"القرار التنفيذي كأداة للعقاب: بين سلطة الإدارة وغير ذلك من المشروعات"
المؤلف
People&Law الناس والقانون
تاريخ النشر
آخر تحديث
"القرار الإداري العقابي: بين الانضباط الوظيفي وحماية الحقوق"
5 القرار الإداري العقابي: بين الانضباط الوظيفي وحماية الحقوق، ضمانات القرار الاداري كونه قضاء عقابي بخصوص الذنب الإداري .. في هذا المقال تتناول مدونة «الناس والقانون» أمر يهم الملايين من المتقاضين بمجلس الدولة وهو كون «أالقرار التأديبي هو في الواقع من الأمر قضاء عقابي في خصوص الذنب الإداري » وهذا القدر تمليه العدالة المجردة وضمير الإنصاف والأصول العامة في المحاكمات، وإن لم يرد عليه نص، ويستلهم من المبادئ الأولية المقررة في القوانين الخاصة بالإجراءات، سواء في المحاكمات الجنائية أو التأديبية؛ ذلك أن القرار التأديبي هو في الواقع من الأمر قضاء عقابي في خصوص الذنب الإداري، ومن هذه الضمانات: … بقلم الخبير القانوني« أشرف حماد » المحامي .
القرار الاداري كونه قضاء عقابي بخصوص الذنب الإداري
يُعد
القرار الإداري أداة رئيسية في يد الإدارة لتنظيم شؤونها وتحقيق المصلحة العامة.
ومن بين القرارات الإدارية تلك التي تتخذ صبغة العقوبة الإدارية، حيث تتدخل
الإدارة لمعاقبة الموظفين أو المتعاملين معها عند ارتكابهم مخالفات أو أخطاء تُعرف
بالذنب الإداري. ولهذا، فإن القرار الإداري العقابي يُشكّل نوعًا من القضاء
العقابي الإداري، الذي يهدف إلى فرض الانضباط داخل المنظومة الإدارية، لكن ضمن
ضوابط قانونية تضمن تحقيق العدالة وتوازن السلطة.
تعريف
القرار الإداري العقابي
القرار الإداري العقابي هو ذلك القرار الذي تتخذه
الإدارة ضد فرد أو مجموعة أفراد نتيجة مخالفتهم لقواعد السلوك الوظيفي أو
التنظيمي، مما يؤدي إلى فرض جزاء معين. ويتميز هذا القرار بأنه صادر من سلطة
إدارية وليس من سلطة قضائية، ما يجعله يخضع لرقابة القضاء الإداري لضمان عدم
التعسف في استعمال السلطة.
مفهوم الذنب الإداري
الذنب
الإداري هو أي فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلى مخالفة القوانين أو الأنظمة
الإدارية، سواء كان ذلك من قبل الموظفين العموميين أو الأشخاص الذين يتعاملون مع
الإدارة. وتتنوع هذه المخالفات بين الإخلال بواجبات الوظيفة، سوء استخدام السلطة،
عدم الامتثال للتوجيهات الإدارية، أو ارتكاب أفعال تتنافى مع مقتضيات الوظيفة
العامة.
طبيعة القرار الإداري العقابي كقضاء إداري
يُعتبر
القرار الإداري العقابي شكلًا من أشكال القضاء العقابي، ولكن بخصائص متميزة عن
القضاء العادي، حيث:
1.
**يصدر عن سلطة إدارية**: على عكس الأحكام القضائية التي تصدر من المحاكم، فإن
القرار الإداري العقابي يصدر عن الجهة الإدارية المختصة.
2.
**يتسم بالطابع الانفرادي**: أي أن الإدارة هي من تقرر العقوبة دون الحاجة إلى
سلطة قضائية، لكنها تخضع للرقابة القضائية لضمان مشروعيتها.
3.
**يهدف إلى تحقيق الانضباط الإداري**: الغرض الأساسي من هذه القرارات هو الحفاظ
على النظام داخل المؤسسات الإدارية وضمان حسن سير العمل.
4.
**خضوعه لمبدأ المشروعية**: أي أنه يجب أن يكون مستندًا إلى نص قانوني أو لائحة
تنظيمية، وألّا يكون تعسفيًا أو مخالفًا للمبادئ العامة للعدالة.
ضمانات القرار الإداري كقضاء عقابي
ما هي ضمانات
المشروعية في القرار الإداري العقابي؟
نظرًا
لخطورة القرارات الإدارية العقابية وما قد يترتب عليها من آثار على الأفراد، فإن
المشرّع وضع مجموعة من الضمانات التي تضمن مشروعية هذه القرارات، ومن أبرزها:
1.
**التدرج في العقوبات**: بحيث تتناسب العقوبة مع جسامة الذنب الإداري، فلا يجوز
فرض عقوبة قاسية على مخالفة بسيطة.
2.
**إتاحة حق الدفاع**: يُفترض أن يُتاح للشخص المعني فرصة الدفاع عن نفسه، سواء عبر
تقديم دفوعه كتابيًا أو شفهيًا أمام الجهة المختصة.
3.
**إمكانية الطعن أمام القضاء**: يمكن الطعن في القرارات الإدارية العقابية أمام
القضاء الإداري، الذي يملك سلطة إلغائها أو تعديلها إذا ثبت عدم مشروعيتها.
4.
**التسبيب في القرار**: يجب أن يكون القرار مسببًا بوضوح، بحيث يبين المخالفة
المرتكبة والعقوبة المفروضة وأساسها القانوني.
