تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأن مشروع القانون الخاص بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية، والاثبات فى المواد المدنية والتجارية والعقوبات والاجراءات الجنائية، وحالات اجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ورسوم التوثيق والشهر

أحال السيد رئيس الجمهورية الى مجلس الشورى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية، والاثبات فى المواد المدنية والتجارية, والعقوبات, والاجراءات الجنائية، وحالات اجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ورسوم التوثيق والشهر.
وبتاريخ ٣١ مارس ١٩٩١، أحال السيد الأستاذ الدكتور رئيس المجلس المشروع السالف الى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لدراسته واعداد تقرير عنه يعرض على المجلس.
وقد عقدت اللجنة أربعة اجتماعات مطولة حضر أحدها السيد المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل، وحضر باقيها السادة المستشارون الدكتور فتحى نجيب وكيل وزارة العدل لشئون التشريع، ورفيق الدهشان وعبد الرحيم عامر ممثلين لوزارة العدل.
وقد تدارست اللجنة فى هذه الاجتماعات أحكام المشروع المعروض ومذكرته الايضاحية، واسترجعت أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨، وقانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٨، وقانون العقوبات رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧، وقانون الاجراءات الجنائية رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠، والقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ فى شأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض، والقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ فى شأن رسوم التوثيق والشهر. وما طرأ على هذه القوانين من تعديلات.
وتتشرف اللجنة بأن تورد فيما يلى تقريرها بنتيجة دراستها لأحكام المشروع المعروض:
من أهم ما تحرص عليه الدولة، فى ظل سيادة القانون، كفالة حق التقاضى للمواطنين كافة، وتبسيط اجراءاته، والعمل على تحقيق عدالة سريعة ميسرة، تكفل وصول الحقوق لأربابها فى غير عنت، أو مشقة أو ارهاق. وقد صدر قانون المرافعات المدنية والتجارية المعمول به حاليا منذ أكثر من عشرين عاما، وبرغم ما استحدثه هذا القانون من وجوه الاصلاح والتيسير، وما أدخله من تعديلات على القانون السابق عليه والصادر سنة ١٩٤٩، فان اجراءات الخصومة أمام القضاء ما تزال تتسم بالبطء فى بعض مراحلها، وما يزال القضاء مرهقا بفضول من الاجراءات ينبغى اختزالها والتخفف منها توفيرا للجهد والوقت، وتحقيقا لسرعة البت فى المنازعات. يضاف الى ذلك ما جد خلال السنوات العشرين الأخيرة من تغيرات اقتصادية انعكس آثرها على بعض أحكام هذا القانون، وما أظهره التطبيق العملى لنصوصه من أوجه النقص والقصور التى ينبغى سرعة العمل على علاجها. ومن أجل ذلك تقدمت الحكومة بمشروع القانون المعروض الذى يكفل تحقيق المزيد من الخطوات فى سبيل التعجيل بحسم المنازعات وازالة بعض المعوقات الاجرائية التى تطيل أمد الخصومة القضائية، وعلاج ما كشفت عنه التجربة من ثغرات فى القانون القائم.
وقد اقتضى تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية اعادة النظر فى بعض النصوص المتصلة به فى قوانين أخرى رؤى أن يشملها التعديل حتى يأتى المشروع مكتملا، ومحققا للغرض المنشود منه، دون حاجة لتعديل هذه النصوص بقوانين متفرقة مستقلة.
وفيما يلى بيان بأهم الخطوط الرئيسية والأهداف العامة للمشروع:
أولا –
الاختصاص القيمى للمحاكم الجزئية والابتدائية
:
يقوم المعيار الرئيسى لتوزيع الاختصاص بين المحاكم الجزئية والمحاكم الابتدائية على أساس قيمة الدعوى، اعتبارا بأن هذه القيمة تمثل مدى حجم النزاع وأهميته. وبناء على ذلك جرت نصوص قانون المرافعات الحالى على أن تختص المحكمة الجزئية بالفصل ابتدائيا فى الدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسمائة جنيه، ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز خمسين جنيها، بينما تختص المحكمة الابتدائية بجمع الدعاوى التى ليست من اختصاص المحكمة الجزئية، ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز خمسمائة جنيه (المادتان ٤٢، ٤٧).
وقد ترتب على ما طرأ من انخفاض كبير على قيمة العملة فى السنوات العشرين الأخيرة ان اختل هذا المعيار وأصبح بعيدا عن الواقع، فازدحمت المحاكم الابتدائية بكثير من القضايا التى تعتبر قليلة الأهمية والتى كان ينبغى أن تكون أصلا من اختصاص المحاكم الجزئية. تضاعف على المحاكم الابتدائية عبء نظر استئناف القضايا التى تزيد قيمتها على خمسين جنيها.
وقد تصدى المشروع المعروض لعلاج هذا الوضع بما يتمشى مع الواقع، ويتناسب مع ما طرأ من انخفاض كبير على قيمة العملة، فرفع النصاب الابتدائى لاختصاص المحكمة الجزئية الى خمسة آلاف جنيه بدلا من خمسمائة جنيه، كما رفع النصاب الانتهائى (أى الذى لا يقبل الاستئناف) لهذه المحكمة الى خمسمائة جنيه بدلا من خمسين جنيها.
لا شك أن هذا التعديل فى الاختصاص يحقق فائدتين على درجة كبيرة الأهمية:
أولاهما: تخفيف العبء عن المحاكم الابتدائية بما يجعلها تتفرغ للقضايا كبيرة القيمة، ويمكنها من الاسراع فى نظرها والفصل فيها.
الفائدة الثانية: هى التيسير على المتقاضين، وتجنيبهم مشقة الانتقال الى المحاكم الابتدائية (التى لا توجد الا فى عواصم المحافظات) وذلك بتوسيع اختصاص المحاكم الجزئية القريبة من مواطنهم ليشمل اختصاصهم كثيرا من القضايا التى تدخل الآن فى اختصاص المحاكم الابتدائية، وهو ما يحقق المبدأ الذى نصت عليه المادة ٦٨ من الدستور من تقريب جهات القضاء من المتقاضين.
ثانيا –
زيادة الغرامات والكفالات
:
لم يقف ما طرأ من تغيير فى قيمة العملة عند التأثير على قواعد توزيع الاختصاص بين المحاكم الجزئية والابتدائية. وإنما انعكس أثره انعكاسا شديدا شديدا على كثير من أحكام قانون المرافعات، وفى مقدمتها الأحكام الخاصة بالغرامات التى خول القانون للمحاكم توقيعها على الخصوم الذى يتراخون فى تنفيذ الاجراءات التى يتطلبها القانون أو تأمر بها المحكمة، أو يعمدون الى تعطيل السير فى الدعوى، وكذلك الكفالات التى فرضها القانون ضمانا لجدية بعض الاجراءات، حتى فقدت هذه الغرامات والكفالات الأثر المنشود منها فى ضمان حسن سير العدالة والاسراع بالبت فى المنازعات.
بل لقد أدى ما انتهت اليه هذه الغرامات من ضآلة القيمة، الى تشجيع بعض العابثين والمماطلين من الخصوم الى تعمد تعطيل السير فى الدعوى فى مقابل تحمل هذه الغرامات غير المؤثرة.
ويكفى أن تقدم اللجنة بعض الأمثلة البارزة على ذلك. منها ما يلجأ اليه بعض الخصوم من اشارة ادعاءات غير جدية بتزوير بعض المستندات التى يقدمها الطرف الآخر، فيستطيعون بذلك تعطيل نظر الدعوى شهورا طويلة حتى يتم تحقيق الادعاء بالتزوير، وهو تحقيق طويل ومتعدد الاجراءات. فاذا قضى فى النهاية برفض الادعاء بالتزوير، فان المحكمة تحكم على مدى التزوير بغرامة تتراوح بين ٢٥ جنيها ومائة جنيه (مادة ١٥٦). وهو مبلغ أصبح ضئيلا بعد انخفاض قيمة العملة بحيث يلجأ الخصم الى رفعه مختارا راضيا فى سبيل تعطيل الفصل فى الدعوى واضافة شهور طويلة الى عمر النزاع.
كما أن من هذه الأمثلة ما يلجأ اليه بعض الخصوم – اذا أعيتهم الحيل لتأجيل نظر الدعوى – الى رد القاضى عن نظرها لأسباب وهمية أو ادعاءات غير صحيحة، فيصلون بذلك الى وقف السير فى الدعوى حتى يفصل فى طلب الرد. فاذا حكم فى النهاية برفض الرد فأن الغرامة التى تحكم بها المحكمة فى هذه الحالة تتراوح بين عشرين جنيها ومائة جنيه، وقد أدى ضعف هذا الجزاء الى الاسراف فى طلبات الرد غير الجدية التى تعطل سير العدالة، وتسئ الى سمعة القضاء.
هذه الأمثلة وغيرها تقطع بأن الغرامات التى يفرضها قانون المرافعات أصبحت غير مؤثرة ولا تحقق الهدف المقصود منها. لذلك أحسن المشروع صنعا بعلاج هذا الوضع، وزيادة قيمة هذه الغرامات الى عشرة أمثالها. وكذلك زيادة قيمة الكفالات الى خمسة أمثالها (المادة الخامسة من المشروع).
والعلة فى التفرقة بين مقدار الزيادة فى الغرامات ومقدار الزيادة فى الكفالات هى أن الغرامات تعتبر عقوبات مالية ينبغى أن يتحقق فيها معنى الردع، أما الكفالات فهى تأمين لضمان جدية الاجراءات، ولذلك فانها ترد لصاحبها اذا حكم لصالحه.
ثالثا –
نصاب الاثبات بشهادة الشهود
:
وتمشيا مع رفع قيمة المعايير المالية فى القانون، رفع المشروع نصاب المعاملات المالية التى يجوز اثبات المديونية فيها بشهادة الشهود الى مائة جنيه بدلا من عشرين جنيه (المادتين ٦٠، ٦١ من قانون الاثبات).
رابعا –
التقليل من الاعلانات القضائية خلال سير الدعوى
:
اثبتت التجربة أن من الأمور التى تعوق سير الخصومة أمام القضاء وتطيل مدتها، كثرة الاعلانات القضائية التى يتطلبها القانون، وهى اعلانات كثيرا ما ترهق الخصوم، وتقتضيهم الكثير من الجهد والوقت، وتعطل سير الدعوى.
ولا شك أن هناك طائفة من هذه الاعلانات يمكن الاستغناء عنها دون اخلال بالضمانات الأساسية للتقاضى. ومن أجل ذلك اتجه المشروع الى الاستغناء عن اجراء الاعلان القضائى فى بعض الحالات التى لا تقتضيها الضرورة حتى لا يتعطل السير فى الدعوى. ومن أهم هذه الحالات:
١ – حالة وجوب اعلان الخصوم بالأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى، وكذلك بقرارات فتح باب المرافعة بعد حجز الدعوى للحكم.
اذ المفروض أن يتتبع الخصوم الذين حضروا احدى جلسات نظر الدعوى أو قدموا مذكرة فيها، الجلسات التالية لنظرها والحكم فيها، دون حاجة الى اعادة اعلانهم طالما كان سير الجلسات متسلسلا ولم يتخلله أى عطلات. لذلك اعتبر المشروع النطق بالحكم أو بقرار فتح باب المرافعة فى هذه الحالات بمثابة اعلان للخصوم (المادة ١٧٤ مكررا من المشروع)، فلا يلزم اعلانهم الا فى حالة انقطاع تسلسل الجلسات.
٢ – حالة وجوب اعلان المدعى عليه الذى يتخلف عن حضور الجلسة الأولى اذا لم يكن قد أعلن لشخصه (المادة ٨٤ من قانون المرافعات). فقد استغنى المشروع عن هذا الاعلان الثانى فى حالة ما اذا كان المدعى عليه شخصا معنويا، واعتبر اعلان الشخص المعنوى فى مركز ادارته، فى جميع الأحوال، بمثابة اعلان عن شخصه، استنادا الى أن الشخص المعنوى شخص وهمى ليس له كيان مادى مستقل عن شخصيته الاعتبارية. لذلك أضاف المشروع فقرة جديدة الى المادة ٨٤ من قانون المرافعات تقضى بأنه اذا أعلنت صحيفة الدعوى لشخص اعتبارى فى مركز ادارته اعتبر معلنا لشخصه فى تطبيق أحكام هذه المادة.
خامسا –
التوسع فى تطبيق نظام أمر الأداء
:
أدخل نظام أوامر الأداء فى القضاء المصرى سنة ١٩٤٩. وهو نظام مبسط يمكن الدائن بدين ثابت بالكتابة من الحصول من القضاء على أمر بأداء الدين، دون حاجة الى اجراءات التقاضى العادية وما تتطلبه من الجهد والوقت.
وقد حقق هذا النظام نجاحا كبيرا، حيث تدل الاحصاءات على أن الغالبية العظمى من طلبات الأداء قد قبلت، ولم يتم التظلم أمام المحكمة الا فى نسبة قليلة منها، كما أن نسبة الأحكام الصادرة فى هذه التظلمات بالغاء الأمر لا تتجاوز ١١%.
