صيغة صحيفة طعن بالنقض بسبب التناقض في الأسباب مُبطل للحكم

People/Law الناس والقانون
المؤلف People/Law الناس والقانون

 النقض مجاوزة التعويض لحدود الضرر إثراء للمضرور ويخالف القانون

مجاوزة التعويض لحدود الضرر الفعلي يُعتبر إثراءً غير مبرر للمضرور، وهو ما يخالف القواعد الأساسية للتعويض في القانون. التعويض في القانون يهدف إلى إعادة المضرور إلى الوضع الذي كان عليه قبل وقوع الضرر، وليس إلى إثرائه أو منحه مكاسب إضافية.

في معظم الأنظمة القانونية، يتم تحديد التعويض بناءً على حجم الضرر الفعلي الذي لحق بالمضرور، سواء كان ذلك ضررًا ماديًا أو معنويًا. إذا تجاوز التعويض هذا الحد، فإنه يُعتبر تعسفًا في استخدام الحق، وقد يُنظر إليه على أنه مخالف لمبادئ العدالة والإنصاف.



على سبيل المثال، في القانون المدني، يُشترط أن يكون التعويض متناسبًا مع الضرر، وأن لا يؤدي إلى إثراء المضرور بشكل غير عادل. إذا تم منح تعويض يفوق الضرر الفعلي، يمكن للطرف الآخر الطعن في هذا القرار أمام القضاء، وقد يتم تعديل التعويض ليكون متناسبًا مع الضرر الحقيقي.

ومن ثم يجب أن يكون التعويض عادلاً ومتناسبًا مع الضرر، وأي تجاوز لهذا المبدأ يُعتبر إثراءً غير مشروع ويخالف القواعد القانونية.

إنه في يوم ... الموافق .../../.. أودعت هذه الصحيفة قلم كتاب محكمة النقض، وقيد الطعن برقم .... لسنة .. ق، من الأستاذ/أشرف فؤاد حماد المحامي بالنقض، وذلك بصفته وكيلاً بموجب التوكيل رقم .. حر.. لسنة... توثيق ....، عن السادة/ 1) .. ، 2) المقيمين ..، ومحلهم المختار مكتب الأستاذ ا/ أشرف فؤاد حماد المحامي بالنقض   .... (طاعن)

ضــــــــــــد

السيد/ ...، المقيم في ...  (مطعون ضده)

وذلـــــــــك طعــــــــناً بطريـــــــــــــق النقــــــــــــــــــــض على الحكم الصادر بجلسة 24/7/2023 من محكمة .. (د/ 16 مدني) في الاستئناف .. لسنة 27ق، والقاضي منطوقه.

حكمت المحكمة:  أولا: بقبول الطعن شكلا لرفعه في الميعاد القانوني.

ثانيا: وفي الموضوع بتعديل الحكم المستـأنف بإلزام المستأنف بصفته بأـن يؤدي للمستأنف ضده مبلغ سبعمائة آلف جنيه تعويضاً عن عدم تسليمه عين التداعي .. عن المدة من 31/8/2016 وحتى تاريخ الحكم .. والتأييد فيما عدا ذلك".

وكانت محكمة أول درجة قد أصدرت حكمها في الدعوى .. لسنة 2020 مدني كلي ..، والقاضي:

حكمت المحكمة:

أولاً: بقبول الطلب العارض شكلاً، وفي موضوع الطلب برفضه ..

ثانياً: بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي مبلغ أربعة مليون وأربعمائة وخمسة وخمسون ألف وستمائة واثنين وأربعون جنيهاً تعويضاً، وما يستجد اعتباراً من 1/11/2022 حتى تمام التنفيذ، بواقع ستون ألف ومائتين وإحدى عشر جنيهاً وثمانية وثلاثون قرشاً شهرياً، وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي فائدة قانونية ...".

 الموضــــــــــــــــــوع

1)   بموجب العقد المُعنون "عقد بيع/إدارة وحدة عقارية" والمُؤرخ 18/7/2014 تعاقد المطعون ضده مع الشركة الطاعنة على إحدى الوحدات التجارية العقارية بالمركز التجاري لمشروعها ".."، ومع مُراعاة أن الوحدة المذكورة كانت تحت الإنشاء – بعلم الطرفين وإقرارهما – وقت التعاقد.

 وقد انصب هذا التعاقد على ما هو: الوحدة المبينة (..) بالمبنى (..) بالدور الأرضي، بمنطقة (..) وتبلغ المساحة التقريبية للوحدة محل التعاقد المشار إليه 57,00 م2 (سبعة وخمسين متراً مربعاً)، وتشمل الأجزاء المُعدة للانتفاع المُشترك، وقد اشتمل التعاقد على اتفاق طرفيه على جانبين رئيسين من الاتفاق:

الجانب الأول: اشترى المطعون ضده من الشركة الطاعنة الوحدة العقارية "محل تجاري" المُشار إليها لقاء ثمن قدره 1254000جم (واحد مليون ومائتين وأربعة وخمسين آلف جنيه)،

 وتم دفع نسبة 10% في مجلس العقد كمقدم وجزء من الثمن، وبما يعادل مبلغ 125400جم والباقي تم توزيعه على ثمانية أقساط دورية (ربع سنوية) قيمة كل منها 141075جم، تُستحق في المواعيد المُتفق عليها عقدياً والتي تتراوح تواريخها بين 18/10/2014 وحتى 18/7/2016،

