المبادئ العامة فى تنازع القوانين

People&Law الناس والقانون
المؤلف People&Law الناس والقانون
تاريخ النشر
آخر تحديث

المبادئ العامة فى تنازع القوانين

تستعرض مدونة "دنيا المنوعات" تنازع القوانين وتوضح المبادىء العامة بواسطة خبير قانوني; أشرف فؤاد المحامي. حيث يوضح أن التكييف من أهم مسائل القانون الدولى الخاص , وسوف نعالج ذاتية التكييف فى مبحث أول ثم نعالج نشأة نظرية التكييف فى مبحث ثانى ثم نعالج القانون الذى يحكم التكييف فى مبحث ثالث. ثم نعالج موقف القانون المصرى من مشكلة التكييف فى مبحث رابع. 

 كما تستعرض مدونتكم "دنيا المنوعات" المبادئ العامة في تنازع القوانيين, وماهية أهم النقاط الأساسية في حالة التنازع مثل: تعريف التنازع وشروطه ونطاقه والتنازع داخل الإقليم وخارجه والقوانين التي يلجأ إليها المتنازعان وهل هي المحلية أم دولية بالإضافة إلى التطور التاريخي لقواعد التنازع والنظريات القديمة والحديثة التي تناولته ثم الأسلوب المعتمد لحل تنازع القوانين والتكييف والإيحاء والإسناد في القانون الأردني والتفريق بين الشخص الاعتباري والشخص الطبيعي، ويتناول الكتاب أيضا القواعد العامة في الاختصاص القضائي ومدى حرية الدولة في اختصاصها القضائي والحصانة القضائية والاختصاص القضائي في القانون الأردني، كما يتطرق إلى الأحكام الأجنبية وآثارها وتنفيذها داخل.




أنه عندما يتصدى القاضى لإعمال قاعدة الإسناد الوطنية , فإنه يقوم أولا بتفسيرها أى بالكشف عن مضمونها , وهو ما يثير العديد من المشاكل الخاصة بالتكييف والإحالة والإسناد إلى دولة متعددة الشرائع وهو ما سنعالجة فى الباب الأول .

وبعد أن يحدد القاضى القانون الواجب التطبيق , فإذا كان هذا القانون أجنبيا , فقد يتطلب تطبيقة معرفة بعض المسائل الأولية , كما وأن أحكام هذا القانون الأجنبى قد تصطدم بالنظام العام فى دولة القاضى , وهو ما سنتعرض له فى الباب الثانى.

الباب الأول
الأليات الفنية اللازمة لإعمال قاعدة الإسناد وتفسيرها
(قاعدة الإسناد فى حالة الحركة)
 

ــ عندما يعرض على القاضى نزاع يتضمن عنصر أجنبى , يقوم أولآ بتحديد طبيعة هذا النزاع , وهو ما يعرف بالتكييف , حيث يقوم القاضى بفحص النزاع لتحديد المصطلح القانوني الذي يدخل النزاع تحته ، وذلك لتحديد الفكرة المسندة فيه , ثم يبحث في قواعد الإسناد عن النص القانوني المناسب لها.

فإذا كانت هذة الفكرة تتعلق مثلا بأهلية الشخص , فهنا يطبق القاضى المادة 11 من القانون المدنى المصرى , والتى تتحدث عن الأهلية , والتى تقول أن أهلية الأشخاص تخضع لقانون جنسيتهم , وأما إذا وجد القاضى أن الفكرة المسندة فى النزاع هى شكل التصرف , فهنا تكون المادة 20 من القانون المدنى المصرى هى واجب التطبيق لأنها هى المتعلقة بشكل التصرفات , وهى تتضمن تطبيق قانون بلد الإبرام على شكل التصرفات .

وبعد أن يقوم القاضي بالتكييف على النحو السابق ، يثور أمامه تساؤلين هامين :-

التساؤل الأول

بعد أن يتم تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع يثور تساؤل هل سيطبق القاضى القواعد الموضوعية فى القانون المختار , ويحل النزاع مباشرة أم أنه سيطبق القانون المختار بالكامل بما فيه من قواعد إسناد قد تحيل القاضى إلى قانون دولة أخرى ، وهو ما يعرف بمشكلة الإحالة.

