81 / 100

التحريات وحدها لا تصلح دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ولا يجوز إقامة الأحكام على مجرد رأى محرر محضر التحريات أو الضبط

5تحريات المباحث وحدها لا تصلح دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه  – فى التقرير التالى تلقي «الناس والقانون» الضؤ علي كون «تحريات المباحث وحدها لا تصلح دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ولا يجوز إقامة الأحكام على مجرد رأى محرر محضر التحريات أو الضبط». حيث قضت محكمه النقض فى العديد من أحكامها بأن التحريات وحدها لا تصلح دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ولا يجوز إقامة الأحكام على مجرد رأى محرر محضر التحريات أو الضبط ، فالأحكام إنما تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بإدانة أو براءه صادراً فيها عن عقيدة يحصلها هو مستقلاً فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقع التى أقام قضاءه أو لعدم صحتها حكماً لسواه .

والتحريات وحدها لاتصلح لأن تكون قرينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ، لأن ما تورده التحريات دون بيان مصدرها لا يعدو أن يكون مجرد رأى لقائلها يخضع لإحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضى منه بنفسه حتى يبسط رقابته ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده . وهى هنا تحريات باطلة فاسدة أية بطلانها وكذبها وفسادها أن مجرى التحريات لم يبين المصدر الذى إستقى منه تحرياته وحجبه عن جهة التحقيق بالمخالفة لقول الله تعالى ( ولاتكتموا الشهادة وأنتم تعلمون ) صدق الله العظيم  ..بقلم « أشرف فؤاد » المحامي بالنقض.

التحريات وحدها لا تصلح دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ولا يجوز إقامة الأحكام على مجرد رأى محرر محضر التحريات أو الضبط
التحريات وحدها لا تصلح دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ولا يجوز إقامة الأحكام على مجرد رأى محرر محضر التحريات أو الضبط

 أما الأمر الثانى أن مجرى التحريات قد قام بها بعد مرور أربع سنين عداداً بعد الواقعة ولم تؤدى تحرياته أبداً إلى إكتشافها بل إنه فى أقواله لدى المحكمة قطع بأن تحرياته ظنية غير قطعية على نحو ماسيأتى فى حينه.

وحيث إنه لما كان من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرًا، والمقصود من عبارة الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة.

أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة، كما صار إثباتها بالحكم، كما أنه من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديًا إلى ما رتبه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر في العقل والمنطق، وأن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا يؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة،

لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه بيانًا لواقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها أنه خلص إلى إدانة الطاعن في عبارات عامة لا تتضمن بيانًا بأركان الجريمتين الأولى والثانية اللتين دانه بهما وقصر في بيان الأفعال التي قارفها والمنتجة لها، كما لم يستظهر وفق ضوابط تعريف الأثر في المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1983 التي اشترطت لوصف الأثر أن يكون من إنتاج الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى قبل مائة عام حتى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها .

وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها، أو أن رئيس الوزراء قد اعتبرها أثرًا وفقًا للمادة الثانية من القانون آنف البيان وإنما اكتفى الحكم المطعون فيه في اعتبار بعض المضبوطات من الآثار وبعضها الآخر مقلد وغير أثري لمجرد رأي اللجنة والموظفين العاملين بالمجلس الأعلى للآثار الذين قاموا بالفحص من أنها كذلك ولمجرد نسبتها إلى العصر الإسلامي بغير استظهار قيمتها التاريخية أو التحقق من صدور قرار رئيس الوزراء باعتبارها من الآثار.

كما لم يستظهر في مدوناته توافر قصد الاتجار في حقه، وأن يورد الأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحه ويكشف عن قيامه وذلك من واقع الدعوى وظروفها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دام أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة.

وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في التدليل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن على تحريات الشرطة دون أن تكون معززة بأدلة أخرى، فإن الحكم يكون قد بني على عقيدة حصلها من رأي محرر محضر التحري من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها وهو يعيبه بالقصور والفساد في الاستدلال بشأن هاتين الجريمتين اللتين أوقع الحكم بالطاعن عقوبة مستقلة عن كل منهما دون أن يقول كلمته في مدى قيام التعدد بين الجريمتين في مفهوم المادة 32 من قانون العقوبات بالرغم من أن الفعل المادي المكون لجريمة تزييف الآثار بقصد الاحتيال كان أحد عناصر الفعل المادي المكون لجريمة الاتجار فيما مما يرشح لوجود ارتباط بين الجريمتين تكفي فيه عقوبة الجريمة الأشد عنهما بيد أن الحكم لم يعمل أثر الارتباط ولا تعرض له بما ينفي قيامه على سند من القانون، فإن الحكم يكون معيبًا بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، وكيما تتاح له فرصة محاكمته على ضوء القانون رقم 3 لسنة 2010.

كما ذهبت أيضاً محكمه النقض فى الكثير من أحكامها

بأن التحريات وحدها لا تصلح دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ولا يجوز إقامة الأحكام على مجرد رأى محرر محضر التحريات أو الضبط ، فالأحكام إنما تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بإدانة أو براءة صادراً فيها عن عقيدة يحصلها هو مستقلاً فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكـــــــوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام عليها قضاءه أو عدم صحتها حكماً لسواه ، والتحريات وحدها لا تصلح لأن تكون قرينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمه ، لأن ما تورده التحريات دون بيان مصدرها لا يعدو أن يكون مجرد رأى لقائلها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضى منه بنفسه حتى يبسط رقابته ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده . – وهى هنا تحريات باطلة فاسدة أية بطلانها وكذبها وفسادها أن مجرى التحريات لم يبين المصدر الذى استقى منه

وأكدت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها أنه:

  ( وان كان اساس الاحكام الجنائية هو حرية قاضى الموضوع فى تقدير الادلة القاعة فى الدعوى الا انه يرد على ذلك يقود منها ان يدلل القاضى أى بالدليل وليس بالاستدلال على صحة عقيدته فى اسباب حكمة بالأدلة وليس بمحض قرائن او الاستدلالات تؤدى الى ما رتبه عليها لا يشوبها خطا فى الاستدلال او تناقض او تعادل )

( نقض 2/4/1957 – س 8 – 93 – 352 )

( الطعن رقم 5333 لسنه 73 ق تاريخ 18/2/2004 )

و قضت أيضا محكمة النقض أنه

(وجدير بالذكر أن محكمه النقض تنبسط رقابتها على صحه استدلال المحكمة و صواب استنباطها للأدلة المطروحة عليها فإذا كانت قد اعتمدت على دليل لا يجوز ان يؤسس قضاءها عليه فان حكمها يكون باطلا لابتنائه على اساس فاسد اذ يتعين ان تكون كافه الأدلة التى اقيم عليها قضاء الحكم وقد سلمت من عوار الفساد فى الاستدلال أو التعسف فى الاستنتاج وهو مالم يسلم منه الحكم الطعين ولهذا كان معيباً واجب النقض والإعادة) .

( نقض 23/2/1983 – س 34 – رقم 53 – ص 274 – طعن 6453 لسنه 52 ق )

 ( نقض 13/6/1985 – س 36 – رقم 138 – ص 782- طعن رقم 6335 لسنه 55 ق )

رأي الفقة القضائي في التحريات

من المتفق عليه فقهاً وقضاء أنه لا غناء للإسناد الجنائى ، عن دليل واحد على الأقل ، قد يعزز – وقد لا يعزز – بقرائن أو استدلالات .. ولكن ” الدليل ” شرط لازم لإقامة الإسناد ولا يقوم الإسناد بغير دليل .

يري الدكــتور محمود مصطفى أن

من المسلم أن حكم الإدانة يجب أن يبنى على دليل على الأقل تقتنع به المحكمة بوقوع الجريمة من شخص معين ، فلا يجوز ان تبنى الإدانة على مجرد استدلال ، فالاستدلال قد يدعم الأدلة ، ولكنه لا يصلح وحده سنداً للإدانة !! ”

( فى كتابه الإثبات فى المواد الجنائية فى القانون المقـــــــــارن – جـ1 النظرية العامة – ط 1 سنة 1977– صـ 43 )

وهو ما يتفق مع حكم محكمة النقض الذي قرر أنه

((غير أن حرية القاضى الجنائى فى الإقناع تتقيد بما يأتى :- أولاً: ليس للقاضى أن يبنى حكمه إلا على أدلة.))

