الدفع بانتفاء القصد الجنائي وشيوع الاتهام في جريمة الابتزاز الإلكتروني: تحليل قانوني شامل
في إطار الدفاع عن المتهم في الدعوى الماثلة، والمتهم بارتكاب جريمة إنشاء أو إدارة أو استخدام موقع أو حساب إلكتروني بهدف ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا، والمُؤثّمة بنص المادة (27) من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، يتشرف الدفاع الحاضر عن المتهم بتقديم هذه المذكرة التي تتضمن دفوعًا موضوعية مستمدة من صحيح القانون وتفسيراته القضائية.
وقد جاءت هذه الدفوع استرشادًا بما صدر عن "مسار – مجتمع التقنية والقانون" من مذكرات تحليلية سابقة، تناولت الجوانب الدستورية والتشريعية والتأويلية المتعلقة بالمادة (27)، لا سيما ما يتصل بتحديد صفة "مدير الموقع أو الحساب"، باعتبارها من الأركان الجوهرية في قيام الجريمة محل الاتهام.
وتركّز المذكرة على تفنيد التفسير القضائي الضيق الذي اعتمدته المحكمة الاقتصادية في شأن تحديد المسؤولية الجنائية لمدير الموقع أو الحساب الإلكتروني، وتبيان شروط ومؤشرات تلك الصفة، مع عرض دفوع تستند إلى الفصل بين المسؤوليات في حال تعدد مديري الموقع، وبيان الدور الحاسم للتقارير الفنية المعتمدة في تحديد مدى توافر الصفة والنية الإجرامية لدى المتهم.
ومن ثم، فإن الدفاع يعرض على عدالة المحكمة هذه الدفوع الموضوعية، مؤيدًا إياها بالنصوص القانونية، والمبادئ القضائية، والتفسيرات الفنية، على نحو ما سيأتي تفصيله.
تعرف على الدفع بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الابتزاز الإلكتروني وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات. نستعرض أبرز الدفوع القانونية مثل شيوع الاتهام بين مديري المواقع وضرورة وجود أدلة قاطعة. كما نوضح كيفية التعامل مع القصور في التقرير الفني في تحديد مرتكب الجريمة. كل ذلك ضمن تحليل قانوني مستند إلى نصوص قانونية وأحكام نقض.
استعرض الدفع بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الابتزاز الإلكتروني وتفاصيل قانونية مهمة حول شيوع الاتهام بين مديري المواقع. تعرف على أهمية التقرير الفني في تحديد الجريمة وكيفية الطعن في الاتهامات. يشمل التحليل النصوص القانونية وأحكام النقض التي تدعم الدفاع. المذكرة القانونية تتناول بالتفصيل القوانين والإجراءات التي تؤثر في القضية.
دفوع قانونية في اتهام إدارة أو استخدام موقع إلكتروني لارتكاب جريمة – تحليل المادة 27 من قانون جرائم تقنية المعلومات المصري
محكمة ...
الدائرة (..)
قضية رقم ...لسنة 20م
جلسة ../../ 20م
مذكرة دفاع
السيد/ ................................... (متهم)
ضد
النيابة العامة ...................................... (سلطة اتهام)
في الدعوى رقم .... لسنة 20م
الموضوع
وطلبت معاقبته بالمواد 166 مكررًا، 171، 302/1، 303/1، 308 مكررًا/1 من قانون العقوبات، وبالمادتين 70، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن الاتصالات، وبالمادة 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتحدَّد لنظر الدعوى جلسة اليوم أمام المحكمة الموقرة.
الدفع القانوني الأساسي: عدم توافر صفة مدير الموقع
قد ورد نص المادة 27 من مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، ضمن مواد الفصل الرابع تحت عنوان: “الجرائم المرتكبة من مدير الموقع” من الكتاب الثالث “الجرائم والعقوبات” ويفهم من هذا السياق التشريعي أن الرابط المشترك في مواد هذا الفصل في القانون – المواد 27، 28، 29 – هو أنها جرائم لا يتصور المشرِّع ارتكابها إلا ممن يتصف بصفة مدير الموقع؛ من ثم فإن المخاطَب بهذا النص هو كل من تنطبق عليه هذه الصفة دون غيره، حسبما عرَّفها هذا القانون.
التعريف القانوني لمدير الموقع طبقًا للمادة الأولى
وقد عرَّف – هذا القانون – مدير الموقع في مادته الأولى بأنه “كل شخص مسئول عن تنظيم أو إدارة أو متابعة أو الحفاظ على موقع أو أكثر على الشبكة المعلوماتية، بما في ذلك حقوق الوصول لمختلف المستخدمين على ذلك الموقع أو تصميمه أو توليد وتنظيم صفحاته أو محتواه أو المسئول عنه”.
الالتزامات المفروضة على مدير الموقع وفق اللائحة التنفيذية
وجاءت المادة (11) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون (الصادرة بموجب قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 1699 لسنة 2020) موضحةً للالتزامات التي تقع على مدير
الموقع؛ حيث نصَّت على أن “يلتزم كل مسؤول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد
إلكتروني أو نظام معلوماتي سواء كان شخصًا طبيعيًّا أو اعتباريًّا …”.
تحديد الجرائم كجرائم ذوي صفة خاصة
ومما تقدم يكون المشرِّع قد صاغ تعريفًا محددًا لوظيفة مدير الموقع، وحدد له عدة مسؤوليات والتزامات فنية وتقنية، أناطه بتنفيذها، ورتب جزاءات جنائية غايتها معاقبته على مخالفة أو إهمال بعضها، أو على إساءة استغلاله لصلاحياته الوظيفية.
