أثر الأسباب المكملة لمنطوق الحكم
من أهم الأثار للأسباب المكملة لمنطوق الحكم عندما تكون أسباب الحكم مكملة لمنطوقه وواضحة، فإنها تعزز من مشروعية الحكم وتجعله أقل عرضة للنقض في حالة الطعن. كما أنها تساعد أطراف الدعوى على فهم الأسس التي بني عليها الحكم، مما يقلل من احتمالية النزاع حول تفسير القرار.
النعى على الحكم بالغموض
النعى على الحكم بالغموض بحيث إذا كانت أسباب الحكم غير واضحة أو غير كافية لتوضيح منطوقه، فإنه يمكن لأطراف الدعوى أن يطعنوا في الحكم بدعوى الغموض. ومع ذلك، فإن هذا النعى يكون على غير أساس إذا كانت الأسباب المذكورة في الحكم كافية وواضحة بما لا يدع مجالاً للشك في حقيقة ما قضى به الحكم.
أما إذا كانت أسباب الحكم مفصلة وواضحة، وربطت بشكل
منطقي بين الوقائع والقانون، فإن النعى على الحكم بدعوى الغموض يكون على غير أساس.
وفي هذه الحالة، يكون الحكم قد استوفى جميع الشروط القانونية اللازمة، مما يجعل
الطعن فيه غير مقبول.
إيضاح أسباب الحكم لمنطوقه
حكم
بسم الشعب
محكمة النقض المصرية
الطعن رقم 2475 لسنة 58 القضائية
جلسة 10 من نوفمبر سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبى، حامد مكى، جرجس عدلى نواب رئيس المحكمة ومحمد خليفة.
حكم سبيبه
أسباب الحكم المكملة لمنطوقه. إيضاحها للمنطوق بما لا يدع مجالاً للغموض فى حقيقة ما قضى به. أثره. النعى على الحكم بالغموض. على غير أساس.
أحوال شخصية “الولاية على المال”. نيابة “نيابة قانونية”. بطلان “البطلان النسبى”.
تدخل النيابة العامة فى قضايا القصر. هدفه. رعاية مصلحتهم. مؤداه. البطلان المترتب على إغفال إخطارها بهذه القضايا. نسبى لمصلحة القصر دون غيرهم.
(3 – 5) تحكيم. ملكية. أموال عامة. بطلان. صلح. نظام عام. تعويض. قوة الأمر المقضى. حكم “عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون: ما لا يعد كذلك” “حجية الحكم”.
(3) التحكيم. عدم جوازه بصدد تحديد مسئولية الجانى عن الجريمة الجنائية. مخالفة ذلك. أثره. بطلانه لمخالفته للنظام العام. تناول المسألة التى انصب عليها التحكيم جريمة واستهدافها تحديد المسئول عنها. مؤداه. عدم جواز ورود الصلح عليها أو صلاحيتها موضوعًا لتحكيم. أثره. بطلان الالتزام المثبت فى السند لعدم مشروعية سببه. المادتان 551 مدنى، 501/4 مرافعات.
(4) الأرض المملوكة للدولة. عدم جواز التصالح عليها.
(5) إنطواء حكم التحكيم على تصرف باطل لوقوعه على أرض مملوكة للدولة فلا يجوز الصلح بشأنها وتضمن الحكم فصلاً ضمنياً فى مسألة جنائية كانت سبباً للالتزام بالمبلغ المقضى به كتعويض عن الجرم وتستهدف تحديد المسئولية عنها بما يمتنع معه ورود الصلح عليها لتعلقها بالنظام العام. أثره. بطلان حكم المحكمين وعدم اكتسابه حجية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. (مثال فى تحكيم يشأن هدم وإعادة بناء منزل على الطريق العام وضرب وإتلاف وتعويض عنهما).
(6) نقض “أسباب الطعن”.
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبن منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه. م 253 مرافعات. تخلف ذلك. أثره. عدم قبول الطعن.
(7) محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير أدلة الدعوى”. دعوى.
محكمة الموضوع. حقها فى تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها. شرطه. افصاحها عن مصادر الأدلة التى كونت منها عقيدتها أو فحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق وأن يؤدى تقديرها إلى النتيجة التى خلصت إليها. علة ذلك.
1 – المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه متى كانت أسباب الحكم المكملة لمنطوقه توضحه بما لا يدع للغموض فى حقيقة ما قضى به فإن النعى عليه يكون على غير أساس.