الجانب الثاني: في الوقت ذاته وبموجب العقد ذاته فقد منح المطعون ضده الشركة الطاعنة حق الانتفاع بالوحدة العقارية المُتعاقد عليها لمدة 15 سنة، وبحيث يكون لهذه الشركة حق إدارة الوحدة العقارية والانتفاع بها للمدة المُتفق عليها المذكورة وذلك لقاء المُقابل ووفقاً للشروط العقدية المُتفق عليها فيما بين الجانبين،

2)   وقد تلاقت إرادة الطرفين المُتعاقدين على ما بالعقد المُحرر بينهما من شروط، لعل من أبرزها وأهمها الآتي بعد:

تبدأ مدة الـ 15 سنة المقررة لحق الإدارة والانتفاع بالوحدة من تاريخ التسليم، وذلك وفقاً للبند السادس،

يكون تسليم الوحدة المتعاقد عليها تسليماً حكمياً، وذلك طبقاً لصراحة نص البند السابع من العقد، ويكون موعد التسليم 31/8/2016، "وذلك بعد سداد كامل الثمن وكذا سداد مبلغ الصيانة" طبقاً لصراحة البند السابع ذاته من العقد، وحالة المحل وقتذاك أي وقت التسليم "الحكمي" أن يكون "تشطيب محارة" فقط،

تضمن البند الثامن من العقد نصاً صريحاً قاطعاً نصه كالآتي: "اتفق الطرفان على أنه لا يجوز للطرف الثاني المُطالبة بتسليم الوحدة وفقاً لأحكام البند السابع إلا بعد سداد كامل الثمن .. وأداء مبلغ الصيانة"،

تضمنت الفقرة ج من البند السادس نصاً صريحاً قاطعاً نصه كالآتي: "يستحق مقابل الانتفاع .. للطرف الثاني بعد تمام تحصيل الطرف الأول لإيرادات الانتفاع بالوحدة والناتجة عن إدارته لها وذلك بعد خصم نسبة 20% من إجمالي إيراد الوحدة نظير إدارة الطرف الأول .. وذلك بعد خصم كافة التكاليف". 

وعلى هذا النحو، فقد كان اتفاقُ المُتعاقدين يتضح منه جلياً أن تسليم عين التداعي يكون تسليماً حكمياً، ومن ثم، فهو ليس تسليماً فعلياً - وهو أمر بديهي ومنطقي ولاريب - كما يتضح كذلك انصراف إرادة الطرفين المُتعاقدين لعدم أحقية المُشتري في المُطالبة بالتسليم (الحكمي) للعين إلا بعد سداده كامل أقساط الثمن ووديعة الصيانة.

 ويتضح كذلك اتفاق المُتعاقدين على استحقاق المطعون ضده لإجمالي عوائد الانتفاع التي يتم تحصيلها من جانب الشركة الطاعنة بعد خصم التكاليف ومع احتساب نسبة الخُمس للشركة الطاعنة كمُقابل عن عملها في ذلك.

أقام المطعون ضده دعواه الابتدائية .. لسنة 2020 مدني كلي .. ضد الشركة الطاعنة، مُطالباً بإلزامها بأن تؤدي إليه ما تقارب قيمته 3 مليون جنيه (أي ما يزيد على ضعفي كامل الثمن "المُقسط" نفسه!!!) باعتباره مقابل حق الانتفاع (الريع) المُستحق له عن عين التداعي نتيجة ما قيل أنه تأخير في التسليم.

وجدير بالذكر أنه حال تداول الدعوى بالجلسات أمام أول درجة كذلك قامت الشركة بعمل ادعاء فرعي بطلب: إلزام المدعي أصلياً (المدعى عليه فرعياً – المطعون ضده) بأن يؤدي إليها مبلغ 125400 جم (مائة وخمسة وعشرين آلفاً وأربعمائة جنيه) قيمة وديعة الصيانة المُستحق في ذمته طبقاً للعقد والتي لم يسددها.

 ومع الفوائد القانونية، ومع التعويض، للإخلال بالالتزام التعاقدي، وعلى اعتبار توقف التسليم الحكمي على تنفيذ كامل الالتزام المالي، ومنه ما يخص ويتعلق بوديعة الصيانة، طبقاً لما ورد بالعقد المحرر بين الجانبين من شروط تعكس حقيقة مقصدهما.

3) وجدير بالذكر انتهاء الخبير المنتدب في تقريره ونتائج أعماله إلى القول بما هو نصه أن:

"العين محل النزاع (المحل المبيع) لم يتولد منه ثمة إيراد وبالتالي فإن الكيفية المنصوص عليها بالعقد من محاسبة عن صافي إيراد وخصم مقابل تشغيل و.... ليس لها محل وإنما المستحق للمشتري هو مقابل عدم الانتفاع وهناك فروق كثيرة بين الريع ومقابل عدم الانتفاع الذين قد يتساويا مصادفة.

 ولكن الأصل أنهما غير متساويين حيث أن الريع هو نتاج فعلي وليس افتراضي من تشغيل العين وبالتالي فهو يزيد وينقص وليس قيمة ثابتة ولا يمكن التكهن بها (ولهذا السبب عند الاتفاق على المحاسبة على الريع .

