عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة ٢٤٣ من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٣١ لسنة ١٩٦٨ في مجال سريانه على البند رقم ٦ من المادة ٢٤١ مرافعات
المحكمة الدستورية العليا في جمهورية مصر العربية هي أعلى هيئة قضائية في البلاد، وتتمثل مهمتها الرئيسية في مراقبة مدى توافق القوانين مع نصوص الدستور المصري. يقع مقرها في القاهرة، وتتمتع باستقلالية تامة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما يعزز مبدأ فصل السلطات ويضمن نزاهة القضاء.
###المهام الرئيسية للمحكمة الدستورية العليا :
1. **الرقابة على دستورية القوانين**:
تقوم المحكمة بمراجعة القوانين
للتأكد من مطابقتها للدستور. إذا تبين أن قانونًا ما يتعارض مع الدستور، فإن
للمحكمة صلاحية إلغائه.
2. **الفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية**:
في حال وجود نزاع حول الاختصاص
بين جهتين قضائيتين أو هيئات ذات اختصاص قضائي، تقوم المحكمة بتحديد الجهة المختصة
للفصل في النزاع. ويشترط لذلك عدة شروط:
- أن يكون النزاع بين جهتين
قضائيتين أو هيئات ذات اختصاص قضائي.
- أن يكون النزاع قد حُسم من
قبل الجهتين بحكمين نهائيين.
- أن يكون الحكمان متناقضين
بشكل يجعل تنفيذهما معًا مستحيلًا.
- أن تكون الجهتان اللتان أصدرتا الحكمين مستقلتين وظيفيًا.
3. **إصدار أحكام نهائية وغير قابلة للطعن**:
تصدر المحكمة أحكامها من خلال
تشكيل مكون من سبعة مستشارين، وتكون هذه الأحكام نهائية ولا يمكن الطعن فيها بأي
طريقة من طرق الطعن العادية.
### تشكيل المحكمة الدستورية العليا :
تتألف المحكمة الدستورية العليا من:
- **رئيس** المحكمة.
- **نائب أو أكثر** للرئيس.
- **عدد كافٍ من المستشارين** الذين يتمتعون بالخبرة والكفاءة في المجال
القضائي.
### أهمية المحكمة:
تُعتبر المحكمة الدستورية العليا حامية الدستور، حيث تضمن أن جميع القوانين والتشريعات المطبقة في البلاد تتفق مع المبادئ الدستورية. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في حل النزاعات بين الجهات القضائية، مما يعزز استقرار النظام القضائي ويحافظ على سيادة القانون.
باختصار، المحكمة الدستورية العليا هي إحدى الركائز الأساسية في النظام
القضائي المصري، حيث تعمل على ضمان احترام الدستور وحماية الحقوق والحريات
الأساسية للمواطنين.
حكم المحكمة الدستورية العليا بـعـدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة ٢٤٣ من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٣١ لسنة ١٩٦٨ في مجال سريانه على البند رقم ٦ من المادة ٢٤١ مرافعات
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم السبت السادس مــــن يناير سنة 2024م،
الموافق الرابع
والعشرين من جمادى الأخرة سنة 1445هـ.
برئاسة السيد
المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد
الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي
والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد
الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة
المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد
السميع أمين السر
أصدرت الحكم الأتي
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 95 لسنة 43 قضائية "دستورية".
المقامة من : محمود حمادة محمد سيد
ضــــــــــد
1. رئيس الجمهوريــــــــــــــة
2. رئيس مجلس الوزراء
3. رئيس مجلس النــواب
4. وزيـــــــــــــــر
العـــــــــــــــــــــدل
5. الأمين
العام لمحكمة شبرا الخيمـــــــــــة الأبتدائيــــــــــــــــــــة
6. رئيس وحدة المطالبة بمحكمة شبرا الخيمة الأبتدائية
7. رئيس محضري تنفيذ المطالبة بمحكمة شبرا الخيمة
الأجراءات
بتاريخ الثامن
والعشرين من نوفمبر سنة ،2021 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم
بعدم دستورية نص المادة )243( من قانون المرافعات
المدنية والتجارية، فيما تضمنته من نظر المحكمة التي أصدرت الحكم، التماس إعادة
النظر في الحالة السادسة من الحالأت
المنصوص عليها في المادة )241( من القانون ذاته.