الركن المفترض في المادة 27: صفة مدير الموقع
من ثم فقد أصبح من المسلَّم به أن الجرائم المنصوص عليها في مواد الفصل
الرابع من الكتاب الثالث – المواد 27، 28، 29 من قانون مكافحة جرائم تقنية
المعلومات باتت من جرائم ذوي الصفة، فيشترط لمساءلة الفرد جنائيًّا عن ارتكاب أيٍّ
منها، أن يتوافر فيه قبل ارتكاب الجريمة شرط مفترض، يتكون من عنصرين...
تعريف المستخدم ومدير الموقع في قانون مكافحة تقنية المعلومات
"لمَّا كان من الثابت للمحكمة من مطالعتها لأوراق الدعوى..."
لمَّا كان من الثابت للمحكمة من مطالعتها لأوراق الدعوى وما ارتكبه المتهم من جرم يخرج عن نطاق تطبيق حكم المادة 27 من القانون 175 لسنة 2018 الخاص بجرائم مكافحة تقنية المعلومات، حيث أن القانون سالف البيان قد بيّن في الباب المتعلق بالأحكام العامة المصطلحات الواردة به، فعرف المستخدم بأنه: "كل شخص طبيعي أو اعتباري، يستعمل خدمات تقنية المعلومات، أو يستفيد منها بأي صورة كانت".
كما عرّف الموقع بأنه: "عبارة عن مجال أو مكان افتراضي له عنوان محدد على شبكة معلوماتية، يهدف إلى إتاحة البيانات والمعلومات للعامة أو الخاصة".
وعرّف مدير الموقع بأنه: "كل شخص مسئول عن تنظيم أو إدارة أو متابعة أو الحفاظ على موقع أو أكثر على الشبكة المعلوماتية، بما في ذلك حقوق الوصول لمختلف المستخدمين على ذلك الموقع أو تصميمه أو توليد وتنظيم صفحاته أو محتواه أو المسئول عنه".
وعرّف الحساب الخاص بأنه: "عبارة عن مجموعة من المعلومات الخاصة بشخص طبيعي أو اعتباري، تخول له دون غيره الحق في الدخول على الخدمات المتاحة أو استخدامها من خلال موقع أو نظام معلوماتي".
أثر اللائحة التنفيذية في تحديد اختصاصات مدير الموقع
"وهو ما أكد ذلك ما بينته اللائحة التنفيذية..."
وهو ما أكد ذلك ما بينته اللائحة التنفيذية الخاصة بالقانون الصادرة بقرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 1699 لسنة 2020، بشأن الإجراءات التي على مديرو المواقع
ومقدمو الخدمات اتباعها واتخاذها، والمبينة في المادتين الثانية والثالثة من
اللائحة.
صفة المستخدم وتأثيرها في نطاق المسؤولية الجنائية
"ولما كان المتهم وفق الثابت بالأوراق بوصفه مستخدمًا..."
ولما كان المتهم وفق الثابت بالأوراق بوصفه مستخدمًا حسابًا خاصًّا على
موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك، يوتيوب"، مما تكون صفته وفق المصطلحات
المبينة بالقانون سالف البيان "مستخدم" "حساب خاص" داخل موقع
التواصل الاجتماعي "فيسبوك، يوتيوب"، فمن ثم ما يقع منه من جرائم لا
تندرج تحت الجرائم المرتكبة من مدير الموقع والتي نصت عليها المادة 27 من القانون
سالف البيان.
شروط تطبيق المادة 27 وموقع المتهم خارج نطاقها
"إذ أن تلك المادة قد خاطبت مدير الموقع..."
إذ أن تلك المادة قد خاطبت مدير الموقع بصفته التعريفية المبينة سلفًا والتي أكدت اللائحة التنفيذية للقانون على اختصاصاته والإجراءات الإلزامية التي عليه أن يتبعها ويتخذها، والمبينة على ضوء المواد الثانية.
الشرط المفترض: الصفة الفنية لمدير الموقع
...هذا الشرط المفترض يتكون من عنصرين:
أولاً: أن يكون المتهم مسئولًا – كليًّا أو جزئيًّا – عن تنظيم أو إدارة أو
متابعة أو الحفاظ على موقع أو أكثر على الشبكة المعلوماتية، بما في ذلك حقوق
الوصول للمستخدمين على الموقع أو تصميمه أو توليد وتنظيم صفحاته أو محتواه أو يكون
مسئولًا عنه.
وثانيًا: أن تكون هذه الصفة سابقة على ارتكاب الجريمة.
عبء إثبات صفة مدير الموقع يقع على جهة الاتهام
وإذ كانت هذه هي ماهية الصفة المفترضة في الجريمة محل المادة 27، فإن عبء
إثبات توافر هذه الصفة يقع – وفقًا للقواعد العامة في الإثبات الجنائي – على
النيابة العامة، فإن قصرت أو عجزت عن إقامة الدليل على ذلك، أو ساورها الشك في
توافر هذا العنصر، تعين القضاء بالبراءة.
عدم توافر الصفة الفنية في حق المتهم
ولما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المتهم ليس له أية علاقة من قريب أو من بعيد بأي من المهام أو المسؤوليات أو الالتزامات التي حدَّدها القانون للقول بتوافر صفة "مدير الموقع"، وهو ما ينفي عنه الركن المفترض لجريمة المادة 27.
الدفع بانتفاء القصد الجنائي الخاص
فضلاً عن ذلك، فإن النص الجنائي في المادة 27 اشترط لتوافر الجريمة قصدًا
جنائيًا خاصًا، وهو "أن يكون الغرض من إنشاء أو إدارة أو استخدام الموقع هو
ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا"، أي لا يُكتفى بمجرد الإدارة أو
الاستخدام، وإنما يشترط انصراف نية الجاني إلى استعمال الموقع كوسيلة إجرامية، وهو
ما لم يثبت بالأوراق.