يستلزم ذلك أن تكون هناك كشوف حساب ومحاسبة دورية بين الأطراف الشركاء في الريع) في حين أن مقابل عدم الانتفاع هو قيمة ثابتة أشبه بالجزاء المالي المستحق للطرف الذي منع من الانتفاع بالمال الخاص به (المبيع) وهي قيمة يمكن تحديدها وهي مثل مقابل تأجير الأعيان (الأجرة)

وإذا رأت عدالة المحكمة بناء على ما ذكر بعاليه أنه يستحق للمشتري – المدعي – مقابل عدم انتفاع بالمبيع من التاريخ المذكور بالعقد وهو 31/8/2016 حتى إيداع التقرير في مايو 2022 فإننا نقدر القيمة السوقية عنه كالآتي:

نقدر مقابل عدم الانتفاع بالعين خلال الفترة المشار إليها تأسيساً على المفهوم الفني للقيمة السوقية

التي هي: الثمن الأكثر احتمالاً الذي يمكن أن يغله العقار في سوق تنافسي مفتوح وبشروط استغلال عادل للطرفين حيث تصرف كل منهما بمهارة وعلم وبافتراض أن السعر غير متأثر بأي محفزات تمويل غير واجبة بواقع 125 جنيه / م2 شهرياً من المساحة البالغة 57 م2 كقيمة متوسطة خلال الفترة محل التداعي بقيمة اجمالية = 69 شهر × (125جنيه/ م2 × 57 م2)= 491625 جنيه (فقط أربعمائة وواحد وتسعون الفا وستمائة وخمسة وعشرون جنيهاً لا غير).

وإذا ما رأت عدالة المحكمة أن بنود العقد لا تقطع باستحقاق مقابل عدم انتفاع فإنه في هذه الحالة نرى من الناحية الفنية والرأي الأعلى لتقدير عدالة المحكمة) أنه يستحق للمدعي تعويض عن الإخلال بعدم إدارة المحل كون البائع قد اختص بإدارة المحل وإعطاء المشتري حصة من الإيراد المتولد عن ذلك

وبالتالي فإن حبس العين دون استغلال أو إدارة في الغرض المخصص من أجله نراه إخلال يستحق عنه تعويض للمشتري يقدر بقيمة فرصة الاستثمار البديلة التي تسبب المدعى عليه في ضياعها على المدعي وضياع استثمار أموال المشتري ونقدر قيمة التعويض الجابر لذلك بمقدار العائد الاستثماري من ثمن المبيع الذي حبسه البائع على المشتري.

 ونقدره بنسبة 10% من ثمن البيع سنوياً كنسبة تقديرية متوسطة خلال الفترة من تاريخ التسليم الحكمي حتى إيداع التقرير بمبلغ إجمالي وقدره 1254000 جنيه × 10% سنوياً × (5 سنة + 9شهر/ 12شهر) = 721050 جنيه (فقط سبعمائة وواحد وعشرون الفا وخمسون جنيه لا غير) والرأي الأعلى لتقدير عدالة المحكمة".

4) بجلسة 29/11/2022 صدر الحكم الابتدائي قاضياً برفض الدعوى الفرعية، وبإلزام الشركة بأن تؤدي للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 4455642جم (أربعة مليون وأربعمائة وخمسة وخمسين آلفاً وستمائة واثنين وأربعين جنيهاً) (أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف ونصف الضعف من كامل الثمن الذي كان مُقسطاً) كتعويض مادي وأدبي!!.

5) استأنفت الشركة هذا الحكم بموجب الاستئناف .. لسنة 27ق، وبجلسة 24/7/2023 صدر الحكم قاضياً بتخفيض التعويض لمبلغ 700 آلف جنيه مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم (الاستئنافي) مع التأييد فيما عدا ذلك.

6) ولما كان ذلك، وكان الحكم الطعين جاء مَعيباً بالتناقض الصارخ في التسبيب، وبمُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ومَشوباً بمُخالفة الثابت بأوراق الدعوى ومُستنداتها، فضلاً عن القصور المُبطل في التسبيب من جانب آخر إضافة لما ذكر؛ ومن ثم، فإن الطاعن يطعن عليه بموجب النقض الماثل، لما سيتم تفصيله من أسباب أُجمِل ذكرها.

أسبـــــــــــــاب الطعـــــــــــن بالنقض

السبب الأول: التناقض الصارخ في التسبيب فضلاً عن القصور المبطل فيه وفضلاً كذلك عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه:

6)  بمُطالعة الحكم الابتدائي نجده في ص 3 منه (في أخرياتها قبل نهايتها بـ3 أسطر) جاءت الفقرة الآتي نصها:

"من المقرر أن سكوت الدائن، وعدم مطالبته بحقه، يفيد منحه أجلاً إضافياً لمدينه على سبيل التسامح، ومن ثم فلا يكون المدين متأخراً في تنفيذ التزامه لمجرد حلول أجل الدين.

 ويترتب على الإعذار ثبوت تأخر المدين في تنفيذ التزامه، ويلزم بالتالي بتعويض الدائن عن أضرار التأخير التي لحقته بعد الإعذار، وحيث أنه في الفترة السابقة على الإعذار لا يكون المدين فيها متأخراً في التنفيذ.

 فإنه لا يلزم بتعويض الدائن عن هذه الفترة، فمسئولية المدين عن التأخير في التنفيذ تنحصر في الفترة التالية للإعذار، وقد صرحت بذلك المادة 218 من القانون المدني".

7)  كما جاء في ص 4 من الحكم (سطر 6، 7) ما هو الآتي نصه: "الثابت بالأوراق أن المدعي قد أعذر المدعى عليه بصفته بتاريخ 13/10/2020، بما يستحق معه التعويض اعتباراً من الشهر التالي"، كما جاء في الصفحة ذاتها كذلك (سطر 25، 26) ما هو القول الآتي نصه: "يكون مقابل عدم الانتفاع الشهري عن الوحدة محل التداعي خلال الفترة من 31/8/2016 حتى 31/10/2022"، أي اعتباراً من الوقت المحدد في العقد لا من وقت الإعذار.