وقدمت هيئة
قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى،
أودعت هيئة المفوضين تقرير برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الأطالع
على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع
تتحصل ـــ على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ـــ في أن المدعي أقام أمام محكمة شبرا الخيمة الجزئية الدعوى رقم 7
لسنة 2021 مدني مستعجل حكومة، ضد المدعى
عليهم من الرابع حتى الأخير، بطلب الحكم في الموضوع وبصفة مستعجلة: بإلغاء
أمري تقدير الرسوم الصادرين في المطالبة
رقم 618 لسنة ،2021/2020 عن الدعوى رقم 1095 لسنة
ُعلن بأمري
تقدير2020 مدني كلي جنوب بنها؛ وذلك على سند من أنه بتاريخ ،2020/12/2 أ الرسوم
النسبية ورسوم صندوق الخدمات السالفي البيان، في حين أن الحكم الصادر في تلك
الدعوى لم يقض عليه بشيء، بما مؤداه براءة
ذمته من هذه المطالبة. وبجلسة ،2021/7/28 حكمت
المحكمة بالطلبات. طعن المدعى عليهم في الدعوى الموضوعية، في ذلك الحكم
أمام محكمة جنوب بنها الأبتدائية بالأستئناف
رقم 119 لسنة 2021 مدني مستعجل، وأثناء نظره دفع المدعى عليهم ًّا بنظر الدعوى، وبجلسة ،2021/9/26 قضت
المحكمة بعدم اختصاص القضاء المستعجل نوعي .
بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بإحالة الدعوى بحالتها إلى قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة شبرا الخيمة الجزئية. طعن المدعي على الحكم السالف الذكر بطريـــــق التماس إعـادة النظـر أمام هيئة المحكمة التي أصدرته، طالبًا الحكم بإلغاء الحكم الملتمس فيه، والقضاء مجدًدا برفض الأستئناف وتأييد الحكم ا لمستأنف، تأسيسًا على:
"وقوع تناقض في منطوق الحكم، على نحو يستعصي معه تنفيذه، وفقًا لنص
البند رقم )6( من المادة )241( من قانون المرافعات المدنيــة والتجاريـة، وأثناء نظر الألتماس، قدم المدعي مذكرة ضمنها
تناقض منطوق الحكم الملتمس فيه بعضه لبعض،
ًّا: إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى لنظرها، إعمالأ لنص المادة )146( من
القانون طالبًا فيها"
أصلياً :
دفع بعدم
دستورية نص المادة 243 من قانون المرافعات المدنية المار ذكره،
واحتياطياً :
والتجارية، فيما تضمنه من نظر المحكمة التي أصدرت الحكم التماس إعادة النظر، في الحالة الواردة في البند )6( من الحالأت المنصوص عليها في المادة 241 من القانون ذاته، لمخالفته نص المادة 186 من الدستور، وتعارضه مع نص المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وإذ
قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية؛ فأقام
الدعوى المعروضة. مضت المحكمة في نظر الألتماس،
وبجلسة ،2021/12/26 قضت بعدم قبول الألتماس،
وبتغريم المدعي مبلغ مائتي جنيه.
وحيث إن المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 تنص على أن " للخصوم أن يلتمسوا
إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في
الأحوال الأتية:
6 . إذا كان منطوق الحكم مناقضًا بعضه لبعض.
وتنص المادة 243 من القانون ذاته على أن " يرفع الألتماس أمام المحكمة التي أصدرت
الحكم بصحيفة تودع قلم كتابها وفقًا
لألوضاع المقررة لرفع الدعوى.
ويجوز أن تكون المحكمة التي تنظر الألتماس مؤلفة من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم".
الارتباط بين المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية والمصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمةبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعيةبينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون:
" الفصل في المسألة الدستورية الز ًما للفصل في الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، وأنه يكفي لتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون الحكم فيها مؤث ًرا في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة في الدعوى الموضوعية، دون أن يمتد ذلك لبحث شروط قبول تلك الدعوى، أو مدى أحقية المدعي في الدعوى الدستورية في طلباته أمام محكمة الموضوع، التي تختص وحدها بالفصل فيها".