أهمية التقرير الفني في إسناد الاتهام
والثابت كذلك أن التقارير الفنية لم تُسند إلى المتهم دورًا محددًا في إدارة الموقع أو الحساب محل التحقيق، ولم تُبيِّن كيفية الوصول إلى تلك النتيجة أو الوسائل الفنية المستعملة للتحقق من نشاط المتهم الرقمي، وهو ما يجعلها قاصرة، ولا تنهض دليلاً على الإدانة.
الدفع بانعدام الدليل الفني والرقمي
ومن المقرر أن جريمة تقنية المعلومات، لكونها جريمة رقمية، يتعين أن تقوم
على دليل رقمي فني، يُثبت عناصرها وظروفها الفنية، وهو ما لم يتحقق في أوراق
الدعوى، إذ لم تقدم جهة الاتهام ما يثبت مسؤولية المتهم عن الموقع أو الحساب فنياً
أو وظيفياً.
النتيجة: الدفع بعدم توافر الركن المفترض وانتفاء القصد الجنائي
وعليه، تدفع هيئة الدفاع بعدم توافر الركن المفترض المتمثل في صفة
"مدير الموقع"، وانتفاء القصد الجنائي الخاص اللازم لقيام الجريمة، مما
يؤدي بالضرورة إلى عدم قيام جريمة المادة 27 في حق المتهم.
الدفع بعدم دستورية المادة 27 لانطوائها على عقوبة غير منضبطة
تنص المادة 27 على معاقبة "كل مسئول عن إدارة موقع إلكتروني... إذا
استخدم هذا الموقع في ارتكاب جريمة"، دون أن تحدد بدقة طبيعة هذه المسؤولية
أو صورها، وهو ما يمثل إخلالًا بمبدأ الشرعية واليقين القانوني المنصوص عليه في
المادة 95 من الدستور، التي توجب أن تكون العقوبة محددة وواضحة لا تقبل التأويل أو
التوسع.
الدفع بمخالفة المادة 27 لمبدأ شخصية العقوبة
من المبادئ المستقرة في الدستور المصري والقانون الجنائي مبدأ "شخصية
العقوبة"، أي ألا يُسأل شخص إلا عن فعله الشخصي المجرم قانونًا، والمادة 27
قد تسأل شخصًا عن فعل ارتكبه الغير عبر موقع أو حساب إلكتروني، لمجرد كونه
"مديرًا" له، حتى إن لم يكن له علم أو إرادة بذلك، وهو ما يمثل إخلالًا
جسيمًا بمبدأ دستوري جوهري.
الدفع بانعدام الركن المادي للجريمة
الركن المادي في جريمة المادة 27 يتمثل في "استخدام الموقع في ارتكاب
جريمة"، ولابد أن يثبت استخدام الموقع – الذي يديره المتهم – تحديدًا في
ارتكاب فعل مجرّم، وأن يكون هذا الفعل قد وقع بالفعل عبر هذا الموقع، وهو ما لم
تثبته جهة التحقيق، ما يجعل هذا الركن منعدمًا.
الدفع بانتفاء علاقة السببية بين إدارة الموقع والجريمة محل الاتهام
حتى مع التسليم جدلاً بوجود إدارة للموقع من قِبل المتهم، فإن القانون
اشترط وجود علاقة سببية بين هذه الإدارة وبين ارتكاب الجريمة، أي أن يكون للموقع
أو الحساب الإلكتروني دور فعّال في وقوع الجريمة، وهو ما لا يتوافر في الدعوى، حيث
لم يثبت أن الموقع أو الحساب قد استُخدم كوسيلة لتحقيق النتيجة الإجرامية.
الدفع بانعدام التحريات أو بطلانها لعدم الجدية
ومن المقرر قضاءً أن التحريات لا تصلح وحدها سندًا للإدانة ما لم تؤيد بدليل فني أو مادي. وفي الواقعة الماثلة، فإن التحريات لم تُبيّن بشكل محدد طبيعة علاقة المتهم بالموقع أو الحساب موضوع الاتهام، ولا طبيعة نشاطه، ولا كيفية ارتكاب الجريمة، مما يطعن على جديتها ويجعلها لا تصلح أساسًا للإدانة.
الدفع بجهالة الأدلة الرقمية المقدمة
جميع الأدلة الرقمية، إن وُجدت، جاءت غير موقعة إلكترونيًا أو موثقة رسميًا
بما يحفظ سلامتها وسندها القانوني وفقًا لقواعد الدليل الرقمي الواردة في القانون
رقم 15 لسنة 2004 بشأن التوقيع الإلكتروني، مما يجعلها عديمة القيمة القانونية.
الدفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعه دون إذن مسبب من النيابة
من الثابت قانونًا أنه لا يجوز القبض أو تفتيش أي شخص أو ممتلكاته إلا
بناءً على إذن قضائي مسبب صادر عن جهة التحقيق المختصة، وفقًا لنص المادة 54 من
الدستور والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية. وبمطالعة أوراق الدعوى، يتبين أن
إجراءات القبض تمت دون إذن مسبق، أو بناءً على تحريات لا ترقى لمستوى الجدية، وهو
ما يبطل ما ترتب على هذا الإجراء من أدلة.
الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره عن تحريات غير جدية
قضت محكمة النقض بأن:
"إذن النيابة العامة يصدر بناء على تحريات جدية، فإذا خلت الأوراق من
ذلك كان الإذن باطلًا."
(الطعن رقم 14968 لسنة 66 ق - جلسة 24/11/1998)
والثابت أن الإذن صدر استنادًا إلى تحريات مرسلة لا توضح بشكل يقيني طبيعة
الاتهام أو علاقة المتهم بالفعل الإجرامي، مما يُفقد الإذن مشروعيته ويبطل كافة
الإجراءات اللاحقة عليه.