من أهم ضمانات القرار الإداري كقضاء عقابي
تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه، وتحقيق دفاعه.
حيدة الهيئة التي تتولى محاكمته.
تسبيب القرار الصادر بالجزاء التأديبي بما يكفل الاطمئنان إلى صحة وثبوت الوقائع المستوجبة لهذا الجزاء والتي كونت منها السلطة التأديبية عقيدتها واقتناعها.
استظهار الحقائق القانونية وأدلة الإدانة بما يفيد توافر أركان الجريمة التأديبية وقيام القرار على سببه المبرر له، ويتيح للقضاء إعمال رقابته على ذلك كله من حيث صحة تطبيق القانون على وقائع الاتهام، ولا سيما إذا تعددت التهم المنسوبة إلى الموظف واختلف مركز كل منها من حيث ثبوتها أو مدى جسامتها أو استحقاقها للجزاء.
لا يغني عن تسبيب القرار وجود تحقيق سابق عليه، والاقتصار على الإحالة العامة إلى هذا التحقيق أو الإشارة إلى حصول المداولة بين أعضاء مجلس التأديب في شأن التهم موضوع المحاكمة جملة.
إذا كان الأصل في القرار الإداري عدم تسبيبه إلا إذا نص القانون على وجوب هذا التسبيب فإن القرار التأديبي على النقيض من ذلك، – وهو قرار ذو صبغة قضائية إذ يفصل في موضوع مما يختص به القضاء أصلاً – يجب أن يكون مسبباً.
وقد رددت هذا الأصل العام المادة 91 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة؛ إذ نصت على أن “تكون قرارات مجلس التأديب مسببة وتوقع من الرئيس والأعضاء الذين أصدروها”.
كما أكدته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية بالنص على أنه “يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بنى عليها. وكل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه”.
مثال قضائي
إن إلزام مجلس إدارة النقل المشترك لمنطقة الإسكندرية منعقداً بهيئة مجلس تأديب للموظف برد مبلغ من النقود إلى خزانة إدارة النقل المشترك يخرج عن حدود ولايته التأديبية إلى الفصل في مسألة لا تدخل في نطاق اختصاصه كمجلس تأديب، أياً كان مبلغ ثبوت مستحقات الإدارة التي قضى بردها.
ولا يغير من هذا صدور القانون رقم 324 لسنة 1956 بتعديل الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 111 لسنة 1951 في شأن: عدم جواز توقيع الحجز على مرتبات الموظفين والمستخدمين أو معاشاتهم أو مكافآتهم أو حوالتها إلا في أحوال خاصة؛ لخروج إدارة النقل المشترك من عداد الهيئات التي أوردت المادة الأولى من القانون المشار إليه بيانها على سبيل الحصر، وهي:
“الحكومة والمصالح العامة ومجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية”، والتي خولتها حق خصم مثل هذه المطلوبات من الموظف أو المستخدم في حدود الربع دون اتخاذ إجراءات قضائية من جانبها.
الرقابة
القضائية على القرارات الإدارية العقابية
لضمان
عدم تعسف الإدارة في فرض العقوبات، يتمتع القضاء الإداري بصلاحية مراجعة هذه
القرارات وفق عدة معايير، منها:
1.
**التأكد من صحة الوقائع**: يراجع القاضي الإداري ما إذا كانت المخالفة الإدارية
قد وقعت فعلًا.
2.
**التأكد من التناسب بين العقوبة والمخالفة**: يراقب مدى ملاءمة العقوبة للمخالفة
المرتكبة.
3.
**التحقق من احترام الإجراءات القانونية**: يشمل ذلك مدى احترام الإدارة لحق
الدفاع والتسبيب والشفافية في اتخاذ القرار.
4.
**إلغاء القرارات غير المشروعة**: إذا تبين أن القرار مخالف للقانون أو تعسفي،
يملك القضاء الإداري سلطة إلغائه وتعويض المتضرر.
أنواع
العقوبات الإدارية
تتنوع
العقوبات الإدارية حسب الجهة الإدارية والطبيعة القانونية للمخالفة، ومن
أهمها:
1.
**التنبيه والإنذار**: وهي عقوبات خفيفة تهدف إلى لفت انتباه الموظف إلى المخالفة
دون فرض جزاءات قاسية.
2.
**الخصم من الراتب**: يُستخدم في حالات المخالفات المتوسطة التي تتطلب ردعًا
ماليًا دون إنهاء الخدمة.
3.
**التوقيف عن العمل مؤقتًا**: يُمنع الموظف من ممارسة مهامه لفترة معينة كعقوبة
تأديبية.
4.
**العزل أو الفصل**: تُعدّ من أشد العقوبات، حيث تؤدي إلى إنهاء علاقة الموظف
بالإدارة بشكل نهائي.
5.
**العقوبات الإدارية على الأفراد خارج الوظيفة**: مثل منع مزاولة نشاط معين أو فرض
غرامات مالية في بعض الحالات التنظيمية.
الخلاصة
يعد
القرار الإداري العقابي أحد أهم أدوات الإدارة للحفاظ على النظام العام داخل
المؤسسات، لكنه يجب أن يكون خاضعًا للضوابط القانونية التي تضمن تحقيق العدالة وعدم
التعسف في استعمال السلطة. لذا، فإن الرقابة القضائية تلعب دورًا جوهريًا في تحقيق
التوازن بين سلطة الإدارة وحقوق الأفراد، مما يرسخ مبدأ سيادة القانون داخل
الدولة.