متى أصبح الحكم القاضي بالإحالة نهائياً بعدم الطعن عليه فإن المحكمة المحالة إليها الدعوى تلتزم بالفصل فيها سواء كان عدم الاختصاص ولائياً أو نوعياً أو محلياً – يمتنع على المحكمة المحال إليها الدعوى أن تعاود البحث في الاختصاص من جديد

تعريف الإحالة
تعريف الإحالة

تعريف الإحالة

المقصود بالإحالة هو: “نقل الدعوى من محكمة غير مختصة إلى أخرى مختصة بنظرها”.

وبهذا المفهوم فإن نقل الدعوى داخل المحكمة الواحدة لا يعد إحالة , إضافة إلى أن الإحالة تكون بين المحاكم فقط , حيث لا تعد الإحالة جائزة من المحاكم إلى اللجان أو الهيئات , فإذا كان موضوع الدعوى خارج عن اختصاص القضاء فإنه على المحكمة رد الدعوى وليس إحالتها.

تعريف القانون العراقي للإحالة

قانون المرافعات المدنية العراقي لم يتطرق إلى تعريف الإحالة , بينما تناول موضوعها في المادة (٧٨ (منه , وهي المادة الوحيدة التي ذكرتها.

وتأتي الإحالة وفقاً لهذه المادة كأثر إجرائي للدفع بعدم الاختصاص , يتخذ بقرار من المحكمة التي تنظرالدعوى بناء على قرارها بعدم الاختصاص , حيث أن الإحالة واجبة على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها سواء كان عدم الاختصاص هذا, وظيفيا أو نوعيا أو قيميا أو مكانيا.

تعريف الفقهة للإحالة

وقد عرف بعض الفقهاء وشُراح قانون المرافعات المدنية العراقي الإحالة : بأنها قرار تتخذه المحكمة بناء على عدم اختصاصها بنظر الدعوى , لا يقبل الطعن به بطريق التمييز.

 وعرف البعض الآخر الدفع بالإحالة بأن المقصود به هو منع المحكمة من الفصل في

الدعوى المطروحة أمامها وإحالتها إلى محكمة أخرى.

ــ يؤخذ على هذا التعريف الأخير إنه لا ينسجم مع ما جاء به نص المادة ٧٨ من قانون المرافعات المدنية العراقي بخصوص الإحالة , حيث أن  المادة المذكورة ا لم تصف لإحالة بأنها دفع , لأن الدفع :  هوما يعترض به الخصم على الحق المطلوب حمايته,عن طريق إنكار أو تأكيد واقعة تؤثر في وجوده أو استحقاقه أو مقداره, بل هي أثر للدفع بعدم الاختصاص.

كما أن الدفع بالإحالة لم يأخذ به المشرع العراقي بل أخذ به المشرع المصري في المادة ١١٢ من قانون المرافعات المدنية , وأيضاً المشرع الفرنسي في المادة ١٠٥ مرافعات.

إن المشرع العراقي لم يذكر تطبيق آخر للإحالة فلا يجوزالتوسع بمفهومها أكثر من كونها قرار تتخذه المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها الوظيفي أوالنوعي أو ألقيمي أو المكاني, ويلاحظ, في هذا الشأن, وجود عدم انسجام أو تناقض بين المواد ٧٨ و٧٩ و ٢١٦ من قانون المرافعات المدنية .

إذ منحت المادة ٢١٦ حق الطعن برفض الإحالة لعدم الاختصاص القيمي والمكاني , من قبل المحكمة المحال عليها الدعوى , في حين إن المفهوم من المادة (٧٩ (منه والتي تنص على إنه : ” إذا رأت المحكمة المحالة عليها الدعوى إنها غير مختصة بنظرها فيكون قرارها قابلا للطعن تمييزاّ)”.