تساؤل ثاني

إذا كان القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة فيدرالية تتعد فيها القوانين الداخلية , فهنا يجب على القاضى أن يحدد أى قانون من هذه الشرائع الداخلية هو الواجب التطبيق.

وسوف نتعرف على التكييف فى فصل أول ثم نتعرف على الإحالة فى فصل ثانى ، ثم نتعرف على الإسناد إلى قانون دولة تتعد فيها الشرائع فى فصل ثالث.

 

الفصل الاول

التكييف
ذاتية التكييف فى القانون الدولى الخاص وأهميته

المبحث الأول

ما هو المقصود بالتكييف , وكيف تـحدد القانون الذي يخضع له التكييف وفقا لرأي الفقية بارتن ، (ملحوظة يرى بارتن أن التكييف يخضع لقانون القاضى ) ؟

أولا :ـ المقصود بالتكييف

التكييف بصفة عامة هو تحليل الوقائع والتصرفات القانونية ، تمهيدا لإعطائها الوصف القانوني الصحيح ، لتطبيق النص القانونى المناسب عليها.

فإذا عرض على القاضى نزاع عقدى , فيجب عليه أولا أن يحدد نوع هذا العقد , وهل هو عقد بيع أم إيجار أم هبة , وذلك حتى يتمكن من تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق على هذا العقد ، فإذا كان النزاع يتمثل في خلاف بين مؤجر ومستأجر ، فالمشكلة هنا ستنحصر في موضوع عقد الإيجار ، ومن الممكن أن يتطلب الأمر من رجل القانون أن يتفحص النزاع أكثر ، فإذا كانت الوقائع تتحدث عن عدم سداد أجرة ، فالفكرة المسندة هنا هي الإمتناع عن سداد الأجرة ، وإذا كانت الوقائع تتحدث عن وجود مستأجر آخر في العين ، فهنا تكون الفكرة المسندة هي الإيجار من الباطن.

والتكييف فى القانون الدولى الخاص هو تحديد طبيعة المسألة القانونية المعروضة على القاضى من أجل وضعها فى الفكرة المسندة الخاصة بها من أجل تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا النزاع.

التكييف مسألة هامة فى كافة فروع القانون, وحتى فى المسائل الجنائية, لأن القاضى الجنائى يجب علية تكييف الواقعة المنسوبة للمتهم ليعرف هل ينطبق عليها نص العقاب أم لا.

فالتكييف إذن هو تحليل للوقائع لمعرفة الفكرة المسندة التى تدخل فيها هذه الوقائع ، فإذا كانت وقائع النزاع تتحدث عن عدم أهلية شخص ( أردنى الجنسية ) لإبرام التعاقد , فالفكرة المسندة هنا هى الأهلية , فنبحث عن النص الخاص بالأهلية فى القانون الدولى الخاص المصري ، فنجد أن المادة 11 من القانون المدنى المصرى تقول أن أهلية الأطراف تخضع لقانون جنسيتهم , وبالتالى يكون ضابط الأسناد هنا هو الجنسية ، لأنها هى التى ترشدنا إلى لقانون الواجب التطبيق , فنرجع للقانون الأردنى بوصفه قانون الجنسية لتحديد مدى أهلية هذا الشخص.

المبحث الثانى
نشأة نظرية التكييف

عام 1897 نادى الفقية بارتن إلى إخضاع التكييف لقانون القاضى ، وقد إتسم منهجه بالطابع العملى.

وجاء بعده الفقية كاهن وهو أول من أبرز مشكلة التكييف فى القانون الدولى الخاص ، ويتسم منهجة بالطابع العقلانى (المنطقى).

ويرى كاهن أنة يوجد ثلاثة أنواع من التنازع بين قواعد القانون الدولى الخاص, وهى :-

1- التنازع الخفى أو الضمنى بين القوانين ، وهو الإختلاف القائم بين الدول حول تحديد طبيعة العلاقات القانونية , وبمعنى آخر الخلاف حول تكييف العلاقات القانونية لتحديد طبيعتها تمهيدآ لإدخالها فى إطار فكرة مسندة ، إذن الخلاف هنا بين الدول حول دخول العلاقة في إطار فكرة مسندة معينة.

2- التنازع الصريح بين نصوص القانون المختلفة , حيث يخضع القانون المصرى الأهلية لقانون الجنسية , فى حين يخضعها قانون أجنبى آخر لقانون الموطن.

