جريمة الاتجار بالبشر في القانون المصري: الركن المادي والمعنوي وعقوباتها في ضؤ أحكام ومبادىء محكمة النقض
تعد جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم الخطيرة التي تمس حقوق الإنسان بشكل مباشر، وتشمل استغلال الأفراد في أعمال قسرية أو جنسية أو للعمل في ظروف غير إنسانية. وقد أقر المشرع المصري عدة نصوص قانونية تتعلق بهذا النوع من الجرائم، وعلى رأسها قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010.
أولاً: الركن المادي لجريمة الاتجار بالبشر: الركن المادي يشمل الفعل المادي الذي يترتب عليه ارتكاب الجريمة. وفيما يخص جريمة الاتجار بالبشر، يتطلب توافر عدة أفعال مادية تتعلق بنقل أو احتجاز الأفراد لأغراض الاستغلال، ومنها:
-
التجارة بالبشر: تمثل هذه الجريمة الفعل الرئيسي حيث يتم نقل أو استقدام أو استقبال الأفراد لغرض استغلالهم، سواء كان ذلك في العمل القسري، أو الاستغلال الجنسي، أو سلب حقوقهم الأساسية.
-
الإجبار على العمل: يشمل الأفعال التي يتم فيها إجبار الأفراد على العمل في ظروف غير إنسانية، وغالبًا ما يكون هذا العمل في ظروف لا تحترم كرامة الإنسان.
ثانيًا: الركن المعنوي لجريمة الاتجار بالبشر: الركن المعنوي يتعلق بنية الجاني وهدفه من ارتكاب الفعل المادي. في جريمة الاتجار بالبشر، يتطلب توافر القصد الجنائي، حيث يكون الجاني قد أقدم على الأفعال المادية من أجل استغلال الضحية وتحقيق مصلحة شخصية غير مشروعة. وهذا يشمل:
-
النية الإجرامية: أن يكون لدى الجاني نية واضحة للاستفادة من الضحية، سواء كان ذلك من خلال العمل القسري أو الاستغلال الجنسي أو أي شكل آخر من الاستغلال.
-
الوعي بحجم الجريمة: يتطلب الجاني أن يكون واعيًا بأن الأفعال التي يرتكبها تمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان ويشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
ثالثًا: النصوص القانونية المتعلقة بجريمة الاتجار بالبشر: قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 وضع إطارًا قانونيًا لمعالجة هذه الجريمة، حيث نص على العقوبات الرادعة لكل من ارتكب هذه الجريمة سواء كان الجاني فردًا أو منظمة. وقد نصت المادة 6 من هذا القانون على العقوبة بالسجن المشدد وغرامة مالية ضخمة في حال ارتكاب هذه الجريمة.
حيث تعد جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم التي تمس إنسانية الأفراد وتهدد حقوقهم الأساسية. وتستند هذه الجريمة إلى الركن المادي والمعنوي اللذين يتطلبان توافر النية الجنائية والقيام بأفعال مادية تهدف إلى استغلال الأفراد. ويجب على القضاء المصري أن يتعامل مع هذه الجرائم بحزم وفقًا للنصوص القانونية والتوجهات الدولية في مكافحة الاتجار بالبشر.
جريمة الاتجار بالبشر في القانون المصري: تحليل الركن المادي والمعنوي والعقوبات المقررة في قانون مكافحة الاتجار بالبشر
محكمة جنايات .......
الدائرة (.......)
الجناية رقم .... لسزة 20م
جلسة ../../ 20م
مذكرة بدفاع
السيد/ ...................... متهم
ضــد
النيابة العامة ............................ سلطة اتهام
في القضية رقم ...... لسنة ........ جنايات ........ والمقيدة برقم كلي ..........
الموضوع
جناية الاتجار بالبشر في القانون المصري: الركن المادي والمعنوي للجريمة نحيل الي مااجاء بأوراق الدعوي .. حرثا منا علي ثمين عدالة المحكمة الموقرة
الوقائع
أسندت النيابة العامة إلى المتهم أنه في يوم (..) بدائرة قسم / مركزشرطة .....، ، وطلبت معاقبته بموجب نص المادة .... من قانون العقوبات.
الدفـــــــــــــــــــــــاع
الدفع بانتفاء أركان الجريمة:
إن من
شروط الإدانة في جريمة الاتجار بالبشر وفقًا للقانون رقم 64 لسنة 2010، يجب توفر
أركان الجريمة المادية والمعنوية.في هذا الصدد، يمكن الدفع بانتفاء الأركان
المادية إذا لم يكن هناك دليل مادي يؤكد وقوع الاستغلال الجنسي للطفلة أو وجود
أفعال تدل على الاتجار بالبشر. تنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية على
ضرورة تقديم بيان مفصل للواقعة المدعى بها، وهو ما تم الالتزام به من قبل المحكمة
في هذا الحكم، حيث وردت الأدلة الكافية من الشهادات والاعترافات، وبالتالي فإن
الدفع بانتفاء الأركان يكون غير قائم على أساس سليم.
- الدفع بعدم وجود دليل مادي بالأوراق:
إن
الطاعنة تدفع بعدم وجود دليل مادي يدعم وقوع الجريمة في حقها، إلا أن المحكمة قد
اعتمدت في إدانتها على شهادات المجني عليها وإقرار المتهمة في التحقيقات، وهذا
يُعد دليلاً ماديًا يكفي لتكوين عقيدة المحكمة في إدانة المتهمة. وقد استندت
المحكمة إلى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقتضي ضرورة تقديم أدلة
ثابتة تبرر الإدانة، مما يضفي مشروعية على الحكم الصادر.
- الدفع بعدم توافر القصد الجنائي
: إن القصد الجنائي في جريمة الاتجار بالبشر يتضمن نية
الاستغلال لأغراض غير قانونية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال. وقد أكدت المحكمة
في حكمها أن القصد الجنائي قائم، حيث كان واضحًا أن المتهمة كانت تسعى لاستغلال
المجني عليها جنسيًا مقابل المال. هذا ما يتوافق مع المادة 2 من قانون العقوبات
المصري التي تنص على ضرورة وجود القصد الجنائي في الجرائم التي تمس الحقوق
الأساسية للأفراد.
- الدفع بعدم كفاية التحريات:
استند
الدفاع إلى الدفع بعدم كفاية التحريات التي أوردها الضابط، إلا أن المحكمة قد ورد
في حكمها أنها قد أخذت بالتحريات التي أوردت تفاصيل كافية بشأن الواقعة، وهو ما
يعد من أوجه الأدلة المقبولة طبقًا لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية
التي تلزم المحاكم بالاعتماد على أدلة موثوقة.
- الدفع بتلفيق التهمة:
إذا تم
الدفع بتلفيق التهمة للمتهمة، فلا يعد هذا الدفع مقبولًا إذا ما كانت الأدلة التي
استند إليها الحكم من الشهادات والتحريات تبرر ما انتهت إليه المحكمة من قناعة.
ونص المادة 1 من قانون الإجراءات الجنائية يشير إلى أن المحكمة يجب أن تكون مقتنعة
بالأدلة المقدمة أمامها، وإذا ما كانت الأدلة لا تحمل شكوكًا، فإن الدفع بتلفيق
التهمة يصبح غير قائم.
- الدفع بوجود متهمين آخرين لم تتم محاكمتهم
: يُعد هذا الدفع غير مجد في ظل أنه لم يُحِل المحكمة من
مساءلة المتهمة التي ارتكبت الجريمة المنسوبة إليها وفقًا للأدلة المقررة. وحيث أن
محكمة الموضوع قد أقامت حكمها بناءً على الأدلة المتوافرة ضد المتهمة، فإن وجود
متهمين آخرين لا يحول دون معاقبتها على الجريمة التي ثبتت في حقها.
- الدفع بوجود تضارب في أقوال الشهود:
يستند
الدفاع في هذا الدفع إلى ما قد يُحتمل من تضارب في أقوال الشهود. إلا أن المحكمة
التي تقيم قضائها على اقتناعها الشخصي بأدلة الدعوى لها الحق الكامل في تقدير صحة
هذه الأقوال ومدى صحتها في تكوين العقيدة القضائية، وفقًا للمادة 310 من قانون
الإجراءات الجنائية التي تمنح المحكمة حرية تقدير الأدلة وفقًا لاعتباراتها.
- الدفع بعدم اقتناع المحكمة بالأدلة المقدمة
: قد يُثار من الدفاع أنه لم تكن المحكمة مقتنعة بالأدلة
المقدمة، ولكن المحكمة قد أوردت في حكمها بيانًا شاملًا ومفصلاً للواقعة استندت
فيه إلى الشهادات والتحريات التي تقوي الحكم بالإدانة. وبالتالي لا يجوز الترافع
أمام محكمة النقض حول هذه المسائل لأن محكمة الموضوع لها حق التقدير.
- الدفع بعدم توجيه التهمة بشكل واضح للمجني عليها
قد
يعترض الدفاع على عدم توجيه التهمة بشكل واضح للمجني عليها من حيث استغلالها
جنسيًا، لكن المحكمة استندت إلى ما ورد في شهادة المجني عليها، وهو ما يعد دليلاً
كافيًا لإثبات وقوع الجريمة.
يتضمن هذا الدفع أن تصوير
الواقعة أو عرضها في المحكمة لم يكن دقيقًا. لكن المحكمة قد بينت بما فيه الكفاية
تفاصيل الواقعة على نحو يتماشى مع القوانين المصرية المعمول بها، وهو ما يجعل هذا
الدفع غير مجد في هذه الحالة.
. الدفع بالتصوير غير الصحيح للواقعة:
- الدفع بوجود تسوية بين المجني عليها والمتهمة
: يفترض الدفاع أن هناك تسوية بين المجني عليها والمتهمة،
لكن المحكمة أوردت أن المتهمة قد استغلت المجني عليها وأن الأدلة تدعم الإدانة،
مما يجعل هذا الدفع غير قائم.
