83 / 100

السن المناسب لزواج الصبي والصبية

5 زواج القاصرات بين التجريم والإباحة والعقاب ..  شروط يجب توافرها فى زواج الصبي والصبية إذ أصبحت ظاهرة زواج القاصرات ظاهرة اجتماعية ..  من أجل ذلك تسلط «الناس والقانون» الضؤ علي «أهم مشاكل زواج القاصرات وما هي السن المناسب لزواج الصبي والصبية» حيث إشترط المشرع المصري في الزواج القانوني الشرعي بلوغ الزوجين سن 18 سنة كاملة كشرط أساسي لإثبات الزواج وليس لإنعقاده أو صحته.. حيث يوجد فراغ تشريعى لمكافحة الجريمة.. وعند عرض مشروع قانون حكومى لحظر زواج الأطفال قوبل بالرفض من النواب مما أثار تساؤلاً حول ما إذا كان زواج القاصرة التي لم تبلغ من العمر 18 سنه يعد جريمة من عدمة؟.  .. بقلم الخبير القانوني المستشار « أشرف فؤاد » المحامي بالنقض.

زواج-القاصرات-بين-التجريم-والإباحة-والعقاب
زواج-القاصرات-بين-التجريم-والإباحة-والعقاب

يقول « أشرف فؤاد » أن هناك ثلاث جرائم قد تكون مرشحة للتطبيق وهي هتك العرض والاغتصاب والاتجار بالبشر، ومن المعلوم أن كل اغتصاب لأنثي من خلال ايلاج ذكر لقضيبه في فرجها يشتمل بالضرورة علي هتك لعرضها، كما أن المشرع يعاقب علي الاستغلال الجنسي للأطفال، ويشدد العقاب متى وقعت الجريمة بموافقة ولى أمر الطفلة. 

تري مدونتكم الناس والقانون – People & Law أن أفضل سن للزواج الناجح للمرأة والرجل هو سن ما بين 25 و32 عاما، فيؤكد « أشرف فؤاد »أن الأشخاص الذين يتزوجون دون سن العشرين هم الأكثر عرضة للخلافات الزوجية وخطر الطلاق في السنوات الخمس الأولى من زواجهم، فتصل النسبة تقريباً نحو 32 في المائة، بينما الأشخاص الذين يتزوجون في عمر يتراوح بين 20 و24 عاما، تكون احتمالية الطلاق عندهم 20 في المائة فقط، وتقل نسبة الخلافات الزوجية ومختطر الطلاق كلما زاد سن الزواج.

وهو ما أكده الباحثون، المنتمون لجامعة ولاية يوتاه الأميركية، فقد قاموا بجمع بيانات عدد كبير من الأشخاص من المسح القومي لنمو الأسرة، في الفترة بين عامي 2006 و2010، وبحث معدلات الطلاق التي تحدث في الأعمار المختلفة.

فقد وجد باحثوا جامعة ولاية يوتاه الأميركية أن أفضل سن للزواج الناجح هي ما بين 25 و32 عاما، مؤكدين أن الأشخاص الذين يتزوجون تحت سن العشرين هم الأكثر عرضة لخطر الطلاق في السنوات الخمس الأولى من زواجهم، بنسبة تقدر بنحو 32 في المائة، بينما الأشخاص الذين يتزوجون في عمر يتراوح بين 20 و24 عاما، تكون احتمالية الطلاق عندهم 20 في المائة فقط.

 أما أولئك الذين يتزوجون في سن تتراوح بين 25 و29 عاما، فتكون احتمالية الطلاق عندهم 15 في المائة فقط، وتقل هذه النسبة إلى 14 في المائة لأولئك الذين يتزوجون في عمر يتراوح بين 30 و34 عاما.

وأوضحت الدراسة أن الأشخاص الذين يتزوجون بعد سن 34 عاما تصل احتمالية الطلاق والمشكلات الزوجية لديهم إلى 19 في المائة.

وقال هـؤلاء الباحثون إنه في حين لا يوجد سبب واضح عن ارتفاع معدلات الطلاق بعد سن 34 عاما، إلا أنهم يعتقدون أن السبب في ذلك يرجع إلى السمات الشخصية لأولئك الذين يختارون الانتظار لهذه السن دون زواج، وأوضحوا أن أولئك الأشخاص ربما لا يستطيعون إقامة علاقات جيدة مع الأشخاص، ولا يسهل التعامل معهم، وبالتالي فإنهم يتأخرون في الزواج، لأنهم لا يستطيعون العثور على أي شخص يرغب في الزواج بهم.