2 – المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن هدف الشارع من تدخل النيابة فى القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كتاب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر دون غيرهم.
3 – المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه لما كانت المادة 501 من قانون المرافعات – المنطبقة على واقعة الدعوى – تنص فى فقرتها الرابعة على أنه “ولا يجوز التحكيم فى المسائل التى لا يجوز فيها الصلح…” كما أن المادة 551 من القانون المدنى تنص على أنه “لا يجوز الصلح فى المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام…”.
ومفاد ذلك أنه لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجانى عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام إذ كانت المسألة التى انصب عليها التحكيم وبالتالى كانت سبباً للإلتزام فى السند إنما تتناول الجريمة ذاتها وتستهدف تحديد المسئول عنها وهى من المسائل المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز أن يرد الصلح عليها وبالتالى لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام المثبت فى السند باطلاً لعدم مشروعية سببه.
4 – إنه لا يجوز التصالح على أرض مملوكة للدولة.
5 – إذ كان الثابت من مطالعة حكم التحكيم الصادر بتاريخ 1/ 2/ 1983 (على إثر نشوب مشاجرة بين عائلة المطعون ضدهما الأولين وعائلة الطاعنين الأولين بسبب تعدى الطاعن الثالث على المنافع العامة بإقامة بناء فى الطريق العام صدر قرار من جهة الإدارة بإزالته وتحررت مشارطة التحكيم بين الطرفين) أنه انتهى فى البند الأول منه إلى رد الشىء لأصله ببناء ما هدم من المنزل وإعادته.
كما كان قبل الهدم بالرغم من صدور قرار من الجهة الإدارية بإزالة التعدى على الطريق العام وهو ما ينطوى فى ذاته على تصرف باطل لكونه أنصب على أرض مملوكة للدولة لا يجوز الصلح بشأنها كما تضمن هذا البند فصلاً ضمنياً فى مسألة جنائية وهى نفى الاتهام عن الطاعن الثالث مما أسند إليه من تعدى على الطريق العام وذلك بتمكينه من إعادة البناء المخالف كما ألزم البند الثانى من حكم التحكيم المطعون ضدهما الأولين بأداء مبلغ نقدى تعويضاً عن التعدى والإتلاف.
وهو ما يعنى أن المسألة التى أنصب عليها التحكيم وبالتالى كانت سبباً للالتزام بالمبلغ المقضى به كتعويض إنما تتناول جريمتى التعدى بالضرب والإتلاف وتستهدف تحديد المسئول عنهما وهى من المسائل المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز أن يرد الصلح عليها.
وبالتالى لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام بالمبلغ النقدى باطلاً لعدم مشروعية سببه ومتى كان حكم المحكمين باطلاً فلا تقوم له حجية وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائى لأسبابه فيما قضى به من بطلان ذلك الحكم وما ترتب عليه من آثار فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعى عليه فى هذا الخصوص على غير أساس.
6 – المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلا قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن تحديداً دقيقاً وأن تعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها وجه العيب الذى يعزى إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً وإلا كان غير مقبول.
7 – المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع الحق فى تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التى كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق قم تنزل عليها تقديرها ويكون مؤدياً إلى النتيجة التى خلصت إليها وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم وأن الأسباب التى أقيم عليها جاءت سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتتأدى مع النتيجة التى انتهت إليها.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما الدعوى رقم 877 لسنة 1983 مدنى كلى الزقازيق بطلب الحكم ببطلان حكم المحكمين رقم 2 لسنة 1983 تحكيم الحسينية وبإلزام الطاعنين السادس والسابع بأن يردا إليهما الشيكات والمبالغ النقدية المسلمة.
تعدى الطاعن الثالث على المنافع العامة بإقامة بناء في الطريق العام، صدر قرار من جهة الإدارة بإزالته، فقد تحررت مشارطة تحكيم بين الطرفين. ثم انتهى حكم المحكمين إلى بناء ما هدم من المنزل وتعويض عائلة الطاعنين الأولين والمقاول بمبلغ 8000 جنيه عن التعدى والإتلاف، يخصم من المبلغ المودع على ذمة التحكيم.
وقد صدر هذا القرار باطلاً لفصله في مسائل لا يجوز التحكيم والصلح فيها، وهما جريمتا التعدى والإتلاف موضوع الجنحة رقم 514 لسنة 1983 الحسينية. وما انتهى إليه من إعادة بناء الجزء المهدوم من المنزل والتعويض عنه، باعتباره محلاً لقرار الجهة الإدارية بإزالة التعدى على الطريق العام. كما انتهى الحكم إلى تعويض الطاعنين الأولين رغم عدم ثبوت علاقتهما بالمضرور – الطاعن الثالث – أو تمثيلهما له قانوناً.
