الحكم في جريمة الاتجار بالبشر واستغلال القُصر: تحليل قضائي لأركان الجريمة ورد المحكمة على دفوع الدفاع
يتناول هذا المقال تحليلًا قانونيًا دقيقًا لحكم قضائي في جريمة الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال، كما يشرح أركان الجريمة كما وردت في القانون المصري وتطبيقها على وقائع الدعوى.، ويعرض كيفية استدلال المحكمة من الأدلة والشهادات والتحريات الأمنية، والمقال يوضح رد المحكمة على دفوع الدفاع بشأن انتفاء الجريمة وغياب القصد الجنائي، مصدر موثوق للمهتمين بالقانون الجنائي وجرائم الاتجار بالبشر في مصر، ويقوم بتحليل قضائي مفصل لحكم الإدانة في جريمة الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال جنسيًا، يستعرض الحكم أركان الجريمة المادية والمعنوية وفقًا للقانون المصري، كما يتناول رد المحكمة على دفوع الدفاع بعدم كفاية الأدلة وانتفاء الجريمة، يشمل التفسير القانوني لنصوص قانون الاتجار بالبشر والدستور المصري، مرجع قانوني شامل للباحثين والمحامين في قضايا الاتجار بالبشر واستغلال القُصر.
جلسة 10/5/2022
مكتب فني 73 ق 33 ص 306
جلسة 10 من مايو سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عبد
الرسول طنطاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد زغلول نائب رئيس
المحكمة وأيمن مهران ، إبراهيم الخولي ومحمد فراج
حكم
"بيانات حكم الإدانة" و"تسبيبه" في الاتجار بالبشر
ملخص وقائع القضية
لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى في قوله: (حيث إنه في غضون .. تركت المجني عليها والتي لم تبلغ ثمانية عشر عاماً مسكن أسرتها عندما دب الخلاف بينها وبين شقيقها وهامت على وجهها واتجهت لمدينة ... بغرض الحصول على فرصة عمل لتقتات منها وتعينها على تكاليف الحياة فتلقتها المتهمة، والتي تقيم بتلك المدينة وأكرمت مثواها بغية أن تتخذ منها أداة لجريمة لم تفصح عنها في بداية الأمر ولما كشرت عن أنيابها وظهرت غايتها وبان قصدها سيما وأنها قد سبقت إدانتها في قضية آداب وجعلت منها سلعة تباع وتتكسب من ورائها بأن طلبت منها مصاحبة الرجال وممارسة الرذيلة معهم بمقابل مالي كانت تقتضيه بعد أن بدأت في ارتيادهما لأماكن اللهو والرقص والمسمى "نوادي الليل والمراقص" فكان السهر غايتها والرقص مرادها وجذب الزبائن لقضاء سهرات حمراء هدفها.
1. استدراج المجني عليها وتوريطها في طريق غير مشروع
فلما تمردت المجني عليها وأبت وحاولت ترك المسكن عثر على المتهمة إن لم تفعل ذلك لما لا وهي الصيد الثمين فأوحت إليها بالابتعاد عن ذلك الطريق وولوج طريق آخر تلتمس به رزقاً حلالاً فغضبت المجني عليها لمرادها وهي لا تعلم ما انطوت عليه نفس صاحبتها فمكثت غير بعيد وأحاطت بها ثلاثة رجال من دولة خليجية لقضاء وطراً منها بعد أن أسكرتها ووضعت لها المخدر في الشراب فغابت عن الوعي وشلت إرادتها أو تكاد فسلمت لهم بعد أن فقدت مقاومتها وعذريتها أيضاً وذلك بإشراف المتهمة.
2. التهديد بالفيديو واستغلال حالة المجني عليها
وما إن قضي الأمر أرادت المجني عليها أن تنجو بنفسها بعد أن فقدت كل شيء فكانت المتهمة لها بالمرصاد وأوهمتها بأنها قد قامت بتصويرها حال ممارستها الرذيلة السابقة بفيديو وهددتها بإرساله لأهليتها فخافت منها ورضخت لطلباتها مستغلة التهديد السالف البيان وفقدانها الأهل والمأوى قاصدة الحصول لنفسها على منفعة مادية مقابل استغلال ممارسة الدعارة والتكسب منها وإرسالها للرجال دون غير في الشقق والفنادق.
3. البلاغ الرسمي وإقرار المتهمة بالجريمة
التفاصيل القانونية
وقد ساق الحكم على ثبوت هذه
الواقعة في حق الطاعنة أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليها والضابط، وإقرار المتهمة - الطاعنة - بتحقيقات
النيابة العامة، وهي أدلة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها
بيان الواقعة وأدلة الإدانة في جريمة الاتجار بالبشر
لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد
أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق
به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي
استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم
أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاتجار بالبشر
بأن تعاملت في شخص طبيعي وهي المجني عليها الطفلة بقصد
استغلالها جنسياً كما هي معرفة القانون، ودان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في
حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة
الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً
شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن النعي
على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل
1. دفع الطاعنة بانتفاء أركان جريمة الاتجار بالبشر
لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة في قوله: "وحيث إن ما دفع به الحاضر عن المتهمة من انتفاء أركان الجريمة وعدم وجود دليل مادي بالأوراق، فالمحكمة تفسر جريمة الاتجار بالبشر المؤثمة بالقانون رقم 64 لسنة 2010 أن الاتجار بالنساء في هذا القانون له صور عديدة هي الدعارة وعقود الزواج الوهمية وعمالة النساء والعمالة المنزلية وسماسرة الزواج...
2. تعريف جريمة الاتجار بالبشر طبقاً للقانون المصري
...ويعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستعمال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بها أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه وذلك كله إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أياً كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أعمال الاستغلال الجنسي وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الاسترقاق إلخ...
3. موقف الدستور والتشريعات المصرية من مكافحة الاتجار بالبشر
...فالتعريف السابق لجريمة الاتجار بالبشر وهي الاستغلال والوسائل والمظاهر ولقد جاء الدستور المصري أيضاً يؤكد حماية حقوق الإنسان وفيها مكافحة مظاهر الاتجار بالبشر بالإضافة إلى النصوص القانونية الواردة بقانون العقوبات وقانون الطفل وقوانين الأحوال الشخصية وقانون الدعارة إلخ...
4. استناد المحكمة إلى شهادة المجني عليها وتقييمها للدفاع
...وحيث إنه لما كان ما سلف وكانت المحكمة تطمئن لشهادة المجني عليها من أن المتهمة وقد استغلت ضعفها وصغر سنها وقامت باصطحابها لأماكن اللهو لكي تجالس الرجال وتقوم بإرسالها للشقق والفنادق ولكي ترتكب الفحشاء مع الرجال بغير تمييز مما يشكل جريمة الدعارة والحصول على مبالغ مالية نظير ذلك وما تأيد بتحريات رجل البحث الجنائي من صحة ما جاء برواية المجني عليها وإقرار المتهمة بالتحقيقات أيضاً.
ولا ينال من ذلك ما جاء الدفاع من عدم الاطمئنان للتقرير الطبي الشرعي في هذا المجال أو أن المحكمة لا تعرض لجريمة هتك عرض أو اغتصاب تجرمه الاتجار بالبشر تقوم وإن انتفت جريمة الاغتصاب إذ إن الجريمة الأخيرة في القانون المصري يفترض أن تكون بدون رضاء المجني عليه ولكن جريمة الاتجار بالبشر لا تعتد بالرضا إطلاقاً"، وكان ما رد به الحكم على الدفع سائغاً وكافياً في بيان أركان جريمة الاتجار بالبشر بركنيها المادي والمعنوي، ويضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن على غير أساس.
عدم ضرورة الحديث عن قصد الاستغلال في الحكم
من المقرر أنه لا يلزم أن
يتحدث الحكم استقلالاً عن قصد الاستغلال في جناية الاتجار بالبشر التي دان الطاعنة
بها، بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه – كما هو
الحال في الدعوى المطروحة -، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الصدد يكون في
غير محله
استخلاص محكمة الموضوع للأدلة من أقوال الشهود
تأخير البلاغ واستخلاص المحكمة للقناعة
تأخر المجني عليها في الإبلاغ
الجدل الموضوعي وأثره على محكمة النقض
منعى الطاعنة بشأن تقرير الطب الشرعي
عدم وجود مقاطع مصورة للمجني عليها
عدم توصل التحريات لبقية المتهمين
ثبوت جريمة الاتجار بالبشر
خطأ في الإسناد في أقوال المجني عليها
الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته
عدم تقديم أوجه الدفوع من الطاعنة
تقدير القاضي للإدانة
الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم
من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة 310 الواجب تطبيقها، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 310 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن الاتجار بالبشر بفقراتها الثانية والثالثة والسادسة بدلاً من الفقرتين الثانية والسادسة فقط لا يعيبه وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه، وذلك بحذف الفقرة الثالثة من المادة 310 المذكورة عملاً بنص المادة 310 ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعنة بأنها:
اتجرت بالمجني عليها / والتي لم تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً بأن تعاملت عليها بصورتين: الأولى: بإجبارها على العمل بممارسة الدعارة عن طريق إيهامها بامتلاكها لمقاطع تصوير فاضحة لها
الثانية: باصطحابها للملاهي الليلية لتقوم بالرقص والترفيه لمرتاديها مستغلة حالة ضعفها كونها بلا مأوى وبحاجة ماسة للمال علاوة على حداثة سنها قاصدة من ذلك الحصول لنفسها على منفعة مادية واستغلال المجني عليها على الوجه المبين بالتحقيقات وأحالتها إلى محكمة جنايات لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد / ، 2، ، ، / ، ،2 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، بمعاقبتها بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وغرامة مبلغ مائة ألف جنيه عما أُسند إليها وألزمتها المصاريف الجنائية فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.
الطعن على الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاتجار في البشر بأن تعاملت في شخص طبيعي الطفلة بقصد استغلالها في ممارسة الدعارة واصطحابها في الملاهي الليلية مستغلة حالة ضعفها وحاجتها المادية، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق.
الحكم المطعون فيه جاء بصيغة عامة مجهلة للواقعة
ذلك بأنه جاء بصيغة عامة معماة، ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تحقق به أركان الجريمة والأدلة التي استخلصت منها الإدانة.
تجاهل الحكم دفع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة
واطرح بما لا يسوغ دفعها بانتفاء أركان الجريمة بركنيها المادي والمعنوي ولم يستظهر قصد الاستغلال وعناصره والدليل عليه، ولم يورد مضمون التحريات في هذا الشأن.
قيام المحكمة على الظن والاحتمال في الإدانة
وأقام قضاءه على الظن والاحتمال، وعول على أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم معقوليتها وتناقضها وكذب المجني عليها.
إغفال أقوال الشاهد الثاني ومجري التحريات
وأغفل إيراد مؤدى أقوال الشاهد الثاني - مجري التحريات - وعدم إيراد أقوال شاهدي الإثبات كما جاءت بالأوراق.
التراخي في الإبلاغ ومخالفة التقرير الطبي لأقوال المجني عليها
والتراخي في الإبلاغ، ومخالفة أقوال المجني عليها لما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي من أنها ثيب من قدم وسلبية العينة المأخوذة منها من آثار المواد المخدرة.
قصور التحريات بشأن الأدلة الرقمية وشركاء الجريمة
ولم توصل التحريات لصحة وجود مقاطع مصورة للمجني عليها بحوزة الطاعنة من عدمه، أو للأشخاص الذين شاركوا المتهمة في الجريمة.
خلو الأوراق من دليل حاسم على الإدانة
هذا وقد خلت الأوراق من شاهد أو دليل، وأسند للمجني عليها أقوالاً ليست بالأوراق حينما قرر أن الطاعنة هي من استقبلتها بمدينة شرم الشيخ.
استناد الحكم إلى اعتراف غير قائم في الحقيقة
ونسب للطاعنة اعترافاً رغم أنه لا يعد اعترافاً بدلالة إنكارها للاتهام.
تجاهل المحكمة لدفاع الطاعنة بشأن كيدية الاتهام
والتفت عن دفاعها بكيدية الاتهام وتلفيقه وعن كافة دفاعها ودفوعها الأخرى إيراداً ورداً والمؤيدة بالمستندات.
انحياز المحكمة للرغبة في الإدانة دون تمحيص الأدلة
واستبدت بالمحكمة الرغبة في الإدانة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
الحكم المطعون فيه - وقائع الدعوى وتحليل الأدلة
الفقرة :حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى في قوله: (حيث إنه في
غضون .. تركت المجني عليها/... والتي لم تبلغ ثمانية عشر عاماً مسكن أسرتها
عندما دب الخلاف بينها وبين شقيقها وهامت على وجهها واتجهت لمدينة بغرض
الحصول على فرصة عمل لتقتات منها وتعينها على تكاليف الحياة.
وجوب بيان الواقعة وأركان الجريمة وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية
لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاتجار بالبشر بأن تعاملت في شخص طبيعي وهي المجني عليها الطفلة بقصد استغلالها جنسياً كما هي معرفة القانون.
ودان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن
تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن
المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي
عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له
محل.
رد المحكمة على دفع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة
عرض المحكمة لدفاع الطاعنة بشأن انتفاء أركان الجريمة
صور جريمة الاتجار بالنساء وفقًا للقانون رقم 64 لسنة 2010
الوسائل التي تقوم بها جريمة الاتجار بالبشر وركن الاستغلال
تأكيد الدستور والقوانين المصرية على مكافحة الاتجار بالبشر
ولقد جاء الدستور المصري أيضاً يؤكد حماية حقوق الإنسان وفيها مكافحة مظاهر الاتجار بالبشر بالإضافة إلى النصوص القانونية الواردة بقانون العقوبات وقانون الطفل وقوانين الأحوال الشخصية وقانون الدعارة إلخ.
ثقة المحكمة بشهادة المجني عليها والتحريات
وحيث إنه لما كان ما سلف
وكانت المحكمة تطمئن لشهادة المجني عليها من أن المتهمة وقد استغلت ضعفها وصغر
سنها وقامت باصطحابها لأماكن اللهو لكي تجالس الرجال وتقوم بإرسالها للشقق
والفنادق ولكي ترتكب الفحشاء مع الرجال بغير تمييز مما يشكل جريمة الدعارة والحصول
على مبالغ مالية نظير ذلك، وما تأيد بتحريات رجل البحث الجنائي من صحة ما جاء
برواية المجني عليها وإقرار المتهمة بالتحقيقات أيضاً، ولا ينال من ذلك ما جاء
الدفاع من عدم الاطمئنان للتقرير الطبي الشرعي في هذا المجال أو أن المحكمة لا
تعرض لجريمة هتك عرض أو اغتصاب تجرمه الاتجار بالبشر تقوم وإن انتفت جريمة
الاغتصاب إذ إن الجريمة الأخيرة في القانون المصري يفترض أن تكون بدون رضاء المجني
عليه ولكن جريمة الاتجار بالبشر لا تعتد بالرضا إطلاقاً.
كفاية الرد على الدفع وتوافر أركان الجريمة
وكان ما رد به الحكم على
الدفع سائغاً وكافياً في بيان أركان جريمة الاتجار بالبشر بركنيها المادي
والمعنوي، ويضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن على غير أساس.
عدم لزوم الاستقلال في الحديث عن قصد الاستغلال
لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن
يتحدث الحكم استقلالاً عن قصد الاستغلال في جناية الاتجار بالبشر التي دان الطاعنة
بها، بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه – كما هو
الحال في الدعوى المطروحة – فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الصدد يكون في
غير محله.
كفاية التحريات وفقًا للمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية
لما كان ذلك، وكان مما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس.
مقدمة حول المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وأهمية بيان الواقعة
تفاصيل الحكم والواقعة المستوجبة للعقوبة
استعراض الأدلة وتحقيق المحكمة في الواقعة
دفاع الطاعنة بشأن انتفاء أركان الجريمة
التعريف القانوني لجريمة الاتجار بالبشر
التأكيد على حماية حقوق الإنسان في الدستور المصري
مقارنة بين جريمة الاتجار بالبشر وجريمة الاغتصاب
رد المحكمة على الدفع بشأن عدم الاطمئنان للأدلة
عدم ضرورة ذكر قصد الاستغلال بشكل مستقل
التحريات الشرطية وتأكيد أركان الجريمة
إقامة قضاء محكمة الموضوع على أدلة صحيحة
حرية محكمة الموضوع في تقدير الأدلة
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف
عدم إلزام المحكمة بسرد روايات الشهود بالكامل
إيراد نصوص الشهود واختيارات المحكمة في التعامل معها
تأثير تأخر المجني عليها في الإبلاغ
اطمئنان المحكمة إلى أدلة الإثبات
رد المحكمة على دفوع الطاعنة ومنطق الحكم
هذا فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لكل ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ.
