جريمة عدم تسليم طفل لمستحق رعايته النزاع حول حضانة الأطفال و رؤيتهم 

في التقرير التالي تلقي “الناس و القانون” الضوء علي إشكالية في غاية الأهمية القصوي وهي جريمة امتناع تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه ، والتي تمثل جنحة عدم تسليم طفل لمستحق رعايته ، المتمثله في النزاع حول حضانة الأطفال و رؤيتهم  وجاءت المادة 292 عقوبات تقرر عقوبة جنائية لهذة الجريمة ، ودور القانون والشرع بين جريمه الامتناع عن تسليم الصغير ( سلب حضانه ) وعدم تنفيذ حكم الرؤيه.

ومن ثم فإن النزاع حول الحضانة ورؤيته الأطفال في هذه الحالة لا يكون محله محاكم الاسرة و الأحوال الشخصية , وإنما يكون محل هذا النزاع محاكم الجنح.

 وبما أن القانون هو بناء متكامل وان النظرة المحدودة إلى قانون معين هي نظرة خاطئة , حيث أن النظرة الصحيحة يجب أن تكون نظرة متكاملة لمنظومة القوانين جميعا و التي يحتويها هذا القانون , ومن ثم نعرض لمواد القانون المتواجدة في قانون العقوبات المصري والمرتبطة تماما بقانون الأحوال الشخصية :

نصوص قانون العقوبات المصري المتعلقة بـجريمة امتناع تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه

المادة 284 من قانون العقوبات المصري

تنص المادة 284 من قانون العقوبات المصري علي أنه: ” يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنية كل من كان متكفلا بطفل وطلبه منه من له حق في طلبه ولم يسلمه إليه .

المادة 292 من قانون العقوبات المصري

تنص المادة 292 من قانون العقوبات المصري علي أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنية أي الوالدين أو الجدين لم يسلم ولده الصغير أو ولد ولده إلى من له الحق في طلبه بناء على قرار من جهة القضاء صادر بشأن حضانته أو حفظة . وكذلك أي الوالدين أو الجدين خطفه بنفسه أو بواسطة غيره ممن لهم بمقتضى قرار من جهة القضاء حق حضانته أو حفظة ولو كان ذلك بغير تحايل أو أكراه“.

المادة 292 من قانون العقوبات كانت موجودة كذلك في قانون العقوبات القديم تحت رقم 246.

والجدير بالذكر أن المادة 284 تطبق على أي شخص يكون بيده الطفل أما المادة 292 فتطبق فقط على احد الوالدين أو احد الأجداد.

 شروط تطبيق قانون العقوبات علي النزاع حول حضانة الأطفال و رؤيتهم 

 الشرط الآول: أن يصدر حكم قضائي بالضم لطالب ضم الصغير

أكدت في ذلك محكمة النقض المصرية أنه :

“لوالد الطفل المتنازع على حضانته الحق في ضمه إليه، و لا تمكن معاملته بمقتضى المادة 246ع – التي جرى القضاء على معاملة الوالدين بها – إلا إذا قضى بالحضانة لغيره و أمتنع هو عن تسليم الطفل للمقضي له بهذه الحضانة.

“الطعن رقم 0047 لسنة 01 مجموعة عمر 2ع صفحة رقم 334 بتاريخ 11-06-1931“.

وهذا يعني أيضا انه يجب أن يكون حكم صادر من محكمة فقرارات تسليم الصغار التي تصدرها النيابة العامة لا يكون الامتناع عن تطبيقها مسوغ لتطبيق المادة 284 و 292 كما قضت محكمة النقض   

كما قد جرى نص الفقرة الأولى من المادة 292 من قانون العقوبات بأن:

 ” يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسين جنيهاً مصرياً أي الوالدين أو الجدين لم يسلم ولده الصغير أو ولد ولده إلى من له الحق في طلبه بناء على قرار من جهة القضاء صادر بشأن حضانته أو حفظه ” فمناط تطبيق هذا النص أن يكون قد صدر قرار من القضاء بشأن حضانة الصغير أو حفظه وأمتنع أي من الوالدين أو الجدين عن تسليمه إلى من له الحق في طلبه بناء على هذا القرار . …”طعن رقم 151، للسنة القضائية 42، بجلسة 27/03/1972 “.

الشرط الثاني: أن يكون الحكم نهائي وغير قابل للطعن وغير مستشكل فيه

قضت محكمة النقض المصرية  في هذا الخصوص أنه:

“يشترط لقيام الجريمة أن يكون هناك حكما نهائيا بضم الصغير“.

“نقض جنائي في 1/5/1933 – الطعن رقم 117 السنة 3ق – ص 280“.

