لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجارى جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها

People/Law الناس والقانون
المؤلف People/Law الناس والقانون
تاريخ النشر
آخر تحديث

 التفتيش من مستلزمات القبض يخول التفتيش مهما كان سبب القبض أو الغرض منه

وحيث إنه متى كان الضابط قد قبض على المتهم حال مشاهدته متلبساً بارتكابه جريمة إحراز سلاح أبيض ” سكين ” بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية ، فإن تفتيشه له يكون صحيحاً لأن التفتيش في هذه الحالة لازماً لا باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته والمقصود منه حماية شخص من يتولى القبض عليه وكلما كان القبض عليه صحيحاً كان التفتيش صحيحاً لأن التفتيش في هذه الحالة يكون لازماً باعتباره من وسائل التوقي والتحوط الواجب توافرهما للتأمين من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه ابتغاء استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون معه من سلاح وكون التفتيش من مستلزمات القبض يخول التفتيش مهما كان سبب القبض أو الغرض منه

 حكم

باسم الشعب

محكمــة النقــض

الدائــرة الجنائيــة

الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم ٤٦٧٧ لسنة ٧٢ القضائية 

الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 4677 لسنة 72 القضائية 

دائــرة الاثنين (ب)

 برئاسة السيد المستشار/ بهيــج القصبــجى نائب رئيس المحكمة - وعضوية السادة المستشارين / جاب الله محمد جاب الله ويحيـــى محمــود .. نائبى رئيس المحكمة - وحـازم بــدوى وياسر الهمشــــرى - وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / جمال عبد المنعم - وأمين السر السيد / حسام الدين أحمد

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة فى يوم الاثنين ٦ من ذى الحجة سنة ١٤٣٠ هـ الموافق ٢٣ من نوفمبر سنة ٢٠٠٩ م

الوقائــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم … لسنــة … شبرا الخيمة ( المقيدة بالجدول الكلى برقم .. لسنة...) بوصف أنه فى يوم ٢٦ من فبراير سنة ٢٠٠٠ بدائرة قسم ثان شبرا الخيمة ـ محافظة القليوبية . أحرز بقصد التعاطى نبات الحشيش المخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وا لمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى ٢٥ من أكتوبر سنة ٢٠٠١ عملاً بالمواد ٢٩، ٣٧/١ ، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانونين رقمى ٦١ لسنة ١٩٧٧ , ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم (١) من الجدول رقم (٥) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم ٤٦ لسنة ١٩٩٧ ومع إعمال المادة ١٧ من قانون العقوبات. بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنةواحده وبتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط .

* فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى ٣١ من أكتوبر سنة ٢٠٠١ . وقدم مذكرة بأسباب الطعن فى ٦ من ديسمبر سنة ٢٠٠١ موقعاً عليهـا مـن الأستاذ / أشرف فؤاد المحاي بالنقض.

* وبجلسة ١٢ من أكتوبر سنة ٢٠٠٩ سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة وقررت إصدار حكمها بجلسة اليوم.

المحكمـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة قانونا.

حيث إن الطعن إستوفى الشكل المقرر فى القانون .

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة إحـراز نبات الحشيش المخدر بقصد التعاطى قد أخطـأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم صدور إذن من النيابة العامة أو قيام حالة التلبس بجريمة إحراز السكين  المقول به .

 التفتيش الوقائي للتأمين للمقبوض عليه وتجريده مما عسى أن يحمله من سلاح يستخدمه لاسترداد  حريته

 بيد أن الحكم أطرح الدفع لأسباب غير سائغة وعلى سند من أن التفتيش الذى أجراه ضابط الواقعة والذى أسفر عن ضبط النبات المخدر إنما كان تفتيشاً وقائياً للتأمين من شر الطاعن المقبوض عليه وتجريده مما عسى أن يحمله من سلاح يستخدمه لاسترداد  حريته ، وذلك كله ، دون أن يفطن الحكم المطعون فيه إلى تجاوز الضابط للغرض الذى شرع من أجله ذلك التفتيش الوقائى وتعسفه فى  تنفيذ ذلك الإجراء وسعيه الذى استهدف منه البحث عن جريمة إحراز النبات المخدر المضبوط ، إذ من غير المتصور أن يقتضى بحث الضابط عن سلاح مع الطاعن عند تفتيشه له تفتيشاً وقائياً أن يقوم بالبحث عن ذلك داخل لفافة التبغ التى لا تصلح لوضع ثمة سلاح داخلها مما يبطل معه الدليل المستمد من التفتيش وشهادة من أجراه ، وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه وبراءة الطاعن من التهمة التى دين بها .