إنها لم تحدد نوع معين من الاختصاص , أي إنها تشمل كل أنواع الاختصاص , وهي أتت بأثر المادة ٧٨ مرافعات , إلا إن ما جرى عليه التطبيق العملي في المحاكم هو الأخذ بالطعن برفض الإحالة لكل أنواع الاختصاص استنادا للمادتين المذكورتين.

 وكذلك لم يتطرق المشرع المصري إلى تعريف الإحالة , رغم النص عليها في عدة مواد من قانون المرافعات النافذ رقم ١٣ لسنة١٩٦٨ ومنها المادة ١١٠ مرافعات.

ويقصد بالمحكمة المشار إليها في المادة أعلاه أي محكمة سواء كانت درجة أولى أو ثانية , ولكن بشرط أن تكون الإحالة بين المحاكم من نفس الدرجة , من أول درجة إلى أول درجة , ومن محكمة استئناف إلى محكمة استئناف.

 وتقابل هذه المادة من قانون المرافعات المصري المادة ٧٨ من قانون المرافعات العراقي, إلا إنه مما يلاحظ , هنا ,إنها تضمنت ثلاثة أمور لم ترد في المادة ٧٨ وهي:

١ ــ  نصت المادة(١١٠ (من قانون المرافعات المصري على إحالة الدعوى بحالتها .أي إن الإجراءات المتخذة في الدعوى قبل إحالتها تبقى مرعية لدى المحكمة المحال عليها, والأخيرة تكمل من النقطة التي انتهت عندها الدعوى قبل الإحالة, وهي وجوبية على المحكمة وليست جوازية. وهذا ما سار عليه القضاء المصري.

٢ ــ  إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها فإنه يجوز لها أن تفرض غرامة على المدعي, كونه اختار المحكمة غير المختصة , وتعتبر هذه الغرامة جزاء لمخالفة قواعد الاختصاص.

٣ ــ  تلتزم المحكمة المحالة عليها الدعوى بنظرها, وهذه الفقرة استحدثت بموجب القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٢, والذي جعل فيها الإحالة وجوبية بعد الحكم بعدم الاختصاص , وكذلك فرض الإحالة على المحكمة المحالة عليها الدعوى, لكي تكون هناك محكمة تنظر النزاع ، وتلافي حصول تنازع سلبي في الاختصاص, حتى لو كان الحكم صادراً من محكمة تابعة لجهة قضائية أخرى.

 ــ الجدير بالذكر أن الإحالة في ظل قانون المرافعات المصري كانت تقتصر على عدم الاختصاص المكاني والنوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة , ولا يمتد إلى عدم الاختصاص المتعلق بانتفاء الوظيفة القضائية , إلا بنص خاص .

وقد تم تعديل المادة 110 من قانون المرافعات المصري لتشمل الإحالة لعدم الاختصاص الوظيفي والنوعي والمكاني وألقيمي, حيث كان العمل يجري برد المحكمة للدعوى وعدم إحالتها إذا تعلق عدم الاختصاص بالوظيفة وبذلك تضيع جميع الإجراءات المتخذة , ويستوجب الأمر, هنا , رفع دعوى جديدة وبرسوم جديدة , وما يترتب على ذلك من هدر بالمال والوقت والجهد.

،، قام المشرع المصري بتنظيم أربعة أسباب للإحالة في قانون المرافعات المصري , وهي:

١ ــ الإحالة لعدم الاختصاص الواردة بالمادة( ١١٠ (من قانون المرافعات المصري, وهذا السبب بالإحالة يقابل ما ورد في المادة ٧٨ من قانون المرافعات المدنية العراقي.

٢ ــ الإحالة بسبب اتفاق الخصوم والواردة بالمادة ١١١ مرافعات, وهذه الحالة لم ينظمها المشرع العراقي , رغم إن قانون المرافعات المدنية العراقي أجاز بالمادة ٣٧ مرافعات, الاتفاق بين الخصوم على المحكمة المختصة بنظر الدعوى , والمقصود هو إقامة الدعوى ابتداء أمام المحكمة المتفق عليها إذا لم توجد مخالفة لقواعد الاختصاص , أما بعد إقامتها فلم ينظم قانون المرافعات إحالة الدعوى بناء على اتفاق الخصوم .