الشرط الثالث: أن يمتنع من بيده الصغير عن تسليمه لمن معه الحكم

قضت محكمة النقض المصرية  في هذا الخصوص أنه:

“لوالد الطفل المتنازع على حضانته الحق في ضمه إليه، ولا تمكن معاملته بمقتضى المادة 246 ع – التي جرى القضاء على معاملة الوالدين بها – إلا إذا قضى بالحضانة لغيره وأمتنع هو عن تسليم الطفل للمقضي له بهذه الحضانة.

طعن رقم 47، للسنة القضائية 1، بجلسة 11/06/1931 “.

من ثم إذا فقد شرط من هذه الشروط امتنع على النيابة تحريك الدعوى

الاستشاكل في تنفيذ حكم الحضانة

بل إذا انطبقت الشروط السابقة ولكن من بيده الطفل استشكل في تنفيذ حكم الحضانة فأنه يجب على النيابة عدم تحريك الدعوى وانتظار الفصل في الاستشكال بل حتى ولو كانت الدعوى حركت فان المحكمة تحكم بوقف السير فيها انتظار لما سيتم في الأشكال المقدم في حكم الحضانة

الركن المادي في جريمة امتناع تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه

ماهية الفعل الإجرامي في جريمة امتناع تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه, هو الامتناع عن تسليم الطفل لمن له الحق القانوني في حضانته.

ويثور التساؤل حول تنطبق هذه المواد على امتناع من بيده حضانة الطفل عن إتاحة رؤيته لمن بيده حكم بالرؤية ، حيث أنه في الواقع العملي كثيرا ما يلجأ من بيده حكم بالرؤية إلى إقامة جنحة مباشرة استنادا إلى حكم المادة 292 ولكن محكمة النقض المصرية حسمت ذلك الأمر في حكم لها إذ قضت بانه:

“يختلف كل من حق الحضانة أو الحفظ عن حق الرؤية سواء أكان رؤية الأب ولده وهو في حضانة النساء أم رؤية الأم ولدها إذا كان مع أبيه أو مع غيره من العصبات .

طعن رقم 151، للسنة القضائية 42، بجلسة 27/03/1972“.

كما قضت كذلك محكمة النقض المصرية أنه:

إذا كان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده بتهمة أنه لم يسلم إبنته لوالدتها لرؤيتها تطبيقاً منه للفقرة الأولى من المادة 292 من قانون العقوبات مع صراحة نصها ووضوح عبارتها في كونها مقصورة على حالة صدور قرار من القضاء بشأن حضانة الصغير أو حفظه بما لا يصح معه الانحراف عنها بطريق التفسير والتأويل إلى شمول حالة الرؤية ، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفى تأويله بما يوجب نقضه والحكم ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه .

طعن رقم 151، للسنة القضائية 42، بجلسة 27/03/1972“.

جريمة امتناع تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه جريمة من الجرائم المستمرة استمرارا متتابعا

إن جريمة من الجرائم المستمرة استمرارا متتابعا هي جريمة من الجرائم المستمرة استمرارا متتابعا أي أن الحكم الصادر فيها لا يمنع من الحكم فيها مرة أخري في حالة تكرار نفس الفعل مرة أخرى بعدالحكم ولا يجوز للجاني أن يحتج بسبق الحكم فيها

قد جاء حكم محكمة النقض المصرية ليقرر إن:

“جريمة الامتناع عن تسليم الطفل لمن له حق حضانته شرعاً هي من الجرائم المستمرة استمرارا متتابعاً أو متجدداً بمعنى أن الأمر المعاقب عليه فيها يتوقف استمراره على تدخل إرادة الجاني تدخلاً متتابعاً و متجدداً بخلاف الجريمة المستمرة استمرارا ثابتاً فإن الأمر المعاقب عليه فيها يبقى و يستمر بغير حاجة إلى تدخل جديد من جانب الجاني كبناء جدار خارج عن التنظيم مثلاً . و المتفق عليه أنه في حالة الجريمة المستمرة استمرارا ثابتاً يكون الحكم على الجاني من أجل هذه الجريمة مانعاً من تجديد محاكمته عليها مهما طال زمن استمرارها ، فإذا رفعت عليه الدعوى العمومية مرة ثانية من أجل هذه الجريمة جاز له التمسك بقوة الشئ المحكوم فيه ، أما في حالة الجريمة المستمرة استمرارا متتابعاً فمحاكمة الجاني لا تكون إلا عن الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى . و فيما يتعلق بالمستقبل فتجدد إرادة الجاني في استمرار الحالة الجنائية يكون جريمة جديدة تصح محاكمته من أجلها مرة أخرى و لا يجوز له التمسك عند المحاكمة الثانية بسبق الحكم عليه.

الطعن رقم 1155 لسنة 48 ق ، جلسة 1931/5/7“.

وختاماً لحديثنا

نشير الي أن هذه المواد القانونية سالفة الذكر تطبق فقط في حالة الامتناع عن تسليم الصغير لمن بيده حكم قضائي نهائي بالحضانة أو بالحفظ أما أحكام الرؤية فأنها لا تنطبق عليها هذه المواد القانونية.