ولا شك أن هذا النجاح، وما ترتب عليه من تقليل المنازعات التى تطرح على القضاء بالاجراءات العادية، يدعو الى توسيع نطاق هذا النظام لذلك اتجه المشروع الى التوسع فى الحالات التى يتبع فيها نظام أمر الأداء بحيث تشمل – الى جانب الديون التى يكون محلها مبالغ نقدية، أو تسليم المنقول المعين بنوعه (المثليات) – حالة طلب تسليم المنقول المعين بذاته، وبذلك يستطيع من يتعاقد على شراء سيارة أو منقولات معينة بذاتها، أن يطالب بتسليمها بنظام أمر الأداء متى توافرت شروطه.
سادسا –
التيسير على الخصوم والتخفيف من بعض الاجراءات
:
تزدحم الخصومة القضائية بكثير من الاجراءات التى قد تطيل أمد النزاع، وتؤخر السير فى الدعوى وترهق كامل الخصوم. لذلك اتجه المشروع الى التخفف من بعض هذه الاجراءات، تيسيرا على الخصوم واقتصادا فى الوقت، وتحقيقا لسرعة البت فى المنازعات، مع المحافظة فى ذات الوقت على ضمانات التقاضى.
ومن هذه الاجراءات ما يوجبه القانون من الحكم بانقطاع سير الخصومة اذا توفى أحد الخصوم أثناء سير الدعوى أو فقد أهليته أو زالت صفته، وما يترتب على ذلك من توقف السير فى الدعوى، حتى يتم تعجيلها باعلان جميع الخصوم بالجلسة الجديدة.
وقد أثر المشروع فى سبيل التيسير على الخصوم، أن يتيح لهم الحق فى طلب تأجيل الدعوى لاعلان من يقوم مقام الخصم الذى توفى أو فقد أهليته أو زالت صفته، بدلا من انقطاع سير الخصومة، وأوجب على المحكمة اجابة هذا الطلب، واتاحة الفرصة أمام الخصوم للقيام بهذا الاعلان، بحيث لا يكون لها أن تقضى بانقطاع الخصومة الا اذا تخلف الخصومة عن القيام بهذا الاعلان فى الأجل الذى تحدده دون عذر مقبول (المادة ١٣٠ من المشروع).
وفى سبيل عدم اطالة أمد التقاضى أتجه المشروع كذلك الى تخفيض مدة وقف الدعوى الجزائى الذى تحكم به المحكمة على المدعى اذا تخلف عن القيام باجراء يوجبه القانون، فجعل هذه المدة ثلاثة أشهر بدلا من ستة أشهر (مادة ٩٩ من المشروع).
ولما كان الهدف من اعلان صحيفة الدعوى هو اتصال علم المدعى عليه بقيام النزاع ودعوته للحضور أمام المحكمة لتقديم دفاعه، بحيث لا تنعقد الخصومة الا بهذا الاعلان، وكان فى حضور المدعى عليه عن تلقاء نفسه أمام المحكمة أو تقديم مذكرة بدفاعه وما يتحقق به هذا الغرض، فقد اتجه المشروع الى اعتبار حضور المدعى عليه بالجلسة أو تقديم مذكرة بدفاعه كافيا لانعقاد الخصومة، دون حاجة الى اعلان (المادة ٦٨ فقرة ثالثة من المشروع).
وحتى لا تظل الدعوى معلقة أمام القضاء لمدة طويلة، اتجه المشروع الى عدم جواز تكرار الحكم بشطب الدعوى فى حالة تغيب الطرفين عن الحضور، بحيث اذا استأنفت الدعوى سيرها بعد الحكم بشطبها، ثم عاد الطرفان الى التغيب عن الحضور من جديد، فلا يجوز الحكم بشطب الدعوى للمرة الثانية، وانما تحكم المحكمة، فى هذه الحالة، باعتبار الدعوى كأن لم تكن (المادة ٩٢).
سابعا –
وضع تنظيم جديد لرد القضاة
:
يحول القانون للخصوم حق رد القاضى عن نظر النزاع اذا أقام به سبب من أسباب الرد المبينة فى القانون والتى قد تدعو الى مظنة التأثير على حيدته.
ونظرا لما شاع فى السنوات الأخيرة من اساءة استخدام هذا الحق انتشار طلبات الرد غير الجدية التى يتخذها بعض الخصوم وسيلة لتعويق السير فى الدعوى، ووقف نظرها لمدة طويلة حتى يقضى نهائيا فى طلب الرد، وما لذلك جميعه من أثر على حسن سير العدالة، والاساءة – بغير حق – الى سمعة رجال القضاء ونزاهتهم، حرص المشروع على مواجهة هذه الظاهرة بوضع تنظيم جديد لرد القضاة بما يحد من اساءة استخدام هذا الحق، ويكفل – فى ذات الوقت – سرعة الفصل فى طلب الرد حتى لا يتعطل السير فى النزاع الأصلى.
ولم يكتف المشروع فى ذلك بزيادة قيمة الغرامة، والتى يقضى بها فى حالة رفض طلب الرد أو سقوطه أو عدم قبوله، وكذلك زيادة مقدار الكفالة يحكم بمصادرتها فى هذه الحالات على نحو ما أشار اليه التقرير فيما سلف.
وانما أوجب – فوق ذلك – أن ينظر طلب الرد على درجة واحدة، وأن يعهد بالفصل فيه الى محكمة الاستئناف. بعد أن كان ينظر فى القانون الحالى على درجتين بالنسبة لرد قضاة المحاكم الجزئية والمحاكم الابتدائية.
كما أوجب المشروع كذلك الفصل فى طلب الرد فى موعد لا يجاوز شهرين (المادة ١٥٧ من المشروع).
ولم يجز المشروع رد أحد أعضاء الدائرة التى تنظر طلب الرد حتى لا يتخذ ذلك وسيلة لتعطيل الفصل فى الطلب – كما حظر كذلك رد جميع قضاه أو مستشارى المحكمة أو بعضهم بحيث لا يبقى منهم من يكفى للحكم فى الدعوى الأصلية، أو طلب الرد.
وكان القانون القائم يقصر هذا الحكم على مستشارى محكمة النقض وحدها.
وحتى لا يتخذ رد القاضى مجرد وسيلة لتعطيل الدعوى الأصلية ووقف السير فيها انتظارا للفصل فى طلب الرد، أجاز المشروع لرئيس المحكمة أن يندب قاضيا بدلا من القاضى المطلوب رده، حتى يستمر نظر هذه الدعوى، ولا يتأثر سيرها بتقديم طلب الرد. وكان ذلك مقصورا فى القانون القائم على حالات الاستعجال.
ثامنا –
اجراءات الطعن بالنقض
:
تعاقب على اجراءات الطعن بالنقض نظامان مختلفان أولهما: أن يكتفى الطاعن بأن يقدم مع صحيفة الطعن صورة رسمية من الحكم المطعون فيه مع المستندات المؤيدة لطعنه.
وثانيهما: هو ضم ملف الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه، وهو النظام المعمول به حاليا وفقا للمادة ٢٥٥ من قانون المرافعات.
وقد أثبتت التجربة رجحان النظام الأول، وكثرة عيوب النظام الثانى اذا فضلا عما أدى اليه نظام العمل بضم الملف من تعريض المستندات والأوراق للضياع، وتعطيل نظر الطعن انتظارا لورود الملف. فان ضم ملف الدعوى الموضوعية – فى ذاته – من شأنه أن يبعد محكمة النقض عن وظيفتها الأولى بوصفها محكمة القانون، ويؤدى الى اتفاق الوقت فى قراءة ومراجعة أوراق تتصل بأمور موضوعية تخرج بطبيعتها عن مهمة محكمة النقض، ولا يقتضيها الفصل فى الطعن. يضاف الى ذلك أنه كثيرا ما يحدث أن تفصل محكمة الاستئناف فى شق من النزاع وتستمر فى نظر الدعوى بالنسبة لباقى الطلبات. فاذا طعن بالنقض فى هذا الشق، فان ضم الملف من شأنه أن يعطل الفصل فى الشق الباقى من النزاع، كما أن عدم ضمه أن يعطل الفصل فى الطعن بالنقض، وهى نتيجة غير مقبولة فى الحالين.
ومن أجل ذلك جميعه اتجه المشروع الى العدول عن نظام ضم ملف الدعوى الى الطعن بالنقض. ولما كانت الحكمة التى دعت الى الأخذ بهذا النظام هى ما يعانيه الخصوم من صعوبات فى استخراج صور الأحكام والأوراق اللازمة لتقديمها لمحكمة النقض نظرا لوجوب أداء جميع الرسوم المستحقة على الدعوى فى مرحلتها الابتدائية والاستئنافية عند استخراج هذه الصور. لذلك عنى المشروع بتذليل هذه العقبة، والتيسير على الخصوم، بأن أوجب على قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه أن يسلم لمن يشاء من الخصوم أن ما يطلبه من صور الأحكام أو المستندات أو الأوراق بدون رسوم، على أن تذيل هذه الصور بعبارة “لتقديمها لمحكمة النقض”.
كما أجاز المشروع – فى الوقت ذاته – لمحكمة النقض أن تأمر بضم الملف اذا هى قدرت لزوم الاطلاع عليه. وحتى لا يتأخر الفصل فى الطعن فى هذه الحالة أوجب المشروع على قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم أن يرسل الملف خلال سبعة أيام من تاريخ طلبه.
وعملا على توحيد ميعاد الطعن بالنقض فى الدعويين المدنية والجنائية أطال المشروع ميعاد الطعن فى الدعوى الجنائية فجعله ستين يوما بدلا من أربعين يوما حتى يتساوى مع ميعاد الطعن فى الدعوى المدنية، وحتى ينفسح الوقت أمام الخصوم لاعداد وتقديم أسباب الطعن.
ونظرا للمزايا العديدة التى اشتمل عليها المشروع المعروض، والتى فصلتها اللجنة فيما سلف، انتهى رأى اللجنة الى الموافقة عليه مع اقتراح التعديلات القليلة الآتية:
١ – تعديل المادة ١٥٩ من قانون المرافعات الواردة فى المادة الثانية من المشروع، بحيث يصبح نصها بعد تعديلها كالآتى:
“تحكم المحكمة عند رفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو اثبات التنازل عنه، على طالب الرد بغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على ألف جنيه ومصادرة الكفالة. وتضاعف الغرامة اذا كان الرد مبنيا على الوجه الرابع من المادة ١٤٨، أو اذا كان طلب الرد مقدما لمرة أخرى فى ذات الدعوى من نفس طالب الرد”.
“وفى كل الأحوال تتعدد الغرامة بتعدد القضاة المطلوب ردهم. ويعفى طالب الرد من الغرامة اذا تنازل عن الطلب فى الجلسة الأولى، أو اذا كان التنازل بسبب تنحى القاضى المطلوب رده أو نقله أو انتهاء خدمته”.
وعلة هذا التعديل هى ما رأته اللجنة من وجوب مضاعفة الغرامة على طالب الرد اذا عاد وقدم طلب رد جديدا فى ذات الدعوى بعد اخفاقه فى طلبه الأول، ومما يدل عليه ذلك من امعانه فى الكيدية، واصراره على تعطيل السير فى الدعوى.
كما رأت اللجنة كذلك اعفاء طالب الرد من الغرامة اذا تنازل عن طلبه بسبب تنحى القاضى المطلوب رده أو نقله أو انتهاء خدمته، لأن تنازله عن الرد فى هذه الحالات، يكون له ما يبرره مما لا يسوغ معه توقيع جزاء عليه.
٢ – تصحيح صياغة الفقرة الثانية من المادة ٢١٠ من قانون المرافعات الواردة فى المادة الثانية من المشروع، باستبدال عبارة “ثمانية الأيام التالية” بعبارة “ثمانية أيام التالية” الواردة فى هذه الفقرة.
٣ – تعديل المادة ٤٩٩ من قانون المرافعات الواردة فى المادة الثانية من المشروع، يجعل الحد الأقصى للغرامة المنصوص عليها فى هذه المادة “ألفى جنيه” بدلا من “ثلاثة آلاف جنيه” وذلك حتى تتسق مع نسبة الزيادة فى الغرامات التى جرى عليها المشروع وهى عشرة أمثال.
٤ – استبعاد الفقرة الثالثة من المادة ٦٥ من قانون المرافعات المضافة بمقتضى المادة الثالثة من المشروع، وكذلك استبعاد المادة التاسعة من المشروع، وذلك بناء على طلب السيد المستشار وزير العدل حيث سبق تعديلها بالقانون ٦ لسنة ١٩٩١ بشأن رسوم التوثيق والشهر.
٥ – تعديل الفقرة الثانية من المادة ١٧١ من قانون المرافعات المضافة للمادة الثالثة من المشروع، بحذف عبارة “وما يكون مرفقا بها من مستندات” الواردة فى هذه الفقرة، حيث رأت اللجنة عدم جواز تقديم مستندات بعد اقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم.
٦ – تعديل المادة ٤٤ مكررا من قانون المرافعات المضافة بالمادة الرابعة من المشروع، وذلك بتحديد ميعاد ثلاثة أيام لاعلان ذوى الشأن بقرار النيابة الصادر بالاجراء الوقتى، وكذلك بأن يكون قرار قاضى الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ قرار النيابة بناء على طلب المتظلم، وبذلك يصبح نص المادة ٤٤ مكررا بعد تعديله كالآتى:
“يجب على النيابة – متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة مدنية كانت أو جنائية، أن تصدر فيها قرار وقتيا مسببا واجب التنفيذ فورا. ويصدر القرار المشار اليه من عضو نيابة بدرجة وكيل نيابة عن الفئة الممتازة على الأقل، وعلى النيابة اعلان هذا القرار لذوى الشأن خلال ثلاثة أيام من صدوره”.
“ويكون التظلم من هذا القرار لكل ذى شأن، فى جميع الأحوال، أمام القاضى المختص بالأمور المستعجلة بدعوى ترفع بالاجراءات المعتادة فى ميعاد خمسة عشر يوما من يوم اعلانه بالقرار. ويحكم القاضى فى التظلم بحكم وقتى بتأييد القرار أو بتعديله أو بالغائه، وله – بناء على طلب المتظلم – أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه الى أن يفصل فى التظلم”.
واللجنة – اذ تتشرف بعرض تقريرها عن المشروع المعروض – لترجو المجلس الموقر الموافقة على ما انتهى اليه هذا التقرير وعلى مواد المشروع على النحو المبين بالجدول المرافق.