متى كان ذلك، وكان النزاع المعروض على محكمة الموضوع يدور حول طعن المدعي أمام محكمة جنوب بنها الأبتدائية، بالتماس إعادة النظر على الحكم الصادر منها بجلسة ،2021/9/26 في الأستئناف رقم 119 لسنة 2021 مدني مستعجل، وذلك استنادًا إلى وقوع تناقض في منطوق ذلك الحكم، وهي الحالة المنصوص عليها في البند رقم 6 من المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المار ذكره.
وإذ شُكلت الدائرة التي نظرت الألتماس من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم الأستئنافي – عدا واحدًا منهم - وفــــق ما أجازتــــه الفقــــرة الأخيرة من المــــادة 243 من القانون ذاته.
ومن ثم فإن الفصل في دستورية هذه الفقرة وحدها، دون الفقرة الأولى من النص ذاته، إنما يرتب انعكاسًا أكي ًدا على الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع، في شأن تشكيل هيئة المحكمة التي تنظر التماس إعادة النظر في الحالة المشار إليها، مما تتوافر معه للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعـــــدم دستوريتها.
ويتحــــــدد نطــــــاق الدعــــــوى الدستوريــــــة
المعروضة، في نص الفقرة الأخيرة من المادة 243 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة
،1968 في مجال سريانه على نص البند 6 من
المادة 241 من القانون ذاته.
وحيث إن المدعي
ينعى على النص المطعون فيه ــــــ في النطاق المحدد سلفًا ـــــ مخالفته مبدأ
المساواة أمام القانون، وإخالله بحق التقاضي، والحق في المحاكمة المنصفة أمام
محكمة يتسم قضاتها بالحيدة، ولم يسبق لهم
نظر الدعوى وتكوين رأي فيها، ال سيما أن الحالة المعروضة بالبند المشار إليه ترجع إلى خطأ القاضي الشخصي، الأمر
الذي يخالف المواد 97 و184 و186 من
دستور 2014 فضًال عن تعارضه مع نص المادتين 146 و147 من قانون المرافعات
المدنية والتجارية، لعدم صالحية الهيئة
التي أصدرت الحكم الملتمس فيه لنظر الألتماس؛ لسبق نظرها الأستئناف والحكم فيه.
وحيث إنه عما
نعى به المدعي من تعارض النص المطعون فيه مع نص المادتين 146 و147 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار
إليه، فيما تضمنه أولهما في بنده الخامس من أن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعـــوى، ممنوعًا من
سماعها ولو لم يرده أحـــــد الخصـــــوم، إذا كان
قـــد سبــق له
نظرهـــــا قاضيًا، وما تضمنه ثانيهما من أن يقع باطًال عمل القاضي وقضاؤه في هذه
الحالة ولو تم باتفاق الخصوم، فإن هذا النعي مردود بأن من المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن مناط اختصاصها بالفصل في
دستورية القوانين واللوائــــــح أن يكــــــون مبنى الطعــــــن هــــــو
مخالفة التشريع لنص دستــــــوري، وال شأن
لها بالتعارض بين نصين تشريعيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين، ما لم يكن هذا
التعارض منطويًــا ــــ بذاته ــــ على مخالفة دستورية. ًّـــــــا كان وجــــه الــــرأي فــــي
قيــــــام هذا التعارض منمتى كان ذلك، وكان هــــــذا النعي ــــ أي
عدمـــــــــه
ـــــ ال يعدو أن يكون نعيًا بمخالفــــــــة نص تشريعي لنصين تشريعيين جمعهما
قانون واحد، وهو ما ال تمتد إليه والية هذه المحكمة، وال يشكل بذلك خرو ًجــا على
أحكام الدستور، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنه.
وحيث إن المقرر قانونًا أن التماس إعادة النظر هو طريق غير عادى للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، يُرفع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، إذا تحقق سبب أو أكثر من الأسباب التي حددتها المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على سبيل الحصر، وهو لايستهدف إصلاح الحكم موضوع الألتماس ولا يُقصد به تجريحه، وإنما يرمي إلى محو الحكم ذاته، ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره.