- الدفع بالتهديد باستخدام الفيديو كدليل زور
استند
الدفاع إلى أن التهديد باستخدام الفيديو لم يكن مستندا إلى حقيقة، لكن المحكمة قد
أكدت أن التهديد باستخدام الفيديو كان من بين الأدلة التي ساعدت في إدانة المتهمة،
وخلصت إلى أن هذا التهديد كان جزءًا من الجريمة المرتكبة.
- الدفع بتقادم الجريمة:
يرتكب هذا الدفع على فكرة التقادم الزمني للجريمة، إلا
أن جرائم الاتجار بالبشر وفقًا للقانون المصري لا تتقادم إذا ما كانت تتعلق
بالأطفال أو التهديدات التي تصاحب الجريمة، وبالتالي فإن هذا الدفع غير مقبول.
- الدفع بوجود خطأ في تطبيق المادة القانونية
: قد يُثار الدفع بوجود خطأ في تطبيق المادة القانونية من
حيث العقوبات، ولكن المحكمة قد طبقت المادة 64 من قانون العقوبات الخاص بالاتجار
بالبشر بشكل صحيح، مستندة إلى الفقرة التي تتعلق باستغلال الأطفال.
- الدفع بتواطؤ الشهود ضد المتهمة
: إلا أن المحكمة أكدت في حكمها على أنه لا يوجد تواطؤ بين
الشهود ضد المتهمة، وأن الأدلة تبرر الإدانة دون أي تأثير من الشهادات المقدمة.
- الدفع بعدم ذكر مادة قانونية معينة
قد
يُعترض على حكم المحكمة لعدم ذكرها مادة قانونية معينة في الحكم، ولكن هذا لا يؤثر
على صحة الحكم طالما أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد تمت مراعاتها
من حيث استعراض الأدلة.
- الدفع بعدم توفر عناصر الاستغلال الجنسي:
من
الثابت في القضية أن المحكمة قد أثبتت الاستغلال الجنسي بشكل مؤكد، وأن الأدلة
كانت واضحة في هذا الشأن، مما يجعل هذا الدفع غير قائم.
- الدفع بعدم توجيه التهمة بشكل كامل:
من
الممكن الدفع بعدم توجيه تهمة معينة من جميع التهم التي تم سردها في المحكمة، ولكن
محكمة النقض لا يجوز لها أن تُعيد النظر في توجيه التهم على النحو الذي يرغب فيه
الدفاع.
- الدفع بإثبات البراءة:
رغم أن
المحكمة قد أكدت ثبوت الأدلة ضد المتهمة، إلا أن الدفع بالبراءة يجب أن يستند إلى
أدلة جديدة أو عارض من شأنه نقض الحكم، وهو ما لا يتوافر في هذه القضية.
- الدفع بإحالة القضية إلى محكمة أخرى:
قد يُثار الدفع بأن القضية يجب أن تُحال إلى محكمة أخرى، إلا أن محكمة الموضوع قد استعملت سلطتها في تقدير الأدلة واستخلاص الحقائق بشكل قانوني، وبالتالي فإن هذا الدفع لا محل له.
20. الدفع بعدم كفاية الأدلة لإثبات الجريمة
يستند هذا الدفع إلى أن الأدلة المقدمة في الدعوى غير كافية لإثبات الجريمة التي ارتكبتها المتهمة، سواء كان ذلك من خلال الأقوال أو الشهادات أو التحريات الأمنية.
رد المحكمة: إن المحكمة قد استندت في حكمها إلى مجموعة من الأدلة القوية التي تؤكد ارتكاب المتهمة لجريمة الاتجار بالبشر. ومن هذه الأدلة:
شهادة المجني عليها التي أكدت
بما لا يدع مجالًا للشك أن المتهمة قد استغلتها جنسيًا وأرغمتها على ممارسة
الدعارة مع عدة رجال مقابل أموال.
تحريات الشرطة التي أثبتت صحة
الوقائع المدعى بها، حيث تم التأكد من صحة أقوال المجني عليها.
إقرار المتهمة في تحقيقات النيابة الذي أقر فيه بأنها ارتكبت الجريمة وشاركت في استغلال المجني عليها لأغراض جنسية.
وأوضحت المحكمة أن الأدلة المقدمة كانت كافية لإثبات الواقعة بما يحقق أركان الجريمة، مؤكدة أن الطعن بعدم كفاية الأدلة يعد مجرد جدل موضوعي لا يجوز للمحكمة إعادة النظر فيه في إطار محكمة النقضش.
يلتمس المتهم من عدالة المحكمة الموقّرة:
أولاً:براءة المتهم من التهمة المنسوبة اليه.
ثانيًا: احتياطيا: استعمال منتهي الرأفة.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،،،
وكيل الطاعن
أشرف فؤا حماد
المحامي
بالنقض والاارية العليا