ظاهرة زواج القاصرات ظاهرة اجتماعية

أصبح زواج القاصرات ظاهرة اجتماعية لها العديد من الآثار السلبية على الأسرة والمجتمع على حد سواء، لأن في هذه المرحلة العمرية يكون الفتى أو الفتاة فى السن الصغيرة يكونان غير مهيئين من الناحية النفسية والثقافية والعقلية والجسدية، كى تقوم الزوجة بمسئولية بيت وزوج وتربية أطفال، فتتحمل عبئا لا قدرة لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقا، فمثل هذا الزواج يُعد اغتصابا للحق فى الطفولة واعتداء صارخاَ على كرامة الطفل فهو من باب فقر الأخلاق بل يمثل جريمة مكتملة الأركان فى حق بناتنا والمجتمع بأكمله.

زواج القاصرات بين التجريم والإباحة      

في التقرير التالى، يلقى “برلماني” الضوء على إشكالية زواج القاصرات بين التجريم والاباحة، فمن الثوابت القانونية أن رضا المجني عليها أو ولى أمرها بالاستغلال الجنسي لا يمنع من قيام جناية الاتجار بالبشر طبقا للمادة 3 من القانون رقم لسنة 2010.

كما أنه بمفهوم المخالفة لنص المادة 267 من قانون العقوبات يمنع هذا الرضا من قيام جريمة الاغتصاب بغض النظر عن سن الفتاة أي ولو كانت قاصرة، ولكن هذا الرضا لا يعتد به في اباحة هتك العرض وفقا للمادتين 268 و 269 عقوبات إلا إذا كان سن المجني عليها 18 سنه، أما أن كان سنها أقل فإن رضاها يكون غير معتبر، وبالتالي فإن من يواقع انثي لم تبلغ 18 عاما برضاها لا يعاقب عن اغتصاب بل هتك عرض – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق. 

هل تملك أن تبيح عرضها كله للغير من خلال الإيلاج الكامل؟

في البداية – فإن الأنثي طبقا للقانون مهما كان سنها تملك أن تبيح عرضها كله للغير من خلال الإيلاج الكامل ولكنها لا تملك مجرد المساس بجزء منه يعد عورة طالما لم تبلغ 18 سنه كاملة ثم أنه طبقا لقانون الاتجار بالبشر لا يعتد بهذا الرضا مطلقا، وهو وضع قانوني شاذ ترتب عليه إشكالية كبري عند تزويج القاصرات.

إذ أن من يتزوج بقاصرة لا يرتكب جريمة اغتصاب لأن رضاها يكون مانع من قيام الجريمة، ولكن لا يحول دون معاقبة الزوج عن هتك العرض، لأن رضاها غير معتبر، وهي نتيجة علي شذوذها كان من اللازم البحث عن حل لها، كما أن البعض ذهب إلى أن تزويج الصغيرة نوع من الاتجار بالبشر، ومن هنا يثور التساؤول هل الزواج من قاصرة لم 18 عشر سنه يعتبر سبب لإباحة المساس بعرضها حائلا دون قيام جريمة هتك العرض أو الاتجار بالبشر؟ – وفقا لـ”فاروق”.

تكييف الجريمة بين الاغتصاب وهتك العرض والإتجار بالبشر

هناك من يقول بذلك لأن الزوج حين يواقع زوجته القاصرة يستخدم حق مقرر بمقتضي الشريعة بناء علي عقد الزواج لأن الزواج عقد يحل بمقتضاة للزوج أن يطأ زوجته، ومن باب أولي ماهو أقل من الوطء كالمساس بالعورات، وطبقا لنص المادة 60 عقوبات لا جريمة ولا عقوبة علي من استخدم حق مقرر بمقتضي الشريعة أو بالأحري القانون.

وهناك من يقول بالعكس لأن القانون حدد سن الزواج وجعله 18 سنه، فيبطل العقد إذا كانت الزوجة أقل من تلك السن، وبالتالي لا يعد مساس الزوج بعرضها حق مقرر بمقتضي الشريعة، وذلك بمقتضي المادة 7 مكرر من القانون رقم 129 لسنه 2008 بتعديل بعض أحكام قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 التي نصت علي أن لايجوز توثيق عقد الزواج لمن لن يبلغ من الجنسين 18 سنه ميلادية كاملة – الكلام لـ”فاروق”.