ومواجهة النزاع من جديد للحصول على حكم آخر، بعد أن يتم التخلص من حجية الأمر المقضي. وبهذه المثابة وسَّد المشرع الأختصاص بنظر الألتماس إلى المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم المطعون فيه، باعتبار أن الطعن بهذا الطريق ُ قد شُرع لتصويب ما شاب هذه الأحكام من تقديرات جان د ِخلبها الصواب، مردها إلى الغش الذي أ على المحكمة في صور عدة، أبانت غالب حالأتها المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، لترتبط تلك التقديرات بقضاء المحكمة ارتباط السبب بالمسبب مما أدى إلى التأثير في تقدير المحكمة.
بحيث ما كان لهذا القضاء أن يصدر على النحو الذي صدر به، لو لم يقع في حومة ذلك الغش، ومع ذلك، وبالمخالفة لهذا الأصل، فإن المشرع في المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المار ذكرها، جعل من بين أسباب الألتماس عيوبًا ال تتعلق بتقدير الوقائع، وإنما بخطأ في الحكم لم يطرأ بعد صدوره، بل علق به منذ نشأته، عائدًا إلى مسلك المحكمة ذاتها، ومن بين تلك الأسباب الحالة الواردة بالبند رقم 6 من تلك المادة، بشأن تناقض منطوق الحكم بعضه لبعض،
والفرض في قيام الطعن بالألتماس لهذا الوجه أن التناقض ال يمكن رفعه بطريق التفسير طبقًا لما تنص عليه المادة 192 من القانون ذاته، ويعتبر الحكم الذي اعتراه هذا العيب باطًال، كون تناقض المنطوق يساوي خلوه منه، إذ ال يمكن للحكم في الحالتين أن يحقق وظيفته.
الأمر الذي تفارق معه تلك الحالة الأساس الذي قام عليه طريق التماس إعادة النظر، المتمثل في أن العيب الذي بالحكم ليس لكونه لم يأت مطابقًا إلرادة القانون، وإنما لكون الوقائع التي ابتُنِ
َي لحق عليها
مخالفة للحقيقة؛ مما أثر في تقدير المحكمة، وهو ما دعا التشريعات المقارنة، ومن
بينها قانونا المرافعات الأيطالي
والفرنسي، إلى استبعاد أسباب البطالن من حالأت التماس إعادة النظر.
وحيث إن
المسألة الدستورية المعروضة – دون الخوض في باقي حالأت التماس إعادة النظر المنصوص عليها في المادة 241 من قانون
المرافعات المدنية والتجارية – إنما تتحصل في جواز نظر الألتماس من هيئة محكمة مؤلفة من نفس
القضاة – أو بعض منهم – الذين أصدروا الحكم
الملتمس فيه، المنعي عليه بتناقض منطوقه بعضه لبعض، على نحو يوجب القضاء
بإلغائه، فيما لو صح النعي عليه بالسبب
المتقدم بيانه، بما لذلك من أثر على مبدأ تجرد القاضي وحيدته، واطمئنان المتقاضي إلى تحقق الأمرين معًا أثناء نظر الألتماس.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن استقالل السلطة القضائية المنصوص عليه في المادة )184( من الدستور، وإن كان الز ًما لضمان موضوعية الخضوع للقانون، ولحصول من يلوذونبها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم.
الأ أن حيدة
تلك السلطة – التي حرص الدستور القائم على النص عليها في المـــــادة )186(
منه - تُعـــــد عنص ًرا فاعًال في صـــــون رسالتها ال يقل شأنًا عن استقاللها،
بما يؤكد تكاملهما، ذلك أن استقالل السلطة القضائية يعني أن تعمل بعيدًا عن أشكال
التأثير الخارجي التي توهن عزائم رجالها، فيميلون
ًما، ترغيبًا أو ترهيبًا، فإذا كان انصرافهم عن إنفاذ الحق تحام ًال منمعها عن الحق إغوا ًء أو إرغا جانبهم على أحد الخصوم وانحيا ًزا لغيره، كان ذلك منافيًا لضمانة التجرد عند الفصل في الخصومة القضائية، ولحقيقة أن العمل القضائي ال يجوز أن يثير ظالًال قاتمة حول حيدته، فلايطمئن إليه متقاضون داخلهم الريب فيه، بعد أن صار نائيًا عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية.