8)  وعلى هذا النحو، يتضح جلياً ما قد وقع فيه الحكم من تناقض بيّن صارخ، والتناقض المقصود هو تناقض الأسباب مع بعضها البعض وهو الحادث في شأن احتساب التعويض عن بدء التأخير المقول به، حيث ورد بالموضع الأول من الأسباب وجوب احتساب التعويض عن التأخير من وقت الإعذار لا من وقت بدء التأخير، في حين قد ورد في الموضع الآخر من الأسباب احتساب التعويض فعلياً عن كامل المدة من أول بدء التأخير وليس من وقت الإعذار.

9) وجدير بالذكر أنه بمُطالعة الحكم الاستئنافي – والذي ولئن كان قد خفض مبلغ التعويض المَقضي به لكنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما عدا ذلك – نجده لم يتضمن أي تسبيب يُذكر يُبرِر عدم لزوم الإعذار السابق قانوناً ولو كان هذا مثلاً لتحقق أي حالة من الحالات المُعتبرة استثناء من الأصل القانوني العام المُتمثل في وجوب الإعذار كشرط سابق ومُسبق للقول بتوافر أو ثبوت المسئولية بالتعويض عن التأخير (المقول به جدلاً).

 ومع التمسك بأنه إن ذهب إلى ذلك فرضاً، فإنه يكون مَعيباً بمُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ولاريب، من واقع أن شرط الإعذار السابق على الدعوى هو شرط أساسي ومُفترض واجب للقول بتحقق المسئولية بالتعويض، وهو ما يُوجبه القانون طبقاً لنص م 218 مدني والتي ينساب نصها قائلاً وقاطعاً بأنه: "لا يُستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين".

 وقد قضت محكمة النقض بأن: "شرط استحقاق التعويض عند عدم تنفيذ الالتزام أو التأخير في تنفيذه إعذار المدين ... ولا يغني عن هذا الإعذار .. أن يكون قد حلَّ أجل الوفاء به وتأخر المدين فعلاً في أدائه" (الطعن 268 لسنة 62ق – 12/4/1998).

10)  وجدير بالذكر كذلك، أن من أوجه التناقض الحادث في الحكم الطعين كذلك، ما جاء في منطوق كل من الحكمين الابتدائي والاستئنافي، في شأن بدء فترة التأخير المقول بها، حيث أن الحكم الابتدائي لم يشر في منطوقه صراحة إلى تاريخ بداية لها، مُكتفياً بما ورد في حيثياته – على ما بها من تناقض سبقت الإشارة إليه .

 ولكنه (أي الحكم الابتدائي) كان حريصاً على الإشارة لما يستجد من تعويض بعد تاريخ الحكم، في حين أن الحكم الاستئنافي كان حريصاً على أن يتضمن في منطوقه إشارة صريحة مباشرة لبدء فترة التأخير وقولته "عن المدة من 31/8/2016"، وهو ما مؤداه أن الحكم الاستئنافي في هذا الصدد أمره لا يخرج عن أحد فرضين لا ثالث لهما:

الفرض الأول: انصراف الحكم إلى عدم وجوب الإعذار، ومما مؤداه احتساب التعويض من بدء التأخير، فيكون الحكم قد جاء معيباً بمخالفة القانون مخالفة مباشرة ومخطئاً في تطبيقه، ويتعين نقضه وإلغائه.

فضلاً عن مجيئه خالياً من الأسباب في شأن عدوله عما ذهب إليه الحكم الابتدائي من حيث لزوم الإعذار، والذي كان يقتضي من الحكم الاستئنافي تسبيباً مُباشراً وكافياً وصريحاً يُطمئن المُطّلع على الحكم أنه قد أحاط بدعواه عن بصر وبصيرة، ومما يُتيح لمحكمة النقض مُراقبة سلامة التطبيق القانوني،

الفرض الثاني: اكتفاء الحكم الاستئنافي بتخفيض التعويض وتأييد الحكم الابتدائي بحالته ولأسبابه، وبدون استرعاء الانتباه لمسألة الوقت المُعتبر لبدء حساب التعويض على أساسه، وما شاب الحكم الابتدائي من تناقض مَعيب في هذا الصدد، وهو ما يعيب الحكم الاستئنافي بالتبعية واللزوم كذلك، ويُوجب نقضه وإلغائه. 

11)  وغني عن البيان، أنه متى كان الحكم الاستئنافي انتهى لتعديل المبلغ المقضي به وتخفيضه مع تأييد ما عدا ذلك، فإن المُعول عليه في تحديد المراكز القانونية للأطراف يكون بمجموع ما اشتمل عليه الحُكمان مما انتهى إليه الحكم الاستئنافي، وما ورد في الأسباب فيهما مُجتمعين مما يكون مُرتبطاً بما ورد بقضائهما وتبريراً له بكفاية.

 وغني عن البيان كذلك، وجوب أن يكون هذا التسبيب موافقاً لصحيح القانون لزوماً بكل تأكيد، وفضلاً كذلك يلزم أن يكون التسبيب واضحاً بكفاية ولا يتضمن أي تناقض بين بعضه البعض، لأن ذلك مما يُبطل الحكم، ويُوجب نقضه.

 وقد قضت محكمة النقض ي هذا الشأن بأن:

"من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا تناقضت أسباب الحكم بحيث أعجزت محكمة النقض عن تعرف موافقته لحكم القانون أو مخالفته له تعين نقضه".

 (الطعن 1301 لسنة 48ق – جلسة 29/11/1981)،

"التناقض الذى يبطل الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - التهاتر الذى يعترى الأسباب بحيث لا يُفهم معه على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق".

 (الطعن 522 لسنة 45ق – جلسة 13/1/1983)،

"التناقض الذي يُفسد الأحكام .. يكون واقعاً في أسباب الحكم .. بحيث لا يمكن معه أن يُفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه، إذ في هذه الحالة يكون الحكم كأنه خال من الأسباب، ومحكمة النقض تبطله". (الطعن 40 لسنة 5ق جلسة 14/11/1935 مجموعة عمر 1 ع ص 954)،

"التناقض الذى يعيب الحكم ويفسده هو ما تتماحى به الأسباب ويعارض بعضها بعضاً بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه".

 (الطعن 1636 لسنة 52ق – جلسة 8/11/1987)، 

"التناقض الذى يفسد الأحكام هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعا في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه".

 (الطعن 53 لسنة 38ق – جلسة 1/1/1974).

السبب الثاني: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه 

ان قواعد وأركان المسئولية العقدية وسلامة انطباقها على واقعة التداعي سواء من حيث حقيقة الخطأ العقدي المقول به أو من جهة حدود ومدى الضرر المقول به كذلك، وهو ما يجعل الحكم معيباً في الوقت ذاته كذلك بعيب مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، ومما يُبطله:

 ثابت بالأوراق – برجاء مُراجعة البنود 1، 2، 3 مما سبق – أن عقد التداعي ليس بعقد بيع بسيط، مما هو مُتعارف عليه منذ عقود زمنية طويلة، وإنما هو مُركب عقدي، يشمل جانبين من الاتفاق وكليهما أساسي وجوهري، طبقاً لحقيقة مقصود المتعاقدين، التي سطرتها شروط العقد الصريحة، مما سبقت الإشارة إليه، بحيث اشتمل العقد ذاته كذلك مع البيع على اتفاق "حق انتفاع" لمدة 15 عاماً، وهذا المُركب من الأنماط العقدية المُستحدثة للاعتبارات الاقتصادية والمُستجدات الحديثة، ومما سمحت به ولا تعارضه نصوص القانون المدني، ورضائية عقوده ومَلزوميتها.

 بمُطالعة الحكم الطعين يتبيّن جلياً تعيّبه بالخطأ في منطق ومنهج تأصيل الخطأ العقدي ذاته المُوجب للتعويض، وتأثير ذلك في مقدار التعويض المُتعين القضاء يه – جدلاً - ، ذلك أن القضاء بالتعويض كما جاء بالحكم الطعين وطبقاً لما جاء به من حيثيات وتناول، فإنه إنما يتعامل مع جانب واحد من عقد التداعي، وهو البيع، 

وعلى ذلك، فقد جاء الحكم مُتناسياً عن أنه ليس عقداً بسيطاً في حقيقته وإنما مُركباً فيشمل جانباً آخر هو "الإدارة والانتفاع"، وخاصة وأن طبيعة التزام الشركة فيه أنه التزام ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة مُعينة، وإنما على ضوء ما يتم تحصيله فعلياً من إيجارات، ومما مُؤداه أن التعويض لا يصح أن يكون عن أضرار ظنية مُفترضة افتراضاً، وإنما عما هو مُتحقق فعلياً، وبقدر ما يكون مُتحققاً واقعاً كذلك، وإلا لصار بمثابة إثراء للمضرور على حساب الآخر!!

 

ونستدل على خطأ الحكم الطعين المُشار إليه، فيما ذهب إليه من اعتباره أن مجرد التأخير في التسليم يعتبر بذاته ومجرداً بمثابة خطأ عقدياً متكاملاً وبما يُمثل الركن الأول من أركان المسئولية العقدية الثلاثة، ويكون مُوجباً للتعويض، وهو القول المُخالف لصحيح القانون، والمُنافي لحقيقة عقد التداعي كمُركب عقدي وليس بيعاً بسيطاً.

ورغماً عن هذا، ولكن حتى إذا سلمنا جدلاً – والجدل غير الحقيقة – بتوافر ركن الخطأ العقدي في حق الشركة الطاعنة وجانبها، ولكن الشاهد في هذا المقام، أن خطأ الحكم الطعين في هذا الشأن والجانب المُتعلق بمنهج استنباط الخطأ العقدي، قد ترتب عليه وارتبط به بالتبعية خطأ آخراً في شأن الضرر المُعتبر لحساب التعويض، وهذا هو الأخطر في الأمر والمسألة المُثارة.

إذ ذهب الحكم الطعين في احتساب التعويض على أساس مسئولية الشركة عن أرباح وإيجارات لم تتحقق أصلاً في الواقع، وحتى على افتراض تمام التنفيذ في الموعد المُتفق عليه عقدياً، وبما مؤداه حدوث التسليم الحكمي الاعتباري لعين التداعي، لاستمرار بقائها تحت يد الشركة بموجب اتفاق الادارة والانتفاع.

ولكن حتى في هذا الفرض، فإن حقيقة الأمر، مرده لقوى العرض والطلب في سوق التعامل التجاري، وتحقيق نسبة أشغال مقبولة في المُجمل للمركز التجاري ككل، وبما يكون مُرضياً كذلك لمُلاك الوحدات التجارية محل الاستثمار والتشغيل، ولكنها أبداً لن تصل لنسبة أشغال كاملة 100%، أو لن تكون كذلك طوال الوقت، وإنما على ضوء فترات التأجير ومُدد الاستغلال التجاري، والقيم المالية المُتفق عليها مع العملاء المُحتملين.