3- إختلاف المقصود بضابط الإسناد من دولة لأخرى , فالمقصود بالموطن أو محل الإقامة يختلف من دولة لأخرى.

 الفقهيين بارتن , وكاهن قالا باستحالة القضاء النهائى على تنازع القوانين.

نموذج أول لقضية تنازع القوانيين :

يتمتع زوجان بجنسية جزيرة مالطة قد تزوجا فى جزيرة مالطة ثم هاجرا للجزائر (تحت الحكم الفرنسى), وتملك الزوج عقارات ثم توفى, وطالبت الزوجة بحقها فى هذه العقارات، وفقا للقانون المالطي ( نصيب الزوج المحتاج), والتكييف هنا يتمثل فى الأتى: 

هل حق الزوجة يستند إلى النظام المالى للزوجين أم إلى الميراث؟ فلو قلنا أنه نظام مالى سيتم تطبيق القانون المالطى وهو يعطى الزوجة الحق , ولو قلنا أنه ميراث سيتم تطبيق القانون الفرنسى بوصفة قانون موقع العقار.

نموذج ثان لقضية تنازع القوانيين :

حررهولندى فى فرنسا وصية عرفية وهو تصرف يجيزه القانون الفرنسى ويبطله القانون الهولندى, ثم مات هذا الشخص فما هو التكييف القانوني لبحث صحةالوصية !!؟

هل الحظر على إرادة الهولندى يدخل فى فكرة الأهلية أم أنه يدخل فى شكل التصرف , فإذا تم تكييف المسألة على أنها أهلية فسيتم تطبيق القانون الهولندى ويبطل التصرف , وأما إذا تم التكييف على إنها شكل للتصرف , فستخضع لقانون بلد محل إبرام التصرف , وهو القانون الفرنسى , وبالتالى سيصبح التصرف صحيحآ.

المبحث الثالث
القانون الذى يحكم التكييف

لقد إختلف الفقه فى التكييف القانوني بين عدة أراء أهمها :

ا - الرأى السائد فى الفقة ( الفقية بارتان ) وهو خضوع التكييف لقانون القاضى المنظور أمامة النزاع.

2 - يرى بعض الفقة الايطالى والألمانى خضوع التكييف للقانون الذى يحكم النزاع.

3 - اتجاه يتزعمه الفقية الألمانى رابل ويرى خضوع التكييف للقانون المقارن.

المطلب الأول
إخضاع التكييف لقانون القاضى

نظرية بارتان : تـحـدد القانون الذي يخضع له التكييف وفقا لقانون القاضى .

مضمون نطرية بارتان 

الفقية بارتا يري خضوع التكييف لقانون القاضى وفقا لرأي الفقية بارتان 

حيث يرى بارتن أن التكييف مسألة أساسية لازمة لتحديد القانون الواجب التطبيق , و عادة يقوم القاضى بالتكييف وفقآ لقانون دولته بشكل ضمنى وتلقائى.

أساس نظرية بارتن

 فى إخضاع التكييف لقانون القاضى

الفقيه بارتن قد أسس نظريته فى خضوع التكييف لقانون القاضى على أساس فكرة السيادة, لأنه يرى أن التنازع بين القوانين هو تنازع بين سيادات الدول , وأن المشرع الوطنى حين يسمح بتطبيق قانون أجنبى أمام قضاء دولته, فهو يتنازل عن قدر من سيادته, وبالتالى يتعين الرجوع إلى المشرع الوطنى لمعرفة قدر هذا التنازل (عملية التكييف ).

فإذا كان المشرع الوطنى قد أخضع الأهلية لقانون جنسية الشخص , وإذا كانت جنسية الشخص فرنسى , فإن أهلية هذا الشخص ستخضع بالطبع للقانون الفرنسى , ولكن تحديد ماهو المقصود بالأهلية يجب أن يخضع لقانون القاضى , لأن مصطلح الأهلية قد يختلف فى القانون المصرى عنه فى القانون الفرنسي.

الفقة الغالب يؤيد نظرية بارتن ولكن على أساس مختلف

يؤيد أغلب الفقه أن التكييف يخضع لقانون القاضى ولكنه يرفض أن يؤسس ذلك على فكرة التنازع بين سيادات الدول.