 ( نقض 12 أبريل 1957 – مج أحكام النقض – س 8 – رقم 93 – ص 352 )

وهو ما يثفق مع ما قررتخ النقض من أنه

( فيجب أن يتوافر لديه دليل كامل على الأقل ، ولا مانع بعد ذلك من أن يعززه باستدلالات.)

( نقض 3 أكتوبر 1990 – مج أحكام النقض – س 11 – رقم 122 – ص 652 )

وأيضاً يري الأستاذ الدكتور محمد زكى أبو عامر 

(  أن حرية القضاء الجنائى فى الاقتنا ع محكومة بأن يكون الحكم مبنياً على ” أدله ” – ” وضعية ” – صحيحة ” بمعنى أنه ” يلزم أن يكون اقتناع القاضى قائماً على “دليل ” ومعنــــــــــــــــــــاه – فيما يورد – أن محض ” القرينة ” (أو الاستدلال) لا يجوز ابتناء الحكم عليها ، وإن جاز تعزيز الأدلة بها ” وهو بعد أن تحدث عن أنواع الأدلة .. الكاملة والناقصة ، والبسيطة والمركبة . – ففى قوله : – ومن هذا يتضح أن القاضى الجنائى مقيد قانونا ببناء اعتقاده على ” دليل ” أى على أثر أو مجموعة أثار مادية أو نفسية ” تقطع ” بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم فإذا كانت هذه الآثار عاجزة أو قاصرة عن إعطاء هذا ” القطع ” فلا يجوز ابتناء الاقتناع عليها باعتبارها مجرد ” قرينة ” أو دليل ” ( يضم الدال ) أو الاستدلال ” . – فهى وأن جاز تعزيز الأدلة بها ، إلا أنها لا تقوم مقامها فى الأدلة

 ( الإجراءات الجنائية – ط 1984 – ص 897 وما بعدها الآتى أحكام النقض التى أستشهد بها ص 898 – مبادئ قانون الإجراءات الجنائية – ط ثانية 1984 – ص 89 – 90 )

قضاء محكمه النقض اشار ضمنا الى وجوب الاعتماد على ” الدليل” مع سلامة الاستدلال فتقول محكمة النقض انه :-

” وإن كـان أســــــــــــــــاس الأحكام الجنائية هو حرية قاضى الموضوع فى تقدير الأدلة القائمة فى الدعوى، إلا أنه يرد على ذلك قيود منها أن “يدلل” القاضى ( أى بالدليل – وليس بالاستدلال ) على صحة عقيدته فى أسباب حكمه “بأدلة ” ( وليس بمحض قرائن أو استدلالات ) تؤدى إلى ما رتبه عليها لا يشوبها خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل “

(نقض 2/4/1957- س 8-93-352 – الطعن رقم 5333 لسنة 73 ق بتاريخ 18/2/2004)

جرت عليه أحكام محكمة النقض علي أن:

جواز الاستناد الى الاستدلالات ، ولكن لتعزيز ما ساقته المحكمة من ” أدلة ” فقضت مثلا – بأنه :-

”  للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة ( فقط) لما ساقته من أدلة  “

(نقض 3/10/1960- س 11- 122-652)

سلطة القاضى الجنائي فى تكوين عقيدته بشأن الشهادة

وغنى عن البيان أن هذه القاعدة ليست مصادرة على حق و سلطة القاضى فى تكوين عقيدته من مصادرها التى يطمئن اليها ، فله كامل الحرية فى قبول الدليل – كدليل – أو اطراحه – وفى الاطمئنان الى القرينة – كقرينه أو العزوف عنها ، وفى قبول الاستدلال – كاستدلال- أو رفضه – وانما قصارى الامر – ولا مصادرة فيه – أنه يشترط لإقامة الاسناد توافر دليل ( صحيح ) على الاقل تقتنع به المحكمة ، و ثمة فارق بين الدليل ، وبين الاستدلال ، و يجب أن يكون الدليل “صحيحا ” ، متولدا عن اجراء صحيح .. و يقينيا .