الدفع ببطلان التفريغ الرقمي لعدم اتباع الإجراءات القانونية
يجب أن يتم التفريغ الرقمي طبقًا لضوابط فنية معتمدة ومحددة في القانون رقم 175 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية، ويجب أن يتم بواسطة جهة فنية مختصة مع توثيق العملية بشكل دقيق، وهو ما لم يتوافر في هذه القضية، مما يبطل نتائج التفريغ لعدم قانونيتها.
الدفع بعدم حجية الصور أو المحادثات لعدم وجود أصل رقمي
يشترط القانون لقبول الأدلة الرقمية أن تكون مستخرجة من أصلها، وأن يكون
هذا الأصل محفوظًا على وسيط إلكتروني معتمد، ويتم تحليل البيانات منه مباشرة، وهو
ما لم يحدث، حيث قدمت صور مطبوعة دون إرفاق الأصل الإلكتروني أو التأكد من سلامته،
مما ينزع عن هذه الأدلة الحجية القانونية.
الدفع بسقوط الدعوى الجنائية بالتقادم
وفقًا للمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، تسقط الدعوى الجنائية في
الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، ما لم يتم اتخاذ إجراء قاطع للتقادم.
وبمطالعة الأوراق يتبين أن الواقعة محل الاتهام تعود لتاريخ قديم لم تُتخذ بشأنه
أي إجراءات جدية خلال المدة القانونية، مما يوجب الحكم بسقوط الدعوى الجنائية.
الدفع بانتفاء حالة التلبس حال الضبط
لا يجوز القبض على المتهم دون إذن من النيابة العامة إلا في حالات التلبس
المنصوص عليها حصراً في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية. وبما أن الواقعة
محل الاتهام لا تنطوي على حالة تلبس بالمعنى القانوني، فإن القبض على المتهم يكون
قد تم بالمخالفة للقانون، ويبطل معه كافة الأدلة المترتبة عليه.
الدفع بوجود شك في نسبة الفعل إلى المتهم
من المقرر أن الشك يفسر لصالح المتهم، وإذا ما ثار شك في نسبة الفعل إلى المتهم – سواء من حيث هوية المستخدم للحساب الإلكتروني أو من حيث توقيت ارتكاب الفعل – وجب القضاء بالبراءة، إذ لا يُبنى حكم الإدانة إلا على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين.
الدفع بعدم كفاية الدليل الرقمي وحده للإدانة وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات
تنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 على العقوبات المتعلقة
بالتهديد والنشر الإلكتروني، إلا أن المشرع لم يُجيز الاعتماد على الدليل الرقمي
منفردًا دون دعمه بقرائن أخرى.
وقد أكدت محكمة النقض في العديد من أحكامها أن الدليل الرقمي بحاجة إلى
قرينة مادية تثبت صحته، وإلا كان الدليل غير كافٍ لإثبات الجريمة.
الدفع باستحالة الجزم بهوية مرتكب الجريمة في الجرائم الإلكترونية لتعدد المستخدمين المحتملين
في ظل طبيعة شبكة الإنترنت، يتعذر الجزم بأن الفعل تم من جهاز المتهم
شخصيًا أو أنه هو من قام به بنفسه، خاصة مع انتشار استخدام الشبكات العامة
والتطبيقات التي تتيح الدخول المتعدد مثل (VPN - Remote Access - Proxies)، وبالتالي
لا تتوفر الطمأنينة اللازمة للإدانة.
الدفع بانتفاء القصد الجنائي في جرائم النشر الإلكتروني
القصد الجنائي في جرائم النشر لا يُفترض، بل يجب استخلاصه من أدلة واضحة لا تحتمل التأويل. فإذا لم تُثبت الأوراق أن المتهم كان عالمًا بأن فعله سيؤدي إلى الابتزاز أو التهديد أو التشهير، فإن القصد الجنائي غير متوافر، ويستوجب ذلك البراءة.
الدفع ببطلان الإدانة استنادًا إلى قاعدة “الدليل لا يُولد إلا من دليل مشروع
يؤكد الفقه الجنائي أن:
"الدليل المستمد من إجراء باطل يعد باطلاً مثله ولا يجوز البناء عليه
في إدانة المتهم"
(د. محمود نجيب حسني – شرح قانون الإجراءات الجنائية)
وبما أن التحريات أو إجراءات التفتيش في الدعوى محل الطعن يشوبها البطلان،
فلا يجوز الاستناد إلى ما ترتب عليها من دلائل رقمية أو اعترافات.
الدفع بخرق مبدأ المساواة في المعاملة القانونية
أشار الفقهاء إلى أن:
"اختلاف المعاملة في ذات الظروف يُعد إخلالاً بمبدأ المساواة في تطبيق
القانون"
(د. أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية)
وبمطالعة الدعوى، يتضح أن هناك أطرافًا آخرين ورد ذكرهم في البلاغ ولم يتم
اتخاذ إجراءات ضدهم، مما يُعد إخلالاً جوهريًا بمبدأ المساواة يستوجب بطلان
الاتهام.
الدفع بعدم موثوقية وسائل التواصل الاجتماعي كأدلة إثبات
تشير التقارير الفنية والفقه الحديث إلى أن منصات مثل "فيسبوك"
و"واتساب" لا تُعد وسائل محمية بالكامل من التلاعب، إذ يمكن تعديل
الرسائل أو اختراق الحسابات، كما أن الشركات المالكة لا تضمن مصداقية المحتوى دون
سجلات رسمية معتمدة.
الدفع بعدم اعتماد جهة فنية رسمية لتحليل الأدلة الرقمية
يتطلب القانون رقم 175 لسنة 2018 في مادته (7) أن تتم إجراءات الفحص الفني
بواسطة جهات معتمدة مثل إدارة مكافحة جرائم الحاسبات والمعلومات بوزارة الداخلية
أو وحدة الأدلة الرقمية بالنيابة العامة، فإذا تم التحليل بواسطة جهة غير مختصة،
فيُعد الدليل الفني باطلًا.