أسباب رأى الفقة الغالب

يستند هذا الرأى الغالب إلى ثلاثة أسباب , الأول قانونى , والثانى نفسى والثالث عملى.

أولاً : السبب القانونى

التكييف فى حقيقتة هو مجرد تفسير لقاعدة الإسناد الوطنية , وبالتالى لابد وأن يتم تفسير القانون وفقآ لأحكام قانون القاضى ، لأن القاضى يفسر قاعدة قانونية فى قانونه .

المشرع الوطنى عندما يضع مجموعة من المصطلحات القانونية ، كفكرة مسندة , فيجب على القاضى أن يرجع إلى ذات القانون لمعرفة المقصود بهذه المصطلحات ، فالمشرع المصري إذا قال أن الأهلية تخضع لقانون الجنسية ، فإن القانون المصري هو الذي يحدد ما هو المقصود بالأهلية.

ثانياً : السبب النفسى

القاضى حين يقوم بعملية تكييف قاعدة الأسناد يتأثر بتكوينه الثقافى والقانونى , وبالمبادئ السائدة فى قانونه , فكل ذلك يعد جزء من ذكاء القاضى المهنى ، وبالتالي يميل القاضي دائما إلى التكييف وفقا لقانونه.

ثالثاً : السبب العملى

أن القاضى حين يعرض عليه النزاع لابد وأن يجرى عملية التكييف ، لكى يعرف ما إذا كانت المسألة المعروضة عليه تدخل فى فكرة الأهلية أم شكل التصرف أم موضوع النزاع , ويلاحظ أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد غير قانون القاضى , لأن القانون الواجب التطبيق لن يتحدد إلا بعد إجراء عملية التكييف لتحديد الفكرة المسندة , ثم ومن هذة الفكرة المسندة سنعرف ضابط الأسناد الذى سيشير إلى القانون الواجب التطبيق, أى أن التكييف عملية سابقة على تحديد القانون الواجب التطبيق , وبالتالى لا يتصور الحديث عن خضوع التكييف لغير قانون القاضى , لأنه حتى هذه اللحظة لا يوجد قانون أخر سواه.

نطاق نظرية بارتن بشأن إخضاع التكييف لقانون القاضى

يرى بارتن أن التكييف مسألة أولية تخضع لقانون القاضى لتحديد القانون الواجب التطبيق , لكنه لم يقرر ذلك بشكل مطلق فى جميع الأحوال , وإنما وضع بعض الأستثناءات على هذه القاعدة.

الإستثناء الاول التكييف الثانوى ( اللاحق )

يرى بارتن أن التكييف الذى يخضع لقانون القاضى هو التكييف الأولى اللازم لإعمال قاعدة الإسناد , وأما بعد تحديد القانون الواجب التطبيق ، فإن أى تكييف لاحق يتم الرجوع فية إلى القانون الواجب التطبيق.

فإذا تم عمل التكييف الأولى وفقآ لقانون القاضى , وإنتهى القاضى إلى أن المنازعة تدخل فى فكرة شكل التصرف , فهنا ينتهى دور قانون القاضى , ويبدأ القاضى فى الرجوع للقانون المختار ( قانون بلد الإبرام ) لمعرفة ما إذا كان القانون يتطلب لصحة التصرف الشكل العرفى أم الرسمى أو غير ذلك من الشروط.

الإستثناء الثانى وصف المال

حين يتعلق النزاع بمال , فيتعين الرجوع لقانون موقع المال لتحديد وصفه , وما إذا كان يعد عقارآ أم منقولآ.

تقدير النظرية

رغم أن نظرية إخضاع التكييف لقانون القاضى تلقى قبولآ من أغلب الفقه, ويطبقها القضاء فى إغلب دول العالم, ومع ذلك وجه لها البعض سهام النقد، وذلك على النحو التالي :-

1- أن نظرية بارتن تفترض فى إخضاعها للتكييف لقانون القاضى أن هناك تطابق فى الغاية والهدف بين قواعد الأسناد , والقواعد الموضوعية فى القانون الداخلى , وهذا غير صحيح , فهدف وغاية قواعد الإسناد هو فض التنازع وتحديد القانون الواجب التطبيق , بينما هدف القواعد الموضوعية حسم النزاع وتحقيق الأستقرار.

