمس فى الأصل القواعد الموضوعية.

أما القواعد الإجرائية، فإنها تسرى من يوم نفاذها بأثر فورى على القضايا التى لم تكن قد تم الفصل فيها ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك – وهو الحال فى الدعوى الماثلة.

لما كان ذلك، وكان البين من استقراء أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦، أن المشرع كفل فى الباب الثامن منه الرعاية الجنائية للطفل ووضع ضوابطها الموضوعية والإجرائية تغيَّا منها فى جميع الأحوال – على ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية – وقاية الطفل من خطر الانحراف والجناح وإصلاح سلوكه وتقويمه والبعد به عن شبهات الإجرام ومظانه وإدراكا لحقيقة ثابتة هى أن الطفل لا يطرق باب الإجرام لشر متأصل فى نفسه وإنما الغالب أن يكون ضحية الظروف الاجتماعية والبيئية التى تحيط به، مما يتعين أن يعامل الطفل بأساليب الإصلاح والوقاية أكثر مما يعامل بالأساليب الجنائية التى تتضمن معنى الإيلام والعقاب أخذًا بنظرية الخطورة الاجتماعية وتمشيًا مع ما استهدفه المشرع من الضوابط الإجرائية التى وضعها لمعاملة الطفل جنائيًا، فقد أفرد له – كقاعدة عامة – محكمة الأحداث دون غيرها للنظر فى أمره عند تعرضه للانحراف وعند اتهامه فى الجرائم. وقد أخذ المشرع – وعلى نهج ما أخذت به كثير من الدول المتحضرة وما كان عليه الحال فى التشريعات السابقة بشأن الأحداث بمبدأ تخصص القضاة عند محاكمة الطفل لتحقيق كل صور الرعاية له .

وراعى فى تشكيل محكمة الأحداث فى القانون الحالى زيادة الضمانات المقررة للأحداث، بأن جعل تشكيل هذه المحكمة من ثلاثة قضاة بدلاً من قاضـى واحـد فـى القانـون السابـق، كمـا ضـم إلـى تشكيـل محكمـة الأحداث اثنين مـن الخبـراء أحدهمـا علـى الأقـل مـن النسـاء وهمـا جـزء مـن تشكيلهـا تَبطُـل الإجـراءات بعـدم حضورهمـا، كمـا أجـاز القـانـون الطعـــن بالاستئناف فيما تصدره محكمة الأحداث من أحكام سواء فى الجنايات أو الجنح، كما فرض القانون السرية فى محاكمة الأحداث خلافًا للأصل العام فى المحاكمات الجنائية من وجوب العلانية. وقصد القانون من ذلك حماية نفسية الحدث وحماية حياته الخاصة وسمعته وسمعة أسرته وبعث الاطمئنان إلى نفس الحدث،

كما نظم القانون إعادة النظر فى أحكام محكمة الأحداث لمواجهة الخطأ فى تقدير السن، كما خص رئيس محكمة الأحداث – التى يجرى التنفيذ فى دائرتها – بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ، كما أعطى القانون للمحكمة صلاحية إنهاء التدبير المحكوم به على الحدث أو تعديل نظامه أو إبداله.

ومؤدى ما تقدم، إن محكمة الأحداث – بتشكيلها المنصوص عليه فى القانون والإجراءات المتبعة أمامها واختصاصها بنظر جرائم الأحداث بما فيها الجنايات التى يتهم فيها الحدث أو عند تعرضه لانحراف – تعتبر القاضى الطبيعى وفقًا للرؤية الحضارية لإجرام الأحداث وجنوحهم وحكمة المشرع التى تغيّاها من إفراد هذا الاختصاص لهذه المحكمة تكمن فى بث الطمأنينة والثقة فى نفوس الأحداث مع إبعادهم عن المحاكمات التقليدية – بما تمثلها من قيود السجن والحراسة – ويكون فيها القاضى بمثابة الأب الذى يرعى بنيه يهمه الحدث قبل أن تهمه الجريمة ويهتم بتكوين النشىء وبناء المجتمع أكثر من الاهتمام بتوقيع العقاب.

بيد أنه استثناء من هذا الأصل العام.