الدفع بغياب سلسلة الحيازة (Chain of Custody) في الأدلة الرقمية
من المبادئ الجوهرية في فحص الأدلة الرقمية الحفاظ على "سلسلة
الحيازة" والتي تضمن أن البيانات لم يتم التلاعب بها منذ ضبطها وحتى فحصها،
وفي غياب ذلك، تصبح البيانات محل طعن جدي في سلامتها ومصداقيتها.
الدفع ببطلان إجراء الضبط لوقوعه بدون إذن من النيابة العامة
إذا تم الضبط دون إذن صادر من جهة التحقيق المختصة، أو دون توافر حالة من
حالات التلبس المنصوص عليها في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما
ترتب عليه من أدلة يُعد باطلًا ولا يُعتد به.
قاعدة نقض هامة:
"البطلان يترتب على الإجراء الذي يتم دون إذن من النيابة حال عدم
توافر التلبس، ولو أسفر عن دليل فني."
(الطعن رقم ١٤٩٤٧ لسنة ٨٤ قضائية – جلسة ٧/١١/٢٠١٥)
الدفع ببطلان الضبط لعدم تحرير محضر إثبات حالة فوري
يتطلب القانون أن يُحرر محضر فوري بالضبط يبين فيه الزمان والمكان والواقعة
تفصيلًا، فإذا خلا المحضر من ذلك أو جاء لاحقًا بزمن يثير الريبة، بطل الإجراء وما
ترتب عليه من أدلة.
الدفع ببطلان الضبط لتجاوزه نطاق الإذن القضائي
إذا تضمن إذن النيابة ضبط عناصر معينة، وتجاوز مأمور الضبط ذلك فقام بضبط
ما لم يُأذن به، فإن الدليل المستخرج من هذا الإجراء باطل، عملاً بالمبدأ المستقر
بأن "ما بُني على باطل فهو باطل".
الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه أو الضغوط
الاعتراف الصحيح لا بد أن يكون وليد إرادة حرة خالية من التأثير أو الإكراه المعنوي أو البدني. فإذا ثبت أن الاعتراف تم في بيئة غير قانونية أو بعد استجواب غير قانوني، بطل الاعتراف وما ترتب عليه.
حكم نقض :
"الاعتراف الذي يُنتزع تحت وطأة الإكراه لا يُعوّل عليه ولو كان
صادقًا."
(الطعن رقم ٢١٤٩ لسنة ٤٤ قضائية – جلسة ١٥/١٢/١٩٧٤)
الدفع بعدم الاعتداد بالاعتراف غير المؤيد فنيًا في الجرائم الإلكترونية
في جرائم النشر أو التهديد الإلكتروني، لا يجوز قانونًا التعويل على اعتراف
مجرد من فحص فني يدعمه أو من أدلة مادية ملموسة. فالقانون يوجب في هذه الجرائم
وجود أثر رقمي حقيقي وفني موثق، وإلا أصبح الاعتراف مجرد أقوال لا تكفي للإدانة.
الدفع ببطلان الاعتراف لتعارضه مع باقي الأدلة أو السياق الزمني
إذا تعارض الاعتراف مع دلائل أو توقيتات زمنية ثابتة بالأوراق، كأن يعترف
المتهم بإرسال رسالة تهديد في وقت يثبت فنيًا أنه لم يكن متصلًا بالإنترنت، فإن
هذا الاعتراف لا يُعتد به لتناقضه مع الواقع الفني.
الدفع ببطلان محضر الاستدلال لاعتماده على اعترافات منقوصة أو موجهة
أحيانًا يُدوَّن الاعتراف في محاضر جمع الاستدلالات بصياغة لا تعكس ما صدر عن المتهم بدقة، أو يكون مشوبًا بتوجيه من القائم بالاستجواب، مما يفقد المحضر صفته كدليل إثبات.
الدفع بانعدام الركن المادي للجريمة لعدم تحقق وسيلة التهديد المنصوص عليها قانونًا
يشترط القانون لقيام جريمة التهديد أن يكون التهديد "بطريق من طرق
العلانية" أو "بواسطة وسيلة إلكترونية" واضحة. فإذا كانت الوسيلة
المستخدمة غير محددة أو غير مثبتة فنيًا (مثل رسائل مجهولة المصدر أو غير مسندة
للمتهم)، فإن الركن المادي لا يكتمل.
نقض هام:
"لا قيام للجريمة إذا لم يثبت أن المتهم هو القائم بالتهديد يقينًا،
وكانت الوسيلة المستخدمة غير محددة المصدر أو الفاعل."
(نقض جلسة ٢٤/١٢/٢٠٠١ – الطعن رقم ١٤٥٩٨ لسنة ٧٠ قضائية)
الدفع بانعدام صلة المتهم بالفعل المادي المنسوب إليه
إذا لم يثبت أن المتهم هو الفاعل الحقيقي للرسائل أو الصور أو التهديدات
المنسوبة إليه (مثل غياب الأدلة الفنية التي تربط الحساب بالمتهم)، فإن الركن المادي
للجريمة ينهار، ويجب القضاء بالبراءة.
الدفع بانتفاء قصد الابتزاز أو التهديد لدى المتهم (الركن المعنوي)
النية أو القصد الجنائي هو عنصر جوهري في جريمة الابتزاز أو التهديد. فإذا
ثبت أن المتهم لم يكن يقصد الترويع أو الإضرار بالمجني عليه، أو أن عباراته فُهمت
على غير وجهها، ينتفي القصد الجنائي.
القاعدة القضائية:
"النية هي عنصر جوهري، ولا بد من توافر القصد الجنائي الخاص لقيام
الجريمة."