٣ ــ الإحالة بسبب توحيد دعويين , وهذه الإحالة تسمى الدفع بالإحالة وفق المادة(١١٢(منه, وهي تقابل نص المادة ٧٦ من قانون المرافعات المدنية العراقي التي تنص على أنه:

 “لايجوز إقامة الدعوى الواحدة في أكثر من محكمة واحدة , فإذا أقيمت في أكثر من محكمة اعتبرت الدعوى المقامة أولا وأبطلت العريضة الأخرى”.

وما فعله المشرع العراقي بشأن عذة المادة رقم ٧٦ من قانون المرافعات المدنية , يؤدي الي اعتماد مبدأ الإحالة لغرض توحيد دعويين.

أما ورد في قانون المرافعات المدنية المصري , يؤدي إلى استغلال الجواز القانوني بإقامة عدة دعاوى أمام محاكم مختلفة وما يرافق هذا من إرباك في جانب الدفاع , وإرهاق غير مبرر للمدعى عليه , كذلك يؤدي إلى زيادة عدد الدعاوى زيادة غير مبررة , وأن موقف القانون العراقي , فضلاً أنه يؤدي إلى وضع حد لسوء النية لدى مقيم الدعوى أمام محكمة أخرى وهو يعلم بوجود دعوى مقامة أمام محكمة مختصة , فأن دعواه الأخرى مصيرها الإبطال.

٤ ــ الإحالة بسبب الارتباط لغرض تجميع الطلبات المرتبطة أمام محكمة واحدة للفصل فيها بخصومة واحدة وفقاً لنص المادة ١١٢ مرافعات. وهي تقابل ما ورد بالمادة ٧٥ من قانون المرافعات العراقي – والتي نصت على إنه: “إذا تبين للمحكمة أن للدعوى ارتباطاً بدعوى أخرى فلها أن تقرر توحيد الدعويين وترسل اضبارة الدعوى”.

تعرف الفقهاء المصريين للإحالة

ــ عرف الفقهاء المصريين الإحالة في لغة الإجراءات بأنها تعني: ( نقل الدعوى من المحكمة التي رفعت إليها ابتداء , إلى محكمة أخرى تابعة لنفس الجهة , أو تابعة لجهة.

مفهوم الإحالة في قانون المرافعات الفرنسي

ــ أما قانون المرافعات الفرنسي النافذ رقم ١١٢٣ لسنة ١٩٧٥ فقد تناول في المادة

٩٦ مرافعات موضوع الإحالة لعدم الاختصاص, وأوجب على القاضي تحديد المحكمة المختصة , وعندها يفرض حكم الإحالة عليها وعلى الخصوم.

 ونحن رى أن الإحالة بحسب القانون العراقي ,  تعرف بأنها أثر إجرائي وجوبي على

المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى , ويتضمن تحويل اضبارة هذه الدعوى من المحكمة التي تنظرها, والتي تسمى المحكمة المحيلة , إلى محكمة أخرى تسمى المحكمة المحالة عليها الدعوى, والتي ترى المحكمة المحيلة إنها مختصة بنظرها.

 وما يؤخذ على المادة ٧٨ من قانون المرافعات المدنية العراقي انه جاء فيها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة-“

ــ وهذا يعني أن المحكمة المحالة عليها الدعوى تكون فعلا مختصة بنظرها , ولكن مع هذا فإن الأخيرة غير ملزمة بالإحالة, ولها رفضها , فكيف تكون مختصة حسب المادة أعلاه, وعليه نتمنى على مشرعنا العراقي تعديل النص المذكور بما يتضمن أحد أمرين :

 “أما أن تلزم المحكمة المحالة عليها الدعوى بنظرها ــ أو أن تغير العبارة من مختصة إلى “التي تراها مختصة؟”.