كما أقام الطاعنان الأولان الدعوى رقم 1171 لسنة 1983 مدنى كلى الزقازيق بطلب إلزام المطعون ضدهما الأولين بأن يؤديا إليهما مبلغ 20000 جنيه قيمة الشرط الجزائى المنصوص عليه بالبند الرابع من حكم المحكمين ومشارطته.
وضمت المحكمة الدعويين، وطلب الطاعن الثالث قبول تدخله هجوميًا في الدعوى الأولى والحكم برفضها والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمين، وقبول تدخله انضمامياً للطاعنين الأول والثانى.
وبتاريخ 9/ 4/ 1986، حكمت المحكمة في الدعوى
الأولى:
أولاً: بقبول تدخل الطاعن الثالث شكلاً ورفضه
موضوعًا.
ثانيًا: ببطلان حكم المحكمين وبإلزام الطاعنين السادس
والسابع برد ما سلم إليهما من الأمانات النقدية والمستندات والشيكات الخاصة
بالمطعون ضدهما الأولين.
وفي الدعوى الثانية، برفضها وبرفض تدخل الطاعن الثالث فيها شكلاً.
استأنف الطاعنون هذا الحكم برقم 647 لسنة 29 ق لدى محكمة استئناف المنصورة – مأمورية الزقازيق – فحكمت بتاريخ 20/ 4/ 1988 بتأييد الحكم المستأنف.
الطعن بالنقض
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم جزئيًا.
وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت
جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه ألزم الطاعنين الرابع عن نفسه وبصفته وصياً على إخوته القصر والخامسة بتسليم الأمانات النقدية والمستندات والشيكات إلى المطعون ضدهما الأولين رغم أنهما لم يختصما فى دعوى التحكيم ولم يتسلما هذه الأشياء مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن متى كانت أسباب الحكم المكملة لمنطوقه توضحه بما لا يدع مجالاً للغموض فى حقيقة ما قضى به فإن النعى عليه يكون على غير أساس لما كان ذلك وكان البين من أسباب الحكم الابتدائى – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – المكملة لمنطوقه وبما لا يدع مجالاً للغموض فى حقيقة ما قضى به أن من ألزمهما بالرد كأثر لقضائه بالبطلان هما الطاعنين السادس والسابع ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون وبالوجه الثانى ومن السبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان وفى بيان ذلك يقولون إن النيابة العامة لم تخطر بوجود قصر فى الدعوى مما يبطل الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن هدف الشارع من تدخل النيابة فى القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر دون غيرهم، لما كان ذلك وكان أى من الطاعنين لا يمثل القصر فى الطعن الماثل ومن ثم فليس له التمسك بهذا النعى ويضحى غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم الابتدائى – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – قضى ببطلان حكم المحكمين الذى ألزم المطعون ضدهما الأولين بأداء مبلغ 8000 جنيه كتعويض للطاعنين الأولين وللمقاول عن واقعتى التعدى بالضرب والإتلاف.
باعتبار أنه لا يجوز التحكيم فى المسائل التى لا يجوز فيها الصلح أو تلك المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام حال أنه ليس هناك ما يمنع قانونًا الصلح فى التعويض الناشئ عن الجرائم وهو ما تم الاتفاق عليه فى مشارطه التحكيم وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائى لأسبابه دون أن يرد على دفاعهم الجوهرى بسقوط حق المطعون ضدهما المذكورين فى رفع دعوى البطلان لتنفيذ حكم التحكيم اختيارياً واحتراماً لحجيته فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
أساس النعى ومرجعيته القانونية
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لما كانت المادة 501 من قانون المرافعات – المنطبقة على واقعة الدعوى – تنص في فقرتها الرابعة على أنه "ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح…"، كما أن المادة 551 من القانون المدني تنص على أنه "لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام…".
عدم جواز التحكيم في المسائل الجنائية
ومفاد ذلك أنه لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية
الجاني عن الجريمة الجنائية، وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام. إذ كانت
المسألة التي انصب عليها التحكيم، وبالتالي كانت سبباً للالتزام في السند، إنما
تتناول الجريمة ذاتها وتستهدف تحديد المسئول عنها، وهي من المسائل المتعلقة
بالنظام العام، فلا يجوز أن يرد الصلح عليها، وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعاً
لتحكيم.