ومن حيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أسس دفعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه على عدم صدور إذن من النيابة  العامة وانتفاء حالة التلبس واختلاق ضابط الواقعة لحالة التلبس بجريمة إحرازه للسكين ليضفى المشروعية على التفتيش الذى أجراه والذى أسفر عن ضبط النبات المخدر المضبوط ، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض مادام أنه فى عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان ، فإذا كان ما جاء فى الحكم من الوقائع دالا بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع .

 لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بقوله :  ” أنه بتاريخ٢٦/٢/٢٠٠٠ وحال مرور النقيب / … ومعه قوة من الشرطة السريين بدائرة قسم ثان شبرا الخيمة شاهد المتهم/.....  يقف وبيده اليمنى سكين فقبض عليه وبتفتيشه عثر معه بجيب البنطال الذى يرتديه من الناحية اليسرى على علبه سجائر مارلبورو بداخلها سيجارة بفضها تبين أنها ملفوفة بنبات عشبى يشتبه أن يكون لنبات البانجو المخدر مخلوطبالتبغ “. 

ثم أورد الحكم المطعون فيه على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن ـ على السياق المتقدم ـ أدلة مستمدة من أقوال ضابط الواقعة ومن تقرير المعامل الكيماوية .

دفع المتهم ببطلان القبض عليه وتفتيشه

وقد أطرح الحكم من بعد ذلك دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه بقوله :  ” وحيث أنه متى كان الضابــط قد قبض على المتهم حال مشاهدته متلبساً بارتكابه جريمة إحراز سلاح أبيض ” سكين ” بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية فإن تفتيشه له يكون صحيحاً لأن التفتيش فى هذه الحالة لازماً لا باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق بل باعتباره من  مستلزمات القبض ذاته والمقصود منه حماية شخص من يتولى القبض عليه وكلما كان القبض عليه صحيحاً كان التفتيش صحيحاً لأن التفتيش فى هذه الحالة يكون لازماً باعتباره من وسائل التوقى والتحوط الواجب توافرهما للتأمين من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه ابتغاء استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون معه من سلاح.

 التفتيش من مستلزمات القبض 

 وكون التفتيش من مستلزمات القبض يخول التفتيش مهما كان سبب القبض أو الغرض منه وبذلك يضحى الدفع ببطلان القبض والتفتيش قائماً على سند غير صحيح من الواقع والقانون جديراً بالرفض ” . لما كان ذلك ، ولئن كان من المقرر أن التفتيش الذى يجريه مأمور الضبط القضائي على من يقبض عليه فى إحدى الحالات المبينة بالمادة ٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية هو إجراء صحيح مز إجراءات جمع الاستدلالات التى تلزم للتحقيق وفقاً للمادة ٤٦ من القانون المذكور التى ورد نصها بين نصوص الباب الثانى من الكتاب الأول الذى عنوانه ” فى جمع الاستدلالات ورفع الدعوى ”.

 والقول بأن التفتيش المشار إليه فى هذه المادة قصد به التفتيش الوقائى هو خروج بالنص من مجال التعميم الذى تدل عليه عبارته إلى نطاق التخصيص الذى لا موقع له من موضع النص ولا من صيغته التى أحال فيها بصورة مطلقة على الأحوال التى تجيز القبض قانوناً على المتهم .

 لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة

 بيد أنه لما كان المستفاد من نص المادة ( ٥٠ ) من قانون الإجراءات الجنائية – الواردة بين نصوص ذات الباب الثانى من الكتاب الأول ـ وتقرير لجنة الشيوخ وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجارى جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها ، وأنه إذا ظهر أثناء تفتيش صحيح وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد فى كشف الحقيقة فى جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها بشرط أن تظهر عرضاً أثناء التفتيش ودون سعى يستهدف البحث عنها .

ضوابط للتفتيش القانوني

فإن مؤدى كل ما تقدم ولازمه واستصحاباً للغاية التى تغياها المشرع وعناها من وضع ضوابط للتفتيش على النحو الذى أورده نص المادة ( ٥٠ ) من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يتعين الالتزام والتقيد بتلك الضوابط والحدود فى كل تفتيش صحيح يجريه مأمور الضبط القضائي سواء أجرى التفتيش على مقتضى حكم المادتين ٣٤ ، ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية أو بموجب إذن من النيابة العامة وسواء جرى التفتيش كإجراء من إجراءات جمع الاستدلالات التى تلزم للتحقيق وفقاً للمادة ( ٤٦ ) من القانون المذكور أو كان تفتيشاً وقائياً لازماً ضرورة كوسيلة من وسائل التوقى والتحوط الواجب توفيرها أماناً من شر المقبوض عليه إذا حدثته نفسه استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون لديه من سلاح على من يقبض عليه .