محكمه النقض فى تعريف الشهادة تقول أن  :

 ( الشهادة قانوناً تقوم على إخبار شفوى يدلى به الشاهد فى مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح  )

(نقض 6/1/1964 – س 15 –رقم /1ص – 1)

واستقر قضاء النقض المصري

”  الشاهد الذى تبنى الأحكام الجنائية على أقواله ، هو من شاهد الواقعة المشهود عليها ، أما أراء أحاد الناس وتصوراتهم وتأويلاتهم وتفسيراتهم للأحداث – فظنون لا تبنى عليها الإدانة قط

وفي حكم لها قضت محكمه النقض المصرية أن

” الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما قد يكون رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه “

(نقض 6/2/1978 – س 29 – 25 – 39)

تحريات الشرطة وحدها لا تصلح دليلا على ثبوت التهمة

تُعتبَر التحريات النواة الأولى للتحقيق، وهى عمل إداري قانوني يتمثل فى تجميع مجموعة من الأدلة أو الشبهات التي تكشف عن ارتكاب المتهم جريمة من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات، وبعض القوانين الجنائية الخاصة، وأِّما ان تقود رجال الشرطة إلى العثور على أدلة ثبوتية، أو تتوقف عند حد المعلومات الظنية.

ولما كانت التحريات احد عناصر الاستدلال، يتعين على القائم بالتحري أن يكون محضره محاكاة للواقع وألا ينطوى عمله على مخالفة القانون, و ألا يبنى على إكراه أو جبر للحصول على ثمة معلومات وأن يثبت جميع إجراءاته فى محضر يعرضه على سلطة التحقيق.

تلعب التحريات دوراً هاما في تحريك الدعوى بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة، حيث تهيؤ ﻟﻤصدر ﺩﻟﻴﻞٍ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ، وﺗﻌﺎﺿﺪ ﻭ ﺗﺆﺍﺯﺭ ﺩﻟﻴﻼً ﻳﺘﺰﺍﻣﻦ ﻣﻌﻬﺎ، الا انها ليست لها ﺣﺠﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪت ﻣﻨﻔﺮﺩة لا ﻳﻌﺰﺯها ﻭﻳﺆﺍﺯﺭها مضمونها.

وطالما كان الأصل فى الأحكام القضائية أنها تُبنى على الأدلة التي يقتنع بها القاضي فى إدانة المتهم أو براءته مستقلا بذاته فى تحصيل العقيدة عن ما يجريه من تحقيق وأن يعول على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت مطروحة على بساط البحث, إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلا على ثبوت التهمة.

خلافاً مما جرى عليه العرف بعدم الزام مجرى التحريات بالافصاح عن مصادره السرية التى استقى منها معلوماته، انه فى حال تضمن التحريات لإحدى المعلومات المؤداه للإدانة والعقوبة فلا بد أن يكون مصدرها معلومًا وتساندها أدلة سواء كانت فيديوهات أو شهودا أو مستندات أو تسجيلات أو خلافه مما يعزز التحريات وتطمئن إليه المحكمة عند الفصل في الدعوى.