(نقض ١٢/٥/١٩٧٠ – الطعن رقم ١٤٣٦ لسنة ٣٩ قضائية)
الدفع بغياب القصد الجنائي الخاص في جريمة التهديد بقصد الحصول على منافع
يشترط القانون لقيام جريمة التهديد بقصد الابتزاز أن يقترن التهديد بالرغبة
في الحصول على منفعة مادية أو معنوية. فإذا خلا الفعل من هذا القصد الخاص، فلا محل
للعقاب.
الدفع بوجود استفزاز سابق من المجني عليه ينفي نية الإضرار
إذا ثبت أن المجني عليه قد قام بأفعال مستفزة للمتهم، أو شارك برضاه في
الوقائع المتعلقة بالمراسلات أو الصور، فإن ذلك يؤثر على نية المتهم، وقد يفسر
تصرفه كرد فعل طبيعي، لا بقصد الإضرار أو التهديد.
الدفع بانعدام العلاقة السببية بين الفعل المادي والتأثير المعنوي على المجني عليه
من أركان الجريمة أن يؤدي التهديد أو الابتزاز إلى ترويع المجني عليه أو حمله على فعل شيء أو الامتناع عنه. فإذا لم يتحقق هذا الأثر، فلا يتحقق الركن المادي، خاصة في حالة عدم جدية التهديد أو عدم تأثر المجني عليه.
الركن المفترض في جريمة الابتزاز الإلكتروني
استنادًا إلى ما تقدم، ولمَّا كانت عناصر النموذج القانوني للجريمة
المؤثَّمة بموجب نص المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات قد تضمنت
أركانها العامة، والتي يأتي على رأسها هذا الشرط المفترض المتمثل في صفة مدير
الموقع، وتمتع المتصف بها تمتعه بصلاحيات هذه الصفة الوظيفة دون حائل؛ وحيث إنه قد
خلت أوراق الدعوى كافة، مما يفيد توافر صفة مدير الموقع بحق المتهم، كما خلت مما
يفيد تمتعه بصلاحيات هذه الصفة الوظيفة دون حائل، وكان من المقرر أن المتهم بريء
حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تُكفَل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه،
ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.
عدم توافر الجريمة بسبب غياب الشرط المفترض
وهو ما تكون معه الجريمة المؤثَّمة بموجب نص المادة 27 من قانون مكافحة
جرائم تقنية المعلومات غير متحققة في وقائع هذه الدعوى لانعدام الشرط المفترض
اللازم لقيامها، ما يلزم معه القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه بموجب
هذه المادة.
الدفع بانتفاء الجريمة لعدم تمتع المتهم بصلاحياته الوظيفية
الدفع بانتفاء الجريمة بركنيها المادي والمعنوي لعدم تمتع المتهم بصلاحيات
وظيفته/ لانعدام السيطرة الفعلية للمتهم على الموقع/ الحساب الخاص (لوجود مانع
يحول دون تمتع المتهم بصلاحياته كمدير للموقع/ حادث فجائي/ ……)
تعريف مدير الموقع طبقًا للقانون
عرَّف قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 في مادته
الأولى مدير الموقع بأنه “كل شخص مسئول عن تنظيم أو إدارة أو متابعة أو الحفاظ على
موقع أو أكثر على الشبكة المعلوماتية، بما في ذلك حقوق الوصول لمختلف المستخدمين
على ذلك الموقع أو تصميمه أو توليد وتنظيم صفحاته أو محتواه أو المسئول عنه”.
الالتزامات المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية
وجاءت المادة (11) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون (الصادرة بموجب قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 1699 لسنة 2020) موضحة للالتزامات التي تقع على مدير
الموقع؛ حيث نصت على أن “يلتزم كل مسئول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد
إلكتروني أو نظام معلوماتي سواء كان شخصًا طبيعيًّا أو اعتباريًّا وفقًا للمادة
رقم 29 من القانون، باتخاذ التدابير والاحتياطات التأمينية الفنية اللازمة وفقًا
للالتزامات الواردة في المادة 2 من هذه اللائحة بالنسبة لمديري مواقع مقدمي خدمات
تقنية المعلومات...”
ضرورة تحقق صلاحيات مدير الموقع
ومما تقدم يكون المشرِّع قد صاغ تعريفًا محددًا لوظيفة مدير الموقع، وحدد
له عدة مسؤوليات والتزامات فنية وتقنية، أناطه بتنفيذها، ورتب جزاءات جنائية
غايتها معاقبته على مخالفة أو إهمال بعضها، أو على إساءة استغلاله لصلاحياته الوظيفية؛
وعليه فيشترط لمساءلة مدير الموقع جنائيًّا عن ارتكاب الجريمة المؤثَّمة بنص
المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات أن يتمتع قبل وأثناء ارتكاب
الجريمة بصلاحيات هذه الوظيفة، التي تحمَّلها بأعبائها ومسؤولياتها والتزاماتها.
أصل البراءة في قانون الإجراءات الجنائية
استنادًا إلى ما سبق؛ فإذا كنا بصدد مساءلة مدير الموقع بشأن اتهامه
بارتكاب الجريمة – سالفة البيان – فيلزم قبل ذلك، التيقن – على نحو قاطع لا يقبل
الاحتمال أو التأويل – من تمتعه بصلاحيات وظيفته قبل وأثناء ارتكابها.
افتراض البراءة واستبعاد الشك
إذا كان اتصاف المتهم بصفة مدير الموقع لا يشترِط بالضرورة تمتعه بصلاحيات
هذه الوظيفة، إلا إذا ثبت ذلك على نحو يقيني قاطع لا يحتمل الشك أو الاحتمال، كما
لا تعد تلك الصفة – بأي حال من الأحوال – قرينة قانونية على تمتعه بصلاحياته
الوظيفية؛ إذ أن الأصل في المتهم البراءة، وتطبيقًا لذلك لا يملك المشرِّع أن يفرض
قرائن قانونية لإثبات التهمة أو نقل عبء الإثبات على عاتق المتهم.