محكمة النقض المصرية ورأيها في زواج القاصرات                                                                           

ذهبت محكمة النقض المصرية ضمنا إلي الرأي الأول في الطعن المقيد برقم 20395 لسنة 86 جلسة 28 يوليو 2018 – إلي أن :

عقد الزواج ولو كان عرفيا يحول دون معاقبة الزوج عن هتك عرض زوجته القاصرة التي لم تبلغ 18 سنه كاملة، وذلك في واقعة اتهم فيها شخص بأنه هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ من العمر 18 سنة بغير قوة أو تهديد بأن وطأها في فرجها، وبجلسات المحاكمة تمسك دفاع المتهم بأن المجني عليها زوجة له، واشهد علي ذلك شاهدين قررا بزواجهما عرفيا غير أن محكمة الجنايات التفت عن هذا الدفع ايرادا وردا وجعلته نسيا منسيا، فطعن الزوج في هذا الحكم  للإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون، لأن عقد الزواج ولو كان عرفيا يخول للزوج أن يطأ زوجته وإن صغر السن لا يبطل الزواج وإن كان من الممكن أن يجعله فاسدا.

ووفقاً لهذا الرأي الأول ألغت محكمة النقض حكم قاله:

“لما كان مدار الاتهام أن الطاعن هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ من العمر 18 عاما بغير قوة أو تهديد بأن أولج قضيبه في فرجها، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه متزوج من المجني عليها عرفيا واشهد علي ذلك شاهدين استمعت إليهما المحكمة، ورغم ذلك قضت بالإدانة دون تعرض لهذا الدفاع الجوهري ايرادا وردا حال أنه لو صح لتغير به وجه الرأي فيها، مما كان يوجب على المحكمة تحقيقه أو الرد عليه بما ينفيه، أما وأنها لم تفعل فإن ذلك مما يعيب حكمها بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ويوجب نقضه والإعادة.

القانون المصري اشترط بلوغ الزوجين سن 18 سنه ميلادية كشرط لإثبات الزواج وليس لإنعقاده أو صحته

وهذا القضاء صحيح لأن ما اشترطه القانون من بلوغ الزوجين سن 18 سنه ميلادية هو شرط لإثبات الزواج وليس لإنعقاده أو صحته، ولهذا كان عقد زواج القاصرة تحل به المعاشرة الجنسية، إذ من المعلوم أن الزواج الباطل هو الزواج الذي فقد ركن من أركانه أو شرطا من شروط انعقاده وهو زواج معدوم لا يوجد به العقد ولا يرتب أي أثر من آثار عقد الزواج.

ولكن تثبت به حرمة المصاهرة فقط، أما الزواج الفاسد عند الأحناف فهو الزواج الذي توافرت أركانه وشروط انعقاده، ولكن فقد شرطا من شروط الصحة والزواج الفاسد قبل الدخول كالباطل أما إذا حدث دخول فإنه يجب التفريق، ولكن يترتب عليه وجوب الأقل من المهر المسمى، ومهر المثل وتثبت به حرمة المصاهرة ويثبت به النسب وتجب العدة علي المرآة، ومن ثم كان السن ليس من شروط الانعقاد ولا الصحة – طبقا لـ”فاروق”.  

القانون المصرى رقم 64 لسنة 2010  بشأن الاتجار بالبشر

إن القانون المصرى رقم 64 لسنة 2010  بشأن الاتجار بالبشر ذهب إلى:

” اعتبار “الزواج المبكر” حالة من حالات “الاتجار بالبشر” تصل عقوبتها للسجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه متى كان الجانى هو المسئول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات وذلك فى قراءة خاطئه لهذا القانون بسند أن نص  المادة (2) منه قررت أنه يعد مرتكبا لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي.

بما في ذلك الإستخدام بقصد الاستغلال الجنسي وما تضمنته المادة (3) من أنه لا يعتد برضاء المجني عليه على الاستغلال ولا برضاء المسئول عنه أو متوليه، ورصد عقوبة السجن المشدد الذى يرتفع إلى المؤبد عند المخالفة إذا كان الجاني زوجا للمجني عليه أو من أحد أصوله أو فروعه أو ممن له الولاية أو الوصاية عليه أو كان مسئولا عن ملاحظته أو تربيته أو ممن له سلطة عليه.”