ونشير هنا إلى أحد القضايا التى باشرها مكتبنا، حيث تلقى احد الاشخاص عبارات سب و قذف من خلال تطبيق واتساب، وتبين  لمباحث الانترنت ان الجريمة وقعت من خط تليفون مدفوع مقدما وتعذر تحديد المستخدم الفعلي لخط التليفون

واستكمالا للتحقيق طلبت النيابة العامة تحريات المباحث حول الواقع و ظروفها و ملابساتها، فجاءت التحريات تشير الى شخص على أنه مرتكب الواقعة

  وبناء على التحريات قدمت النيابة العامة ذلك الشخص للمحاكمة الجنائية بتهمة الازعاج، والتعدى على الحياة الخاصة، و السب و القذف المتضمن طعناً في الأعراض

 وبجلسة المحاكمة تمسك ماهر ميلاد اسكندر المحامى بخلو الأوراق من ثمة دليل على نسبة الاتهام للمتهم وأن التحريات تأتي معززة لدليل موجود فى الاوراق الا انها لا تصلح وحدها أن تكون دليلاً على ثبوت التهمة، وأن تقرير مباحث الانترنت عجز عن بلوغ حد الكفاية لتوجيه الأتهام للمتهم, فقضت المحكمة ببراءة المتهم اخذاً بهذا الدفاع.

الهدف من هذا المقال، أن التحريات الظنية لا تصلح دليلا على ثبوت التهمة  لان الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن و الاحتمال. كما ان الشك يفسر لصالح المتهم.

وفي حكم «لمحكمة النقض» توضح معنى تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش

محكمة النقض المصرية

دائرة الاثنين (ج)

الطعن رقم رقم ۱۷۳۲ لسنة ۹۲ قضائية

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم رقم ۱۷۳۲ لسنة ۹۲ قضائية، جلسة ۱۳ / ٦ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)، أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر قانوناً .

اسباب الطعن بالنقض :(القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع)

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدائه بجرائم إحراز جوهر الميثامفيتامين المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وسلاح ناري غير مُششخن وذخيرة بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أطرح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها بما لا يسوغ ، واستند بصفة أساسية إلى التحريات رغم عدم صلاحيتها بمجردها دليلاً للإدانة لجهالة مصدرها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال ضابط الشرطة ومن تقريري المعمل الكيميائي والأدلة الجنائية .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .

لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات رداً كافياً وسائغاً فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً .

لما كان ذلك . وكان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه للتدليل على ثبوت التهم في حق الطاعن قد جاء مقصوراً على أقوال شاهد الإثبات وما أسفر عنه التفتيش من إحراز المخدر المضبوط وما ثبت من تقريري المعمل الكيميائي والأدلة الجنائية ولم يتساند في ذلك إلى التحريات التي لم يعول عليها إلا كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش فحسب ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .

الحكم

لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .

أمين السر نائب رئيس المحكمة

رأي المستشار أشرف حماد في شأن التحريات

” يجب أن يكون اقتناع القاضى مبنياً على أدلة صحيحة ويكفى أن يتوافر لدية دليل واحد متى كان هذا الدليل كاملاً  أما إذا ما استند الى الاستدلالات وحدها . كان حكمه معيبا )

(  أن حرية القضاء الجنائى فى الاقتنا ع محكومة بأن يكون الحكم مبنياً على ” أدله ” – ” وضعية ” – صحيحة ” بمعنى أنه ” يلزم أن يكون اقتناع القاضى قائماً على “دليل ” ومعنــــــــــــــــــــاه – فيما يورد – أن محض ” القرينة ” (أو الاستدلال) لا يجوز ابتناء الحكم عليها ، وإن جاز تعزيز الأدلة بها ” وهو بعد أن تحدث عن أنواع الأدلة .. الكاملة والناقصة ، والبسيطة والمركبة . – ففى قوله : – ومن هذا يتضح أن القاضى الجنائى مقيد قانونا ببناء اعتقاده على ” دليل ” أى على أثر أو مجموعة أثار مادية أو نفسية ” تقطع ” بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم فإذا كانت هذه الآثار عاجزة أو قاصرة عن إعطاء هذا ” القطع ” فلا يجوز ابتناء الاقتناع عليها باعتبارها مجرد ” قرينة ” أو دليل ” ( يضم الدال ) أو الاستدلال ” . – فهى وأن جاز تعزيز الأدلة بها ، إلا أنها لا تقوم مقامها فى الأدلة

فيكون حكمه معيباً إذا استند على استدلالات وحدها . ولكل دليل قواعد وأصول لا يكتسب صفه الدليل إلا بها