بطلان الالتزام لعدم مشروعية سببه
وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام المثبت في السند باطلاً
لعدم مشروعية سببه. كما أنه لا يجوز التصالح على أرض مملوكة للدولة.
بطلان حكم التحكيم لتصرفه في أرض مملوكة للدولة
لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة حكم التحكيم الصادر بتاريخ 1/ 2/ 1983 أنه انتهى في البند الأول منه إلى رد الشىء لأصله ببناء ما هدم من المنزل وإعادته كما كان قبل الهدم، بالرغم من صدور قرار من الجهة الإدارية بإزالة التعدى على الطريق العام، وهو ما ينطوي في ذاته على تصرف باطل لكونه أنصب على أرض مملوكة للدولة لا يجوز الصلح بشأنها.
نفي الاتهام الجنائي في حكم التحكيم
كما تضمن هذا البند فصلاً ضمنياً في مسألة جنائية، وهي نفي الاتهام عن الطاعن الثالث مما أسند إليه من تعدى على الطريق العام، وذلك بتمكينه من إعادة البناء المخالف.
بطلان التعويض عن التعدي والإتلاف
كما ألزم البند الثاني من حكم التحكيم المطعون ضدهما الأولين بأداء مبلغ نقدي تعويضاً عن التعدى والإتلاف، وهو ما يعنى أن المسألة التي أنصب عليها التحكيم، وبالتالي كانت سبباً للالتزام بالمبلغ المقضى به كتعويض، إنما تتناول جريمتي التعدى بالضرب والإتلاف، وتستهدف تحديد المسئول عنهما، وهي من المسائل المتعلقة بالنظام العام، فلا يجوز أن يرد الصلح عليها، وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم.
بطلان حكم المحكمين وعدم قيام الحجية
وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام بالمبلغ النقدي باطلاً لعدم مشروعية سببه. ومتى كان حكم المحكمين باطلاً، فلا تقوم له حجية.
تأييد الحكم الابتدائي وصحة القانون
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي
لأسبابه فيما قضى به من بطلان ذلك الحكم وما ترتب عليه من آثار، فإنه يكون قد صادف
صحيح القانون. ويضحى النعى عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد وفى بيان ذلك يقولون إن من سلطة محكمة النقض إعمال رقابتها على محكمة الموضوع فيما يتعلق بتطبيقها نصوص القانون على الوجه الصحيح وتكييفها القانونى لواقعة النزاع.
هذا النعى غير مقبول
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن المادة 253 من قانون المرافعات إذا أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن تحديداً دقيقاً وأن تعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة.
بحيث يبين منها وجه العيب الذى يعزى إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً وإلا كان غير مقبول, لما كان ذلك وكان لا يبين من سبب النعى العيب الذى يعزوه الطاعنون للحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه فإنه يكون مجهلاً وبالتالى غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم خلص إلى تأييد الحكم الابتدائى لأسبابه فيما قضى به من إلزام الطاعن السادس برد ما سلم إليه من أمانات نقدية ومستندات وشيكات إلى المطعون ضدهما الأولين دون أن يواجه دفاعهم الجوهرى من خلو الأوراق من ثمة دليل على تسلمه تلك الأشياء مما يعيبه ويستوجب نقضه.
النعى فى محله القانوني
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع الحق فى تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التى كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق ثم تنزل عليها تقديرها ويكون مؤديًا إلى النتيجة التى خلصت إليها.
وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم وأن الأسباب التى أقيم عليها جاءت سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتتأدى مع النتيجة التى انتهت إليها،
لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن السادس برد الأمانات النقدية والشيكات حال أن الثابت من مشارطة التحكيم وحكم المحكمين أنه لم يكن من ضمن هيئة التحكيم المكونة من الطاعن السابع وآخرين دون أن يبين الحكم الأساس الواقعى والقانونى الذى استند إليه فى هذا القضاء.
مما يتعذر معه تعيين الدليل الذى كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن التحقق من أنه يؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها بما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه جزئياً فى هذا الخصوص.
وحيث عن الطعن صالح للفصل فيه ولما تقدم وكان البين من الأوراق أن المستأنف السادس لم يتسلم أية أمانات نقدية أو مستندات أو شيكات تخص المستأنف ضدهما الأولين ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فى هذا الخصوص ورفض الدعوى بشأنه.