والعبرة هو بكشوف الحساب التي تُرصد لهذا الغرض، وعلى ضوء الشروط العقدية، وبالضوابط القانونية المُلزمة، ومن ذلك خصم النسبة المُتفق عليها لحساب الشركة الطاعنة والبالغة 20% وبعد خصم كافة النفقات والاستقطاعات.

ولكن الحكم الطعين، وعلى ذات فرضية توافر الخطأ العقدي، قد خالف جميع ذلك، ولم يكن استخلاصه لعناصر الضرر مُبرراً ولا سائغاً، وإنما على النقيض تماماً من ذلك، وهو الأمر الذي تكشفه حقائق الدعوى وما بها من مستندات وأدلة، ومنها تقرير الخبير المُنتدب في الدعوى.

وهو التقرير الذي قال الحكم الطعين أنه يعتمد نتائجه ويأخذ بها ضمن أسبابه، ومن ثم، وبموجب هذه الإحالة فقد صار التقرير كـأنما هو جزءاً من الحكم ذاته ومُكملاً له ومُتمماً لما ورد به.

ولكن حين يتم مُطالعة تقرير الخبير تفجعنا حقيقة صادمة أن المحكمة اجتزأت من التقرير وبدون تسبيب.

20)  الغريب والعجيب أن الحكم الطعين قد قال أنه يعتمد تقرير الخبير ويأخذ به ضمن حيثيات أسبابه، في حين أن تقرير الخبير ذاته – برجاء للأهمية مراجعة البند 6 فيما سبق – قد أشار صراحة لا ضمنياً إلى فرضين لاحتساب التعويض المقول به، ودارت قيمة الفرضين بين قيمتي 491 آلف جنيه في حدها الأدنى، وبين 721 آلف في حدها الأقصى، ولكل من القيميتين أساسها المقول به طبقاً لتقرير الخبير وفرضياته، ولكن الحكم الطعين قد ناقض نفسه –من جانب آخر- واجتزأ مما جاء بتقرير الخبير، وأخذ بالقيمة الأعلى بدون أن يُفرد تسبيباً يتبين منه فهمه العميق للضرر المقول بتحققه للطرف المضرور، وعلى فرض مسئولية الشركة الطاعنة عنه –جدلاً-، ومما يعيب الحكم.

الشاهد في هذا المقام أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد ذكر في حيثياته (ص3) نصاً صريحاً بأنه يعتمد على تقرير الخبير المودع في الدعوى، ويجعله من أسباب قضائه. وهذا يعني أن الحكم لم يفرق بين ما أخذه من تقرير الخبير وما رفضه، بل أخذ بالتقرير ككل بما فيه من نتائج.

 تفاصيل تقرير الخبير: تقرير الخبير تضمن تفرقة بين فرضيتين لحساب حجم الأضرار:

 الفرضية الأولى: تعويض عن حق الانتفاع، وقدّر الخبير قيمته بـ 491 ألف.

 الفرضية الثانية: تعويض عن العائد الاستثماري من ثمن البيع الذي حبسه البائع على المشتري، وقدّر الخبير قيمته بـ 721 ألف.

  إشكالية الحكم الطعين: الحكم الطعين لم يوضح في حيثياته أي تسبيب يبين: كيف تعاملت المحكمة مع هذه التفرقة بين الفرضيتين. أي من الفرضيتين اعتمدت المحكمة في قضائها.

الأسباب أو المبررات المعقولة التي استندت إليها المحكمة في اختيارها.

بما أن الحكم الطعين خلا تماماً من هذا التسبيب الواجب، فإنه يُعتبر قاصر البيان ومُعيباً بسبب عدم توضيح الأسباب الكافية لاختياراته.

الحكم الطعين أخذ بتقرير الخبير ككل دون توضيح كيفية تعامله مع الفرضيتين المذكورتين فيه، مما جعله معيباً بسبب عدم وجود تسبيب كافٍ يوضح أسباب اختياراته ولكن أما وأن الحكم الطعين قد خلا خلواً تاماً من هذا التسبيب الواجب، فإنه يكون قاصر البيان ومَعيباً.

لعله من المُفيد في هذا الصدد التذكرة بأن من الثوابت والأصول القانونية أن للدائن بالالتزام العقدي عند حدوث المُخالفة العقدية وتحقق الخطأ العقدي من الطرف الآخر، فإن لهذا الدائن طبقاً لنص م 157 مدني حق الخيرة بين طلب التنفيذ العيني أو طلب فسخ العقد.

وللدائن كذلك حق المُطالبة بالتعويض في الحالتين، متى كان لهذا التعويض مُقتضى، وأن يكون بقدر ما قد لحقه من ضرر، والشاهد من هذه الإشارة، أن هذا هو المعيار القانوني الحاسم والوحيد الذي يُمكن على أساسه فهم التفرقة التي أشار إليها تقرير الخبير، وبما مؤداه، أن المشتري إن كان قد اختار فسخ العقد – جدلاً وعلى افتراض تحقق مُوجبات المسئولية العقدية وثبوت الخطأ العقدي – لكان له حق طلب استرداد الثمن المدفوع من جانبه كأثر لهذا الفسخ.

 وفضلاً عن التعويض والمُقدَّر طبقاً لتقرير الخبير وتفرقته بأن التعويض عن حبس الثمن خلال فترة العقد المُنقضي – فسخاً وجدلاً – فإن التعويض يكون 721 آلف، في حين إن اقتصرت مطالبته على التنفيذ العيني ومما مؤداه طلبه التعويض عن مقابل عدم الانتفاع.