2- أنه يوجد مفاهيم أو علاقات مجهولة لا تعرفها القوانين الداخلية , فكيف سيتسنى للقاضى تكييفها وفقآ لقانونة الذى لا يعرفها.

3- أن الإستثناء الخاص بوصف المال غير حقيقى فى الكثير من الحالات لأن القاضى إذا عرض عليه نزاع يتعلق بالحقوق العينية مثلآ , فيجب عليه أن يرجع لقانونة أولآ لتكييف هذه الوقائع على أساس أنها تدخل فى فكرة الحقوق العينية , وبعد أن يحدد القانون الواجب التطبيق يقوم بعد ذلك بالرجوع للقانون الأخير لمعرفة المال عقار أم منقول , وهذا التكييف الأخير هو تكييف ثانى أو لاحق يخضع بحسب الأصل ووفقآ لنظرية بارتن للقانون المختص ، كما وأن المال قد يكون معنويآ , وبالتالى فلا يوجد لة موقع معين , وكذلك قد يوجد المال بين دولتين أو أكثر ، كعقار تقع حدوده في أكثر من دولة.

المطلب الثانى
إخضاع التكييف للقانون الذى يحكم النزاع

يذهب جانب من الفقه فى فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى القول بوجوب الرجوع فى التكييف إلى القانون المختص الذى تشير إلية قاعدة الاسناد.

سند وحجة هذا الرأى

يرى أصحاب هذا الراى أنة بثبوت الإختصاص لقانون أجنبى بشأن فكرة مسندة يقتضى الأخذ بمفهوم هذا القانون المحتص عن هذة الفكرة المسندة , أى أن تكييف النزاع يجب أن يتم وفقا لهذا القانون المختص , وليس وفقآ لقانون القاضى ، وبمعنى أخر أن دور قواعد الأسناد يقف عند تحديد القانون الواجب التطبيق على فكرة مسندة معينة , وبعد ذلك يتعين أن يتم تطبيق القانون المختص بجميع قواعدة ، بما فيها القواعد التى تحدد طبيعة النزاع أى خضوع تكييف النزاع للقانون المختص الذى تشير الية قواعد الأسناد.

نرد علي هذا الرأى بأنه غير صحيح كما يشوبة الخلط , وذلك بسبب أنه رأي تناسى أنه لا يمكن أن نعلم إسم القانون الواجب التطبيق إلا بعد أن يقوم القاضى بتكييف النزاع وفقآ لقانونة , فإذا إنتهى إلى أن المسألة تخضع للشكل سيطبق قانون بلد الابرام , وإذا إنتهى إلى أن المسألة تخضع للأهلية سوف يطبق قانون الجنسية .

* رأى هام

ويرى بعض الفقه ومنهم الأستاذ الدكتور العظيم فؤاد رياض أن هذا الرأى لا يقل قوة ومنطق عن الرأى السابق القائل بإخضاع التكييف لقانون القاضى.

المطلب الثانى

إخضاع التكييف للقانون المقارن

رأى الأستاذ الألمانى رابل أن التكييف يجب أن يخضع للمفاهيم السائدة فى القانون المقارن , وليس لقانون القاضى أو القانون الواجب التطبيق ، فيجب على القاضى عند قيامة بالتكييف أن يرجع إلى المفاهيم السائدة فى القوانين المقارنة وليس إلى قانونة , فهذا هو ما يتلاءم مع العلاقات الخاصة الدولية.

تقدير النظرية

تتحدث النظرية عن مثل عليا نبحث عنها ولكنها بعيدة عن الواقع العملى ، وقد نبهت هذة النظرية إلى ضرورة أن يتوسع القاضى فى التكييف وفقآ لمفاهيم القانون المقارن إستجابة للإعتبارات الدولية.

المبحث الرابع
موقف المشرع المصرى من مشكلة التكييف


القاعدة العامة هى أن القانون المصرى هو المرجع فى التكييف ، حيث تنص المادة العاشرة من القانون المدنى على :-
1- أن الإستئناس بأحكام القانون الأجنبى المختص فى خصوص العلاقة القانونية المطروحة على القاضى الوطنى لا يتعارض مع خضوع التكييف لقانون القاضى وليس إستثناء علية , لأن القاضى وبعد هذا الاستئناس بالقانون الأجنبى سوف يقوم بالتكييف وفقا لقانونة.