ويقول أشرف أن من أبرز مشاكل زواج القاصرات أن يتم بيع الفتيات للأثرياء العرب فى موسم الصيف، ويتقاضى “ولىّ الأمر” ثمن بكارة ابنته وعذريتها، ويبيع شرفه فى “سوق نخاسة مودرن”، وتتم الجريمة بأوراق وعقد زواج عرفى يتولاه أحد المحامين ثم ينتهى الصيف، وتعود الصبية باردة فى بطنها “نطفة” من أب لا تعرف عنوانه أو طريق بلده ولا تملك “تأشيرة” الدخول إليها، فإما أن تلد البنت فى الشارع لتفرز لنا “طفل شارع”، أو تكتمل الجريمة حين يُكتب الطفل باسم والدها، وهو خلط واضح للأنساب.   

القاصر تمنع من قيادة سيارة فهل يسمح لها بقيادة أسرة

ويضيف أشرف إلي أنه قانونا ليس من حق القاصر قيادة سيارة ولا فتح حساب مستقل فى البنك، وأنها تحتاج فى تعاملاتها إلى “ولى شرعى” ولا تملك حق البيع والشراء إلا تحت وصايته، فكيف يطلب منها أن تقود “أسرة” وتربى أطفالاً، علاوة على خطورة الحمل أصلاً على رحمها الذى لم يكتمل نموه، كيف يطلب من هذه الصبية أن تتجرد من ملابسها أمام وحش بشرى تفاصيل جسده تنذر باقتحامها، ونهش لحمها النيِّئ ليطفئ شهوته باغتيال طفولتها، لينطفئ معها ذلك البريق الذى يشع ذكاءً وبراءة من عيون طفلة ومتى فُتحت أسواق النخاسة فى بلادى؟  

ويري أشرف أن قانون الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 لا ينطبق على حالة زواج القاصرات أو بالأحرى الطفلة التى لم تبلغ 18 سنه ميلادية لاسيما أن كان الجانى أصل للطفلة ووافق علي الزواج، وربما أن الذي اورث اللبس لدى الرأى المنتقد النص على رفع العقوبة إلى السجن المؤبد إذا حدث الاستغلال الجنسي برضا ولى أمر الطفلة.

غير أن هذا التشديد لا دلالة له على انطباق قانون الاتجار بالبشر على تزويج الصغيرة، إذ تخرج زيجات القاصرات من دائرة الاستغلال الجنسي ولو تم بمقابل فى صوره مهر أو هدية، إذ عقد الزواج ولو كان عرفيا يبيح الوطء، وبالتالى لا يعد من قبيل الاستغلال ثم أن المادة 61 عقوبات تبيح الفعل أن تم استعمالا لحق مقرر فى الشريعة والزواج من الحقوق الشرعية، وأن كان جمهور علماء المسلمين قد ذهبوا إلى صحة تزويج القاصرات متى بلغنا الحلم فلا يستقيم مع ذلك تجريم تلك الزيجات.  

مشروع قانون حظر زواج الأطفال

ومما يؤكد هذا النظر أن اللجنة التشريعية فى البرلمان تجرى مناقشة قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل، والقانون رقم 118 لسنة 1952 بتقرير حالات لسلب الولاية على النفس، والقانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية والمعروف بمنع زواج الأطفال، وتضمّن مشروع القانون فصلاً بعنوان “حظر زواج الأطفال”، يتضمن مادة نصها كالآتى:

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من زوّج أو شارك فى زواج طفل أو طفلة لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره وقت الزواج ويعاقب بذات العقوبة كل شخص حرر عقد زواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة فى القانون ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم بالإضافة إلى إلزام (المأذون) بإخطار النيابة الواقع فى دائرتها مقر عمله عن واقعات الزواج العرفى الذى أحد طرفيه طفل، والتى يقوم بالتصديق عليها، مرفقاً بالإخطار صورة عقد الزواج العرفى وتفاصيله، ونص القانون على الثالثة بمعاقبة المأذون إذا لم يخطر النيابة بالواقعة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة والعزل“.   

اعتراض أعضاء المجلس كون مشروع القانون مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية   

ولقد اعترض كثرة من أعضاء البرلمان على هذا القانون لمخالفته أحكام الشريعة الإسلامية التى  يجوز زواج البنت فى أى سن، واقترح البعض الآخر رفع السن إلى 15 سنه، لأن سن 18 سنه فيه تزيد إذ البلوغ الحقيقى يبدأ من 15 سنه.