 فإن التعويض في هذه الحالة يكون مقداره 491 آلف جنيه، ويبقى العقد قائماً لم يُفسخ، ويبقى له حقه فيما جدَّ من مقابل انتفاع أو تعويض عنه، عن الفترة التي تلي الفترة التي كانت محل مطالبة قضائية بموجب الدعوى الراهنة.

والثابت بيقين، أن المطعون ضده لم يطلب أبداً فسخ عقد التداعي، ومما مؤداه أن اختياره كان التنفيذ العيني للعقد ومما مؤداه طلبه التعويض عن مقابل عدم الانتفاع عن فترة التأخير، وهو ما كان مؤداه وعلى أقصى الفروض الجدلية المُمكن إثارتها، أن يكون إلزام الشركة بمبلغ الـ 491 آلف جنيه، على ضوء التفرقة والتمييز التي أقامها الخبير في تقريره، وهو التقرير الذي اعتمده الحكم الطعين ضمن حيثيات أسبابه.

 كما سبقت الإشارة، وما نود الإشارة إليه، تأكيد عدم كفاية أن يقضي الحكم الاستئنافي بما مؤداه تخفيض التعويض (الخرافي) السابق القضاء به بموجب الحكم الابتدائي، وما به من شطط لا يخفى على عاقل رشيد منصف، وعلى ضوء الميزان القانوني المجرد، وهو (أي مبلغ التعويض الذي كان صادراً بموجب الحكم الابتدائي) صار نسياً منسيا، ولكن ما نود قوله عدم كفاية تخفيض مبلغ التعويض.

 لأن المبلغ المقضي به بموجب الحكم الاستئنافي، لا زال يتضمن إجحافاً بيّناً بالحقوق المشروعة للشركة الطاعنة، وعلى ضوء ما سبق بيانه من تفرقة وتمييز أشار إليها تقرير الخبير، فإن ما زاد على مبلغ الـ 491 آلف هو إثراء (بلا سبب) لحساب المطعون ضده على حساب الشركة، وهو ما يعيب الحكم بمُخالفة القانون ويُبطله وجوباً ومع تأكيد مُراعاة أننا ونحن نسوق هذا الوجه من سبب الطعن.

 فإنما مع تأكيد الإشارة السابقة، بأن جميع ذلك على فرض أساسي، هو وجود الخطأ العقدي جدلاً وتحققه في حق الشركة الطاعنة وجانبها مجازاً، وهو ما لا نسلم به، ولكن أردنا توضيح حجم ما شاب الحكم الطعين من عيوب تبطله وتوجب إلغائه ونقضه.

وفي إطار السياق السابق ذاته، فإننا نود الإشارة كذلك، أن انحياز الحكم الطعين لمبلغ الـ 700 آلف كتعويض، والذي يبدو كأنما هو أقرب لاعتبارات المُوائمة، منه لاعتبارات صحيح القانون، والتي كانت توجب ليس فقط الانحياز للتقدير المُحدد بـ 491 آلف جنيه.

 وإنما كان ينبغي كذلك خصم حصة الـ 20% المحددة للشركة كنسبة اتفاقية طبقاً للعقد، وحتى لا يضحى التعويض وسيلة غير مباشرة للإثراء بلا سبب على حساب الطرف الآخر، لكن جميع ذلك لم يلتفت إليه الحكم الطعين، وخالفه، وجاء بيانه قاصراً إلى حد الخلو التقريبي من التسبيب.

 يُبين علة اجتزائه من تقرير الخبير، وانحيازه للقيمة الأعلى بين قيميتين بدون تمييز ولا توضيح علّة ذلك وسببه، وبدون خصم النسبة الواجبة للشركة، وجميع ذلك على ذات الافتراض المُتمثل في ثبوت الخطأ العقدي والمسئولية العقدية.

 وقد قضت محكمة النقض بأن:

"لا يكفى لاستحقاق التعويض .. مجرد توافر ركن الخطأ في جانب المدين بالالتزام، وإنما يشترط توافر ركن الضرر في جانب الدائن فإذا أثبت المدين انتفاء الضرر سقط الجزاء" (الطعن 102 لسنة 34ق – جلسة 14/11/1937)،

"الضرر الواجب للتعويض هو ما كان مُحققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً" (الطعن 668 لسنة 46ق – جلسة 29/5/1980).

وجدير بالذكر الإشارة إلى أنه وبخصوص مدى التزام الشركة الطاعنة بإدارة عين التداعي والانتفاع بها لحساب المطعون ضده، فإن م 211/1 مدني تنص على أنه: "في الالتزام بعمل، إذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه.

 فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص العادي، ولو لم يتحقق الغرض المقصود ..

". وفيما يتعلق بعقد البيع والإدارة، والتزام البائع فيه بإدارة العين المباعة والانتفاع بها لحساب المشتري، بالشروط المتفق عليها بينهما، فقد قضت محكمة النقض بأن: "استحقاق المطعون ضدها لريع الوحدة المبيعة لها مرهون بتأجيرها فعلياً وتحصيل مقابل لصالحها .. المؤجر لحساب الغير لا يُسأل إلا عن صافي الإيراد الفعلي الذي قام بتحصيله".

 (الطعن 9604 لسنة 90ق – جلسة 16/3/2021).