( القانون المصرى هو المرجع فى تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات فى قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواب التطبيق من بينها ).

المشرع المصرى إذن أخد بنظرية بارتن بأن التكييف الأول اللازم لتحديد طبيعة العلاقة لإدخالها فى إحدى الأفكار المسندة ( طوائف النظم القانونية الخاصة بشكل التصرف أو بحالة الأشخاص أو بأهليتهم ) يخضع للقانون المصرى.

أى أن القاضى يطبق قانونه الوطني عند تكييفه لوقائع النزاع تمهيدا لتحديد القانون الواجب التطبيق , وأما التكييف الثانوى أو اللاحق , فهو يعتبر وبحق وكما قال أستاذنا دكتور هشام صادق مجرد تطبيق لأحكام القانون المختص بحكم النزاع.

الإستئناس بالقانون الأجنبى وإتباع المنهج المقارن للتوسع فى مفهوم الفكرة المسندة يأخذ أغلب الفقه المصرى الحديث بالإتجاه الذى يسعى إلى تطوير نظرية بارتن إستجابة للإعتبارات الدولية وفقآ لما يلى :

2- أن الأفكار القانونية فى مجال القانون الداخلى قد تتفق مع مفهومها فى القانون الدولى الخاص وقد لا تتفق , وبالتالى يمكن للقاضى الوطنى أن يغير معنى الفكرة المسندة عند تفسيره لقاعدة الأسناد , لأن قاعدة الإسناد ( التنازع ) وضعت فى الأصل لمواجهة علاقات دولية , وهذة العلاقات تختلف بالطبع عن العلاقات الداخلية.

ولذا ينادى بعض الفقة المصرى والفرنسى بضرورة الأستعانة بالقانون المقارن عند تكييف القاضى للعلاقة القانونية , خاصة إذا كانت هذة العلاقة مجهولة فى قانون القاضى , ومثال ذلك القاضى الفرنسى يعرف الزواج الواحد ( غير المتعدد ) , كما وأنه لا يعرف الطلاق بالإرادة المنفردة , ولذا يجب على القاضى الفرنسى عند تكييف علاقة قانونية تتعلق بزواج ثاني أو بطلاق بالإرادة المنفردة أن يرجع إلى المفهوم السائد فى القانون المختص ، لكي يفهم المقصود بهذه الأفكار الغريبة عن قانونه.

إذن المقصود هو الإستعانة بالقانون المقارن للتوسع فى مفهوم الفكرة المسندة , وقد قال الدكتور شمس الدين الوكيل أن المشرع استخدم لفظ مرن بقوله المرجع فى التكييف , ولم يقل القانون المصرى هو الواجب التطبيق.

سكوت المشرع المصرى عن النص على الإستثناء الذى قرره بارتان فى شأن وصف الأموال

كان مشروع القانون المدنى يتضمن إستثناء خاص بوصف الأموال ، حيث كان ينص على خضوع تكييف المال لقانون الموقع , ثم حذفت هذة الفقرة وخرج النص بدون هذا الأستثناء.

وقد إختلف الفقة المصرى بين رأى ينادى بوجود الإستثناء رغم حذفه من النص , ورأى آخر يرفض ذلك.

ولا شك أن الإستثناء الخاص بخضوع وصف المال لقانون موقع المال هو إستثناء وهمى وغير حقيقى فى أغلب الحالات , لأن تحديد وصف المال غالبا سيكون تكييف لاحق ، وبالتالى سيخضع للقانون الواجب التطبيق , ولا يوجد سوى حالات نادرة يكون فيها تحديد وصف المال لازما لتحديد القانون الواجب التطبيق , ومثال ذلك فى فرنسا يخضع الميراث فى العقار لقانون موقعة , وأما الميراث فى المنقول فيخضع لقانون موطن المتوفى , وبالتالى يجب تحديد بداءة وصف المال عقار أم منقول لتحديد أيا من القانونين سنطبق قانون موقع العقار أم قانون موطن المتوفى.

كما يميل الفقة المصرى الحديث إلى إخضاعها لقانون القاضى. 

 - لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح هذه المحكمة الخطأ بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه.