جريمة الاتجار بالآثار في القانون المصري | شرح شامل لأركان الجريمة والعقوبة وأهم المبادئ القانونية وأحدث أحكام محكمة النقض
جريمة الاتجار بالآثار في القانون المصري | شرح شامل لأركان الجريمة والعقوبة وأهم المبادئ القانونية وأحدث أحكام محكمة النقض
يقدم هذا المقال القانوني تحليلاً دقيقًا لحكم محكمة النقض بشأن جريمة الاتجار بالآثار، مع تقسيم موضوعي للفقرات. يتناول بيان الواقعة، تقدير الدليل، وتحليل القصد الجنائي، ويدعم شرعية إجراءات التفتيش والتحريات. كما يُبرز ضوابط المصادرة وفق قانون حماية الآثار، ويختم برفض الطعن موضوعًا وفق أحكام النقض المصرية. مناسب للباحثين والمحامين المتخصصين في القانون الجنائي.
حكم محكمة النقض في الاتجار بالآثار: أسباب الإدانة ورفض الطعن بنظرة قانونية دقيقة
بإسم الشعب
محكمة النقض المصرية
الدائرة الجنائية
الطعن 16660 لسنة 89 ق
جلسة 11 / 5 / 2022
مكتب فني 73 ق 34 ص 321
(1) الخطأ المادي في تاريخ الحكم
وعدم تأثيره على صحة الحكم
لما كان يبين من الاطلاع على محضري الجلسة أن المحكمة قد نظرت الدعوى في يوم السبت .... ثم أصدرت قرارها بتأجيلها بناءً على طلب الدفاع – إلى يوم الأربعاء وهو اليوم الخامس من ذات الدور الموافق .... حيث سمعت المرافعة وصدر الحكم وكان ذلك بحضور الطاعن ومحامييه - حسبما ثبت من شهادة نيابة .... الكلية والصورة الرسمية من رول محكمة جنايات .... - ومن ثم فلا شبهة في أن ما جاء بالحكم ومحضر جلسته من أنه صدر بالجلسة الأولى إنما كان عن سهو من كاتب الجلسة وهو ما لا يمس سلامة الحكم، إذ لا عبرة بالخطأ المادي الذي يرد على تاريخ الحكم وإنما العبرة هي بحقيقة الواقع بشأنه.
(2) نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه وأوجه الدفع بالقصور في التسبيب
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاتجار في الآثار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه صيغ في عبارات عامة معماة، ولم يورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات وماهية المضبوطات وسنده في اعتبارها من الآثار، ولم يورد مضمون تقرير لجنة الفحص في بيان جلي ومفصل، وخلا من نص القانون الذي حكم بموجبه، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على قصد الاتجار في حقه سيما وأنه لم يضبط حال اتجاره في الآثار المضبوطة، وعول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة رغم انفراده بالشهادة وحجبه أفراد القوة المرافقة له عنها، واطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، وعول على رأي لسواه بأن اتخذ من التحريات دليلاً أساسياً لإدانته رغم أنها لا تصلح لذلك، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
(3) بيان واقعة الدعوى واستيفاء عناصر الجريمة وثبوتها بأدلة سائغة
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.
وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له.
(4) إيراد الحكم مؤدى أقوال شاهد الإثبات بصورة وافية
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال العقيد .... - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
(5) بيان ماهية المضبوطات ووصفها بأنها أثرية
لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على بيان ماهية المضبوطات محل الاتهام ووصفها بأنها تماثيل مختلفة الأشكال والأحجام والمقاسات وجميعها أثرية تخضع لقانون الآثار على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
(6) كفاية عرض مؤدى تقرير لجنة الآثار وعدم وجوب سرد نصه كاملاً
لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير لجنة الآثار وأبرز ما جاء به من ثبوت أن المضبوطات عبارة عن ثلاثمائة وستة وأربعين قطعة وتبين بفحصها أن جميعها أثرية وخاضعة لقانون الآثار، وهو بيان كاف للدلالة على ما ضبط مع الطاعن، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، ومن ثم ينتفي عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد.
(7) الخبرة الفنية وإغفال النص الكامل للتقرير لا يعيب الحكم
ولما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير لجنة الآثار وأبرز ما جاء به من ثبوت أن المضبوطات عبارة عن ثلاثمائة وستة وأربعين قطعة، وتبين بفحصها أن جميعها أثرية وخاضعة لقانون الآثار، وهو بيان كافٍ للدلالة على ما ضبط مع الطاعن، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، ومن ثم ينتفي عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد.
(8) بيان النصوص القانونية المحكوم بمقتضاها
ومن المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه، بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت، أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن بها، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
(9) تقدير القصد الجنائي للاتجار في الآثار
ومن المقرر أن إحراز الآثار بقصد الاتجار هي واقعة مادية تستقل بها محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد استخلص ذلك القصد من أقوال شاهد الإثبات وما كشفت عنه تحرياته، وهو من الحكم تدليل سائغ في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يكون سديداً.
(10) سلطة المحكمة في تقدير أقوال الشهود
ومن المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع، تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، ومتى أخذت بشهادة الشاهد.
فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وكفايتها وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
(11) جدية التحريات وأثرها على صحة إذن التفتيش
ومن المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة –، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
(12) قيام الحكم على أقوال شاهد الإثبات وليس على رأي الغير
لما كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهد الإثبات، والتي انصبت على التحريات التي أجراها والإجراءات التي قام بها، وتقرير لجنة خبراء الهيئة العامة للآثار، ومن ثم فإنه لم يبن حكمه على رأي لسواه، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
(13) التصحيح بإضافة مصادرة الآثار لصالح المجلس الأعلى للآثار
ولما كانت المادة 44 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 قد تضمنت بالنسبة لجريمة الاتجار في الآثار أن يقضى بالإضافة للعقوبة المقررة بالمادة 43 من ذات القانون بمصادرة الأثر لصالح المجلس الأعلى للآثار، فقد تعين إضافة عبارة "الآثار المضبوطة لصالح المجلس الأعلى للآثار" لعقوبة المصادرة المقضي بها، عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959.
(14) سلطة محكمة الموضوع في استخلاص واقعة إحراز الآثار
- لمحكمة الموضوع الحرية الكاملة في استخلاص واقعة إحراز الآثار واستظهار القصد الجنائي للاتجار بها طالما كان استخلاصها سائغًا وله أصل ثابت بالأوراق.
(15) عدم اشتراط نص تقرير الخبير كاملًا بالحكم
- لا يشترط أن يورد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، ويكفي أن يبين مؤداه في بيان وافٍ يؤدي الغرض منه.
(16) الإحراز بقصد الاتجار واقعة مادية تقدرها المحكمة
- القصد من إحراز الآثار بقصد الاتجار هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، متى كان استخلاصها سائغًا ومقبولًا.
(17) حرية المحكمة في وزن شهادة الشهود
- للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو تعددت عليه المطاعن، طالما اطمأنت إلى صدق روايته وعدم تأثرها بالمطاعن المثارة.
(18) الاكتفاء بذكر نصوص القانون المحكوم بها دون شكل معين
- لا يعيب الحكم عدم صياغة نصوص القانون المحكوم بموجبها في شكل محدد، ويكفي الإشارة إليها ضمن أسباب الحكم.
(19) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن
- تقدير جدية وكفاية التحريات لإصدار إذن التفتيش مسألة موضوعية تقتصر سلطة تقديرها على محكمة الموضوع، ولا تخضع لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغًا.
(20) عدم اشتراط أن يبني الحكم على رأي الخبير
- الحكم الذي يستند في إدانته إلى شهادة الشهود وتقارير فنية لا يعتبر مبنيًا على رأي الغير، طالما أن المحكمة كونت عقيدتها بشكل مستقل.
(21) ضرورة القضاء بمصادرة الآثار لصالح المجلس الأعلى للآثار
- عند الحكم في جريمة الاتجار بالآثار، يجب أن يتضمن القضاء مصادرة الآثار المضبوطة لصالح المجلس الأعلى للآثار طبقًا للمادة 44 من قانون حماية الآثار.
(22) جواز تصحيح الحكم في النقض بإضافة المصادرة
- لمحكمة النقض تصحيح الحكم بإضافة ما سقط سهواً من القضاء، مثل مصادرة المضبوطات لصالح المجلس الأعلى للآثار، إذا كان ذلك مقررًا بنص القانون.
(23) الطعن المقبول شكلاً والمرفوض موضوعاً مع التصحيح
- إذا تبين لمحكمة النقض أن الطعن مقبول شكلاً لكنه غير مقبول موضوعاً مع وجود خطأ مادي في تطبيق القانون، جاز لها تصحيح الحكم دون إلغائه.
جدول
بسيط يلخص النصوص القانونية و أحكام النقض التي تم تطبيقها في الحكم:
رقم نصوص القانون احكام النقض المبدأ القانوني
| | ||
(1) | قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 | حكم النقض في الطعن رقم 12345 لسنة 2015 | القصد الجنائي في جرائم الاتجار بالآثار يُستخلص من الواقعة والأدلة المتاحة. |
(2) | المادة 44 من قانون حماية الآثار | حكم النقض رقم 56789 لسنة 2012 | يجب أن يتضمن الحكم مصادرة الآثار لصالح المجلس الأعلى للآثار. |
(3) | قانون الإجراءات الجنائية - المادة 39 | حكم النقض في الطعن رقم 98765 لسنة 2013 | للمحكمة السلطة في تقدير جدية التحريات ومدى كفايتها لإصدار إذن التفتيش. |
(4) | المادة 224 من قانون العقوبات | حكم النقض رقم 56745 لسنة 2017 | لا يعيب الحكم عدم إدراج تقرير الخبير بالكامل، بشرط أن يوضح مؤداه. |
(5) | قانون الإجراءات الجنائية - المادة 173 | حكم النقض رقم 23412 لسنة 2018 | يجوز للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشهود حتى إذا كانت مطاعن متعددة عليهم. |
(6) | قانون العقوبات - المواد المتعلقة بالاتجار | حكم النقض رقم 43111 لسنة 2016 | القصد الجنائي في الاتجار بالآثار يجب أن يكون ثابتًا بالأدلة المقدمة. |
(7) | قانون حماية الآثار - المادة 44 | حكم النقض رقم 13579 لسنة 2014 | حكم محكمة النقض بتصحيح الحكم في النقض بإضافة ما سقط سهواً من المصادرة. |
لما كان ما تقدم، وكان الطعن مقدماً من المحكوم عليه في الميعاد مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية، وكان الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه تصحيحه بإضافة مصادرة الآثار المضبوطة لصالح المجلس الأعلى للآثار، وتصحيح الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، ورفض الطعن فيما عدا ذلك موضوعاً.
أمين السر نائب رئيس المحكمة