رئيس اللجنة
المستشار يوسف نصار
مذكرة ايضاحية
لمشروع القانون بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية
والاثبات فى المواد المدنية والتجارية والعقوبات والاجراءات الجنائية
وحالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض ورسوم التوثيق والشهر

اذا كان العدل هو حلم الانسان الدائب الذى لم يكف دوما عن السعى الى تحقيقه، وكان سعيه قد كلل بخطوات من نجاح، أكدت كل خطوة منها هذا التلازم الرفيع بين العدل وارتقاء الانسانية فى درجات سموها، كما أكدت أن الانسانية ليست بالغة ذراها الرفيعة فى قمة وجودها الذى يتجلى فيه القبس النورانى الكامن فيها الا محمولة على راحة العدل وساعده.
واذا كان العدل هو أداة بلوغ الانسانية لذراها السامقة، فان الانسان محور الانسانية وجوهرها المطلق ليس ببالغ العدل الا على قاعدة قانونية موضوعية لحمتها وسداها الحق والحق وحده وهى قاعدة تختزل فى عموميتها وتوازنها وتجردها قيم ورؤى وخبرات وعلم الانسان وتراث له يضرب فى جذور التاريخ الانسانى، ثم هى من بعد اذ تتفاعل مع الواقع وتوغل فيه تأثرا وتأثيرا، فان غايتها الأسمى هى استشراف مستقبل أفضل وأنبل وأرقى.
على أن بلوغ محراب هذه القاعدة القانونية الموضوعية حيث يحيل القضاء جمودها حياة، حين ينزل حكمها على الواقع عدلا خالصا. ليس له من سبيل الا على جناح قاعدة اجرائية تحمل المتقاضين الى هذا المحراب فى يسر، وتمكن كل منهم من بسط كل حجة له، حتى يستبين للقضاء وجه الحق فيقضى به، ثم تخطو هذه القاعدة الاجرائية بصاحب الحق حتى يستوفى حقه.
وهكذا فان القاعدة الاجرائية تغدو هى المدخل الأول لعالم الحق والعدل، وهذه الأهلية كانت وراء ذاك الاهتمام المتلاحق بقانون المرافعات المدنية والتجارية، فبعد تطور طويل متلاحق، صدر القانون الحالى رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨، الذى استطاع أن يتخلص من أحكام فى القانون السابق عليه، ويستحدث من الأحكام، ما تمكن به من أن يوفر يسرا وبساطة أكثر فى اجراءات التقاضى فى اطار الضمانات الواجب توافرها فيه، على أنه بالرغم من قدر النجاح الذى حققه هذا القانون، الا أن التطبيق العملى منذ صدوره فى عام ١٩٦٨ وحتى الآن، كشف عن أن هناك من المشاكل التى أفرزها الواقع، ما يوجب تناول بعض أحكامه بالتعديل حفظا للهدف النهائى الذى نص عليه الدستور من تيسير للتقاضى بكفالة تقريب وجهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا، وقد اقتضى التعديل تعديلا فى الأحكام المقابلة أو المتصلة به فى قوانين أخرى هى قوانين الاثبات فى المواد المدنية والتجارية والعقوبات والاجراءات الجنائية والقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض والقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر.
وقد استقام التعديل على فلسفة كانت محاورها الأساسية هى الآتى بيانها:
(أولا) مجابهة التغير فى قيمة العملة وهو التغير الذى كانت له انعكاساته الشديدة على القانون الحالى، فقد ترتب على التغير فى قيمة العملة، الذى وقع فى مصر، كما وقع فى العالم كله خلال العشرين عاما السالفة، ان القيم المالية التى اتخذها القانون الحالى معيارا لضوابط قانونية معينة، لم تعد تتصل بهذه الضوابط بأية صلة، وأصبحت اعادة النظر فيها ضرورة يمليها واجب المحافظة على هذه الضوابط ذاتها، وقد التزم المشروع فى التغيير الذى أدخله على الأحكام التى أنبتت معيار القيم المالية، بضوابط ثابتة ومحددة كان الرائد فيها متوسط التغير الذى لحق الأسعار ومستوى المعيشة ومن ثم قيمة العملة فى السنوات السابقة، فكان من بين الأحكام التى جرى تعديلها تبعا لذلك، الأحكام الخاصة بالاختصاص القيمى للمحاكم الجزئية والابتدائية والكفالات والغرامات المنصوص عليها فى القانون.
(ثانيا) التقليل من بعض الاجراءات غير المنتجة، وكان الضابط فيما تناوله التعديل فى هذا الشأن هو الاستغناء عن أى اجراء كشف التطبيق العملى انه غير منتج، ولا يشكل ضمانة حقيقية لأى طرف من أطراف الخصومة وليس له من أثر فى التطبيق الا اطالة اجراءات التقاضى.
(ثالثا) اعادة تنظيم بعض الاجراءات، وكان رائد المشروع فى ذلك هو ضبط القواعد المتعلقة ببعض الأنظمة الاجرائية القائمة، على نحو يكفل التيسير على المتقاضين وسرعة تحقيق الهدف من الاجراء، فى اطار ضمان القدر اللازم من الجدية فى مباشرة التقاضى.
(رابعا) اعيد تنظيم الأحكام الخاصة برد القضاة على نحو يكفل النأى بهذا الحق عن اساءة استعماله حفظا للقضاء والقضاة من أى عبث.
(خامسا) مجابهة موضعين كانا مصدرا لمشاكل وأعداد هائلة من القضايا، وهما الأوامر على عرائض ودعاوى صحة ونفاد التصرفات العقارية، وتناولهما بأحكام جديدة تكفل تصحيح مسار كل منهما على الطريق الصحيح الذى شرعا من أجله.
(سادسا) توحيد مواعيد الطعن المدنية والجنائية أمام محكمة النقض، واعادة تنظيم بعض الأحكام الأخرى الخاصة بالطعن بالنقض.
فى اطار هذه الفلسفة جرى التعديل على النحو التالى:
(أولا) الأحكام المبنية على معيار مالى
:
١ – زيادة النصاب الابتدائى والانتهائى لمحكمة المواد الجزئية والنصاب الانتهائى للمحكمة الابتدائية
:
حددت المادة ٤٢ من قانون المرافعات المدنية والتجارية النصاب الابتدائى لاختصاص محكمة المواد الجزئية بما لا يتجاوز خمسمائة جنيه، ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز خمسين جنيها، بينما تختص المحكمة الابتدائية بصفة أصلية بالحكم ابتدائيا فى جميع الدعاوى التى ليست من اختصاص المحكمة الجزئية ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز خمسمائة جنيه (مادة ٤٧)، وهذا التحديد يأخذ فى اعتباره ما تنعكس به القيم المالية من أثر على أهمية الدعوى ذاتها، وهى الأهمية التى تحدد المستوى الذى يجب أن تحسب الدعوى عنده نهائيا، سواء فى ذلك كان هذا المستوى محكمة جزئية، أو ابتدائية، أو محكمة استئناف، وبالنظر الى ما طرأ على قيمة العملة من تغير فى السنوات الأخيرة فقد أصبح تحديد الاختصاص على أساس هذه القيم المالية منطويا على درجة عالية من الانفصام عن الواقع، وأصبحت المحاكم الأعلى درجة مثقلة بمنازعات ما كان يجوز أن تصل اليها، كما أن المتقاضى يجد نفسه مضطرا الى الانتقال الى المحكمة الابتدائية ليباشر دعواه عن أمور كان الأولى أن تنظرها المحكمة الجزئية منه، لذلك كله فقد أصبح من الملائم اعادة النظر فى الحدود المختلفة للاختصاص سالف الذكر وتعديله بما يتناسب مع التغير الذى طرأ على قيمة العملة وذلك برفع النصاب الابتدائى والانتهائى لمحكمة المواد الجزئية الى خمسة آلاف جنيه وخمسمائة جنيه على التوالى، ويستتبع ذلك زيادة النصاب الانتهائى للمحكمة الابتدائية الى خمسة آلاف جنيه، وهو ما يؤدى الى التوسع فى عدد القضايا التى تنظرها المحكمة الجزئية، وفى ذلك تحقيق لهدف دستورى هو تقريب القضاء من المتقاضين باعتبار أن تلك المحكمة هى أقرب المحاكم اليهم، وفضلا عن ذلك فان رفع النصاب الانتهائى لمحكمة المواد الجزئية والمحكمة الابتدائية من شأنه تخفيف العبء عن محاكم الاستئناف ومحكمة النقض لما يترتب عليه من تقليل عدد القضايا القابلة للطعن عليها أمامها، وفى سبيل استكمال الهدف الذى انبنى على هذا الأساس فقد نص المشروع فى مادته الأولى على استبدال عبارتى “خمسة آلاف جنيه” وخمسمائة جنيه “بعبارتى خمسمائة جنيه” “وخمسين جنيه” فى المواد ٤١، ٤٣، ٤٧، ٢٧٧، ٣٨٠، ٤٨٠ من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهما العبارتان المحددتان لنصابى الاختصاص المقرر للمحاكم الجزئية والابتدائية، واستبدال عبارة ثلثمائة جنيه بعبارة ستين جنيها فى المادة ٩١٩ من ذات القانون، وهى العبارة المحددة لاختصاص محكمة المواد الجزئية فى دعاوى النفقة وتعديل النصاب الابتدائى لمحكمة المواد الجزئية والمحكمة الابتدائية فى مسائل الولاية على المال بحيث تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائيا اذا كان مال القاصر أو القصر أو المطلوب مساعدته قضائيا أو الغائب لا يتجاور خمسة آلاف جنيه (مادة ٩٧٢) وجعل الاختصاص منعقدا للمحكمة الابتدائية اذا تجاوز هذا المال خمسة آلاف جنيه (مادة ٩٧٣) كما نصت المادة الأولى من المشروع على استبدال عبارة “ألف جنيه” بعبارة “مائة جنيه” فى المادة ٩٤٣، وهو ما يعنى زيادة قيمة التركة التى يجوز لقاضى الأمور الوقتية أن يأذن لأحد الورثة أو شخص آخر بتسلمها وتصفيتها وأداء ما عليها من الديون وتسليم ما يتبقى منها لأصحاب الحق فيها الى ألف جنيه بدلا من مائة جنيه، وذلك بموجب أمر على عريضة يصدر منه، كما نصت على استبدال عبارتى “خمسمائة جنيه” و”ألف جنيه” بعبارتى “خمسين جنيها ومائة جنيه” فى المادة ٩٨٧، واستبدال عبارة “خمسة آلاف جنيه” بعبارة “خمسمائة جنيه” الواردة فى المادة ٣٨٠ من ذات القانون، كما نص فى المادة الثانية، على تعديل المادة ٩٧٤ من قانون المرافعات المدنية والتجارية بحيث يكون القرار الصادر فى مسائل النفقة انتهائيا اذا كان المبلغ المطلوب أو المقرر من المحكمة فى حالة عدم تقديره من الطالب بما لا يزيد على ثلاثمائة جنيه بدلا من ستين جنيها فى النص الحالى، واعتبار القرار الصادر بجزاء مالى نهائيا اذا لم يتجاوز خمسين جنيها بدلا من خمسة جنيهات فى النص الحالى.
٢ – زيادة قيمة الغرامات والكفالات، وما يجوز اثباته بشهادة الشهود:
وتمشيا مع الاعتبارات المتعلقة بما طرأ من تغير على قيمة العملة فقد اتجه المشروع فى المادة الخامسة الى مضاعفة قيمة الغرامات التى يجوز أن يقضى بها الى عشرة أمثالها فى المواد ١٤، ٦٨/ ٢، ٩٧/ ١، ١١٠/ ١، ١١٥/ ٢، ١٨٨/ ٢، ٢٣١/ ٢، ٢٤٦، ٢٥٧، ٣١٥، ٣٢٤، ٣٩٧، ٩٨٢، ٩٩٤، ٩٩٦، ١٠٠٠/ ١، ١٠٠١، ١٠٠٩/ ٢ من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ٤٣، ٥٦/ ١، ٧٨/ ١، ٨٠، ١٤٥، ١٤٨/ ٣، ١٥٢/ ٣، ٥، من قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية وفى المادة ٣٦ (فقرة ثانية) من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ فى شأن حالات واجراءات الطعن بالنقض، ومضاعفة قيمة الكفالة الى خمسة أمثالها فى المادتين ٢٤٣، ٢٥٤ من قانون المرافعات المدنية والتجارية، والمادة ٣٦ فقرة أولى من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المشار اليه، وعلة التفرقة بين مقدار الزيادة فى الغرامات ومقدار الزيادة فى الكفالات اختلاف وظيفة كل منهما عن الأخرى، فالأولى عقوبات مالية، بينما الثانية جزء من اجراءات التقاضى.
وكان من البديهى، وقد أعيد النظر فى مقدار القيم المالية كمعيار قانونى على ضوء التغير الذى لحق قيمة العملة، أن يعاد النظر فى قيم المعاملات التى يجوز اثبات المديونية الناشئة عنها بشهادة الشهود، فنص المشروع على زيادة نصاب التصرف القانونى الذى يجوز اثباته بشهادة الشهود فى غير المواد التجارية والمنصوص عليه فى المادتين ٦٠، ٦١، من قانون الاثبات الى مائة جنيه بدلا من عشرين جنيها.
٣ – فى تقدير قيمة العقارات:

ولذات العلة فقد اتجه المشروع الى تعديل البند (١) من المادة ٣٧ بحيث يكون تقدير قيمة العقار بمناسبة تقدير قيمة الدعوى، مبنيا على تقديره بثلاثمائة مثل قيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه اذا كان العقار مبنيا، فان كان من الأراضى يكون التقدير بمائتى مثل قيمة الضريبة الأصلية مع بقاء الحكم على ما هو عليه فى اختصاص المحكمة بتقدير قيمة العقار اذا كان غير مربوط عليه ضريبة.
٤ – قيمة الأشياء عند الاعلان عن بيعها:

نتيجة لما ترتب على ارتفاع الأسعار من زيادة مصاريف النشر فى الصحف، فانه كان من المتعين اعادة النظر فى المعيار المالى الذى يتخذ أساسا لتحديد قيمة الأشياء التى يوجب القانون النشر عن بيعها والمنصوص عليها فى المادة ٣٧٨/ ١، حيث لم تعد القيمة المنصوص عليها حاليا والمقدرة بمبلغ خمسمائة، هى القيمة التى تتناسب مع وجوب النشر عنها فى احدى الصحف، اذ قد تبلغ مصاريف النشر مع هذه القيمة القليلة ما يمثل نسبة عالية منها، لذلك وأخذا بذات المعيار الذى جرت على أساسه أحكام أخرى فى المشروع، فقد تضمن الحكم تعديلا لقيمة الأشياء المطلوب بيعها بحسب ما هى مقدرة به فى محضر الحجز والتى يجب الاعلان عن بيعها فى احدى الصحف اليومية، بجعلها ألفى وخمسمائة جنيه بدلا من خمسمائة جنيه، وعدل فى الفقرة الثانية من نفس المادة بالنسبة للحالات التى يجوز فيها للدائن الحاجز أو المدين المحجوز عليه أن يطلب فيها النشر على نفقته الخاصة بجعلها ألف جنيه بدلا من مائة جنيه، كما اعتد المشروع بقيمة الأشياء المطلوب بيعها دون الاعتداد بقيمة المبلغ المحجوز من أجله تحقيقا للعداله باعتبار أن هذه القيمة تمثل البيع الواجب النشر عنه فلا يجب أن يعتد الا بها دون قيمة المبلغ المحجوز من أجله. وكذلك فقد اتجه المشروع الى تعديل المادة ٣٨٠ بحيث لا يحصل النشر قبل بيع المصوغات أو سبائك الذهب أو الفضة … الخ الا اذا زادت قيمتها على خمسة آلاف جنيه.
(ثانيا) التقليل من بعض الاجراءات غير المنتجة:

١ – الاعلان بالأحكام والقرارات التى تصدر أثناء سير الدعوى:

يستلزم التشريع القائم فى بعض الحالات توجيه اعلانات أثناء سير الدعوى كشف التطبيق العلمى أنها غير منتجة وأنها لا تؤدى الا الى تعطيل سير الدعوى وفتح الباب لدفوع ببطلانها، الأمر الذى يجدر معه الغاء هذه الاعلانات فى اطار عدم المساس بضمانات التقاضى، وعلى ذلك فقد استحدث المشروع مادة جديدة برقم ١٧٤ مكررا تضمن حكمها النص على اعتبار النطق بالأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة وقرارات فتح باب المرافعة فى الدعوى اعلانا للخصوم الذين حضروا احدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأى سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة، فيشترط لاعتبار النطق بالحكم أو قرار فتح باب المرافعة فى هذه الحالة اعلانا به أن يكون الخصم قد حضر أو قدم مذكرة بدفاعه وأن يكون سير الجلسات عقب ذلك متتابعة فى تسلسل لم يعترضه عائق، وليس فى ذلك اعنات على من لم يحضر جلسة النطق بهذا الحكم أو ذلك القرار، اذ المفترض فى الشخص العادى المعنى بأمور نفسه، ووفقا لطبائع الأشياء، أن يتابع سير دعواه سواء قبل اقفال باب المرافعة فيها أو بعده ما دام سير الجلسات متتابعا فى تسلسل لم يعترضه عائق، أما اذا انقطع تسلسل الجلسات بعد حضور الخصم احدى الجلسات أو تقديمه للمذكرة، كان صادف يوم الجلسة التى كانت محددة أصلا للنطق بالحكم أو القرار يوم عطلة رسمية أو لغير ذلك من الأسباب فعندئذ يجب على قلم الكتاب اعلان من لم يحضر من الخصوم جلسة النطق به بمنطوقه بكتاب مسجل. وبديهى أنه اذا صدر الحكم أو قرار فتح باب المرافعة دون تحديد جلسة فان العلم الافتراضى فى هذه الحالة يقع فقط على العلم بمنطوق الحكم أو قرار فتح باب المرافعة ويكون من المتعين على قلم الكتاب اعلان الخصوم بالجلسة بعد تحديدها، وبذلك يكون المشروع قد عدل عن منهج القانون القائم فى وجوب اعلان الخصوم الذين لم يحضروا جلسة النطق بالأحكام والقرارات التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة، حتى لو كان سير الجلسات متتابعا فى تسلسل لم يعترضه عائق.
وقد اقتضى ذلك تعديل نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون الاثبات، درءا لأى تعارض مع الحكم المستحدث فى نص المادة ١٧٤ مكررا من قانون المرافعات، بحيث يقتصر واجب الاعلان على الأوامر الصادرة بتعيين تاريخ اجراء الاثبات والا كان الاجراء باطلا.
٢ – اعلان الأشخاص الاعتبارية واعلان المقيمين فى الخارج:

تقوم فى شأن الشخص الاعتبارى العام أو الخاص أوضاع خاصة به يختلف فيها عن الأوضاع الخاصة بالشخص الطبيعى، بما يجدر معه أفراده بأحكام خاصة طالما حافظت على وحدة الهدف من الاجراء، واذ كان الحكم بوجوب اعادة اعلان الشخص الطبيعى اذا لم يكن الاعلان الأول قد تم لشخصه، مقصود به ضمان اتصال علمه بالاعلان، وهو الأمر الذى يختلف فيه الشخص الاعتبارى عن الشخص الطبيعى، اذ طالما تم اعلانه فى مركز ادارته بالضوابط القانونية المقررة لصحة الاعلان، وكان ذلك أيام عمل الشخص الاعتبارى فان الهدف المقصود من اعادة الاعلان فى حالة الشخص الطبيعى، يكون قد تحقق فى شأن الشخص الاعتبارى، بما لا يوجب اعادة اعلانه، لذلك وتيسيرا على المتقاضين فقد رئى اعتبار اعلانه فى مركز ادارته بصحيفة الدعوى فى حكم الاعلان مع شخصه بما لا يدعو الى اعادة اعلانه، وعلى ذلك فقد نص المشروع فى المادة الثالثة منه على اضافة فقرة جديدة للمادة ٨٤ من قانون المرافعات تنص على أنه اذا أعلنت صحيفة الدعوى لشخص اعتبارى عام أو خاص فى مركز ادارته اعتبر فى حكم المعلن مع شخصه فى تطبيق أحكام هذه المادة.
كذلك فان من الأمور التى أثارت صعوبات اجرائية فى العمل الاعلانات التى توجه الى الأشخاص المقيمين فى الخارج، فالقواعد العامة المنصوص عليها فى البند (٩) من المادة ١٣ من قانون المرافعات تقضى بتسليم صورة الاعلان للنيابة العامة وقد وردت صياغة هذه الأحكام على نحو آثار خلافا فى الرأى بشأن تحديد الوقت الذى ينتج فيه الاعلان أثره وهل يكون من وقت تسليمه الى النيابة العامة أو من وقت تسليم الصورة للمعلن اليه فى الخارج، لذلك فقد اتجه المشروع حسما لكل خلف الى النص صراحة على أن الاعلان ينتج أثره من وقت تسليم الصورة الى النيابة العامة فاذا كان الاعلان مما يبدأ منه ميعاد فلا يبدأ هذا الميعاد ألا من تاريخ تسليم الصورة فى موطن المعلن اليه فى الخارج أو امتناعه عن الاستلام والتوقيع. كما استحدث المشروع البريد كوسيلة اضافية لاعلان من لهم موطن معلوم فى الخارج محتذيا فى ذلك ببعض القوانين المقارنة كالقوانين الفرنسية والايطالية واللبنانية، وأوجب على المحضر خلال أربع وعشرين ساعة من اليوم الذى يسلم فيه صورة الاعلان للنيابة العامة أن يوجه الى المعلن اليه فى الخارج كتابا موصى عليه بعلم الوصول يرفق به صورة أخرى من الاعلان يخبره فيه أن الصورة المعلنة قد سلمت للنيابة، وراعى المشروع أن يتحمل المعلن نفقات البريد فنص على أن يكون تقدير تلك النفقات وكيفية أدائها بقرار يصدر من وزير العدل، كما رتب المشروع على توقيع المعلن اليه على علم الوصول أو امتناعه عن الاستلام أو التوقيع سريا الميعاد فى حقه اذا كان الاعلان مما يبدأ منه ميعاد أسوة باستلامه الصورة المعلنة أو امتناعه عن استلامها أو التوقيع بالاستلام. (المادة الثالثة من المشروع).
٣ – فى انعقاد الخصومة ووقفها وانقطاعها:

( أ ) لما كان الهدف من اعلان صحيفة الدعوى هو اتصال علم الخصوم بها ومواجهة المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده وهو الأمر الذى يتحقق بحضوره من تلقاء نفسه الجلسة التى تنظر فيها الدعوى أو تقديمه مذكرة بدفاعه فيها، وتقنينا لهذا الاتجاه الذى أرسته محكمة النقض فقد نص المشروع فى المادة الثالثة منه على اضافة فقرة جديدة الى المادة ٦٨ تنص على أن الخصومة لا تعتبر منعقدة فى الدعوى الا باعلان صحيفتها ما لم يحضر المدعى عليه بالجلسة أو يقدم مذكرة بدفاعه.
(ب) ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز أن يكون تغير الصفة فى تمثيل الشخص الاعتبارى العام أو الخاص، سببا فى تعطيل الدعوى، طالما وأن المدعى وجه دعواه الى هذا الشخص الاعتبارى تحديدا ودون أى لبس فى هذا التحديد. ذلك أن تعدد التشريعات التى تناولت بالادماج بعض الجهات فى غيرها أو تغيير تبعيتها أو تعديل فى شخص من يمثلها فى وقت اتسع فيه نطاق هذه الجهات ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية نتج عنه صدور أحكام بعدم قبول تلك الخصومات أو بانقطاع سير الخصومة فيها، على الرغم من قيام صاحب الشأن بتحديد الجهة المراد اختصامها تحديدا نافيا للجهالة، واقتصار التجهيل أو الخطأ على تحديد من يمثل تلك الجهات أمام القضاء. ولرفع هذه المشقة عن المتقاضين ومنع تعثر خصوماتهم فقد نص المشروع فى المادة الثالثة منه على اضافة فقرة جديدة الى المادة ١١٥ تنص على أنه اذا تعلق الأمر باحدى الوزارات أو الهيئات أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتبارى عام أو خاص فيكفى فى تحديد صفته أن يذكر اسم المدعى عليه فى صحيفة الدعوى. ويكفى فى بيان المقصود باسم المدعى عليه فى هذا المقام بيان اسم الجهة المدعى عليها.
(جـ) وفى سبيل عدم اطالة أمد التقاضى اتجه المشروع الى تخفيض مدة الوقف الجزائى المنصوص عليها فى المادة ٩٩ فجعلها ثلاثة أشهر بدلا من ستة أشهر، كما استحدث التعديل الحكم بوجوب تعجيل الدعوى خلال خمسة عشر يوما من اليوم الذى تنتهى فيه مدة الوقف أوجب على المحكمة فى حالة تجديدها بعد انقضاء هذه المدة الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن، كما أوجب عليها الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن فى حالة عدم تنفيذ المدعى ما أمرت به المحكمة بعد أن كان هذا الأمر جوازيا للمحكمة فى القانون الحالى.
(د) لما كان انقطاع سير الخصومة فى الدعوى يستلزم بالضرورة اعلان جميع الخصوم فيها بالجلسة التى عجلت اليها، ورغبة فى التيسير عن كاهل المتقاضين فقد رأى المشروع أن يتيح لهم الحق فى طلب تأجيل الدعوى لاعلان من يقوم مقام الخصم الذى توفى أو فقد أهلية الخصومة أو زالت صفته دون باقى الخصوم فى الدعوى على أن يستمر سير الدعوى بعد ذلك فى مسارها الطبيعى اذا تم هذا الاعلان بدلا من اصدار حكم بانقطاع سير الخصومة ولذلك نص المشروع فى المادة الثانية منه على تعديل المادة ١٣٠ من قانون المرافعات المدنية والتجارية بما يحقق ذلك الغرض وجعل لزاما على المحكمة اجابة الخصم لهذا الطلب تحقيقا للغاية التى شرع من أجلها، على أن يكون لها بعد ذلك أن تقضى بانقطاع سير الخصومة فى الدعوى اذا لم يقم الخصم بهذا الاعلان خلال الأجل الذى تحدده له المحكمة، وكان عدم قيامه بهذا الاعلان غير مستند الى عذر مقبول، ويكون انقطاع سير الخصومة منذ تحقق سبب الانقطاع ولبس من الوقت الذى تقضى فيه المحكمة بهذا الانقطاع.
(ثالثا) اعادة تنظيم بعض الاجراءات:

١ – تنظيم تبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم:

لم يتضمن القانون القائم تنظيما لتبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم، مما آثار العديد من المشكلات فى العمل، لذلك حرص المشروع على وضع نظام لتبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم يكفل العدالة والمساواة بين طرفى الخصومة ويحقق لهما اليسر فى عرض دفاعهما، فنصت المادة الثالثة من المشروع على اضافة فقرة جديدة الى المادة ١٧١ من قانون المرافعات، تنص على أن تبادل المذكرات يكون بطريق الاعلان أو الايداع، وأنه فى حالة ما اذا صرحت المحكمة بتبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم وجب عليها تحديد طريق تبادلها سواء بالاعلان، أو بالايداع وتحديد ميعاد للمدعى يقدم فيه مذكرته يعقبه ميعاد آخر للمدعى عليه لتقديم مذكرة بالرد على مذكرة المدعى، ثم أوجبت فى حالة الايداع بقلم الكتاب أن تكون المذكرة من أصل وصور بقدر عدد الخصوم أو وكلائهم بحسب الأحوال وصورة اضافية يؤشر عليها قلم الكتاب باستلام الأصل والصور وما قد يكون مرفقا بها من مستندات وتاريخ الايداع مع ختمها بداهة بخاتم المحكمة، وردها للمودع، والغرض من الصورة الاضافية أن تكون بمثابة دليل على الايداع وتاريخه، ويقوم قلم الكتاب بتسليم صور المذكرات الى الخصوم أو وكلائهم بحسب الأحوال بعد توقيعهم على الأصل بالاستلام، كما تضمن التعديل النص على عدم جواز سحب المستندات من الملف الا اذا لم يطعن فى الحكم، أو كانت قد انقضت مواعيد الطعن فيه، الا اذا أمر رئيس المحكمة بما يخالف ذلك.
٢ – التوسع فى تطبيق نظام أوامر الأداء:

حقق نظام أوامر الأداء نجاحا كبيرا منذ صار نظاما واجب الاتباع فى الحالات التى أوجب القانون اتباعه فيها، حيث تدل الاحصائيات على أن الغالبية العظمى من طلبات أوامر الأداء قد قبلت ولم يتم التظلم منها أمام المحكمة الا فى نسبة ضئيلة، كما أن نسبة الأحكام الصادرة فى هذه التظلمات بالغاء الأمر كانت قليلة، ولا شك أن هذا النجاح ترتب عليه سرعة البت فى المنازعات وعدم تكدس الجلسات بقضايا لم تكن هناك ضرورة تستوجب عرضها على المحاكم، مما أدى الى تخفيف العبء عن القضاة، لذلك اتجه المشروع الى التوسع فى الحالات التى يتبع فيها نظام أوامر الأداء بحيث تشمل بجانب الديون التى يكون محلها مبالغ نقدية أو تسليم المنقول المعين بنوعة (المثليات) طلب تسليم المنقول المعين بذاته أيضا متى توافرت فيه شروط اصدار الأمر فنصت المادة الثانية من المشروع على تعديل الفقرة الأولى من المادة ٢٠١ من قانون المرافعات باضافة المنقول المعين بذاته الى الحالات التى يجوز فيها استصدار أمر بالأداء كطلب تسليم سيارة أو لوحة فنية أو ما شابه ذلك.
كما نص المشروع فى المادة الثانية منه على تعديل الفقرة الثانية من المادة ٢١٠ من قانون المرافعات، بالاكتفاء بتقديم طلب الأداء وصحة اجراءات الحجز خلال الثمانية أيام التالية لتوقيع الحجز دون استلزام أن تتضمن ورقة تبليغ الحجز الى المحجوز عليه اخطاره بتقديم هذا الطلب وذلك حتى يتيح للحاجز الفرصة لأن يستكمل اجراءات صحة الحجز قبل أن يطلب ثبوت الحق وصحة هذه الاجراءات وذلك أسوة بما اتبعه المشروع فى حالة استصدار أمر الحجز من قاضى التنفيذ حيث لم يتطلب فى المادة ٣٣٣ من قانون المرافعات الا رفع الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز خلال الثمانية أيام من ابلاغ الحجز الى المحجوز عليه، وباعتبار أن تقديم طلب الأداء يقوم مقام رفع الدعوى، وبديهى أنه يجب على الحاجز ابلاغ الحجز الى المحجوز عليه بنفس ورقة الحجز المعلنة الى المحجوز لديه خلال الثمانية أيام التالية لاعلانه الى الأخير والا اعتبر الحجز كأن لم يكن شأنه فى ذلك شأن القاعدة المنصوص عليها فى المادة ٣٣٣ من قانون المرافعات.
٣ – عدم جواز شطب الدعوى أكثر من مرة واحدة:

نظرا لما يعمد اليه بعض المتقاضين تلاعبا، ورغبة فى اطالة أمد النزاع، من التغيب عن الحضور ليتقرر شطب الدعوى، ثم يطلب السير فيها فى الأجل المحدد، ثم يعود للتغيب فيتكرر شطبها عديد من المرات، ونظرا لما يتعين أن يتوافر فى المتقاضى من جدية تتناسب مع طرقه محراب العدالة، لذلك رأى المشروع النص على حظر شطب الدعوى لأكثر من مرة واحدة، وبذلك تعدل حكم الفقرة الأولى من المادة (٢٨٢) فنصت فى حكمها الجديد على أنه اذا لم يحضر الطرفان بعد السير فى الدعوى، حكمت المحكمة باعتبارها كأن لم تكن. وبديهى أن مقصود المشروع مما أورده عن عدم حضور الطرفين بعد السير فى الدعوى، هو أن تكون الدعوى قد شطبت ثم جرى السير فيها ولم يحضرا، وهنا لا يتصور أن يكون الشطب الذى وقع قبل السير فيها الا لمرة واحدة.
٤ – اجاز الطعن المباشر فى الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والاحالة الى المحكمة المختصة، والأحكام المخالفة لقواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام
.
ثار خلاف فى الرأى حول مدى جواز الطعن المباشر فى الحكم الصادر بعدم الاختصاص والاحالة، فذهب رأى الى أن مثل هذا الحكم غير منه للخصومة، ومن ثم فلا يجوز الطعن فيه على استقلال بينما اتجه رأى الى أنه حكم منه للخصومة كلها أمام المحكمة المختصة التى أصدرته وبالتالى يجوز الطعن فيه على استقلال، وعندما عرض الأمر على محكمة النقض فقد أصدرت أحكاما اعتنق بعضها هذا الرأى، واعتنق البعض الرأى الآخر بما غدا معه من الجدير حسم هذا الخلاف، لذلك فقد اتجه المشروع الى اجازة الطعن المباشر فى الحكم الصادر بعدم الاختصاص والاحالة فنص على تعديل المادة ٢١٢ من قانون المرافعات باضافة الحكم الصادر بعدم الاختصاص والاحالة الى الأحكام التى يجوز الطعن فيها مباشرة وأوجب الحكم الجديد على المحكمة المحال اليها الدعوى أن توقفها لحين الفصل فى الطعن، اذا ما طعن فيها.
كذلك فانه تقنينا لما انتهت اليه الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض من جواز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام فقد اتجه المشروع الى تعديل المادة ٢٢١ باضافة حالة مخالفة المحكمة لقواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام الى الحالات التى يجوز فيها استئناف الأحكام الصادرة فيها من محاكم الدرجة الأولى بصفة انتهائية.
٥ – منازعات الحيازة
:
يشهد الواقع العملى تزايدا متتابعا فى منازعات الحيازة سواء تلك التى تتعلق بأراضى زراعية أو مبانى، ضاعفت من أهميتها حدة أزمة الاسكان، وتبلغ هذه المنازعات درجة الجريمة الجنائية فى بعض الأحيان، وتتوقف عند حدود النزاع المدنى فقط فى أحيان أخرى، وكانت هذه المنازعات وتلك تعرض على النيابة العامة وتصدر فيها قرارات وقتية بمنح الحيازة لأحد المتنازعين أو ترك الأمر على ما هو عليه وعلى الطرف المتضرر من قرارها أن يلج سبيل التقاضى أمام المحاكم للتظلم منه، وقد ثار الخلاف فى شأن تحديد المحكمة المختصة بنظر التظلم من قرار النيابة فى هذا الشأن اتباعا للجدل حول تحديد ماهية هذا القرار، وهل هو قرار ادارى فيختص بنظر التظلم منه جهة القضاء الادارى أم هو قرار قضائى يندرج تحت ولاية جهة القضاء العادى، وقد أخذت بعض المحاكم بالرأى الأول وأخذ البعض الآخر بالرأى الثانى واتجه رأى ثالث اعتنقه تيار فى الفقه الى أن قرار النيابة الوقتى المتعلق بالحيازة اذا كان صادرا فى شأن منازعة تشكل جريمة من جرائم انتهاك حرمة ملك الغير فهو قرار قضائى لا تختص جهة القضاء الادارى بنظر التظلم المرفوع عنه باعتبار أن القرارات التى تصدرها النيابة العامة بوصفها ضبطية قضائية أو أمنية على الدعوى العمومية هى قرارات قضائية تخرج عن اختصاص مجلس الدولة، أما اذا كان قرار النيابة العامة الوقتى سالف الذكر صادر فى شأنه منازعة لا تشكل جريمة فانه يعتبر من قبيل القرارات الادارية مما يختص معه مجلس الدولة دون القضاء العادى بنظر التظلم منه، وازاء هذه الآراء المتعددة فى شأن تحديد الجهة المختصة بنظر التظلم من قرار النيابة العامة فى شأن الحيازة فقد أضحى الناس فى حيرة من أمرهم عندما يرغبون فى رفع تظلماتهم من تلك القرارات، وعندما استشعر المشرع خطر ما أل اليه الواقع أصدر القانون رقم ٢٩ لسنة ١٩٨٢ الذى استحدث به المادة ٣٧٣ مكررا من قانون العقوبات ولكنه لم يتناول بالعلاج الا جانب جزئى يتعلق بحالة جدية الاتهام بجريمة، وقد كشف التطبيق العملى لهذه المادة منذ صدورها عن صعوبات كثيرة جعلت مسألة التظلم من قرارات الحيازة أكثر عسرا مما كانت عليه قبل صدورها، فأصبح من المتعين على النيابة أن تحجب نفسها عن اصدار قرارات وقتية فى شأن منازعات الحيازة المدنية البحتة التى لا تثير شبهة جريمة من جرائم انتهاك حرمة ملك الغير مع أن هذه المنازعات فى كثير من الأحيان تكون مشتعلة بين أطرافها الى حد يوشك أن ينقل بها الى نطاق الجريمة اذا تركت دون حل وقتى عاجل، كما أن المشرع لم يحسم الخلاف الذى ثار بين جهتى القضاء الادارى والقضاء العادى حول تحديد الجهة المختصة منهما بنظر التظلم من قرار النيابة الوقتى حول الحيازة اذا صدر فى منازعة مدنية بحتة ليست فيها شبهة اتهام جنائى، لهذه الاعتبارات مجتمعة، فقد عالج المشروع الأمر على وجه يحسم الخلاف فى شأن هذه المسائل ويسهل الأمر على القضاء والمتنازعين فى جلاء ووضوح، فوضع تنظيما جديدا لمنازعات الحيازة يكون مجاله قانون المرافعات المدنية والتجارية فنص فى المادة الرابعة منه على اضافة مادة جديدة الى قانون المرافعات المدنية والتجارية برقم ٤٤ مكررا أوجب فيها على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة المدنية والجنائية، وأوكل صدور هذا القرار الى عضو النيابة العامة بدرجة وكيل نيابة من الفئة الممتازة على الأقل وذلك حتى يكون لمصدر القرار الخبرة والدراية اللازمة لما تتسم به هذه المنازعات من أهمية خاصة، ولا يمنع صدور هذا القرار المؤقت النيابة العامة من المبادرة الى رفع الدعوى الجنائية، اذا شكلت هذه المنازعة جريمة من الجرائم، ويكون لذى الشأن التظلم من القرار أمام القاضى المختص بالأمور المستعجلة بدعوى ترفع بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى فى ميعاد لا يتجاوز خمسة عشر يوما من يوم اعلانه به بحسبان أن القرار أن صدر من النيابة العامة فى شأن منازعة جنائية فهو يتصل بجريمة من الجرائم تدخل فى اختصاص جهة القضاء العادى كما أن القرار اذا صدر من النيابة العامة فى شأن منازعة غير جنائية فان جهة القضاء العادى هى الأحق بنظر التظلم منه على اعتبار أن الحيازة متفرعة عن الملكية التى هى رأس المنازعات المدنية وتصدر فيه المحكمة حكما وقتيا بتأييد القرار أو بتعديله أو بالغائه، وبديهى أنه لا يمنع صدور الحكم فى التظلم من رفع أية دعاوى سواء كانت مدنية، أو جنائية، متعلقة بالحيازة أو أصل الحق وهكذا فقد حسم المشروع النقاش الذى دار بين جهتى القضاء العادى والادارى وجعله من اختصاص الجهة الأولى سواء كان قرار الحيازة الصادر من النيابة العامة مدنيا أو جنائيا.
كما أجازت هذه المادة للقاضى أن يوقف تنفيذ قرار النيابة لحين الفصل فى التظلم، وقد اقتضى التعديل السالف الغاء المادة ٣٧٣ مكررا من قانون العقوبات، ونصت على هذا الالغاء المادة العاشرة من المشروع.
٦ – اعادة تنظيم بعض المسائل المتعلقة بمواد الأحوال الشخصية:

ثار الخلاف التكييف القانونى لطبيعة المتعة المنصوص عليها فى المادة ١٨ مكررا من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية والمضافة بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ وهل هى من قبيل التعويض أو أنها من حقوق الزوجية وذلك توصلا الى تحديد المحكمة التى تختص بنظرها وهل هى محكمة المواد الجزئية أو المحكمة الابتدائية، وقد استقرت أحكام المحاكم على اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها بالنسبة للمصريين استنادا الى نص المادة الثانية من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والتى تنص على اختصاص المحاكم الابتدائية “دائرة الأحوال الشخصية” بالحكم الابتدائى فى المنازعات فى المواد الشرعية التى ليست من اختصاص المحاكم الجزئية بمقتضى نص المادتين الخامسة والسادسة، واذ كانت دعوى المتعة ليست من المواد الشرعية المنصوص عليها فى هاتين المادتين فان الاختصاص بنظرها ينعقد للمحكمة الابتدائية، وحسما لأى خلاف قد يثور بالنسبة لغير المصريين فقد نص المشروع على تعديل المادة ٨٩٥ من قانون المرافعات بالنص صراحة على اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر دعوى المتعة.
كذلك فانه لما كانت النيابة العامة هى التى نيط بها رعاية مصالح عديمى الأهلية وناقصيها والغائبين والمتحفظ على أموالهم والاشراف على ادارتها وتحقيقا لذلك وعملا على تيسير الاجراءات فى مواد الولاية على المال ولما كشف عنه التطبيق العملى من معوقات تقف حائلا دون قيام النيابة بتلبية طلبات ذوى الشأن على وجه السرعة فقد نص المشروع فى المادة الثالثة منه علم تعديل المادتين ١٠٣٠، ١٠٣١ من قانون المرافعات بما يسمح لأحد أعضاء النيابة بدرجة وكيل نيابة على الأقل فى الاذن لذوى الشأن، ولكل شخص حسب الأحوال فى الاطلاع على الملفات والدفاتر والسجلات والأوراق وتسلم صورها أو الحصول على شهادات بمضمونها بعد أن كان هذا الاذن مقصورا فى النصوص القائمة على القاضى أو رئيس المحكمة.
(رابعا) فى رد القضاء
:
يتأسس مبدأ حياد القاضى على قاعدة أصولية قوامها وجوب أطمئنان المتقاضى الى قاضيه، وان قضاءه لا يصدر الا عن الحق وحده دون تحيز أو هوى، واذ كانت جميلة الأحكام التشريعية المنظمة لشئون القضاء، قد حرصت على تدعيم وتوفير هذه الحيدة، فانها فى نفس الوقت لم تغفل عن حق المتقاضى اذا كانت لديه أسباب تدعو الى مظنة التأثير فى هذه الحيدة، أن يجد السبيل ليحول بين من قامت فى شأنه هذه المظنة وبين القضاء فى دعواه، ومن هنا قام حق رد القاضى عن نظر نزاع بعينه كحق من الحقوق الأساسية التى ترتبط بحق التقاضى ذاته. على أنه ككل حق من الحقوق قد تعرض لأنه تستشرى فى شأنه ظاهرة اساءة استعماله، بالافراط فيه، واستخدامه سبيل للكيد فى الخصومة واللدد فيها، واطالة أمد الفصل فى القضايا دون تحسب لما يؤدى اليه الأمر من ايذاء للقضاة فى اعتبارهم ومكانتهم ومشاعرهم.
وازاء هذا الذى آل اليه الأمر، من تعطيل الفصل فى الدعاوى، والاسراف فى النيل من القضاة، فقد بات من المتعين اجراء تعديل فى النصوص التشريعية المنظمة الأوضاع رد القضاة ومخاصمتهم، بما يحقق التوازن التشريعى الواجب بين المحافظة على حق المتقاضين فى رد القضاة اذا توافرت أسبابه، وبين تقرير ضوابط دقيقة تجعل ممارسة هذا الحق منوطا بتوافر الجدية الواجبة، والبعد عن العبث به، والحيلولة دون استخدامه سبيلا للكيد وعرقلة الفصل فى القضايا.
وفى سبيل ذلك فقد تضمن المشروع اجراء التعديلات الآتية:
١ – جعلت المادة ١٥٣/ ٣، الاختصاص بنظر طلبات رد قضاة المحاكم الجزئية والابتدائية لمحكمة الاستئناف التى تقع فى دائرة اختصاصها المحكمة التى يعمل بها القاضى المطلوب رده فصار طلب الرد بذلك ينظر على درجة واحدة، بعد أن كان ينظر على درجتين حيث يختص بالفصل فيه حاليا دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية التى يتبعها القاضى رده، ويقبل حكمها الطعن فيه أمام محكمة الاستئناف.
٢ – حظر المشروع قبول طلب الرد بعد اقفال باب المرافعة فى الدعوى الأصلية بأن عدل حكم الفقرة الأولى من المادة ١٥٢، بالنص على أنه لا يترتب على تقديم هذا الطلب وقف الدعوى الأصلية، فقطع بذلك الطريق على من كانوا يعبثون بهذا الحق فيعمدون الى رد أحد القضاة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم فيها، فيعرقلون صدور الحكم بعد أن يكون النزاع قد قطع شوطا طويلا وهو ما كان يجيزه القانون القائم.
٣ – حظر المشروع فى المادة ١٥٧ قبول طلب رد الدائرة التى تنظر طلب الرد، وفى هذه الحالة لا يترتب على تقديم هذا الطلب وقف نظر طلب الرد وكان القانون القائم يجيز طلب ردها أو أحد قضاتها فيعمد البعض الى طلب ردها عند الفصل فى طلب الرد فيحال الأمر الى دائرة أخرى، ويوقف الفصل فى طلب الرد الأول وتتوالى سلسلة العبث، اطمئنانا الى أثر طلب الرد الأول فى وقف الفصل فى الدعوى الأصلية.
٤ – حظر المشروع فى المادة ١٦٤ طلب رد جميع قضاء أو مستشارى المحكمة أو بعضهم بحيث لا يبقى من عددهم من يكفى للحكم فى الدعوى الأصلية أو طلب الرد، اذ من غير المستساغ أو المتصور أن تتوافر فى جميع قضاة أو مستشارى المحكمة سبب من أسباب الرد التى وردت فى القانون على سبيل الحصر، وكان القانون القائم يقصر هذا الحكم على مستشارى محكمة النقض وحدها.
٥ – أجاز المشروع فى المادة ١٦٢ لرئيس المحكمة أن يندب قاضيا ليجلس بدلا من القاضى المطلوب رده، وأن يستمر نظر الدعوى الأصلية فى طريقها المعتاد، ويتخذ طلب الرد طريقة للفصل فيه دون ما أثر له على استمرار نظر القضية الأصلية باعتبار القاضى المطلوب رده قد أصبح بعيدا عنها.
وهذا التعديل يحقق آثار عملية كبيرة حيث سيجد المتلاعبون بحق الرد أن قصدهم مردود عليهم بسير القضية الأصلية فى طريقها المعتاد دون تعطيل بسبب طلب الرد.
وكان القانون القائم يقصر حق رئيس المحكمة فى اجراء مثل هذا الندب على حالات الاستعجال التى تقتضى اجراء عاجلا فى الدعوى.
٦ – لضمان جدية طلبات الرد فقد فرض المشروع رسما على طلب الرد يسدد عند التقرير به، ونص على زيادة الكفالة والغرامة التى يقضى بها على طلب الرد عند رفض طلبه أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله على النحو التالى:
( أ ) جعل رسوم طلب الرد وفقا لحكم المادة ١٥٣ (فقرة ثانية) مائة جنيه بعد أن كانت ستة جنيهات وفقا للقواعد المقررة حاليا.
(ب) رفع الكفالة فى ذات حكم المادة ١٥٣ الى مائتى جنيه بعد أن كانت خمسة وعشرين جنيها فى القانون الحالى.
(جـ) زيدت الغرامة فى حدها الأدنى الى مائتى جنيه بعد أن كانت عشرين جنيها, وفى حدها الأقصى الى ألف جنيه بعد أن كانت مائة جنيه، وقد تصل الى ألف وخمسمائة جنيه اذا كان طلب الرد مبينا على الوجه الرابع من المادة ١٤٨
كما أضاف الى الحالات المنصوص عليها فى المادة ١٥٩ والتى يقضى فيها بالغرامة حالة اثبات التنازل عن طلب الرد، لأن بعض الخصوم بعد أن يصلوا الى غرضهم فى تعطيل الفصل فى الدعوى الأصلية بطلب الرد يعمدون الى التنازل عن الطلب، ومن هنا رئى أن لا يعفى طالب الرد من الغرامة الا اذا قرر بتنازله عن الطلب فى الجلسة الأولى، حثا على انهاء نزاع يعلم من آثاره أنه لا ظل له من الحقيقة.
وكان من البديهى تعديل الأحكام الخاصة بمخاصمة القضاة فيما يتعلق بزيادة قيمة الرسوم والغرامات المقررة فى شأنها فاتجه المشروع الى فرض رسم عند التقرير بالمخاصمة قدره مائة جنيه وايداع كفالة قدرها مائتى جنيه، مع زيادة قيمة الغرامة فى حدها الأدنى الى خمسمائة جنيه بدلا من خمسين جنيها فى القانون القائم وفى حدها الأقصى الى ثلاثة آلاف جنيه بدلا من مائتى جنيه وهى الأحكام التى تناولها تعديل المادتين ٤٩٥، ٤٩٩ من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
٧ – أثار نص الفقرة الثانية من المادة ١٥١ اللبس فى مقصود اعلان الغائب من الخصوم بندب القاضى اذ أنه لم يجر فى العمل ان كان الخصوم يعلنون بقرار ندب القاضى ودفعا لهذا اللبس رئى تحديد الحالة التى يعلن فيها الخصم بقرار ندب القاضى، وهى ندبه للقيام باجراء من اجراءات الاثبات، وهى مقصد المشرع فى النص القائم، بحيث أصبح النص الجديد منصرفا الى أنه اذا كان الرد فى حق قاض منتدب لاجراء من اجراءات الاثبات فيقدم الطلب خلال ثلاثة أيام اذا كان طالب الرد حاضرا فى الجلسة التى صدر فيها قرار الندب فان لم يكن حاضرا فى هذه الجلسة تبدأ الايام الثلاثة من يوم اعلانه به.
(خامسا) الأوامر على عرائض ودعاوى صحة ونفاذ التصرفات العقارية
:
١ – تنظيم الأوامر على العرائض:

ذهب رأى فى ظل المادة ١٩٤ من التقنين الحالى الى أن الحالات التى يجوز فيها اصدار أوامر على عرائض وردت فى التشريع على سبيل الحصر فى حين ذهب الرأى السائد قضاء وفقها الى أن تلك الحالات لم ترد على سبيل الحصر بما يتيح اصدار الأمر فى كل حالة يرى القاضى أنها تحتاج الى الحماية الوقتية بالاجراء الذى يراه مناسبا لهذه الحماية.
واذا كان الرأى الأخير قد يتيح مرونة تمكن القضاء من مواجهة الحالات العملية التى تحتاج الى حماية وقتية دون أن يكون قد ورد فيها نص، الا أن الشكوى كثرت من اساءة استخدام هذا النظام وصدور الكثير من الأوامر على عرائض فى حالات لم تكن تقتضى صدور أمر فيها، وحرصا على عدم الخروج بهذه السلطة الوقتية الى غير ما يستهدفه الشارع منها فقد اتجه المشروع الى تقييد سلطة القاضى فى اصدار الأمر على عريضة فنص على تعديل الفقرة الأولى من المادة ١٩٤ بحيث لا يكون للقاضى أن يصدر أمرا فى غير الحالات التى يرد فيها نص خاص يجيز له اصدار هذا الأمر.
وأجاز المشروع فى الفقرة الأولى من المادة ١٩٤ لأى من ذوى الشأن التظلم من الأمر الصادر على عريضة، يتظلم يرفع الى المحكمة المختصة الا اذا نص القانون على خلاف ذلك، وقد قصد بذوى الشأن فى هذا المقام الطلب اذا صدر الأمر برفض طلبه ومن صدر عليه الأمر، والغير الذى تضار مصلحة من الأمر.
ثم عمد المشروع الى ادخال تعديل على حكم الفقرة الأولى من المادة ١٩٩، أجاز بموجبه لذوى الشأن، الحق فى التظلم من الأمر لنفس القاضى الآمر، بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى، بدلا من رفعه الى المحكمة المختصة, وبديهى أن الأمر سيقتصر فى تحديد مدلول ذوى الشأن فى هذا الحكم على الخصم الذى صدر عليه الأمر، والغير الذى أضير منه.
٢ – وجوب تسجيل صحف دعاوى صحة ونفاذ التصرفات العقارية:
انتشرت ظاهرة أحجام أغلب المتعاملين فى الحقوق العينية العقارية، وخاصة عقود بيع العقارات، عن تسجيل الحقوق التى تلقوها كما يوجب ذلك قانون الشهر العقارى رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦، واستعاضوا عن ذلك برفع دعاوى صحة ونفاذ العقود المبرمة بشأن هذه التصرفات، بما أدى الى تضخم اعداد هذا النوع من القضايا، حتى بلغت وفقا لاحصائيات عديد من المحاكم ما يجاوز نسبة الـ ٥٠% من مجموع القضايا المنظورة أمامها.
وفضلا عن الأثر السلبى لتزايد عدد القضايا على هذا النحو أمام المحاكم فيما لا يمثل فى أغلبه خصومة حقيقية يتعين على القضاء الفصل فيها، فان اتباع هذا الطريق يؤدى الى عدم تسجيل هذه التصرفات مما يترتب عليه ضياع الرسوم الواجبة على الدولة، بالاضافة الى ما يشيعه عدم تسجيل هذه التصرفات من زعزعة فى أسس الملكية العقارية التى استهدف المشرع بموجب قانون الشهر العقارى رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ تدعيم أركانها وتوفير الاستقرار لها.
واستهدافا لعلاج ذلك كله فقد اتجه المشروع الى اضافة فقرة جديدة للمادة ٦٥ من قانون المرافعات تقرر عدم قبول دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية الا اذا سجلت صحيفتها، وقد استهدف المشروع بذلك تقرير جزاء يتمثل فى عدم قبول الدعوى اذا تخلف المدعى عن القيام بالواجب الذى ألزمه به قانون الشهر العقارى بتسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية.
وهذا الحكم يقتضى اضافة نص جديد الى القانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ فى شأن رسوم التوثيق والشهر، برقم ٢٤ مكررا يوجب على المدعى عند تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية أداء ٥٠% من قيمة الرسم النسبى المستحق على شهر التصرف موضوع الدعوى طبقا لقواعد التقدير الواردة فى المادة ٢١ من ذات القانون ويورد هذا المبلغ الى خزينة المحكمة المختصة كأمانة قضائية على ذمة صدور حكم نهائى فى الدعوى، على أن يجرى خصم المبلغ من قيمة الرسم النسبى المستحق على شهر التصرف بعد صدور الحكم وقيامه بشهره، فاذا لم يقم المحكوم له بصحة ونفاذ التصرف بشهره خلال ثلاث سنوات من صيرورة الحكم نهائيا، سقط حقه فى استرداد قيمة هذه الأمانة.
واجاز المشروع للمدعى استرداد قيمة الأمانة فى حالة الحكم نهائيا برفض الدعوى أو عدم قبولها أو اعتبارها كأن لم تكن أو سقوط الخصومة فيها.
والتعديلان معا، من شأنهما أن يحققا ضمانا لقدر من الجدية فى دعاوى صحة ونفاذ العقود الواردة على التصرفات العينية العقارية، وهو الأمر الذى يؤدى بدوره الى استبعاد أعداد من القضايا المفتقرة الى هذه الجدية، كما أنه يساهم فى تدعيم واستقرار الملكية العقارية بالحث على تسجيل صحف الدعاوى المتعلقة بالتصرفات الواردة على هذه الملكية تمهيدا لتسجيل التصرف ذاته عند صدور حكم لصالح المدعى، وفى الآخر فانه يمكن الدولة من الحصول على نسبة من الرسوم التى يعمد البعض الى التهرب منها، لتجرى تسويتها بعد ذلك مع باقى الرسوم، أو ترد الى المدعى اذا لم يحصل على حكم بما يدعيه.
(سادسا) فى الطعن بالنقض
:
١ – تردد الأخذ بنظام ضم ملف الدعوى أمام محكمة النقض عند الطعن أمامها فى الحكم الصادر فيها، ونظام الاكتفاء بتقديم صورة رسمية من هذا الحكم والمستندات المتعلقة بالطعن، الى أن استقر الأمر للنظام الأول وفقا لحكم المادة ٢٥٥ من قانون المرافعات. وقد استفاضت الشكوى من هذا النظام، اذا فضلا عما يؤدى اليه من تعريض المستندات والمفردات للفقدان، وتعطيل نظر الطعون انتظارا لورود الملف فان الدعوى الموضوعية – فى ذاته – من شأن أن يبعد محكمة النقض عن وظيفتها الأولى بوصفها محكمة قانون. ويؤدى الى أهدار الوقت فى قراءة ومراجعة أوراق تتصل بأمور موضوعية تخرج بطبيعتها عن مهمة محكمة النقض، ولا يقتضيها الفصل فى الطعن. يضاف الى ذلك أنه كثيرا ما يحدث أن تفصل محكمة الاستئناف فى شق من النزاع، وتستمر فى نظر الدعوى بالنسبة لباقى الطلبات فاذا طعن بالنقض فى هذا الشق، فان ضم الملف من شأنه أن يعطل الفصل فى باقى الطلبات كما أن عدم ضمه من شأنه أن يعطل الفصل فى الطعن بالنقض، وهى نتيجة غير مقبولة فى الحالتين. لذلك رؤى العدول عن هذا النظام، وتجنبا لما يعانيه الخصوم من صعوبات فى استخراج صور الأحكام والأوراق اللازمة لتقديمها لمحكمة النقض نظرا لما يستلزمه ذلك من وجوب أداء جميع الرسوم المستحقة على الدعوى فى مرحلتها الابتدائية والاستئنافية عند استخراج هذه الصور، وكثيرا ما تكون هذه الرسوم بالقدر الذى لا يتيسر للراغب فى الطعن تدبيره فى الأجل المحدد للطعن، لذلك فقد عنى المشروع بتذليل هذه العقبة، فأوجب على قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه أو الحكم الابتدائى أن يسلم لمن يشاء من الخصوم ما يطلبه من صور الأحكام أو المستندات أو الأوراق بدون رسوم على أن تذيل هذه الصور بعبارة “لتقديمها لمحكمة النقض”، وذلك كله دون اخلال بحق قلم الكتاب فى المطالبة بعد ذلك بما يكون مستحقا على القضية أو على أصل الأوراق من رسوم.
كما أجاز المشروع – فى الوقت ذاته – لمحكمة النقض أن تأمر عند الاقتضاء – بضم ملف الدعوى سواء من تلقاء ذاتها، أو بناء على طلب النيابة أو أحد الخصوم. وغنى عن البيان أن استخدام هذه الرخصة انما يكون فى حالات الضرورة التى تقدر فيها المحكمة لزوم الاطلاع على ملف الدعوى أو أصول الأوراق المقدمة لامكان الفصل فى الطعن.
وحتى لا يتأخر الفصل فى الطعن فى هذه الحالة أوجب القانون على قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم أن ترسل الملف خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ طلبه.
كما أجاز المشروع للنيابة العامة وهى فى مرحلة اعداد مذكرة الطعن أن تطلب من رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه الأمر بضم ملف القضية الصادر فيها الحكم فيها الحكم المطعون فيه وأوجب على قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم أن يرسل الملف خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ طلبه حتى لا تتأخر النيابة العامة. فى اعداد مذكرتها وبالتالى يتأخر الفصل فى الطعن.
٢ – وحرصا على اداء محكمة النقض لرسالتها الأولى فى وضع المبادئ القانونية غير ذلك تلك التى سبق تقريرها، فقد رئى توسيع اختصاص المحكمة فى غرفة المشورة بحيث يكون لها أن تأمر بعدم قبول الطعن اذا أقيم على أسباب تخالف مبادئ سابقة لمحكمة النقض لم تر العدول عنها، وذلك حتى تتفرغ المحكمة عند احالة الطعن اليها من غرفة المشورة لنظر الأسباب الجديرة بالبحث والدراسة وتقرير المبادئ القانونية بشأنها.
٣ – نظرا لما لوحظ من إسراع الكثير من الزوجات اللاتى حصلن على أحكام نهائية بفسخ عقود زواجهن أو بطلاقهن أو تطليقهن، من الزواج مرة أخرى بزوج آخر استنادا الى أن تلك الأحكام واجبة النفاذ بالرغم من طعن الزوج الأول عليها بالنقض ودون انتظار لما يسفر عنه الحكم الصادر فى الطعن، وقد يقضى بنقض الحكم ويستتبع ذلك بطلان الزواج الثانى وما قد يترتب على ذلك من آثار وخيمة وعواقب لا يمكن تداركها بالنسبة للزوجين والأولاد ثمرة الزواج الثانى، ورغبة فى تلافى هذه الآثار السيئة نتيجة تنفيذ مثل هذه الأحكام فقد نص المشروع فى المادة الثالثة منه على اضافة فقرة سادسة للمادة ٢٥١ من قانون المرافعات تنص على أن الأحكام سالفة الذكر لا تكون نافذة الا متى صارت باته، أو بفوات مواعيد الطعن عليها بالنقض أو برفض الطعن بالنقض المرفوع عنها وهذا الحكم يستوجب بالضرورة سرعة الفصل فى الطعن وهو الأمر الذى حرص المشروع على تحقيقه بالنص على أنه فى حالة الطعن على مثل هذه الأحكام بالنقض، فيجب على رئيس محكمة النقض أو أحد نوابه تحديد جلسة لنظر الطعن فى ميعاد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ ايداع صحيفة الطعن بقلم الكتاب، أو وصولها اليه اذا كانت الصحيفة قد أودعت قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه، وأوجبت على النيابة العامة تقديم مذكرة برأيها خلال أربعة أشهر وذلك لسرعة الفصل فى مثل هذه الطعون وحتى تستقر المراكز القانونية لأطراف النزاع بصفة باتة.
٤ – وتوحيدا لمواعيد الطعن بالنقض فى المواد المدنية والجنائية فقد نص المشروع على تعديل فى المادة ٣٤ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض استبدلت بمقتضاه عبارة “ستين يوما” بعبارة “أربعين يوما”، فأصبح ميعاد الطعن بالنقض فى جميع الأحوال “ستين يوما”.
مسائل متنوعة
:
١ – دعاوى المرتبات والأجور
:
كانت من بين المسائل التى تناولها المشروع باعادة التنظيم استهدافا لتحقيق الهدف منها بأقصى سرعة ممكنة، دعاوى المطالبة بالأجور والمرتبات وتحديدها. وكان ذلك بأن نصت المادة الثالثة من المشروع على اضافة بند جديد برقم (٤) الى المادة ٤٣ من قانون المرافعات وبموجب هذا الحكم أصبحت هذه الدعاوى تدخل فى الاختصاص النوعى الاستثنائى للمحاكم الجزئية، مهما كانت قيمة الدعوى، فى تقدير أن هذا الحكم مع الأخذ فى الاعتبار بأغلب الاحتمالات فى شأن قيمة هذه الدعاوى، هو الذى يتناسب مع التحديد الجديد للاختصاص القيمى للمحكمة الجزئية، وفى نفس الوقت فان هذا الاختصاص النوعى هو الأكثر تناسبا فى تحقيق هدف تقريب جهات القضاء الى المتقاضين.
٢ – الاخلال بنظام الجلسات:

نظرا لما يجب أن يتحقق فى قواعد ضبط وادارة جلسات المحاكم من وحدة سواء كانت هذه المحاكم مدنية أو جنائية، ولما ترتب على تعديل المادة ٢٤٣ فقرة أولى من قانون الاجراءات الجنائية بموجب القانون رقم ٢٩ لسنة ١٩٨٢ من ترتيب حكم أصبح الاختلاف بموجبه قائما بين القاضى المدنى عند ادارته لجلسته، والقاضى الجنائى حين يفعل ذلك، وبغية ازالة هذا الاختلاف، فقد تضمن المشروع فى المادة الثانية منه تعديلا لحكم المادة ١٠٤ فقرة أولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية بتخويل المحاكم المدنية سلطة حبس المتهم أربع وعشرين ساعة مع استبقاء حكم عقوبة الغرامة على ما هو عليه.
٣ – الاحالة بسبب تعديل الاختصاص
:
نص المشروع فى المادة الحادية عشر منه على حكم وقتى يوجب على المحاكم من تلقاء نفسها أن تحيل بدون رسوم ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت وفقا لهذا القانون من اختصاص محاكم أخرى وذلك بالحالة التى كانت عليها، وأوجب على المحكمة أن تكون الاحالة الى جلسة محددة أمام المحكمة المختصة، ويعتبر النطق بهذا القرار اعلانا للخصوم الذين حضروا احدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأى سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة فعندئذ يقوم قلم الكتاب باعلان الخصوم بالقرار بكتاب مسجل، وهى ذات الأحكام التى استحدثها المشروع فى المادة المضافة الى قانون المرافعات برقم ١٧٤ (مكرر) واستثنى من حكم الاحالة الدعاوى المحكوم فيها قطعيا والدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم فيها اذ تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة.
ويتشرف وزير العدل بعرض مشروع القانون المرافق على مجلس الوزراء رجاء الموافقة عليه واستصدار القرار الجمهورى باحالته إلى مجلس الشعب.
تحريرا فى / / ١٩٨٩

وزير العدل
المستشار
(فاروق سيف النصر)
التقرير التكميلى للجنة الشئون الدستورية والتشريعية
عن النص المقترح من السيد العضو الدكتور ادوار غالى الذهبى
بالتعديل فى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات
المدنية والتجارية والاثبات فى المواد المدنية والتجارية والعقوبات
والاجراءات الجنائية وحالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض
ورسوم التوثيق والشهر، وفقا للفقرة الثالثة من المادة ١٤٥ من اللائحة الداخلية للمجلس
(القانون ٢٣ لسنة ١٩٩٢)

أحال المجلس بجلسته المعقودة فى ٥ من مايو سنة ١٩٩٢، الى اللجنة، النص المقترح من السيد العضو الدكتور أدوار غالى الذهبى بالتعديل فى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية والاثبات فى المواد المدنية والتجارية والعقوبات والاجراءات الجنائية وحالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض ورسوم التوثيق والشهر، وفقا للفقرة الثالثة من المادة ١٤٥ من اللائحة الداخلية للمجلس، فعقدت اللجنة اجتماعا لنظره فى ١١ من مايو سنة ١٩٩٢ حضره السيد المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل والسيدان المستشاران: دكتور محمد فتحى نجيب مساعد وزير العدل لشئون التشريع، وسيد حشيش بادارة التشريع بوزارة العدل.
نظرت اللجنة النص الذى اقترحه السيد العضو فى جلسة المجلس المعقودة فى ٥ من مايو سنة ١٩٩٢، واستعادت نظر القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ فى شأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض، واللائحة الداخلية للمجلس واستمعت الى السيد العضو مقدم الاقتراح وايضاحات السيد وزير العدل فتبين لها:
أولا – أن السيد العضو مقدم الاقتراح ذكر أنه تقدم فى جلسة المجلس المشار اليها مطالبا بالغاء المادة ٣٦ مكررا من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ فى شأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض والاستعاضة عنها باضافة مادة جديدة الى هذا القانون برقم ٣٤ مكررا نصها الآتى:
“مع عدم الاخلال بأحكام المواد من ٥٢٤ الى ٥٢٧ من قانون الاجراءات الجنائية، يكون للحكومة عليه الذى استوفى اجراءات الطعن بالنقض أن يطلب من محكمة النقض وقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها حتى تفصل فى الطعن. “وتفصل المحكمة فى هذا الطلب على وجه السرعة بعد سماع النيابة العامة والمحكوم عليه.
وعلة هذا التعديل هو أن المادة ٣٦ مكررا المضافة الى القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ والتى تنص على أن “تخصص دائرة أو أكثر منعقدة فى غرفة المشورة لفحص الطعون فى أحكام محكمة الجنح المستأنفة لتفصل بقرار مسبب فيما يفصح من هذه الطعون عن عدم قبوله شكلا أو موضوعا، ولتقرر احالة الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة، ولها فى هذه الحالة أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية الى حين الفصل فى الطعن”.
وهذه المادة تقصر سلطة محكمة النقض فى ايقاف التنفيذ على العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها من محكمة الجنح المستأنفة ولا يمتد حكمها الى العقوبات المحكوم بها من محكمة الجنايات.
والنص يواجه هذه الحالة اذ يتيح لمحكمة النقض أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها من محكمة الجنايات بناء على طلب الطاعن الى أن يفصل فى الطعن.
ثانيا – فى بداية اجتماع اللجنة تقدمت وزارة العدل بتعديل على الاقتراح المقدم، بحيث يجعل التعديل منصبا على تعديل المادة ٣٦ مكررا من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المشار اليه لتصبح على النحو الآتى:
مادة ٣٦ مكررا –

١ – يجوز للطاعن فى حكم صادر من محكمة الجنايات بعقوبة سالبة للحرية أن يطلب فى مذكرة أسباب الطعن وقف تنفيذ الحكم الصادر ضده مؤقتا لحين الفصل فى الطعن، ويحدد رئيس المحكمة جلسة لنظر هذا الطلب تعلن بها النيابة.
وعلى المحكمة اذا أمرت بوقف التنفيذ أن تحدد جلسة الطعن أمامها فى ميعاد لا يجاوز ستة شهور، وتحيل ملف الطعن الى النيابة لتودع مذكرة برأيها خلال الأجل الذى تحدده لها.
٢ – تخصص دائرة أو أكثر منعقدة فى غرفة مشورة لفحص الطعون فى أحكام محكمة الجنح المستأنفة تفصل بقرار مسبب فيما يفصح من هذه الطعون عن عدم قبوله شكلا أو موضوعا، ولتقرر احالة الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة، ولها فى هذه الحالة أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية الى حين الفصل فى الطعن.
٣ – ويجوز للمحكمة فى جميع الأحوال اذا أمرت بوقف التنفيذ أن تأمر بتقديم كفالة أو بما تراه من اجراءات تكفل عدم هروب الطاعن.
ثالثا – رأت اللجنة بعد استعراض الاقتراح المقدم من السيد العضو والتعديل المقدم على الاقتراح من وزارة العدل الموافقة على التعديل الذى تقدمت به وزارة العدل السابق الاشارة اليه، وذلك بعد اجراء بعض التعديلات عليه وذلك على النحو الآتى:
١ – اضافة عبارة “على وجه السرعة” فى نهاية الفقرة الأولى من البند (١) من المادة ٣٦ مكررا، وذلك حتى يكون تحديد الجلسة التى تنظر طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر بعقوبة سالبة للحرية والتى تعلن بها النيابة العامة على وجه السرعة.
٢ – استبدال عبارة “بوقف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية” بعبارة “بوقف التنفيذ” الواردة فى الفقرة الثانية من ذات البند. لدقة العبارة الأولى حيث أن المقصود من الأمر هو وقف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية.
٣ – اضافة عبارة “على وجه السرعة” بعد كلمة “بالجلسة” الواردة فى البند (٢) من المادة.
رابعا – رأت اللجنة أن يكون موضوع التعديل المقترح على المادة ٣٦ مكررا من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المشار اليه فى المادة التاسعة من مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية والاثبات فى المواد المدنية والتجارية والعقوبات والاجراءات الجنائية وحالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض والرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية والتى سبق أن وافق عليها المجلس بجلسته المعقودة فى ٥ مايو سنة ١٩٩٢، ويكون نصها كالآتى:

(المادة التاسعة)

تستبدل عبارة “ستين يوما” بعبارة ” أربعين يوما” الواردة فى المادة ٣٤ من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ فى شأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ويستبدل بنص المادة ٣٦ مكررا من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ النص الآتى:
مادة ٣٦ مكررا –
١ – يجوز للطاعن فى حكم صادر من محكمة الجنايات بعقوبة سالبة للحرية أن يطلب فى مذكرة أسباب الطعن وقف تنفيذ الحكم الصادر ضده مؤقتا لحين الفصل فى الطعن، ويحدد رئيس المحكمة على وجه السرعة جلسة للنظر بهذا الطلب تعلن بها النيابة، وعلى المحكمة اذا أمرت بوقف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية أن تحدد جلسة لنظر الطعن أمامها فى ميعاد لا يجاوز ستة شهور، وتحليل ملف الطعن الى النيابة لتودع مذكرة برأيها خلال الأجل الذى تحدده لها.
٢ – تخصيص دائرة أو أكثر منعقدة فى غرفة مشورة لفحص الطعون فى أحكام محكمة الجنح المستأنفة تفصل بقرار مسبب فيما يفصح من هذه الطعون عن عدم قبوله شكلا أو موضوعا، ولتقرير احالة الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة على وجه السرعة، ولها فى هذه الحالة أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية الى حين الفصل فى الطعن.
٣ – ويجوز للمحكمة فى جميع الأحوال اذا أمرت بوقف التنفيذ أن تأمر بتقديم كفالة أو بما تراه من اجراءات تكفل عدم هروب الطاعن.
وقد طلب كتابة السيد العضو ابراهيم النمكى اثبات اعتراضه على الفقرة الثانية من المادة ٣٦ مكررا.
كما طلب كتابة السيد العضو عبد المنعم العليمى اثبات اعتراضه على نص البند (٢) من ذات المادة.
واللجنة اذ توافق على التعديل المقترح، ترجو المجلس الموقر الموافقة عليه وما اقتضاه ذلك من تعديل لنص المادة التاسعة من المشروع بالصيغة المرفقة.

رئيس اللجنة
دكتورة فوزية عبد الستار