تأكيد البراءة في ضوء القوانين الدستورية
وإذا كان من المستقَر عليه في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن “افتراض
براءة المتهم يمثل أصلًا ثابتًا يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها، وليس
بنوع العقوبة المقرَّرة لها، وينسحب إلى الدعوى الجنائية في جميع مراحلها، وعلى
امتداد إجراءاتها...”
غياب الأدلة الموثقة على التهمة
وحيث أن الثابت من أوراق الدعوى أنها جاءت خالية مما يفيد على نحو جازم
ويقيني بتمتع المتهم بصلاحيات وظيفته كمدير للموقع، وانعدام اليقين يفتح معه أبواب
الاحتمال والشك، وإذا كان من المسلَّم به أن كل شك في إثبات الجريمة يجب أن يفسَّر
لمصلحة المتهم إعمالًا لأصل البراءة المفترض في المتهم، ولكون الحكم بالإدانة يبنى
على اليقين والجزم لا على الشك أو الاحتمال أو الظن.
الدفع بانتفاء القصد الجنائي لعدم توفير الإمكانيات اللازمة
الدفع بانتفاء القصد الجنائي لعدم توفير الممثل القانوني/ مسؤول الإدارة
الفعلية الإمكانيات التي تمكن مدير الموقع من اتخاذ التدابير والاحتياطات
التأمينية اللازمة لقيامه بعمله.
الالتزامات القانونية لمدير الموقع وفقًا للائحة التنفيذية
تنص المادة (11) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون (الصادرة بموجب قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 1699 لسنة 2020) على الالتزامات التي تقع على مدير الموقع؛
وذلك على النحو الآتي: “يلتزم كل مسئول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد
إلكتروني أو نظام معلوماتي سواء كان شخصًا طبيعيًّا أو اعتباريًّا وفقًا للمادة
رقم 29 من القانون...”
تحديد المسؤوليات القانونية للممثل القانوني
ومما تقدم يكون المشرع قد حدد لمدير الموقع عدة مسؤوليات والتزامات فنية
وتقنية، أناطه بتنفيذها، ورتب جزاءات جنائية غايتها معاقبته على مخالفة أو إهمال
بعضها، أو على إساءة استغلاله لصلاحياته الوظيفية؛ إلا أن تحمله ما يترتب على هذه
المسؤوليات والالتزامات من جزاءات مشروط بأن يُمكِّنه المسؤول عن الإدارة الفعلية
أو الممثل القانوني من اتخاذ التدابير والاحتياطات التأمينية اللازمة للقيام بمهام
عمله.
انتفاء الركن المادي لغياب رابطة السببية
الدفع بانتفاء الركن المادي للجريمة لانعدام رابطة السببية لاقتصار مسؤولية
المتهم على إنشاء الموقع دون إدارته.
تفسير الركن المادي للجريمة وفقًا للشرعية
إذا كان من المستقر عليه في بيان الركن المادي للجريمة أن فكرة النشاط
الإجرامي لا تنفصل عن النتيجة، ولا تقوم الجريمة إلا إذا كانت النتيجة بناء على
النشاط الإجرامي، ويحقق هذا التلازم القانوني بينهما رابطًا ماديًّا لإسناد
الجريمة، وهو ما يعبر عنه بعلاقة السببية.
انعدام علاقة السببية بين فعل المتهم والنتيجة الإجرامية
واستنادًا إلى ما تقدم، فإذا كانت الجريمة المزعومة حسبما صورتها النيابة العامة يستحيل تصور ارتكابها إلا من خلال إدارة الموقع بصورة مستمرة، وليس مجرد إنشاء واستخدام عرضي سابق على الإدارة الفعلية له وسابق على تضمينه محتواه؛ من ثم تنعدم أية صورة لرابطة السببية بين فعل المتهم – الخارج بطبيعته عن دائرة التأثيم – والنتيجة الإجرامية التي تزعم تحقيقها النيابة العامة.
ضرورة الحكم ببراءة المتهم
وهو ما ينتفي معه الركن المادي للجريمة، ويكون إسناد الاتهام إلى المتهم
بارتكاب الجريمة المؤثمة بموجب نص المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية
المعلومات قد جاء على نحوٍ مخالف للقانون، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءة المتهم
من الاتهام المسند إليه بموجب هذه المادة.
الدفع بانتفاء القصد الجنائي الخاص للجريمة
إذا كان القصد الجنائي في هذه الجريمة لا يتحقق إلا إذا ثبت على نحو قاطع وجازم أن المتهم قد قصد من إنشائه أو إدارته أو استخدامه للموقع أو الحساب الخاص ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونيًّا في غير الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون.
أما إذا اتجهت إرادة المتهم إلى إنشاء أو إدارة أو استخدام الموقع أو
الحساب الخاص، وكانت تلك الإرادة مجردة من القصد الخاص، المتمثل فيه نية ارتكاب أو
تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونيًّا في غير الأحوال المنصوص عليها في هذا
القانون، فإن هذا الفعل يظل مباحًا ولا يخرج إلى دائرة التأثيم والعقاب، فلا ينطبق
عليه نموذج الجريمة المؤثمة بموجب نص المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية
المعلومات؛ إذ لا عقاب على الأفعال المباحة، وذلك إعمالًا لأصل البراءة، ولشرعية
الجرائم والعقوبات، فمن المقرر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية
عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على
قانون.
الدفع بشيوع الاتهام بين مديري الموقع لقصور التقرير الفني في تحديد
مرتكِب الجريمة
أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجهت
إليه الاتهام – على حد زعمها – بارتكاب الجريمة المؤثمة بنص المادة 27 من القانون
رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وإذا كان الثابت من نص المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات أن
المشرع قد قصر النشاط الإجرامي لمدير الموقع في هذه المادة على ثلاثة صور: الإنشاء
والإدارة والاستخدام؛ لموقع أو حساب خاص على شبكة معلوماتية.