يؤيد ذلك: أوًلا: إن إعالن المبادئ الأساسية في شأن استقالل القضاة التي تبنتها الجمعية العامة لألمم المتحدة بقراريها الصادرين في ،1985/11/29 و،1985/12/13 يؤكدان أن القضاة يفصلون ــــ في إطار من الحيدة ـــــ فيما يعرض عليهم من منازعات على ضوء وقائعها ووفقًا للقانون، غير مدفوعين بتحريض، أو معرضين لتدخل بلا حق، أو ُمحملين بقيود، أو ضغوط، أو تهديد ـــــ مباشرا كان أو غير مباشر ـــــ أيَّا كان مصدرها أو سببها.
وذلك بمراعاة أن القواعد التي تبنتها الجمعية العامة لألمم المتحدة على هذا النحو، وإن لم تكن لها قوة إلزامية تكفل التقيد بها، الأ أن النزول عليها ما ًّا، وهي فوق هذا، تعبر عن اتجاه عام فيما بين الدول التي ارتضتها، يتمثلًّا وسياسيًما أدبيزال التزا في توافقها على تطبيقها.
ثانيًا: إن استقالل السلطة القضائية واستقالل القضاة، وإن كفلتهما المادتان )،184 186( من الدستور، توقيًا ألي تأثير محتمل قد يميل بالقاضي عن ميزان الحق، الأ أن الدستور نص كذلك على أنه ال سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون.
وهذا المبدأ الأخير لا يحمي فقط استقالل القاضي، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد
نزعة شخصية غير متجردة، وهو أمر يقع - غالبًا-
ًّاا الز ًما دستوريإذا فصل القاضي في نزاع سبق أن أبدى فيه رأيًا؛ ومن ثم
تكون حيدة القاضي شرطً لضمان أالأ يخضع في عمله لغير سلطان القانون.
ثالثا: إن
انصباب ضمانتي استقالل السلطة القضائية وحيدتها معًا على إدارة العدالة ضمانًا
لفعاليتها، ً مؤداه بالضرورة تالزمهما، فال ينفصالن. ومن غير المتصور أن يكون
الدستور نائيًا بالسلطة
القضائية عن أن
تقوض بنيانها عوامل خارجية تؤثر في رسالتها، وأن يكون إيصالها الح قوق لذويها مهددًا بالتواء ينال من حيدة وتجرد رجالها،
وإذا جاز القول ــــ وهو صحيح ــــ بأن الفصل في
ا وعدًال ــــ ال يستقيم إذا داخلتها عوامل تؤثر في موضوعية القرار
الصادرالخصومة القضائية ــــ حقًّ
ًّا أنًّا كانت
طبيعتها وبغض النظر عن مصدرها أو دوافعها أو أشكالها، فقد صار أم ًرا مقضيعنها، أي
ا،تتعادل ضمانتا استقالل السلطة القضائية وحيدتها في مجال اتصالهما بالفصل في
الحقوق انتصافً ترجي ًحا لحقيقتها القانونية، لتكون لهما معًا القيمة الدستورية
ذاتها، فال تعلو إحداها على أخراها أو ت ُجبها، بل يتضاممان تكام ًال، ويتكافآن
قدًرا.
رابعًا: إن
ضمانة المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور بنص المادة )96(، تعني - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - أن يكون لكل خصومة قضائية قاضيها، ولــو كانت الفصــل فيها ــــ عالنية وإنصافً الحقــــوق
المثـــــارة فيهـــا من طبيعــــة مدنيــــة، وأن تقــــوم على ا ــــ محكمة
مستقلة ومحايدة ينشئها القانون، يتمكن الخصم في إطارها من إيضاح دعواه، وعرض
أدلتها، والرد
على ما يعارضها من أقوال غرمائه أو حججهم على ضوء فرص يتكافأون فيها جميعًا، ليكون
تشكيلها، وقواعد تنظيمها، وطبيعة النظم المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها عمًال
ُمحدًدا ًّا يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة.للعدالة مفهو ًما تقدمي
خامسًا: إن حق
التقاضي المنصوص عليه في المادة )97( من الدستور، مؤداه: أن لكل خصومة ــــ ًّال منصفًا يمثل الترضية القضائية التي
يقتضيها رد العدوان على الحقوق في نهاية مطافها ــــ ح
المدعى بها،
وتفترض هذه الترضية أن يكون مضمونها موافقًا ألحكام الدستور، وهي ال تكون كذلك إذا
كان تقريرها عائ ًدا إلى جهة أو هيئة تفتقر إلى استقاللها أو حيدتها أو هما معًا.