عدم التعويل على التقرير الطبي الشرعي
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على دليل من التقرير الطبي الشرعي ولم يشر إليه في مدوناته، فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله.
غياب الإشارة إلى المقاطع المصورة في الحكم
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حال تحصيله لواقعة الدعوى وإيراده لمؤدى أقوال شاهدة الإثبات الأولى - المجني عليها - أن الطاعنة أوهمتها أنها قامت بتصويرها حال ممارستها الرذيلة بفيديو وهددتها بإرساله لأهلها ولم يتساند في قضائه بالإدانة إلى وجود تلك المقاطع المصورة بالفعل بحوزة الطاعنة ولم يورد لها ذكراً فيما سطره، فان ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله
عدم تأثير غياب باقي المتهمين على مسؤولية الطاعنة
لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعنة ما تثيره من عدم توصل التحريات لشخص باقي المتهمين في الجريمة طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعنة عن الجريمة التي دينت بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد
إثبات جريمة الاتجار بالبشر لا يتطلب شهود رؤية
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لثبوت جريمة الاتجار بالبشر ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي على مرتكب الفعل المستوجب للعقوبة دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدي رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون على غير أساس
عدم تأثير الخطأ في الإسناد على منطق الحكم
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خطأ الحكم في الإسناد لا يعيبه ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أورد على لسان المجني عليها أنها عقب وصولها مدينة استقبلتها الطاعنة في حين أنها قررت أنها حال وصولها للمدينة سالفة الذكر ظلت تعمل بمناطق مختلفة قبل التعرف على الطاعنة، ولما كان هذا الخطأ – على فرض وجوده – لم يظهر له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها، ويكون ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد غير سديد
تأكيد الحكم على الاستفادة المالية من المجني عليها
لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الطاعنة بتحقيقات النيابة أنها كانت تصطحب المجني عليها للملاهي الليلية للترفيه على مرتاديها وتحصلت من ورائها على منفعة مالية له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل
8 دفع الكيدية أو التلفيق لا يتطلب رداً صريحاً
لما كان ذلك، وكان من المقرر
أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل
رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى
أدلة الثبوت التي أوردها
غياب
كشف واضح عن دفوع الطاعنة أمام المحكمة
لما كان ذلك، وكانت الطاعنة
لم تكشف عن أوجه الدفوع والدفاع التي تنعى على المحكمة قعودها عن الرد عليها حتى
يتضح مدى أهميتها في الدعوى، وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن
تعرض له وترد عليه، أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً
بأدلة الثبوت رداً عليه بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً، فإن هذا الوجه من
الطعن لا يكون مقبولاً، فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم
تقدم ثمة حوافظ مستندات - خلافاً لما تدعيه بأسباب طعنها -، فإن منعاها في هذا
الشأن لا يكون مقبولاً
تقدير الإدانة مسألة تقديرية تخص وجدان القاضي
لما كان ذلك، وكانت حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن.
خطأ الحكم في تحديد المادة 310 لا يبطل الحكم
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة 310 الواجب تطبيقها، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 310 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن الاتجار بالبشر بفقراتها الثانية والثالثة والسادسة بدلاً من الفقرتين الثانية والسادسة فقط لا يعيبه، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه، وذلك بحذف الفقرة الثالثة من المادة 310 المذكورة عملاً بنص المادة 310 ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم٥٧ لسنة ١٩٥٩.
رفض الطعن موضوعاً لعدم وجود أساس له
لما كان ما تقدم، فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
أمين السر نائب رئيس المحكمة
قضايا ذات صلة