فقد نص المشرع فى المادة ١٢٢/ ٢ من قانون الطفل على اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الحدث فى حالة المساهمة الجنائية فى الجريمة مع البالغين. والغرض فى هذا الاستثناء هو وجود ارتباط غير قابل للتجزئة بين إجرام الحدث وإجرام البالغ فى الواقعة محل المحاكمة، فالمتهم الحدث إما فاعلاً أصليًا مع المتهم البالغ أو شريكًا له، والحكمة من إفراد هذا الاختصاص الاستثنائى لمحكمة الجنايات فى محاكمة الحدث أمامها تكمن فى منع التضارب بين الأحكام التى تصدر من محكمة الجنايات فى محاكمة البالغين وتلك التى تصدر من محكمة الأحداث فى محاكمة الأحداث فى جريمة واحدة ساهم فيها الطرفان، فمما يؤذى العدالة أن تقضى محكمة الأحداث بإدانة المتهم الحدث باعتباره شريكًا للمتهم البالغ بينما يُحكم من محكمة الجنايات ببراءة المتهم البالغ باعتباره فاعلا أصليا بالمخالفة لما استقر عليه الفقه الجنائى من أن الشريك يستمد إجرامه من الفاعل الأصلى،

لذلك فإنه لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة خص المشرع محكمة الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث استثناء من أصل عام لا يجوز التوسع فيه وذلك بشروط حددها المشرع وهى:

١ – أن يكون عمر الحدث جاوز الخامسة عشر عامًا وقت ارتكاب الجريمة.

٢ – أن تكون الجريمة التى ارتكبها الحدث جناية.

٣ – أن يساهم البالغ مع الحدث فى الجريمة سواء باعتباره فاعلاً أصليًا معه أو شريكًا له .

٤ – أن يقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية على الحدث ومن أسهم فى الجريمة معه من غير الأحداث ومؤدى هذا الشرط أن تقدر النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية على كل من المتهمين البالغ والحدث إلى محكمة الجنايات.

فإذا صدر أمرًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم البالغ أو انقضت الدعوى الجنائية لأى سبب من أسباب الانقضاء بالنسبة له، فلا ينطبق هذا الاستثناء لانتفاء حكمة المشرع من تقريره.

إذ أن مثول المتهم الحدث بمفرده ومحاكمته أمام محكمة الجنايات يتنافى مع قصد المشرع ويعصف بمبادئ العدالة الجنائية وضوابط المعاملة الجنائية للطفل التى رسم المشرع أبعادها وحدد نطاقها.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق والمفردات المنضمة أن المتهم الحدث وإن تجاوز الخامسة عشر من عمره وقت ارتكاب الجريمة وقد أسهم معه فى جناية القتل العمد المقترن بجناية الشروع فى القتل المتهمين البالغين “……… ” و”…………..”.

إلا أن الثابت – من الشهادة المرفقة الصادرة من النيابة المختصة – أن الدعوى الجنائية التى أقامتها النيابة العامة ضد المتهمين البالغين قد انتهت بصدور حكم جنائى من محكمة الجنايات المختصة بإدانة المتهم الأول وببراءة المتهم الثانى وأن هذا الحكم قد أصبح باتًا حائزًا لقوة الأمر المقضى بصدور حكم من هذه المحكمة – محكمة النقض – برفض الطعن موضوعًا.

ومن ثم، يكون قد تخلف شرط من شروط تحقق الاختصاص الاستثنائى المقرر لمحكمة الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث وهو وجود مقتضى لرفع الدعوى الجنائية على المتهم الحدث مع بالغ وذلك لانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهمين البالغين بصدور حكم بات فى موضوعها حاز قوة الأمر المقضى، ومؤدى ذلك ورجوعًا الى الأصل العام، فإن محكمة الأحداث تكون هى المختصة وحدها بمحاكمة المتهم الحدث لعدم انطباق نص المادة ١٢٢/ ٢ من قانون الطفل.

لما كان ذلك، وإذ كان مؤدى نص المادتين ٢٢٦، ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية يجعل طلب تعيين المحكمة المختصة منوطًا بالجهة التى يُطعن أمامها فى أحكام المحكمتين المتنازعتين أو أحداهما، ذلك أن التنازع قد يقيمه حكم واحد فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى، دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى وذلك حرصًا على العدالة وتجنب تعطيلها.

ولكن شرط ذلك أن تكون الأوراق قاطعة بذاتها ودون إعمال السلطة التقديرية للمحكمة بقيام هذا التنازع، ولما كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من محكمة جنح أحدث مستأنف “………” قد تنكب تطبيق صحيح القانون بالقضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، حالة ثبوت هذا الاختصاص لهذه المحكمة وليس لمحكمة الجنايات، فإنه يكون من المتعين إعمالاً لنص المادة ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية قبول طلب النيابة العامة وبتعيين محكمة “…..” الكلية دائرة الأحداث للفصل فى الدعوى بالنسبة للمتهم الحدث “……. “.

نوصي بقراءة مدونة دنيا المنوعات