ذلك أن هاتين الضمانتين ـــــ وقد فرضهما الدستور على ما تقدم ــــ تعتبران قيدًا
على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع
في مجال تنظيم الحقوق. ومن ثم يلحق البطالن كل تنظيم تشريعي للخصومة القضائية
على خالفهما.
وحيث إن
الدستور قد اعتمد نص المادة )4( منه مبدأ العدل، باعتباره - إلى جانب مبدأي
المساواة وتكافؤ الفرص - أساسًا لبناء المجتمع
وصون وحدته الوطنية، يستلهمه المشرع وهو بصدد مباشرة سلطته في التشريع. وإذا كان
الدستور – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – قد خال من تحديد ا وواجبًا، سواء في عالئق الأفراد فيما معنى
العدالة، فإن المقصود بها ينبغي أن يتمثل فيما يكون حقًّ
بينهم، أو في
نطاق صالتهم بمجتمعهم، بما مؤداه أن العدالة – في غايتها – ال تنفصل عالقاتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فال يكون
القانون منصفًا الأ إذا كان كافًال ألهدافها، فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها،
وأهدر القيم الأصيلة التي تحتضنها، كان ُمنهيًا للتوافق في مجال تنفيذه، ا كل قيمة
لوجوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاءه.ومسقطً
وحيث إن القيود
التي فرضها الدستور على سلطة المشرع التقديرية في تنظيم الحقوق ــــ ومن
بينها صون ضمانة الحيدة ــــ تعتبر حدًّا
لتلك السلطة ترسم تخومها، وتبين ضوابطها، فال يجوز الخروج عليها، لتظل الدائرة التي ال يتنفس الحق أو
الضمانة محل الحماية الأ من خاللها، بعيدة عن عدوان السلطة التشريعية، فال تنال منها سواء بنقضها
أو بانتقاصها من أطرافها.
وحيث إنه متى كان ما تقـــــــدم، وكان مــــن
المقرر أن مبدأ خضـــوع الدولــــــة للقانون
ــــ محددًا على ضوء مفهوم ديمقراطي ــــ مؤداه الأ تخل تشريعاتها بالحقوق
والضمانات التي يعتبر ًّا لقيام الدولة
القانونية، ومن ثم فال يجوز أن يكونالتسليم بها في الدول الديمقراطية، مفتر ًضا
أولي
العمل القضائي موطئًا لشبهة تداخل تجرده، وتثير ظالًال قاتمة حول حيدته، فال يطمئن إليه متقاضون استرابوا فيه، بعد أن صار نائيًا عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية، وكان لا يتصور ــــ والنفس بطبيعتها لا تميل إلى تخطئة تصرفاتها ــــ أن تنظر هيئة المحكمة بذات تشكيلها، أو بعض من أعضائها، التماس إعادة النظر في الحكم الصادر عنها.
مبلورةً به قضا ًء انتهت إليه، وأبانته في منطوق حكمها المنعي عليه بتناقض
بعضه لبعض، وهو على ما تقدم، إن صادف صحة واقتضى
ًرا بخطأ الحكم، مفضيًا إلى إبطاله لسبب الزمه عند صدوره، وما يتأدى إليه
ذلك منقبوًال، يُعد إقرا
وجوب إلغاء
الهيئة ذاتها لحكمها، بمراعاة ما قد تختلج به صدور فئة من قضاة الألتماس –
قليلة ا لضمانة الحيدة وتوكي ًدا لها،كانت
أم كثيرة – من وصم قضائها بالبطالن، ومن ثم لم يجز، انتصافً
ا بأحكام
القضاء من أن تعلق بها استرابة المتقاضين، أن تكون هيئة محكمة التماس إعادة
النظرًّوضن
– أو أي من
أعضائها – ممن شاركوا في إصدار الحكم الملتمس فيه، وكان النص المطعون فيه، في النطاق المحدد سلفًا، قد جرى على غير هذا
المنحى، فإنه يكون مخالفًا ألحكام المواد )4 و2/94 و96 و97 و184 و186( من الدستور، مما لزامه
القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إن محكمة
الموضوع بعد تقديرها لجدية الدفع المثار من المدعي، وتصريحها له باتخاذ إجراءات رفع الدعوى الدستورية، وإقامته لها على
ما تقدم بيانه، عادت لنقض قرارها هذا، ثم
مضت في نظر الألتماس وقضت فيه بجلسة ،2021/12/26 بعدم قبول الألتماس، وهو
ما يعتبر عدوانًا من جانبها على الوالية
التي أثبتها الدستور للمحكمة الدستورية العليا. ذلك أن الأصل المقرر
قانونًا ــــ
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ــــ أن اتصال الخصومة الدستورية بها من خالل
رفعها إليها وفقًا لألوضاع المنصوص عليها في قانونها، يعنى دخولها في حوزتها
لتهيمن عليها وحدها، فال يجوز بعد انعقادها، أن تتخذ محكمة الموضوع إجرا ًء، أو
تصدر حكًما يحول دون الفصل في المسائل الدستورية التي تثيرها. إذ إن الدفع بعدم
الدستورية الذى طُرح أمام محكمة الموضوع، ق المسائل الدستورية التي أثارهاكان
محركًا للخصومة الدستورية، وعليها بعد تقديرها لجديته، وتعلُّ
بالمحكمة
الدستورية العليا، أن تتربص قضاءها فيها باعتباره فاصًال في موضوعها، كاشفًا عن
النصوص القانونية التي ينبغي تطبيقها في النزاع الموضوعي، بما مؤداه: أنه فيما عدا
الأحوال التي تنتفى فيها المصلحة في
الخصومة الدستورية بقضاء من المحكمة الدستورية العليا، أو التي ينزل
فيها خصم عن
الحق في دعواه الموضوعية من خالل تركها وفقًا للقواعد المنصوص عليها في قانون
المرافعات، أو التي يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لها تقدير جديته، أو
التي يكون عدول محكمة الموضوع فيها عن
تقديرها لجدية دفع بعدم الدستورية، مبناه إعمالها لآلثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن
النصوص ذاتها التي قام عليها هذا الدفع سواء بتقرير هذه المحكمة لصحتها أو بطالنها، فإن على محكمة
الموضوع أن تلتزم قضاءها بتقدير جدية الدفع
فال تنحيه، والأ كان ذلك نكوًال من جانبها عن التقيد بنص المادة )192( من
الدستور التي تخول
الأمحكمة الدستورية العليا دون غيرها، الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتسليطً لقضاء أدنى على قضاء أعلى، بما يناقض الأسس الجوهرية التي يقوم التقاضي عليها، وتعطيًال للضمانة المنصوص عليها في المادة )97( من الدستور، وما يتصل بها من حق اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسائل الدستورية التي اختصها الدستور بها، بوصفها قاضيها الطبيعي، ولأن القواعد التي ينتظمها الدستور، هي التي يتعين ترجيحها فى النزاع الموضوعي، إذا عارضتها قاعدة قانونية أدنى نزوًال على مبدأ خضوع الدولة للقانون
على ما تقضى به المادة 94 من الدستور. متى كان ذلك، وكان إنفاذ نصوص الدستور السابق بيانها، يقتضى الأ تعاق المحكمة الدستورية العليا بقرار من محكمة الموضوع، عن مباشرة واليتها التي ال يجوز لها أن تتخلى عنها، ًرا لموقعها من البنيان القانوني للنظام القضائي فيوالأ كان ذلك منها تحريفًا الختصاصها، وإهدا
مصر، وتنصالً
من مسئولياتها التي أوالها الدستور أمانتها، وكان الحكم الصادر من محكمة الموضوع
في النزاع المعروض عليها، وإن ترتب عليه انحسار واليتها بشأنه، الأ أن تعلق
الخصومة الدستورية ًّا بأنبالمحكمة
الدستورية العليا قبل صدور الحكم المشار إليه ووفقًا لقانونها، والتزامها دستوري
تقول كلمتها فيها، يقتضيها إسباغ الوالية من جديد على محكمة الموضوع لتفصل في
النزاع الذى كان مطرو ًحا عليها على ضوء
قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المعروضة، ودون التقيد بالحكم الصادر
عنها في النزاع الموضوعي.
الحكم
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 243 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة ،1968
في مجال سريانه على البند رقم 6 من المادة
241 من القانون ذاته، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل
أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس
المحكمة