وعلى هذا النحو، فيتبيّن كيف جاء الحكم الطعين بالمُناقضة لصحيح القانون كما ينبغي أن يكون ويجب، وكيف جاء قضائه مُنبت الصلة تماماً بحقائق الدعوى وما بها مستندات احتوتها أوراقها، بل وبالتعارض الصارخ مع تقرير الخبير الذي قال الحكم أنه يُعوّل عليه ويعتمده ضمن أسبابه، ليس هذا فقط، وإنما كذلك إذا ذهبنا لسياق ومنطق الحكم ذاته، وافترضنا جدلاً – والجدل غير الحقيقة.

 بتوافر ركن الخطأ العقدي، وبتوافر ركن الضرر كذلك، إلا أن الثابت وعلى ضوء ما سبق بيانه، أن القضاء المُتضمَن في الحكم الطعين جاء مُجاوزاً لحدود الضرر المُفترض المقول به، وبما يترتب عليه إثراءً لصالح المطعون ضده على حساب الشركة الطاعنة، وهو ما يخالف القانون ولاريب، وفي إطار السياق ذاته، ومن وجه آخر، بخلاف ما سبقت الإشارة إليه، ولكن في إطار السياق الافتراضي ذاته.

 فإن الحكم (الاستئنافي) الطعين ما كان كافياً أن يقضي بتخفيض المبلغ المقضي به (كتعويض) بأول درجة لمبلغ الـ700آلف، لأنه، وكما سبق البيان، كان يتعين أن يأخذ بقيمة الـ 491آلف وبعد خصم نسبة الـ20% المستحقة للشركة.

 وإنما كذلك، أن يُقصر من المقدار المُتبقي على المُستحق منه عن الفترة التالية زمنياً للإعذار الحادث في أكتوبر 2020 من المطعون ضده، من واقع أن الخبير قد أقام حساباته على أساس كامل فترة التأخير وليس على الفترة التالية للإعذار، وهي مسألة قانونية ولاريب، وكان على الحكم الطعين أن يلتفت إليها ويُوليها عنايته.

 ويُراعي أثرها القانوني المُلزم، وهو ما يعكس حجم الإجحاف البيّن والشديد للحقوق المشروعة للشركة الطاعنة وكيف جاء الحكم الطعين، وعلى فرضية تحقق الخطأ العقدي وتحقق الضرر، ولكن الحكم جاء مُجاوزاً حدود الضرر وبلغ مبلغ تمكين المطعون ضده من الإثراء بلا سبب على حساب الشركة الطاعنة، ومما يُبطل الحكم.

 ومن المستقر عليه باضطراد لدى قضاء النقض أن:

 إذا حرّفت محكمة الموضوع الثابت مادياً ببعض المستندات وسهت عن البعض الآخر، فإن ذلك التشويه والسهو اللذين أثراً في حكمها يستوجبان نقضه (الطعن 33 لسنة 5ق مجموعة عمر 1 ع ص 1007)،

إذا أقيم الحكم المطعون فيه على ما يخالف الثابت بأوراق الدعوى وجب نقضه.

 (الطعن 150 لسنة 15ق جلسة 2/1/1947، الطعن 47 لسنة 15ق جلسة 7/3/1946 ـ مجموعة عمر 5 ع ص 291 ، 123)،

المُقرر في قضاء المحكمة أنه وإن كان تكييف الفعل المُؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، إلا أن استخلاص قيام الخطأ أو نفى ثبوته هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى.

 (الطعن 357 لسنة 56ق جلسة 4/1/1990).

 ومؤدى ذلك أن التسبيب إن لم يكن سائغاً ومُبرراً من الأوراق وجب نقض الحكم.إذا بنت محكمة الموضوع حكمها على فهم حصلته مخالف لما هو ثابت في أوراق الدعوى فقد عار الحكم بطلان جوهري ووجب نقضه.

 (الطعن 24 لسنة 15ق جلسة 20/12/1945 مجموعة عمر 5 ع ص 16)،

من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها.

 (الطعن 705 لسنة 46ق جلسة 25/6/1981)،

يجب أن يُبنى الحكم على ما يدعمه من الأسباب . فإذا كانت الأسباب التي أقيم عليها فيها ثغر يتطرق منها التخاذل إلى مقومات الحكم فلا يتماسك معها قضاؤه كان تسبيبه معيباً.

 (الطعن 128 لسنة 14ق جلسة 3/1/1946 مجموعة عمر 5 ع ص 36)، 

بناء على ما تقدم

يلتمس الطاعن الحكم :

أولاً ـ بقبول الطعن شكلاً،

ثانياً ـ وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، مع التصدي للفصل في الموضوع لجاهزيته، أو إحالته لنظره والفصل فيه بمعرفة دائرة استئنافية أخرى.

 وفي الحالتين القضاء بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجدداً لصالح الشركة الطاعنة، بالطلبات الآتية بعد: 

1) برفض الدعوى الأصلية.

 2) وفي الدعوى الفرعية: إلزام المدعي أصلياً (المدعى عليه فرعياً – المطعون ضده) بأن يؤدي إلى الشركة الطاعنة مبلغ 125400 جم (مائة وخمسة وعشرين آلفاً وأربعمائة جنيه) قيمة وديعة الصيانة المُستحق في ذمته طبقاً للعقد والتي لم يسددها، ومع الفوائد القانونية،

وفي كل الأحوال مع إلزام المطعون ضده بكافة المصاريف والأتعاب.

هذا مع حفظ كافة الحقوق القانونية الأخرى للطاعن بكافة أنواعها.

 وكيل الطاعن 

أشرف فؤاد حماد

 المحامي بالنقض