كما عرَّف – هذا القانون – مدير الموقع في مادته الأولى بأنه “كل شخص مسئول عن تنظيم أو إدارة أو متابعة أو الحفاظ على موقع أو أكثر على الشبكة المعلوماتية، بما في ذلك حقوق الوصول لمختلف المستخدمين على ذلك الموقع أو تصميمه أو توليد وتنظيم صفحاته أو محتواه أو المسئول عنه”.
المادة (11) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات
وجاءت المادة (11) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون (الصادرة بموجب قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 1699 لسنة 2020) موضحة للالتزامات التي تقع على مدير
الموقع؛ حيث نصت على أن “يلتزم كل مسئول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد
إلكتروني أو نظام معلوماتي سواء كان شخصًا طبيعيًّا أو اعتباريًّا وفقًا للمادة
رقم 29 من القانون، باتخاذ التدابير والاحتياطات التأمينية الفنية اللازمة وفقًا
للالتزامات الواردة في المادة 2 من هذه اللائحة بالنسبة لمديري مواقع مقدمي خدمات
تقنية المعلومات.
كما يلتزم مديرو مواقع مقدمي خدمات تقنية المعلومات والاتصالات التي تمتلك
أو تدير أو تشغل البنية التحتية المعلوماتية الحرجة بالالتزامات الواردة في المادة
رقم 3 من هذه اللائحة. ويلتزم الممثل القانوني ومسئول الإدارة الفعلية لمقدمي
الخدمة بإثبات توفيره الإمكانيات التي تمكن مديرو المواقع من اتخاذ التدابير
والاحتياطات التأمينية اللازمة لقيامه بعمله.
وفي جميع الأحوال يلتزم الممثل القانوني ومسئول الإدارة الفعلية ومدير الموقع لدى أي مقدم خدمة بإتاحة مفاتيح التشفير الخاصة به للمحكمة المختصة أو لجهات التحقيق المختصة في حال وجود تحقيق في إحدى الشكاوى أو المحاضر أو الدعاوى عند طلبها رسميًّا من تلك الجهات”.
وحيث أن المتهم ليس وحده هو من يتمتع بصفة مدير الموقع، بل يشترك معه آخرون
في إدارة هذا الموقع، وكل منهم يتمتع بصفة مدير الموقع، ويباشرون مهام عملهم في
هذه الوظيفة، وعلى النحو الثابت من أوراق الدعوى.
فقد شاب التقرير الفني للخبير المختص قصور في تحديد شخص مرتكب الجريمة من
بين مديري هذا الموقع، فانتهت نتيجته إلى ارتكاب الجريمة موضوع الاتهام، دون
الإشارة إلى ما يفيد ارتكاب أي من مديري الموقع القائمين على إدارته – ومن بينهم
المتهم – للجريمة موضوع اتهام.
الدفع بعدم كفاية الأدلة لإثبات ارتكاب الجريمة
من ثم فلا يعد ما انتهى إليه التقرير الفني دليلًا أو قرينة أو حتى دلالة على ارتكاب المتهم للجريمة موضوع الاتهام، إنما هو محض إثبات لواقع، دون التعرض لشخص مرتكبها.
وإذ جاءت أوراق الدعوى كافة خالية مما يؤكد أو يعزز أو يدلل على ارتكاب
المتهم للواقعة، واقتصرت النيابة العامة في إسناد ارتكاب الجريمة المؤثمة بنص
المادة 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 للمتهم وإحالته إلى المحاكمة على صفته
كمدير للموقع، على الرغم من توافر هذه الصفة لآخرين على النحو سالف البيان، مما
يتحقق شيوع الاتهام بين المتهم وآخرين من مديري الموقع.
الدفع بعدم معاقبة المتهم على واقعة غير واردة في أمر الإحالة
حيث تنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التى وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور، كما لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى”.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أنه:
“لما كان من المقرر طبقًا للمادة ٣٠٧ من
قانون الإجراءات الجنائية أنه لا تجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر
الإحالة أو طلب التكليف بالحضور، فإذا كانت التهمة الموجهة فى أمر الإحالة إلى
المتهم وتمت المرافعة فى الدعوى على أساسها قد بين فيها على وجه التحديد الفعل
الجنائي المنسوب إليه ارتكابه، ولم يثبت لدى المحكمة ارتكاب المتهم هذا الفعل،
فإنه يكون من المتعين عليها أن تقضي ببراءته من التهمة التي أحيل إليها من أجلها”.
الدفع ببراءة المتهم من الاتهام
كما تنص الفقرة الأولى من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية على أن “يحكم القاضى فى الدعوى حسب العقيدة، التى تكونت لديه بكامل حريته، ومع ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على أى دليل لم يطرح أمامه فى الجلسة”، وتنص الفقرة الأولى من المادة 304 من نفس القانون على أنه “إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها تحكم المحكمة ببراءة المتهم ويفرج عنه إن كان محبوسًا من أجل هذه الواقعة وحدها”.
وكان من المقرر أيضًا في قضاء محكمة النقض أنه:
“يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي ورجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام”.
بناء عليه
ومما تقدم يكون إسناد الاتهام إلى المتهم بارتكاب الجريمة المؤثمة بموجب نص
المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات قد جاء على خلاف الثابت
بالأوراق، وعلى نحو مخالف للقانون، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءة المتهم من
الاتهام المسند إليه بموجب هذه المادة.
يلتمس الدفاع الحاضر القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه، تأسيسًا على ما ورد من دفوع جوهرية.
حتياطياً، استعمال الرأفة طبقًا للمادة 17 من قانون العقوبات.
وفقكم الله لتحقيق العدل والعدالة بين الناس
مقدمه
الأستاذ/ أشرف فؤاد حماد
المحامي