كلما كان القبض صحيحاً  كان التفتيش

ولا يقدح فى ذلك أو يؤثر فى هذا النظر – على النحو المار بيانه – إثارة القول بـأن قانـون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة فى المادة ( ٤٦ ) منه على أنه فى الأحوال التى يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً ، كان التفتيش الذى يرى من خول إجراءه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض والغرض منه ، وذلك لعموم الصيغة التى ورد بها النص ، بما لازمه أن تكون يد رجل الضبط القضائي حرة طليقة فى إجراء هذا التفتيش دون أن تحكمه وتقيده ضوابط وحدود التفتيش التى قننتها ونصت عليها وتغيتها المادة ( ٥٠ ) من قانون الإجراءات الجنائية .

ذلك بأن إثارة هذا القول ينطوى على فهم وتأويل غير صحيح ولا قويم للغاية التى عناها وتغياها المشرع من وضعه لتلك الضوابط والحدود حسبما جاءت بها المادة ( ٥٠ ) من قانون الإجراءات الجنائية وهى التى لم تجز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجارى جمع الاستدلالات بشأنها أو حصول التحقيق بشأنها وأنه إذا ظهر أثناء تفتيش صحيح وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد فى كشف الحقيقة فى جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها بشرط أن تظهر عرضاً أثناء التفتيش ودون سعى يستهدف البحث عنها ، وكل ذلك لضمان عدم تعسف رجل الضبط القضائي فى تنفيذ كل تفتيش صحيح يجريه والالتزام بحدود التفتيش وعدم مجاوزة الغرض منه . 

لما كان ذلك ، وكان البين من واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه أنه ولئن أورد بمدوناته أن الضابط قد شاهد جريمة إحراز السلاح ” سكين ” متلبساً بها وأنه من حقه أن يفتش الطاعن المتلبس بها فأجرى تفتيشه حيث عثر بالجيب الأيسر لبنطال الطاعن على علبه سجائر مالبورو بداخلها سيجارة وبفض تلك السيجارة وجدها ملفوفة بنبات عشبى يشتبه أن يكون لنبات البانجو المخدر مخلوط بالتبغ وثبت أن النبات المضبوط لنبات مخدر الحشيش .

 بيد أن الثابت لهذه المحكمة – محكمة النقض – أن العثور على المخدر إنما كان نتيجة سعى رجل الضبط القضائي فى البحث عن جريمة إحراز مخدر ولم يكن ظهوره عرضاً أثناء تفتيش صحيح فى حدود غرضه أجرى كإجراء من إجراءات جمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق فى الجريمة المتلبس بهاإذ من غير المتصور أن يقتضى بحث الضابط عن سلاح آخر عند تفتيشه له لهذا التفتيش أن يقوم بالبحث عن ذلك داخل لفافة تبغ وهى لا تصلح لوضع سلاح بداخلها .

بحث الضابط عن سلاح يبطل تفتيش لفافة التبغ 

 كما أنه من غير المتصور أيضاً أن يقتضى بحث الضابط عن سلاح مـــــع الطاعن عند تفتيشه له تفتيشاً وقائياً أو عن أشياء قد تساعده على الهرب أن يقوم بالبحث عن ذلك داخل لفافة التبغ تلك وهى لا تصلح لوضع أى منها داخلها فإن ذلك التفتيش منه بالكيفية التى تم بها يكون متجاوزاً للغرض الذى شرع من أجله ويكون قد استطال لغرض آخر وهو سعى من أجراه للبحث عن جريمة لا صلة لها بذلك النــوع من التفتيش وهو ما تأباه فى الحالتين ضوابط التفتيش التى عنتها ووضعتها المادة ( ٥٠ ) من قانون الإجراءات الجنائية .

الثفثتش الباطل يبطل الدليل المستمد منه

 ومتى كان التفتيش الذى تم على الطاعن باطلاً لما سلف بيانه فإن الدليل المستمد منه يضحى باطلاً ويتعين استبعاد كل دليل نتج عن هذا التفتيش الباطل بما فى ذلك شهادة من أجراه ، وكان الحكم المطعون فيه قد عول فى قضائه بإدانة الطاعن على الدليل المستمد من ذلك التفتيش الباطل مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل فى الدعوى ، ومن ثم فإنه يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم تحمل مقوماته وجاءت الوقائع التى حصلها دالة بذاتها على وقوع البطلان ويكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالخطأ فى تطبيق القانون الذى يبطله ويوجب نقضه ,

 ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم لا يوجد فيها من دليل سوى ذلك الدليل المستمد من شهادة ضابط الواقعة الذى أجرى ذلك التفتيش الباطل فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ ومصادرة النبات المخدر المضبوط .

الحكم

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه

أميــن الســر                            نائب رئيس المحكمة