كما استنكر البعض “رفض زواج من هم أقل من 18 سنة بعقد شرعى، ثم نوافق فى ذات القانون على إثبات الزواج العرفى أو الزنا إذا نتج عنه حمل سفاح”، غير أن هذا الاقتراح لم ير النور بعد إذ اكتفى المشرع بإضافة المادة 7 مكرر من القانون رقم 129 لسنة 2008 بتعديل بعض احكام قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 التي نصت علي أن لايجوز توثيق عقد الزواج لمن لن يبلغ من الجنسين 18 سنه ميلادية كاملة.   

والواقع أن ظاهرة الزواج العرفى القاصرات هي ظاهرة اجتماعية لها كثير من الآثار السلبية على الأسرة والمجتمع حيث إن الفتاة في هذه المرحلة العمرية، وهي مرحلة الطفولة تكون غير مهيأة من الناحية النفسية والعقلية والثقافية والجسدية لتقوم بمسئولية إدارة بيت ورعاية زوج وتربية أطفال، فتتحمل عبئًا لا قدرة لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقًا، فمثل هذا الزواج يعد اغتصابًا للحق في الطفولة، واعتداءً صارخًا على كرامة الطفل فهو من باب فقر الأخلاق، بل يمثل جريمة مكتملة الأركان في حق الأطفال القاصرات.

الزواج العرفى للأطفال القُصر يتعارض مع الدور الحمائى للمرأة

كما أن الزواج العرفى للأطفال القُصر يتعارض مع الدور الحمائى للمرأة، ويبنى زواجها على جرف هار ينهار بها وبأسرتها حال مواجهتها أنواء الحياة، ويزيد الأمر صعوبة حال حملها فتعرض حياتها وجنينها لمخاطر صحية قد تودى بها أو بطفلها أو بهما معًا إلى الهلاك، ثم هى وزوجها القاصر من بعد ليسا على دراية بتربية هذا الطفل ورعايته وهما اللذان في حاجة إلى تربية ورعاية.

فضلا عن ذلك فإن لزواج القصر أثاره الاجتماعية الخطيرة كالتسريب من التعليم وتفشى الأمية وتدنى الصحة الإنجابية بما ينعكس أثره على ذرية هذا الزوج، ويمتد هذا الأثر ليؤثر على سلامة المجتمع في جوانبه الأسرية والصحية والتعليمية وهى آثار تترك ندوبها على وجه المجتمع سنين عددا ويغدو اصلاحها من الصعوبة بمكان.

ولهذا يجب مواجهتها ويقع على وسائل الإعلام التى تخاطب الشأن العام عبء كبير بالتعاون مع رجال الدين في التوعية السليمة لبيان مخاطرها والآثار النفسيّة السلبية لزواج الأطفال القصر بالحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من التمتع بمرحلة الطفولة التي إنمرّت بسلام، تكبر الطفلة لتصبح إنسانة سويّة في مجتمعهالذا فإن حرمانها من الاستمتاع بهذه يفضي الي اضطرابات الشخصيّة واضطرابات في العلاقات الجنسيّة بين الزوجين، بفعل عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة، مما ينتج عنه عدم نجاح هذه العلاقة.

المشرع حتي الآن لا يعاقب علي تزويج القاصرات في حد ذاته وهو أمر بات ضروري ويلح عليه منذ فترة لما في هذا الزواج من اغتصاب لطفولتهم، وإنما عاقب المشرع فحسب علي الأدلاء ببيانات غير صحيحة عن بلوغ  سن القاصرة العمر المحدد للزواج أمام السلطة المختصه بضبط وتوثيق عقد الزواج متي وثق العقد بناء علي تلك البيانات وهو أمر غير متصور حدوثة في الزواج العرفي إذ نصت المادة 227 من قانون العقوبات على:

أن يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على 300 جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقاً، كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق، ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على 500 جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون“.

وفى غضون 5 يناير من العام 2018، قضت المحكمة الإدارية العليا، فى أشهر قضية تزويج الأطفال بفصل إمام وخطيب مسجد بالغربية كان يزوج الأطفال القصر عرفياً بإحدى قرى الريف بمحافظة الغربية، بعد أن بادرت وزارة الأوقاف إلى إحالته للنيابة الإدارية تمهيدا لمحاكمته تأديبيا، حيث أكدت المحكمة فى حيثيات حكمها على أن لإمامة المسجد منزلة عظيمة فى تبصير وسطية الإسلام لصلاح الوطن والمواطن لا تزويج الأطفال القصر.